أوعي تتخيل في يوم من الأيام إن الظلم بيعدي بالساهل .. أوعي .. أكيد قدام عنيك و في حياتك اليومية حتلاقي قدامك ناس إنت عارف إنهم حرامية و بياكلوا مال اليتيم بس زي ما يكون ربنا كارمهم و كأنه بيكافئهم علي اللي بيعملوه .. ده اللي إنت بتتخيله .. بس الحقيقة مش كده و يمكن النهاردة أنا مش جاي أثبتلك ده قد ما أنا جاي أحكيلك قصة حتعلمك حاجة مهمة و هي إن رد المظالم مش بيجي في الوقت اللي حضرتك عايزه .. ده مش أوردر من عند بريدفاست يجيلك وقت ما تطلب .. قصة النهاردة إحنا كنا إتكلمنا عن أهم شخصية فيها قبل كده و دي تبقي (أونج سان سوكي Aung San Suu Kyi) و اللي كان بيتبصلها علي أنها ملاك نازل من السما بس إكتشفنا إنها لا ملاك ولا نيلة .. مش بس كده .. إحنا مش بس إكتشفنا إنها شيطان دي طلعت هي شيطان كيوت مقارنة بشياطين تانية (أونج سان سوكي) كانت بتتدعي إنها جاية تحمينا منهم.
كان يا مكان كان فيه بلد إسمها ميانمار .. ميانمار بلد صغيرة شمالها الهند و يمينها الصين .. ميانمار كان زمان إسمها بورما و بعد ما الحرب العالمية الثانية خلصت خدت إستقلالها من بريطانيا .. لسه البلد حتقول هيييه دخلت في حرب أهلية السبب وراها إن تقريباً تلت أهل ميانمار من أقليات مختلفة بس عايشين في تقريباً نص البلد واللي لاجل الصدف يعني تحت إيدهم أغلب الثروة المعدنية فالأغلبية البوذية بصت للأقليات و قالتلهم يعني نبقي أحنا الأغلبية و كمان أفقر منكوا تيجي إزاي دي .. فين و فين و بعد 3 سنين من الحرب اللي ملهاش لازمة الأطراف كلها وصلوا لإتفاق إقترحه (أونج سان Aung San) اللي يبقي أبو بطلة القصة (أونج سان سو كي) و كان المفروض يبقي هو أول رئيس منتخب لبورما بعد استقلالها .. الإتفاق كان إن الأقليات اللي عايشة في البلد يبقي ليها حرية تصرف في مصيرها اللي هو تقدر تقول عليه حكم ذاتي بس دايت مش كامل الدسم .. لسه الناس حتقول هييييييه (أونج سان) بيتقتل و البلد دخلت في حرب أهلية تاني .. سنة 1962 وزير الدفاع (ني وين Ni Win) عمل إنقلاب عسكري خلي الجيش يسيطر علي البلد لأكتر من خمسين سنة .. سنة 1990 إتعملت إنتخابات كسبتها (أونج سان سو كي) بس الجيش قالها مش لاعبين و لغي الإنتخابات و حبسها في بيتها لأكتر من عشرين سنة و سنة 1991 هي خدت جايزة نوبل للسلام.
ميانمار بلد لسنين بيحكمها الجيش في نظام قمعي معندوش ياما أرحميني .. فعلياً ميانمار بلد متفرقش كتير عن بلدك اللي إنت عايش فيها يمكن باستثناء صغير و هو إن غالبية الشعب بينتمي للمذهب البوذي في حين إن فيه أقلية صغيرة مسلمة بيتسموا الروهينجا .. كل ما تحصل مصيبة في البلد الجيش يرميها علي الروهينجا .. البلد مفيهاش شغل .. أصل الروهينجا السبب .. الناس فقيرة .. أصل الروهينجا السبب .. الجيش في ميانمار كان ماشي بنفس المبدأ الوسخ اللي حطه دكتور (جوزيف جوبلز Joseph Goebbels) اللي كان وزير الإعلام في الحكومة النازية بقيادة (أدولف هتلر Adolph Hitler) اللي هو بإختصار إنت عشان تكسب إنتخابات و الناس تهتف باسمك مش لازم تبقي شاطر في شغلانة الحكم دي .. بالعكس إنت ممكن حرامي و مرتشي و إبن كلب و مش عارف تدورها بس كل شوية ترمي كل بلاويك علي حد و تشاور عليه و تفضل تخوف الناس منه .. دايماً تفكرهم إنهم عايشين في بيوتهم أمنين متطئمنين مش لسبب غير إنك موجود و ربنا يطول في عمرك و تفضل تحمي الشعب من أهل الشر .. في حالة ميانمار أهل الشر دول كانوا الروهينجا و الناس صدقت .. لحد ما جت (أونج سان سوكي).
سنة 2008 الجيش وافق علي إنه واحدة واحدة يسيب الحكم لحكومة مدنية منتخبة بس هي الفكرة كلها في كلمة واحدة واحدة دي .. الدستور اللي إتكتب في السنة دي قال إن 25% من كراسي البرلمان تفضل محفوظة للجيش .. ليه؟ .. عشان متجيش حكومة تفكر تقلش الجيش أو تمشي قانون ضد مصلحة الجيش أو حتي بس يخطر علي بالها في يوم تزعل الجيش .. الخطوة اللي وراها كانت سنة 2012 لما الجيش وافق إنه يطلق سراح المعتقلين السياسيين و في نفس السنة إتعملت إنتخابات جزئية للبرلمان دخلها الحزب بتاع (أونج سان سوكي) اللي تقدر تترجم اسمه مجازاً إنه الحزب الوطني الديموقراطي National League for Democracy و إختصاراً بيتسمي NLD .. دلوقتي هي عندها 77 سنة بس سنة 2015 جت للحكم بعد ما كسبت الانتخابات باكتساح .. الست دي الغرب إعتبرها النهاية السعيدة للفيلم الحزين بتاع ميانمار .. الدستور في ميانمار بيمنع إنها هي بالذات تبقي رئيسة البلد عشان عيالها معاهم الجنسية البريطانية بس هي لما كسبت الإنتخابات إخترعولها منصب إسمه مستشارة الدولة اللي هو نفس لقب مستشار ألمانيا اللي هو منصب شبه رئيس الوزراء و كمان معاها منصب وزيرة الخارجية .. مش عارف الناس دي بتحب النازيين ليه كده .. الغرب مش بس عطاها جايزة نوبل للسلام إنما زعماء الغرب كلهم من أولهم لأخرهم كانوا بياخدوها بالحضن .. الكل كان مستني منها توقف المهزلة اللي بتحصل في الروهينجا بس ده محصلش .. طب شيلي قادة الجيش اللي فضلوا لسنين يحكموا و القبور مليانة بضحاياهم .. برده محصلش .. فضلت في الكرسي خمس سنين تقريباً ناسية إن فيه ناس عايشة في بلدها إسمهم الروهينجا .. شوية و جت إنتخابات 2020 و الحزب بتاعها خد 83% من كراسي البرلمان .. الدنيا كانت حلوة في وش (أونج سان سوكي) .. يا رجل ده حتي الأمم المتحدة طلعت قالت إن الإنتخابات كانت نزيهة .. فجاة من غير لا إحم ولا دستور المولد ده كله إتفض.
في فبراير 2021 الجيش إداها إستمارة ستة و قلشها في إنقلاب عسكري و اللي بسببه البلد دخلت في موجة عنف مات فيها أكتر من 2900 بني أدم و إتسجن أكتر منهم بكتير و كتير من اللي إتسجنوا دول ماتوا في المعتقلات تحت تأثير التعذيب .. الحقيقة لستة التهم اللي الجيش وجهها ليها توريك قد إيه أحياناً كتير العساكر بيبقي عندهم حس كوميدي أكتر من اللي بيكتبوا سيناريوهات مسرح مصر .. الست دي متهمة بإنها بتثير الفتن ضد المؤسسة العسكرية .. قال إيه مكنتش بتحترم حظر التجول اللي إتفرض في ميانمار وقت جائحة فيروس كورونا و اللي صادف إنه نفس توقيت الحملة الإنتخابية بتاعة إنتخابات الرئاسة في نوفمبر 2020 و إتحكم عليها ب33 سنة سجن يعني (أونج سان سوكي) غالباً حتموت في السجن .. أنا عارف كويس إن ده مش وقت شماتة بس إنت متخيل سخرية القدر .. بس السر اللي عارفه الناس كلها إن الجيش قرر يقلش (أونج سان سوكي) بسبب الخوف و دي نقطة محتاجة تتوضح كويس.
الجيش في ميانمار غريب جداً و ده لإنه تقريباً دولة جوه الدولة .. ده جيش عنده شركاته .. عنده البيزنس بتاعه .. كل ده إنت ممكن تكون فاهمه بس اللي بيخلي جيش ميانمار في حتة تانية إن عنده الحزب السياسي بتاعه .. الحزب ده في إنتخابات 2020 إتداس علي وشه فتقريباً قادة الجيش بصوا لبعض و قالوا اللي ميجيش بعصاية موسي يجي بخشبة فرعون .. خوف القيادة العسكرية إن فوز (أونج سان سوكي) التاريخي في الإنتخابات و في نفس الوقت قلة القيمة اللي كان السبب فيها الحزب السياسي بتاع الجيش خلاهم يقولوا لنفسهم لو فيه فرصة إن (أونج سان سوكي) تخلص مننا حتبقي دلوقتي .. يبقي نتغدي بيها قبل ما تتعشي بينا .. مهم أبقي أمين مع نفسي و أقول إن مفيش دليل واحد بيقول إنها كانت ناوية تخلص من الجيش .. سنة 2021 الجيش طلع بيان رسمي قال فيه إن حتتعمل إنتخابات رئاسية جديدة في أغسطس 2023 .. جميل .. الجيش بعدها طلع في يناير 2023 قال حيتم تسليم السلطة من المجلس العسكري لحكومة تسيير أعمال مؤقتة .. حلو .. جينا في يناير 2023 الجيش كالعادة رجع في كلامه زي العيل الصغير و قالك لا إحنا اللي حنكمل نحكم لحد الإنتخابات .. اه بالمناسبة .. حزب NLD مش حقول طلع ضده بقرار بحرمانه من دخول الإنتخابات بس خليني أقول إن قانون الإنتخابات إتكتب تفصيل عشان خاطر الحزب ميخشش.
اللي مقوي ظهر المؤسسة العسكرية في ميانمار هو الصين و روسيا .. في ديسمبر 2022 الأمم المتحدة طلعت قرار بيطلب علي الأقل بوقف العنف ضد المتظاهرين و إطلاق سراح المعتقلين السياسيين بس الصين و روسيا و الهند رفضوا يصوتوا .. في يناير 2023 أميركا و بريطانيا و أستراليا و كندا فرضوا عقوبات إقتصادية علي ميانمار بس اللي تعمله أميركا من هنا تبوظه الصين من هنا .. الصين فعلياً هي اللي بتصرف علي جيش ميانمار و في نفس الوقت فيه حد زي اليابان بيقول كلام برده لازم يتعقل .. دلوقتي العقوبات الإقتصادية دي اللي بيدفع ثمنها هو المواطن البسيط .. قادة الجيش حيفضلوا ياكلوا أحسن أكل و يركبوا أحسن عربيات و عايشين أحلي عيشة .. المواطن الغلبان هو اللي بيتداس علي وشه.
قصة (أونج سان سو كي) توريك حاجة مهمة .. أوعي تثق في كلمة حد معاه سلاح .. أوعي .. الست دي شافت بعنيها و الجيش وفق كلام الأمم المتحدة بيرتكب جرائم ضد الإنسانية وصلت لحد التطهير العرقي ضد الروهينجا .. شافت بنفسها 700,000 مواطن من شعبها و هم بيترحلوا بالغصب بره أرضهم علي بنجلاديش بداية من سنة 2017 .. الست اللي حاربت عشان خاطر الديموقراطية و الحرية سكتت و حطت جزمة قديمة في بقها و الجيش بيطلع قرار بتجريد أي مسلم في ميانمار من الجنسية بتاعة بلده .. يا رجل دي سنة 2019 وقفت (أونج سان سو كي) تدافع عن جيش بلدها ضد التهم الموجهة ضده في المحكمة الجنائية الدولية .. و رغم كل ده الجيش عمره ما وثق فيها .. في أول لحظة شكوا فيها إنها حتقلشهم قاموا دايسين علي وشها .. كانوا ممكن يتكلموا معاها .. كانوا ممكن يهددوها أو علي الأقل يقرصوا ودنها .. بس ده محصلش .. فتاني .. أوعي تصدق كلمة حد معاه سلاح ولو حلفلك بأيمانات المسلمين كلهم.
المصادر:
- مقالة بعنوان How Myanmar’s Military Hangs on to Power Despite Sanctions نشرت في جريدة The Washington Post و ده لينك المقالة الأصلية:
https://www.washingtonpost.com/business/how-myanmars-military-hangs-on-to-power-despite-sanctions/2023/02/07/22b13fc2-a6da-11ed-b2a3-edb05ee0e313_story.html