موضوعنا النهارده اللي حنتكلم فيه هو منتخب ألمانيا لكرة القدم .. المنتخب الأول بتاع ألمانيا من كام شهر فاز ببطولة القارات بعد ما كسب منتخب تشيلي في النهائي في إستاد سانت بطرسبرج في روسيا .. بس مش دي القضية .. القضية إن لما الناس بدأت تبص علي تشكيلة منتخب ألمانيا اللي فازت بالبطولة من قبل حتي ما البطولة تبدأ أغلب الناس أجمعوا إن المنتخب ده مستحيل يكسب البطولة دي بالتشكيلة دي .. أحب أفكرك إن منتخب ألمانيا دخل كاس القارات بصفته بطل العالم بس ولا واحد من اللاعبين اللي كانوا ضمن تشكيلة المنتخب في كاس العالم 2014 اللي إتلعب في البرازيل كان من ضمن تشكيلة المنتخب اللي لعبت كاس القارات و رغم كده منتخب ألمانيا فاز بالبطولة اللي علي فكرة إحتمال تبقي أخر بطولة كاس قارات تتلعب .. أسامي زي (مسعود أوزيل) و (توني كرووس Toni Kroos) و (جيروم بواتينج Jerome Boateng) و (ماتس هوملز Matts Hummels) و (إليكاي جوندوجان Ilkay Gundogan) و (توماس مولر Thomas Muller) و (سامي خضيرة) و (ماركو رويس Marco Reus) و (جوليان فايجل Julian Weigl) و (أندري شورلي Andre Schurrle) و حتي (مانويل نوير Manuel Neuer) .. ولا واحد في الأسامي دي اللي كل واحد فيهم يقدر يشيل فرقه كاملة علي كتفه كان ضمن تشكيلة منتخب ألمانيا و رغم كده المدير الفني للمنتخب الألماني (يواكيم لوف Joachim Low) قدر يلاقي لاعبين شباب يكسبوا البطولة دي .. السؤال دلوقتي هو إزاي عمل كده؟
بيعجبني أوي في الجيل الجديد من الألمان إنهم شالوا جينات الغرور و العنظزه منهم .. يعني تلاقي إن (يواكيم لوف) طلع في المؤتمر الصحفي بعد ما ماتش النهائي قصاد تشيلي ما خلص قال مش معني إن منتخب ألمانيا كسب بطولة القارات بفريق شاب زي ده إن خلاص كده تقدر تقول للألمان يحطوا في بطنهم بطيخة صيفي و إن منتخب ألمالنيا ضمن إنه يحافظ علي لقب كاس العالم الجاي و بفكرك إن البطولة حتتلعب في روسيا السنة الجاية .. كمان (يواكيم لوف) قال مش معني إن منتخب ألمانيا تحت 21 سنة كسب بطولة أمم أوروبا إن برده الألمان يقولوا لنفسهم إنهم ضمنوا يكسبوا بطولة أمم أوروبا 2020 و 2024 و الحقيقة إن (يواكيم لوف) عنده حق لإن بطولات المنتخبات فعلاً ملهاش كبير.
بطولات المنتخبات تفرق كتير أوي عن بطولات الأندية و دي حقيقة عارفها أي حد لعب كرة قدم .. بطولات المنتخبات بتبقي معقدة جداً و فوضوية جداً و ممكن أي حاجة تحصل فيها .. خد عندك مثلاً رحلة منتخب مصر في بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة اللي وصلنا فيها للنهائي و خسرنا من الكاميرون .. منتخب مصر قعد شهر كامل يلعب 3 ماتشات في دور المجموعات و ماتش دور الثمانية و ماتش نص نهائي و ماتش فاينال .. يعني 6 ماتشات في شهر .. ده بيخلي إن الظروف بيبقي ليها دور ضخم جداً في إنها تحدد مين يكسب البطولة؟ و مين يخرج من الدور الأول؟ .. إفرض مثلاً إن (محمد صلاح) لا قدر الله كان إتصاب في أول ماتش له مع المنتخب هل تفتكر إن ساعتها مصر كان ممكن توصل للنهائي؟ .. ممكن شوط واحد بس يخليك تخسر البطولة زي ما حصل في الشوط الثاني في ماتش الكاميرون .. ممكن غلطة حكم توديك في ستين داهية .. ممكن زي ما الكاميرون عملت معانا في الشوط الثاني إنهم يقوموا علينا جامد و يكسبوا الماتش و يعملوا Comeback تاريخي
بطولات المنتخبات زي كاس العالم مش أحسن فريق في العالم هو اللي بيكسب البطولة إنما أحسن فريق في الشهر اللي إتلعبت فيه البطولة هو اللي بيكسبها .. بسبب كل ده لازم تقف قدام الإنجاز اللي حققه منتخب ألمانيا و تنحني له إحتراماً و في نفس الوقت لازم تبص علي تجربة زي التجربة البلجيكية و تسأل نفسك هو الألمان هم اللي عباقرة ولا البلجيك هم اللي فيهم حاجة غلط؟ .. في السنين اللي فاتت دول كتير بدأت تعزم وفود من إتحاد كرة القدم البلجيكي عشان يدوا دورات تدريبية للمدربين عشان الدول دي تستفيد من الحاجة اللي بيسموها التجربة البلجيكية .. تطلع إيه التجربة البلجيكية دي؟
لسبب ما محدش عارف هو إيه دولة زي بلجيكا تعداد سكانها 11 مليون نسمة يعني تقريباً نفس عدد سكان الإسكندرية في مصر و اللي تاريخها الكروي مش كبير و مكنش حد يعرف عنها حاجة و حتي الدوري البلجيكي مش مسمع في أوروبا و مش أملة إن لاعب مصري مثلاً يحترف في الدوري البلجيكي .. إذا بدولة زي دي تفضل تطلع في مواهب كروية شابة و كأن ماسورة مواهب كروية إتكسرت و محدش عارف يصلحها .. تلاقي إن في الدوري الإنجليزي الممتاز Premier League كل الأندية ال6 الكبار يمكن بإستنثاء أرسنال عندهم لاعب بلجيكي .. عندك مثلاً (إيدن هازارد Eden Hazard) في تشيلسي و (كيفن دي بروين Kevin de Bruyne) في مانشستر سيتي يعتبروا من أهم لاعبي خط الوسط المهاجمين في الPremier League .. عندك (توبي ألديرفيلرلد Toby Alderweireld) و (يان فيرتونخين Jan Vertonghen) في توتنهام و (فينسنت كومباني Vincent Kompany) في مانشستر سيتي يعتبروا من أقوي مدافعي أوروبا كلها .. واحد من أحسن اللاعبين في تشكيلة نادي روما الإيطالي اللي هو (راجا نانجولان Raja Nainggolan) بلجيكي .. كمان واحد من أحسن لاعبي نادي نابولي الإيطالي اللي هو (دريس ميرتينز Dries Mertens) هو كمان بلجيكي .. لاعب ناشيء زي مهاجم أتليتيكو مدريد (يانيك فيريرا كاراسكو Yannick Ferreira Carrasco) هو كمان بلجيكي.
المشكلة إن بلجيكا منتخبها عنده لاعبين تنانين زي دول و رغم كده مش عارفين يحققوا ربع النجاح بتاع منتخب ألمانيا و ده يخليك تسأل نفسك ليه؟ ليه البلجيك فاشلين و الألمان ناجحين مع إنك لو قارنت منتخب بلجيكا و منتخب ألمانيا لاعب بلاعب إحتمال تلاقي إمكانيات لاعبي منتخب بلجيكا أحسن من الألمان؟
السبب بمنتهي البساطة هو النظام System .. الألمان عملوا نظام بدأ من قبل كاس العالم 2006 اللي إتلعب علي أرضهم .. النظام ده حطه واحد إسمه (ديتريتش فايز Dietrich Weise) و إعتمد إنهم يبدأوا يصعدوا جيل شاب من المدربين بدأ ب(يورجين كلينسمان Jurgen Klensman) و (يواكيم لوف) اللي كانوا ماسكين منتخب ألمانيا وقتها و حالياً ألمانيا بقي عندها جيش من المدربين الشباب زي (توماس توخيل Thomas Tuchel) المدير الفني السابق لبروسيا دورتموند و (جوليان نيجلزمان Julian Nagelsmann) المدير الفني لنادي هوفينهايم .. و دلوقتي النظام ده تطور عشان يبدأ يصعدوا جيل شاب من اللاعبين … إذا كانت بلجيكا بتقول إن عندهم ماسورة مواهب كروية شابة و إتكسرت فألمانيا محطة مياه كاملة و إتكسرت .. ده يخليك قدام واقع غريب أوي إن النجاح اللي وصلت له ألمانيا سببه نظام و تعب و تركيز و شغل و بحث و تطوير في حين إن اللي عايشة فيه بلجيكا دلوقتي و اللي بيروجوله علي إنه التجربة البلجيكية ما هو إلا صدفة .. وخليني أشرحلك انا قصدي إيه.
بص علي الأسامي التقيلة للاعبي كرة القدم الألمان .. (مانويل نوير) بدأ الCareer بتاعه في نادي شالكة الألماني .. (سامي خضيرة) و (مسعود أوزيل) إتكحرتوا في نادي فيردربريمن قبل ما يروحوا ريال مدريد لو تفتكر .. (ماتس هوملز) بدأ حياته كناشيء في بايرن ميونيخ بعد كده راح بروسيا مونشنجلادباخ و إشتراه بروسيا دورتموند و دلوقتي رجع تاني بايرن ميونيخ .. اللي عايز أوصله ليك هو إن أكتر من 90% من اللاعبين الألمان بدأوا في ألمانيا .. النظام اللي إتحط خدهم و هم لسه ناشئين و طورهم و كبرهم لحد ما بقوا نجوم فرقهم في الدوري الألماني و بعد كده فيه منهم إحترفوا بره .. لما تيجي تقارن ده باللي بيحصل في بلجيكا تلاقي العكس خالص .. (إيدن هازارد) بدأ حياته في نادي نيس الفرنسي .. (توبي ألديرفيلرلد) و (يان فيرتونخين) إتعلموا كرة قدم بحق الله في هولندا .. حتي (راجا نانجولان) و (يانيك فيريرا كرارسكو) ملعبوش في أي نادي بلجيكي و هم ناشئين.
(يواكيم لوف) زيه زي أي مسئول كبير في إتحاد كرة القدم الألماني DFB ميقدرش يدي أي ضمانة إن منتخب ألمانيا يكسب بطولة كاس العالم اللي حتتلعب في روسيا السنة الجاية رغم إن محصلتش في التاريخ إن منتخب أيا كان هو مين يكسب بطولة كاس القارات و كاس العالم في نفس السنة و مع العلم إن من ساعة ما منتخب البرازيل في مونديال 1962 محلصش إن منتخب قدر يحافظ علي لقب كاس العالم مرتين ورا بعض .. بس اللي إحنا متؤكدين منه إن مواسير المياه المسكورة اللي عمالة تطلع في مواهب شابة في ألمانيا مش ناوي تقف ولا إحنا الحقيقة عايزينها تقف.
المصدر:
مقالة بعنوان 2 German Triumphs, and A System Built for More نشرت في جريدة The New York Times الأميريكية و ده لينك المقالة الأصلية:
https://www.nytimes.com/2017/07/03/sports/soccer/soccer-world-cup-germany-belgium.html