الإنتخابات .. عشان تكسبها اتكلم عن الفلوس ثم الفلوس وبعدين الفلوس.

أنا عايز ابدأ كلامي معاك النهاردة بمعلومة كده فكر فيها لدقيقة قبل ما تكمل قراية .. خلال سنة 2024 اتعملت انتخابات في حوالي 60 بلد حول العالم وده خلي إن خلال سنة واحدة فوق 40% من إجمالي سكان الأرض راحوا حطوا صوتهم في صندوق عشان صوتهم ده يقرر شكل حياتهم حيبقي عامل إزاي خلال السنين الجاية .. طبيعي إن بما إننا بنتكلم عن 60 بلد فإحنا بنتكلم عن كوكتيل متنوع من المجتمعات من أول اللي رافعة شعار الحرية للجميع لحد اللي رافع يافطة لا صوت يعلو فوق صوت الزعيم .. الغريب في الموضوع إنك لما تيجي تبص علي نتايج الإنتخابات دي كلها حتلاقي نفسك قدام حقيقة واحدة بتقدر تمشيها علي كل المجتمعات المختلفة اللي الإنتخابات دي اتعملت فيها وهي إن صوت المواطن الغلبان بيحدده أولاً وأخيراً وفوق كل اعتبار الفلوس.

الوضع الاقتصادي في دول كتير في العالم بقي زي الزفت لاسباب مختلفة الحقيقة .. في أول سنة 2024 مركز Pew لاستطلاعات الرأي قال إن 64% من إجمالي السكان اللي اتسألوا عن رأيهم في دول مختلفة شايفين إن الوضع الإقتصادي اللي هم عايشين فيه زي الزفت وده لأسباب مختلفة الحقيقة .. من أول النتائج المترتبة علي فيروس كورونا اللي لحد دلوقتي مسمع معانا مروراً بالحرب الروسية الأوكرانية اللي مش عايزة تخلص ومعاها كمان العدوان الإسرائيلي علي أي دولة عربية مش بتقولها إحنا اسفين يا تل أبيب وطبعاً معدلات التضخم اللي كلت مرتبات ناس كتير .. الفكرة اللي أنا عايزك تفهمها إن المواطن البسيط اللي بيحاول يوفر لعيلته مقومات الحياة الأساسية الحياة بالنسبة له أبسط من إنك تحاول تشرحلة العلاقات الاقتصادية بين العوامل دي كلها وإزاي ده خلي سعر البيضة يوصل 10 جنيه .. لما موظف غلبان بنته تطلب منه إن نفسها تاكل بيض مقلي مش حيقدر يقولها معلش يا حبيبتي أصل Supply Chain Network العالمية بتعاني من تراجع معدلات انتاجها بسبب حظر استيراد الغاز الطبيعي الروسي واللي تفاقم مع اغلاق مضيق باب المندب عشان هجمات الحوثيين اعتراضا علي السياسات الاستعمارية للحكومة اليمينية المتطرفة الإسرائيلية .. الكلام ده ميأكلش عيش وده مفهوم ومنطقي وعشان كده نتايج الإنتخابات في دول كتير في 2024 كانت تجسيد لده .. حكومات كتير بقالها سنين في الحكم طارت .. ناس عمرها ما قعدت علي كرسي خدت مفاتيح الحكم والناس قالولها سوقوا انتوا .. أمثلة كتير الحقيقة لتغييرات صعب تتفهم من غير ما تبقي حاطط في اعتبارهم المعيار المهم .. الفلوس.

من أول عودة كيس الشيتوس الحجم العائلي (دونالد ترامب) للبيت الأبيض عشان يرجع تاني الحزب الجمهوري للحكم بعد 4 سنين من الحكم الديموقراطيين علي إيد جدو (جو بايدن) .. في إيران لقينا صدمة فوز الإصلاحي (مسعود بزشكيان) بالرئاسة رغم إنه مكنش مدعوم لا من الحرس الثوري ولا من المؤسسة الدينية في بلد اللي المفروض يعني اللي يقولة أية الله (علي خامنئي) يمشي علي أطخن طخين .. في إنجلترا بعد 14 سنة من حكم المحافظين بيجي (كيير ستارمر) زعيم حزب العمال اللي هو أصلاً أكثر شخصية مملة ممكن تقعد معاها في حياتك وكان علي قلب الإنجليز زي العسل إنه يبقي هو رئيس الوزراء لمجرد إنه بيمثل أمل إن الوضع الإقتصادي اللي زي الزفت اللي عاشه الأنجليز في السنين اللي فاتت مع المحافظين ينتهي .. في جنوب أفريقيا حزب الكونجرس الوطني الأفريقي وده الحزب اللي أسسه (نيلسون مانديلا) الله يرحمه عشان يطلع بلده من ماساة التفرقة العنصرية بيخسر الحكم وبرده بسبب الوضع الإقتصادي المزري اللي وصلت ليه البلد .. في اليابان زيها زي جنوب أفريقيا الحزب اللي بيحكمها من بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اللي هو الحزب الديموقراطي الليبرالي بيروح بيته .. حتي في الدول اللي الزعيم فيها قدر ينفد بجلده طلع من الإنتخابات متعور جامد زي ما حصل في الهند مع (ناريندرا مودي) اللي صحيح كسب الإنتخابات الثالثة علي الثوالي بس طلع منها ببركة دعا الوالدين بأقل هامش فوز من سنين.

الفكرة إن الناس بتختار البديل أيا كان هو إيه .. مش مهم مين يجي المهم ميبقاش اللي قاعد في الكرسي وكان السبب ورا المصيبة اللي إحنا فيها دلوقتي .. أرجع تاني وأقولك المواطن البسيط لا يملك رفاهية التحليل الاستراتيجي لمحركات السوق الحر .. هو كل اللي هو شايفة إنه عايز وضعه يتغير وبيصدق اللي يقدر يقوله أنا اللي حجيبلك كرتونة البيض عشان تعمل بيض مقلي زي ما أنت عايز .. اللي أنا بستغربله إن حتي المحللين السياسيين بيضيعوا وقت كتير في محاولة ترجمة اللي بيحصل بإنهم يلاقوا سبب سياسي أو ديني مع إن الموضوع أبسط من كده .. خد مثلاً أنجلترا .. زي ما قلتلك لأكثر من 14 سنة فضل يحكم إنجلترا حزب المحافظين اللي هو حزب يميني بس اللي جه يمسك دلوقتي هو حزب العمال اللي بيتصنف علي إنه حزب يساري معتدل .. اللي أنا قلته علي إنجلترا أعكسه علي أميركا .. الحزب الديموقراطي اللي خسر الإنتخابات هو حزب يساري معتدل واللي جه يمسك مكانه هو الحزب الجمهوري اللي هو حزب يميني ممكن تقول عليه يميني متطرف كمان .. عشان كده أنا رأيي متبصلهاش من مراية السياسة .. بصلها من مراية الفلوس .. الناس شايفة الأسعار بتغلي .. شايفة إن مرتباتها مبقاش ليها قيمة .. شايفة إن سعر العملة بيقع .. شايفة إن الضرايب والفواتير عمالة تزيد من غير أي مبرر .. إذن بالنظر إلي جميع ما سبق فإحنا مش حينفع نكمل في الجوازة دي ولازم نتجوز تاني .. بااااس أقف هنا .. جوازتك التانية أو قرارك إنك تجيب مين يحكم مش بيكون وراها الشكل قد ما بيكون وراها إنك عايز النقيض بتاع اللي إنت متعود عليه .. لو جوزك بيتوتي فإنتي عايزة اللي مش بيبطل خروج .. لو مراتك مش بتطبخ فإنت عايز (نادية السيد) .. إنت مش عاجبك الرأسمالي فتجيب الإشتراكي .. الإشتراكي وداك في داهية فبتروح للرأسمالي.

اللي المواطن البسيط ممكن مبيقدرش يستوعبة هو إجابة السؤال بتاعة وبعدين .. عشان تفهم قصدي تعالي نتكلم بشوية تفصيل عن كذا مثال من اللي جبنا أساميهم في كلامنا من شوية:

• في مايو 2024 الناس صحيت علي خبر وفاة الرئيس الإيراني (إبراهيم رئيسي) في تحطم طيارته الهليكوبتر عشان يتفتح الباب قدام إنتخابات جديدة كسبها زي ما قلنا (مسعود بزشكيان) اللي قال للإيرانيين زي ما قال (ويجز) اللي أذوك ياما حبيبي سيبني أنسيك ماضي كله دموع ولا مقدرش أسيبك موجوع .. بس هي الفكرة برده زي ما قلت إن منصب الرئيس في إيران فوقه الكيان اللي اسمه القائد الأعلي للثورة الإسلامية اللي بيمثله أية الله (علي خامنئي) .. هل مصير (مسعود) حيكون زي مصير (إبراهيم) لما فكر يخرج عن طوع القائد الأعلي؟ .. هل أصلاً المواطن الإيراني البسيط فكر في إجابة السؤال ده؟ .. أظن لا.
• لحد سنة 2024 (مودي) كان بقاله 10 سنين قاعد علي قرابيز الهنود .. الحقيقة هو علي حسب إنت ديانتك إيه لإن لو إنت هندوسي فإنت كنت متكيف فشخ في العشر سنين اللي فاتوا بس لو إنت مسلم أو مسيحي أو أي ديانة تانية غير الهندوسي فإنت كنت بتعد الأيام عشان يغور في داهية .. في الإنتخابات بتاعة 2024 صحيح (مودي) كسبها بس لأول مرة من 10 سنين هو لقي نفسه مضطر عشان يفضل مكمل في الكرسي إنه يبقي جزء من حكومة إئتلافية وكلمة حكومة إئتلافية دي معناها إن حكومته مش بس متكونة من الحزب بتاعه اللي هو حزب BJP إنما بقي مجبر إنه يضم ليه أحزاب تانية تحكم معاه .. هل شخصية نرجسية زي (مودي) حيعرف يعمل ده؟ .. هل الحكومة الهندية اللي بقالها 10 سنين ماشية بمبدأ يحيا الزعيم الخالد مؤهلة إنها تغير من طريقة شغلها؟ .. هل أصلاً المواطن الهندي البسيط فكر في إجابة الأسئلة دي .. الإجابة قطعاً لا.

ولإن لكل قاعدة شواذ فخليني أختم كلامي النهاردة بالاستثناء بتاع كلامي .. المكسيك .. المكسيك هي البلد اللي بتمثل مقولة عندنا الستات بتاكل لما الرجالة بتموت .. لحد سنة 1953 الستات في المكسيك مكنش ليهم حق التصويت في الإنتخابات .. في أخر استطلاع للرأي اتعمل السنة اللي فاتت حتلاقي 75% من المكسيكيين مقتنعين بمبدأ يمكن إحنا في مجتمعاتنا العربية حنفهمه بسهولة هو حاجة بيسموها ماتشيزمو Machismo وهي تقدر تسميها الترجمة الإسبانية لكلمة القوامة وهي إن الرجل هو المسئول عن البيت .. الرجل هو اللي المفروض يشتغل ويتعب ويجيب فلوس والست تقعد في البيت تربي العيال .. رغم كل ده .. رغم كل الثوابت دي ففي نفس استطلاع الرأي تلاقي إن 61% من المكسيكيين معندهمش مشكلة إن واحدة ست تمسك منصب الرئيس قصاد 14% بس من السكان ضد الفكرة .. وعشان كده سيدي القاريء فخليني أقولك إن قرار المكسيكيين إنهم سنة 2024 يختاروا واحدة ست اسمها (كلوديا شينباوم) عشان تبقي رئيسة بلدهم هو أكتر قرار إنتخابي أنا واقف قدامه من بقي 60 إنتخابات اللي حصلت في العالم خلال السنة اللي فاتت.

المصدر:

• مقالة بعنوان 2024 Was a Year of Angry Elections نشرت في مجلة Foreign Policy وده لينك المقالة الأصلية:
  https://foreignpolicy.com/2024/12/26/2024-elections-democracy-populism-trends/