لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/dksuR
من أكتر الحاجات اللي الناس بتنسي تجيب سيرتها لما تتكلم عن الفتح الإسلامي لبلاد العراق و إيران و سوريا و فلسطين و مصر هي الوقت .. ناس كتير أوي بتضيع جزء كبير من وقتها و طاقتها في إنها تتخانق هو كان فتح ولا غزو؟ .. هو الإسلام إنتشر بالسيف ولا بالإقناع؟ .. فعلياً فيه ناس كتير نفسها بيتقطع في الجدل اللي أنا شايفه ملوش أي معني الحقيقة .. بس محدش بيجيب سيرة الوقت .. فكر فيها كده .. زي ما حكينا في مقالة معركتي اليرموك و القادسية فالقصة بدأت سنه 636 ميلادي لما سيدنا (خالد بن الوليد) رضي الله عنه بدأ زحفه جوه الأراضي اللي كانت وقتها صحيح ضمن ما يسمي دلوقتي بشبه الجزيرة العربية بس كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية و أنا هنا بتكلم عن الكويت و الإمارات و إنت رايح علي العراق .. في نفس السنة اللي هي 636 بيطلع أمر من الخليفة وقتها سيدنا (أبوبكر الصديق) رضي الله عنه بإن يا (خالد) سيب اللي في إيدك في العراق و إجري علي سوريا عشان تلحق الوضع هناك .. (خالد) بيسمع الكلام و بيروح يحقق واحدة من أهم الإنتصارات في تاريخ البشر في معركة اليرموك و اللي برده حصلت سنة 636 .. و سبحان الله يا أخي في نفس السنة برده الإمبراطورية الفارسية بتقرر تعمل الريمونتادا بإنها تبعت جيش كان رايح بإتجاه المدينة المنورة بس سيدنا (سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه بيقدر يهزمه في واحدة برده من أهم المعارك في تاريخ البني أدمين و هي معركة القادسية.
خلال سنة واحدة الدولة الإسلامية كبرت من مجرد دولة حدودها هي بالضبط حدود المملكة العربية السعودية و اليمن دلوقتي لدولة بتضم معاها شبه الجزيرة العربية كلها و معاها نص العراق و سوريا و فلسطين و لبنان .. هزمت القوتين العظميتين اللي بيحكموا العالم و كل ده في سنة واحدة بس .. ده لوحده إنجاز عسكري أنا فعلياً مش عارف إزاي ناس كتير مش واقفه قدامه بتضرب كف علي كف و بتسأل نفسها إزاي ده حصل؟
مش طبيعي إن الرد يكون أصل وقتها الدولتين البيزنطية و الفارسية كانوا وصلوا لمرحلة من الضعف إنهم مبقوش قادرين يقفوا قصاد الفتح الإسلامي .. أكيد فيه سبب تاني و الحقيقة إن السبب ده هو إننا ببساطة مش فاهمين و مش مستوعبين قد إيه قادة الجيوش الإسلامية وقتها سواء سيدنا (خالد) أو سيدنا (سعد) كانوا ناس بتفهم جداً في شغلها .. الحقيقة دي حتبان قدامك واضحة لما نيجي نكمل القصة و نفهم إزاي خلال نفس السنة اللي هي 636 الجيوش الإسلامية بقيادة سيدنا (سعد بن أبي وقاص) بتقدر تخش مدينة طيسفون Ctesiphon اللي إنت درستها في منهج التاريخ بإسم المدائن عاصمة الإمبراطورية الفارسية .. أيوه .. خلال سنة واحدة بس كانت دولة الخلفاء الراشدين قدرت تنهي وجود الإمبراطورية الفارسية و دي مش غلطة مطبعية .. الدولة الفارسية وقعت في سنة و ده اللي حنحاول نفهمه سوا دلوقتي.
المرحلة الأولي .. سباق سرعة اليوم فيه ثمنه غالي أوي:
زي ما قلتلك عامل الوقت كان مهم جداً .. بعد معركة القادسية سيدنا (سعد) كان عارف إن مكنش قدامه وقت كتير قبل ما يبدأ يتحرك و صدقني إن سواء سيدنا (سعد) أو قادة الفرس كانوا شايفين إن كل يوم بيعدي ثمنه غالي أوي .. معركة القادسية زي ما قلنا قبل كده خلصت يوم 19 نوفمبر 636 و في المعركة دي إتقتل قائد الجيش الفارسي و كان إسمه (رستم) .. يمكن لإن الهزيمة كانت قاسية و غير متوقعة فالفرس منسحبوش إنسحاب تكتيكي زي أي قوات مسلحة محترمة بتعمل .. عادة بيبقي فيه حاجة إسمها تسلسل قيادة إن بمجرد ما (رستم) يموت فيه حد تاني حيمسك مكانه .. اللي حصل ان الجيش الفارسي إتقسم نصين:
النص الأول ده خد ديله في سنانه و جري بإتجاه مدينة الحيرة .. سيدنا (سعد) ملقاش حل غير إن هو كمان يقسم جيشه 3 حتت .. أول حتة راحت جريت ورا النص ده من الجيش الفارسي تطارده و الحتة دي كانت بقيادة الثنائي سيدنا (القعقاع بن عمرو التميمي) رضي الله عنه و سيدنا (شرحبيل بن حسنة) رضي الله عنه.
النص الثاني من الجيش الفارسي كانت بقيادة واحد إسمه (جالينوس Jalinus) و ده اللي بدأ فعلاً ينسحب إنسحاب تكتيكي بإتجاه مدينة النجف في العراق اللي كانت أقرب مدينة لسه تحت سيطرة الفرس .. الحق يتقال إن (جالينوس) عمل اللي عليه و زيادة عشان يخلي أكبر عدد من رجالته يلحقوا يعبروا سد العاتق و النص ده جري وراه الحتة التانية من جيش (سعد) و كانت عبارة عن 300 فارس بقيادة سيدنا (زهرة بن الحوية التميمي) رضي الله عنه .. باقي الجيش فضل تحت قيادة سيدنا (سعد) بيتقدم و إن كان علي مهلهم شوية بإتجاه مدينة النجف .. سيدنا (زهرة) فضل يجري ورا (جالينوس) لحد يدوبك كام كيلومتر من مدينة النجف و ساعتها (جالينوس) شاف إن مفيش حل غير إن هو يواجه سيدنا (زهرة) في معركة رجل لرجل عشان يكسب وقت لرجالته إنهم يعرفوا يهربوا لمدينة النجف .. كانت فعلاً مبارزة تاريخية .. حاجة كده زي معركة (هيكتور Hector) ضد (أخيل Achilles) في فيلم Troy .. الإتنين سواء (زهرة) أو (جالينوس) كانوا فعلاً تعبوا .. الإتنين حتي مريحوش بعد معركة القادسية و كملوا جري ورا بعض .. في المبارزة دي (جالينوس) إتقتل و فضل (زهرة) بال300 فارس بتوعه قاعدين قدام أسوار مدينه النجف.
في المرحلة دي مدينة النجف كانت نقطة التجمع بتاعة الجيش الإسلامي .. سيدنا (سعد) و معاه 20,000 من قواته و إنضم ليهم ال300 اللي كانوا تحت قيادة سيدنا (زهرة) و كمان القوات اللي كانت مع سيدنا (القعقاع) و سيدنا (شرحبيل) وصلت .. الخطوة الجاية هي النجف بس من هنا و خلينا نستخدم مصطلحات عسكرية حديثة عشان تبقي معايا في الصورة .. وزير الدفاع بتاع الإمبراطورية الفارسية و اللي كان إسمه (فيروزان Firuzan) عمل حاجة غريبة أوي .. صحيح إن الجيش الإسلامي تحت إيد سيدنا (سعد) كان منظم بشكل كويس و روحه المعنوية عالية و عقيدته القتالية قوية بس تظل نقطة إنه إلي حد ما جيش صغير .. 20,000 مقاتل مش حاجة كبيرة أوي يعني .. و لو علي الروح القتالية فالمفروض إن العساكر الفرس دلوقتي بقوا بيحاربوا عشان خاطر تراب بلدهم .. هم مش بيحاربوا عشان يحتلوا بلد تانية عمرهم ما شافوها قبل كده .. من وجهة نظر الفرس الجيش الإسلامي هو جيش إحتلال أجنبي .. فلو علي العقيدة القتالية فالمفروض إن عقيدة نشر الإسلام و نيل الشهادة في سبيل الله تكون قصادها عقيدة الدفاع عن تراب الوطن .. إذن كل اللي إنت محتاجه يا عم (فيروزان) هو إنك تعلن التعبئة العامة .. أي شاب قادر علي حمل السلاح حناخده عشان المعركة الفاصلة ضد المسلمين .. معركة تحت شعار يا صابت يا خابت و في قول أخر يا صابت يا إتنين عور .. بس (فيروزان) معملش كده .. يمكن لإن ده مكنش قراره قد ما كان قرار الإمبراطور الفارسي (يزدجيرد الثالث Yazdigred III) بس اللي قاله (فيروزان) إن المطلوب مش هزيمة جيش المسلمين .. لا .. المطلوب نكسب أكتر وقت ممكن لحد ما الإمبراطور (يزدجيرد) يعرف يهرب هو و حاشيته من العاصمة المدائن و ده كان القرار اللي حسم مصير الإمبراطورية الفارسية.
الأوامر اللي كانت بتطلع من (فيروزان) كانت زي ما تكون أوامر إنتحارية للقادة العسكريين بتوع الفرس .. هو كان عارف إن سيدنا (سعد) خطوته الجاية هي النجف .. يقوم باعت لواحد إسمه (بوسبوره Bushbura) حاكم مدينة إسمها بورز Burs يقوله إثبت مكانك يا عسكري و عطل المسلمين قدر الإمكان .. طبعاً زي ما إنت متخيل (بوسبوره) مخدش غلوة في إيد طليعة جيش المسلمين بقيادة سيدنا (زهرة) و إتقتل هو و رجالته .. علي فكرة لحد دلوقتي سنة 636 مخلصتش .. بس اللي حصل بعد كده إن ربنا جاب خطة (فيروزان) و رمهاله في الزبالة .. أهل مدينة بورز عملوا إتفاق زي الفل مع سيدنا (زهرة) .. قالوله إحنا حنقولك الجيش الفارسي فين و تحركاته إيه بس متفرضتش علينا ضرائب زي ما (يزدجيرد) كان بيعمل .. تقدر تقول الميكس بين الفساد علي سنين الحروب اللي مش بتخلص بين الفرس و البيزنطيين و بعد كده مع المسلمين خلي المواطن البسيط يتداس علي وشه .. سيدنا (زهرة) قالهم أمين .. أهل بورز قالوله إن (فيروزان) معسكر مع أغلب قواته عند مدينة بابل مستنيك تيجي عشان يعطلك و يكسب وقت لأجل ما (يزدجيرد) يلحق يهرب .. سيدنا (زهرة) بعت المعلومة دي لسيدنا (سعد) و اللي بناء عليها الجيش الإسلامي كله مش بس القوات اللي تحت إيد سيدنا (زهرة) إتحركت بإتجاه بابل.
يا عيني (فيروزان) كان متخيل إن الجيش الإسلامي حيجيليه أمواج ورا بعض و حيعرف يفرملهم مش يجيله إعصار .. في ديسمبر 636 بتحصل معركة بابل و دي برده معركة مشيت في نفس التريند بتاع كل المواجهات من بعد معركة القادسية إنها معركة مخدتش وقت كتير و إنتهت بنصر المسلمين .. في يناير 637 و أخيراً سنه 636 خلصت كان اللي فاضل من قوات (فيروزان) إنسحبت للمدائن اللي هي عاصمة الإمبراطورية الفارسية و كالعادة أول واحد كان بيجري وراهم كان سيدنا (زهرة) و رجالته .. في يناير 637 المسلمين كانوا وصلوا المدائن.
المرحلة الثانية .. إتقل تاخد حاجة نظيفة:
مهم أوي تبقي فاهم نقطة و هي إن المسلمين لما شافوا المدائن كانت صدمة حضارية بالنسبة ليهم .. المسلمين في السنة اللي خرجوا فيها بره المدينة المنورة شافوا مدن كتير .. شافوا دمشق و القدس .. بس دي كل واحدة فيهم كانت مدينة يدوبك عايش فيها كام ألف .. لكن طيسفون Ctesiphon كانت مختلفة .. هي إتسمت المدائن عشان هي كانت فعلياً 7 مدن مربوطين ببعض اللي هو حاجة كده زي القاهرة الكبري .. أساساً إسم المدائن ده كان إسم الدلع اللي الفرس طلعوه علي طيسفون .. المدينة نفسها زي ما تكون مقسومة نصين و اللي بيقسمها هو نهر دجله .. غرب نهر دجله كان فيه 3 مدن من السبعة واحدة إسمها سيلوكيا Selukia .. الثانية إسمها فيلو-جيسوكيرتا Velogesocerta .. الثالثة إسمها فيه-أردشير Veh-Ardshir .. شرق نهر دجله كانت موجودة مدينة طيسفون المركزية و حوليها شوية مدن صغيرة .. المشكلة اللي كانت قدام سيدنا (سعد) كانت الأتي:
دلوقتي عشان أكسب الحرب و تبقي Game Over لازم أخش القصر الإمبراطوري و أعتقل أو أقتل (يزدجيرد الثالث) .. جميل .. القصر الإمبراطوري اللي الفرس كانوا بيسموه القصر الأبيض موجود في مدينة طيسفون المركزية اللي هي زي ما قلت شرق نهر دجله .. عشان قوات سيدنا (سعد) تعدي النهر باتجاه مدينة طيسفون المركزية لازم الأول يخشوا مدينة فيه-أردشير Veh-Ardshir عشان أخر المدينة دي فيه الكوبري الوحيد اللي بيربط بين طيسفون المركزية و باقي المدن اللي بتكون مدينة طيسفون الكبيرة .. حلو أوي الكلام ده .. خطة (فيروزان) كانت الأتي .. دلوقتي إحنا حنحفر خندق داير ما يدور حول مدينة فيه-أردشير و حنسيب فتحة واحدة بس في الخندق عند بوابة المدينة عشان المسلمين ميبقاش قدامهم غير الطريق ده بس عشان يدخلوا منه للمدينة .. حنرصص قوات المشاة بتاعتنا صفوف ورا بعضها قدام بوابة المدينة و ورا صفوف المشاة دي حيبقي معانا كذا منجنيق عشان نرمي حجارة علي المسلمين إذا ما حاولوا يخشوا المدينة .. خطة معمولة أولاً و أخيراً عشان يضيعوا بيها وقت كافي إن (يزدجيرد) يقدر يخلي العاصمة من كنوزه و فلوسه و عيلته و ماله و محتاله.
سيدنا (زهرة) حاول إنه ينفذ هجوم مباشر علي دفاعات فيه-أردشير بس الخساير اللي قواته إتعرضت ليها خلت سيدنا (سعد) يقول بااااااس إحنا جرينا بما فيه الكفاية في المرحلة الأولانية من الحرب .. دلوقتي جت مرحلة الصبر .. سيدنا (سعد) خنق مدينة فيه-أردشير زي الكتاب ما بيقول .. منع عنهم كل الإمدادات الغذائية و الطبية في الوقت اللي أهل طيسفون في الجزء اللي بقي تحت سيطرة المسلمين إتعرض عليهم الخيارين اللي بيتحطوا قصاد أي أهل بلد فتحها المسلمين .. تدخلوا الإسلام أو تفضلوا علي ديانتكوا و تدفعوا الجزية اللي في حالة الفرس كانت ولا حاجة قصاد الضرائب اللي كانوا بيدفعوها ل(يزدجيرد) عشان يلاقي فلوس يمول بيها حروبه ضد الروم و بعد كده ضد المسلمين .. شهور بتعدي و الحصار مكمل لحد ما في يوم سيدنا (سعد) لقي كذا واحد هربانين من جوه فيه-أردشير .. إتعرف بعدها إن الهربانين دول مهندسين فرس هربوا من المدينة و عرضوا خدماتهم علي المسلمين .. المهندسين الهربانين بنوا لجيش المسلمين 20 منجنيق .. ليه المهندسين دول هربوا؟ و إيه المبرر ورا ده؟ دي قصة ممكن نتكلم فيها بعدين.
القصف المدفعي مكنش بيقف .. كم الدمار اللي إتعرضتله دفاعات فيه-أردشير كان صعب تتخيله .. كتير من مباني المدينة إتسوت بالأرض في قصف إستمر شهر كامل من فبراير لحد مارس 637 .. المجاعة كمان كانت جابت أخرها .. الناس بقت بتاكل القطط و الكلاب اللي في الشارع .. في أخر مارس الفرس اللي بيدافعوا عن المدينة قرروا إنهم يخرجوا يواجههوا المسلمين في معركة يائسة إنتهت بإنسحاب الفرس تاني لمدينتهم .. بعدها بكام ساعة الفرس بعتوا رسول لسيدنا (سعد) بيعرض عليه وقف إطلاق النار و إن المسلمين يحتفظوا بالمدن الفارسية غرب نهر دجله و سيبوا الباقي لينا بس العرض ده إترفض من سيدنا (سعد) .. يوميها بالليل الفرس إنسحبوا من مدينة فيه-أردشير و حرقوا الكوبري اللي بيربط بينها و بين مدينة طيسفون المركزية.
زي ما قلتلك المرحلة دي من الحرب كانت ماشية بالتصوير البطيء .. قوات المسلمين دخلت فيه-أردشير في الوقت اللي (يزدجيرد الثالث) قرر إجلاء أهل بيته و حاشيته بره طيسفون المركزية لإنه خلاص إقتنع بإن المسلمين كسبوا الحرب و اللي فاضل دلوقتي هو إننا نكسب أكتر وقت ممكن لحد ما عيلتي و فلوسي و حاشيتي يهربوا بره العاصمة .. (يزدجيرد الثالث) كمان قرر إنه يعين أخوات (رستم) الإتنين (ميهران Mihran) و (فاروزاد Farrukhzad) لقيادة الدفاع عن طيسفون المركزية .. بفكرك بس إن (رستم) أخوهم الكبير ده كان القائد بتاع الفرس في معركة القادسية و مات فيها .. علي الناحية الثانية إجابة السؤال بتاع و بعدين حنعمل إيه دلوقتي كان شاغل بال سيدنا (سعد).
سيدنا (سعد) كان عارف إن قدامه يومين ثلاثة بالكتير و (يزديجرد) يكون أخلي طيسفون كلها و حياخد معاه عيلته و فلوسه و كنوزه و عشان كده هو محتاج يتصرف .. إزاي يعبر نهر دجله و الكوبري الوحيد اللي بيربط بين طيسفون المركزية و فيه-أردشير إتحرق؟ .. يوميها فيه مواطن من الفرس راح إتكلم مع سيدنا (سعد) و قاله إن فيه حتة في نهر دجله ضحلة شوية و تيار المياه فيها مش جامد فممكن الخيالة بتوعك يعدوا منها .. سيدنا (سعد) راح مع المواطن الفارسي ده يتفرج علي الحتة اللي هو بيقول عليها بس هو شاف بعنيه تيار المياة و هو جامد .. سيدنا (سعد) قال طب خليني أفكر في الموضوع ده و حقرر بكره الصبح .. سيدنا (سعد) دخل نام و يقال إن و هو نايم شاف حلم غريب أوي .. شاف نفسه بيتفرج علي فرسانه و هم بيعدوا من الحتة الضحلة في نهر دجلة .. التيار كان فعلاً قوي بس فرسانه عرفوا يعدوا .. تاني يوم الصبح سيدنا (سعد) طلب يعمل إجتماع عاجل مع قادة جيشه و عرض عليهم فكرة العبور من الحتة الضحلة دي بس طلب إن يتطوع حد للعبور هو و رجالته لإن (سعد) عارف إنها مهمة إنتحارية .. أول واحد تطوع كان سيدنا (عاصم بن عمرو التميمي) رضي الله عنه و اللي قال إن هو و 700 من رجالته حيعبروا.
لما سيدنا (عاصم) و رجالته عبروا أول واحد شافهم كان (فاروزاد) واحد من قادة قوات الفرس و اللي خد فرسانه و جري عشان يوقف رجاله (عاصم) .. (فاروزاد) كان خلاص حيقدر يجبر (عاصم) علي الإنسحاب لما فجأة متفهمش إزاي فيه فارس من طيسفون جه جري و هو بيصرخ في زمايله أنتوا تاعبين نفسكوا ليه و بتضحوا بحياتكوا عشان إيه .. (يزدجيرد) هرب من طيسفون .. الخبر لوحده كسر الروح المعنوية للعساكر الفرس و اللي يا هربوا يا إنسحبوا .. بمجرد ما سيدنا (سعد) عبر هو فرسانه نهر دجله كان هو و سيدنا (عاصم) و سيدنا (القعقاع) أول ثلاثة يدخلوا القصر الأبيض .. و هم هناك لقوا بقايا الحرس الإمبراطوري متحصنين جوه القصر .. هنا سيدنا (سلمان الفارسي) رضي الله عنه و اللي كان واحد من صحابة رسول الله (عليه الصلاه و السلام) و اللي من إسمه باين إنه كان من مواليد فارس راح إتفاوض مع اللي فاضلين من الحرس الإمبراطوري يقنعهم بإن خلاص مفيش فايدة و عرض عليهم ال3 اختيارات الStandard بتوع الفتح الإسلامي .. يا تخش الاسلام .. يا تفضل علي ديانتك و تدفع الجزية .. يا تموت .. و الحرس إختاروا الجزية.
المدائن إتفتحت سنة 637 .. سنة 641 الفرس بيحاولوا يعملوا الريمونتادا تاني بس إتهزموا في معركة نهاواند .. في المرحلة دي سيدنا (عمر) رضي الله عنه بدأ يقتنع بإن الحل الوحيد إن ملف فارس ده يتقفل خالص هو إن (يزدجيرد الثالث) يموت .. سنة 642 المسلمين أثبتوا إنهم مش جايين فارس يهزروا لما شنوا هجوم أقل ما يتقال عليه إن اللي عمله ناس مستبيعه و قلبها ميت علي مدينة أصفهان في قلب الدولة الفارسية .. فتح أصفهان فتح وراه حنفية فتوحات إسلامية لإن فعلاً فتح أصفهان كان ضربة معلم .. بمجرد ما أصفهان بقت في إيد المسلمين جت وراها أذربيجان و أفغانستان .. فعلياً الدولة الفارسية إنتهت بفتح أصفهان .. (يزدجيرد) فضل يهرب من حتة لحتة من سنة 642 لحد 651 .. الرجل ده في أخر أيامه كان ماشي يشحت علي أسوار مدينة ميرف .. يقال إنه راح يشحت أي أكل من فلاح و الفلاح قاله انا معييش غير شوية عيش .. (يزدجيرد) قاله أي حاجة أكلها لإني مكلتش من 3 أيام بس يا ريت لو معاك شوية برسوم .. البرسوم ده نبتة مقدسة الأكابر و علية القوم بتوع الفرس كانوا بيصلوا بيها .. المهم الفلاح ده راح السوق يدور علي برسوم و هو هناك مسكه واحد من الحرس أو تقدر تقول مباحث .. بتاع المباحث سأله إنت عايز البرسوم ليه ياض فالفلاح قاله إن فيه رجل طول بعرض بس باين عليه إبن ناس أوي لقيته جعان و قالي هاتها عشان أصلي .. من وصف الفلاح لشكل الرجل فبتاع المباحث عرف إنه (يزدجيرد) .. بتاع المباحث إدي للفلاح خنجر و قاله تقتل الرجل ده بالخنجر ده لحد ما أجيلك أنا و الرجاله .. لما بتاع المباحث وصل فعلاً لبيت الفلاح لقوه قتل (يزدجيرد) و الرجاله رموا جثته في النهر .. و يا سبحان الرجل اللي كان بيحكم أقوي إمبراطورية في العالم تكون دي نهايته.
الطريقة و السرعة اللي الدولة الفارسية وقعت بيها لازم تقف قدامها و تفكر هو إزاي ده حصل؟ .. كتير بيكتبوا بوستات بيركزوا فيها علي العقيدة و إزاي حب الشهادة كان هو السبب و دي وجهة نظر تحترم و أكيد كان ليها عامل بس إنت محتاج تاخد نفس عميق و تبص للصورة الكبيرة .. و الصورة الكبيرة بتبدأ تبان لما تبص علي الطريقة اللي سيدنا (أبوبكر الصديق) و وراه سيدنا (عمر بن الخطاب) رضي الله عنهما بقوا بيعتبروا الجيش كأنه وزارة جوه الحكومة .. زمان كان الإمبراطور أو الملك هو قائد الجيش .. حاجة كده زي (الإسكندر الأكبر) .. وقت سيدنا (أبوبكر) و سيدنا (عمر) الوضع إختلف .. أنا مش بهزر و مش ببالغ بس فعلياً الطريقة اللي هم أداروا بيها فتح فارس بالذات كانت هي هي الطريقة اللي القوات المسلحة الألمانية فيرماخت Wermacht غزت بيها أوروبا كلها وقت الحرب العالمية الثانية :
- الفكرة إن تعيينات قيادة الجيش بتتم علي أساس الكفاءة ثم الكفاءة ثم الكفاءة .. لو قائد الجيش اللي إتعين كفء فهو بالتالي حيعين تحتيه ضباط هم كمان علي درجة عالية من الكفاءة.
- ثاني حاجة إن سيدنا (عمر) بالذات كان بيدي صلاحية إتخاذ القرار للقادة الميدانيين بتوعه .. لما مثلاً سيدنا (عمر) عين سيدنا (أبوعبيدة بن الجراح) قائد عام للجيش الإسلامي في الشام بدل سيدنا (خالد) يقوم سيدنا (أبوعبيده) مرقي سيدنا (خالد) مخليه هو القائد الفعلي للقوات في معركة اليرموك .. المفروض إن سيدنا (أبوعبيده) بقراره ده كسر كلام سيدنا (عمر) بس الحقيقة مش كده .. سيدنا (عمر) إدي لسيدنا (أبوعبيده) صلاحية إتخاذ القرار .. إدارة المعركة بتاعتك يا (أبوعبيدة) بس إدارة الحرب دي بتاعتي أنا كخليفة.
- ثالث حاجة هي إعتماد الجيوش الإسلامية بشكل كبير علي الإستطلاع و التجسس .. شبكة المخابرات دي كانت بتبعت خرايط و معلومات للمدينة المنورة عشان لما سيدنا (أبوبكر) يدي الأمر لسيدنا (خالد) إن سيب اللي في ايدك بسرعة في العراق و روح إجري إلحق الوضع في سوريا فيكون القرار ده مبني علي معلومات مؤكدة و صح و موثوق فيها.
في الوقت اللي الفتح الإسلامي بيكمل في طريقه جوه فارس فعشان الطريقة اللي الإستراتيجية الإسلامية مشيت بيها و هي إن الخليفة بيحط الفكر العريض و بيسيب القادة الميدانيين هم اللي يتصرفوا كل واحد بناء علي الوضع علي الأرض فده خلي الدنيا تمشي معانا زي السكينة في الجاتوه و دي النقطة اللي كانت غايبة عن البيزنطيين .. طريقة إدارة الحرب الإسلامية كانت جديدة لانج علي الفكر بتاع العالم وقتها .. لما سيدنا (سعد) بدأ يخش فارس الكلام اللي إتقال للإمبراطور البيزنطي (هرقل) من مستشاريه إن يا ريس المسلمين حيضيعوا أجيال عشان يسيطروا علي فارس .. كان دايماً بيتقاله إن يا ريس مصر في أمان .. عمر ما المسلمين ما حيتجننوا في نافوخهم و في عز ما هم محتاسين في فارس يفتحوا جبهة تانية في مصر .. فاكر سيدنا (سعد) دخل المدائن إمتي؟ .. سنة 637 شطور .. عارف سيدنا (عمرو بن العاص) دخل مصر إمتي؟ .. سنة 639 و معاها أحلي صاربرايز ماذرفاكرز سمعها البيزنطيين في حياتهم .. و علي رأي الشيخ (محمد متولي الشعراوي) الله يرحمه .. و لنا لقاء أخر إن شاء الله.
المصادر:
- فيديو بعنوان Siege of Ctesiphon 637-Eary Muslim Expansion Documentary نشر علي YouTube و ده لينك الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=o9jNvJFawlo - فيديو بعنوان War of the Worlds – EP 1 – Intro/Early Islamic Conquest نشر علي YouTube و ده لينك الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=LdqFW8RWfQk&list=PLpA6sZxl1jJsTcycljzLBqCZw6Ps2hg2- - فيديو بعنوان The Journey to al-Andalus – The Muslim Conquest of North Africa – WOTW EP 2 نشر علي YouTube و ده لينك الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=aYkn2KfYvFw&list=PLpA6sZxl1jJsTcycljzLBqCZw6Ps2hg2-&index=2