لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/esvkwtbnokst?si=449c1662b78144b58ce49903bae24ce5&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing
سنة 638 ميلادي كانت سنة مهم تقف قدامها أوي في التاريخ الإسلامي .. في الوقت ده المسلمين كانوا في عهد الحاجة اللي بتوع التاريخ بيحبوا يسموها دولة الخلفاء الراشدين .. في السنة دي اللي كان بيحكم المسلمين هو سيدنا (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه .. في السنة دي كانت الدولة الإسلامية بتحارب أهم إمبراطوريتين في العالم وقتها .. حاول تستوعب إن العالم وقتها كان فيه قوتين عظمتين اللي هم الدولة البيزنطية و الإمبراطورية الفارسية و لأجل الصدف يعني الدولة الإسلامية كانت بتحارب فيهم هم الإتنين في وقت واحد .. في السنة اللي أنا بتكلم عنها اللي هي 638 المسلمين فتحوا القدس .. الخبر ده لما وصل للبيزنطيين كان الطبيعي إنهم يرقعوا بالصوت أو علي الأقل ده اللي ماسكهم و كان إسمه (هرقل) عمله .. الرجل كان حافظ بلده زي ما إنت حافظ الطريق الدائري كده .. هو كان عارف إن دخول المسلمين للقدس حيفتح قدامهم السكة لمصر و مصر هي الولاية اللي الدولة البيزنطية متقدرش تعيش من غيرها .. كنت إتكلمت قبل كده عن إزاي مصر كانت مهمة للإقتصاد بتاع الإمبراطورية الرومانية فأنا متفهم جداً إن (هرقل) كان مرعوب من اليوم اللي يتقاله الزحف الإسلامي علي مصر بدأ .. لكن .. لسبب ما رجالته قالوله متقلقش يا ريس .. لسبب ما المستشارين بتوع (هرقل) مش بس كان علي قلبهم مراوح .. لا مراوح إيه .. ده تكييف مركزي .. بس مهم تفهم وجهتين النظر .. ليه المستشارين بتوع (هرقل) قالوله ولا تشغل بالك يا ريس .. و ليه (هرقل) القلق و الخوف كان مخلي قولونه قالب عليه.
علي إيدك اليمين الناس اللي كانت بتقول مستحيل إن المسلمين يفكروا يخشوا مصر دلوقتي كانت وجهة نظرهم إن المسلمين كانوا (سوري في الكلمة يعني) مفشوخين في إيران .. صحيح إحنا دخلنا المدائن زي ما حكينا قبل كده بس الإمبراطورية الفارسية واسعة و مش سهل يتسيطر عليها .. التقديرات بتاعة مستشاري (هرقل) كانت بتقول إن المسلمين ولا قدامهم خمسين سنة عشان يطلعوا من خازوق فارس .. علي الناحية الثانية برده الوجود البيزنطي في مصر مكانش حاجة جبارة برده يعني .. إحنا بنتكلم إن الأحداث دي حصلت سنة 638 .. قبلها ب97 سنة يعني سنة 541 مصر ضربها الطاعون و عشان تستوعب يعني إيه طاعون تخيل حال العالم دلوقتي بسبب جائحة فيروس كورونا و إنت حيبقي عندك ولو جزء من التخيل إزاي الدولة و الإقتصاد و المجتمع المصري كان متدمر .. الدمار اللي عاشته مصر بسبب الطاعون و اللي بسببه الوجود البيزنطي فيها هو كمان مبقاش زي الأول كان السبب إن مصر وقعت من إيد البيزنطيين و بقت في إيد الفرس في الفترة من 617 لحد 629 .. و علي فكرة مصر مرجعتش تاني لإيد البيزنطيين بقوة السلاح .. لا خالص .. ده كان إتفاق سلام بين الفرس و البيزنطيين .. يعني قبل 10 سنين بس من الفتح الإسلامي لمصر البلد كانت متأمنة زي ما الشرطة المدرسية بتعرف تضبط الدنيا في مدرسة إبتدائي .. إقتصادها كان واقع بس الأهم إن المجتمع المصري نفسه كان بيغلي.
فوق ده كله إن البيزنطيين كانوا غشمة أوي في الحكم .. مجد الإمبراطورية الرومانية إتبني علي علمانية الدولة .. ده حقيقي علي فكرة .. الدولة الرومانية قبل ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) كانت ماشية بمبدأ لطيف أوي .. إنتي يا مصر شعبك يعبد اللي عايز يعبده .. إتجوزوا زي ما تحبوا تتجوزوا .. كلوا اللي بتاكلوه و إشربوا اللي بتشربوه .. المهم إن أهل البلد يعترفوا بسلطة الإمبراطور الروماني عليكوا .. تدفعوا الضرائب بتاعتكوا .. و متدخلوش في أي تمرد مسلح ضدنا .. غير كده كلها شكليات .. الدولة البيزنطية كانت إلي حد كبير دولة دينية .. الدولة هي اللي بتحدد للناس يعبدوا ربهم إزاي .. الفكرة مش بس إنك تفرض علي الناس دين معين .. ده إلي حد ما مقبول بالنسبة لي .. أنا بتكلم عن إن الدولة بقت تفرض علي شعبها مذهب معين و كمان تعاليم محددة غصب كده .. المسيحية الوحيدة المقبولة هي المسيحية اللي تقول عليها الدولة .. أي حاجة غير كده خروج عن طاعة الدولة و بالتالي يتتصنف تحت بند كلمة واحدة .. الإرهاب .. و زي ما أي حكومة في تاريخ البني أدمين بتتعامل مع الإرهاب الدولة البيزنطية كانت مفترية مع اللي هي بتسميهم إرهابيين .. المشكلة إنك مينفعش تقول علي حد إنه إرهابي لمجرد إنه مختلف معاك في تفسير نقاط معينة في الدين .. ده خلق شرخ في المجتمع المصري .. سنة 638 مصر مش بس كانت ولاية البيزنطيين مش حيقدروا يدافعوا عنها إنما كمان ولاية أهلها مستنيين اليوم اللي البيزنطيين فيه يغوروا في أي ستين داهية تاخدهم.
الفتح الإسلامي لمصر .. (عمرو بن العاص) و فرقة الصاعقة بتاعته:
في ديسمبر 639 بدأ الفتح الإسلامي لمصر بقوة من 4,000 مقاتل تحت قيادة سيدنا (عمرو بن العاص) رضي الله عنه .. طبعاً فيه منكوا كتير بيقولوا لا معلش ثانية واحدة .. 4000 إيه دول اللي يفتحوا مصر؟ الرقم ده ميكفيش ميكفيش إنه يأمن زيارة الريس لدمنهور .. عشان تستوعب مين هم ال4,000 دول عايزك تفتكر فيلم Saving Private Ryan .. في الفيلم ده بعد المعركة الإفتتاحية الفشيخة اللي فيه بتشوف العساكر و هم بياخدوا نفسهم و بيريحوا و من ضمنهم صف الضابط اللي قام بدوره الممثل (توم سايزمور Tome Sizemore) اللي كان الدراع اليمين للنقيب قائد الوحدة اللي قام بدورة الممثل (توم هانكس Tom Hanks) .. صف الضابط ده خد شوية رملة و حطهم في علبة صفيح صغيرة مكتوب عليها إسم فرنسا و حط العلبة الصفيح ده في شنطة فيها علب صفيح برده تانية .. واحدة مكتوب عليها أفريقيا و واحدة مكتوب عليها إيطاليا .. الفكرة إن الوحدة القتالية اللي الفيلم بيدور حوليها دي وحدة قتالية لفت العالم .. حاربت في جبهات كتير و العساكر بتوعها فاهمين يعني إيه حرب و عندهم خبرة حلوة أوي .. حاول تتخيل إن هي دي القوات اللي كانت تحت إيد سيدنا (عمرو بن العاص) لما دخل مصر .. كان معاه عساكر حاربوا في سوريا و العراق و إيران .. تحت إيده عساكر إتعلموا علي إيد (خالد بن الوليد) و (سعد بن ابي وقاص) رضي الله عنهم .. عساكر خدموا في معركتي اليرموك و القادسية و إتكلمنا عنهم قبل كده .. خلال شهر واحد يعني بتتكلم عن يناير 640 كانت القوات دي وصلت لمدينة بلبيس اللي بتطل علي نهر النيل .. بعدها القوات دي وصلت مدينة هيلوبوليس العاصمة القديمة لمصر.
ده في الوقت اللي ناس كتير مش بتهتم أوي إنها تقدر قد إيه سيدنا (عمر بن الخطاب) كانت دماغه سابقة تفكير حكام كتير في عصره .. سيدنا (عمر) كان فعلياً بيلعب دور شطرنج بس علي كبير .. هو صحيح قاعد في المدينة المنورة بس شبكة إتصالاته و جواسيسه ناقلين له الصورة زي ما بنقول كده In-Real-Time كإنه بيتفرج عليها Live من المدرجات .. هو كان عارف إن 4,000 مقاتل مش كفاية للسيطرة علي مصر و عشان كده بمجرد ما سيدنا (عمرو بن العاص) دخل مصر و سيدنا (عمر) بدأ يشوف هو حيقدر يوفرله تعزيزات إضافية إزاي و إمتي .. في يونيو 640 سيدنا (عمرو) عرف إن البيزنطيين بيحضروا جيش في الإسكندرية عشان يطرده بره مصر عدده أكبر بكتير من القوات بتاعته .. لسه سيدنا (عمرو) حيبعت جواب للخليفة سيدنا (عمر) يطلب تعزيزات لقي إن التعزيزات وصلت له من قبل ما هو يطلبها .. ده الفكر بتاع سيدنا (عمر) اللي بكرر تاني إن ناس كتير مش بتهتم إنها تدرسه و تقف قدامه و تتعلمه .. التعزيزات اللي وصلت لسيدنا (عمرو) خلت إجمالي تعداد قواته ما بين 12,000-15,000 من ضمنهم 4,000 مقاتل من اللي تقدر تقول عليهم الصاعقة أو القوات الخاصة و اللي كانوا تحت قيادة سيدنا (الزبير بن العوام) رضي الله عنه .. سيدنا (الزبير) كان تلميذ سيدنا (خالد بن الوليد) و شارك في معركة اليرموك .. أرجع و أقولك إن صحيح الجيش الإسلامي حتي بعد التعزيزات اللي وصلت له يظل أقل عدداً من الجيش البيزنطي اللي جاي عليهم بس أقرب تشبيه يوصفلك الفرق بين القوتين إنك تتخيل فرقة صاعقة دخلت في مواجهة مع كل قوات الأمن المركزي بتاعة الشرطة .. تفتكر مين اللي يكسب؟ .. مش بس التدريب و التسليح و الخبرة اللي خدمت القوات الإسلامية .. البيزنطيين كمان كان ماسكهم شوية كواحيل ده في الوقت اللي قادة المسلمين سواء (عمرو) أو (الزبير) معاهم ماجستير و كورس مكثف في التخطيط العسكري من واحد بيفهم زي (خالد بن الوليد) و مفيش دليل علي كده أكتر من معركة هليوبوليس.
سيدنا (عمرو بن العاص) عمل مناورة لو إنت طالب في الكلية الحربية و قلتها للمدرسين بتوعك حتلاقيهم بيقولولك إنت عبيط؟ .. هل أنت عبيط؟ .. المناورة اللي عملها (عمرو) عشان تتعمل أولاً لازم تبقي بني أدم واثق في نفسك بطريقة أوفر الصراحة و الأهم إن رجالتك واثقين فيك .. هو قسم الجيش بتاعه اللي بفكرك إنه أقل عدداً من الجيش البيزنطي ل3 حتت:
- أول حتة و أكبر حتة و دي كانت تحت قيادته هو شخصياً و دي اللي كانت مسئولة عن إستقبال الهجوم البيزنطي.
- قال ل500 فارس إنهم يستخبوا في حتة جبلية عشان أول ما يلاقوا الجيش البيزنطي إشتبك مع الحتة الأولانية من الجيش الإسلامي يطلعوا يهجموا علي ظهر البيزنطيين.
- الحتة الثالثة و دي الحتة المستفزة الصراحة .. (عمرو) كان واثق في خطته لدرجة إنه حط نفسه مكان البيزنطيين و سأل نفسه هو أنا لو إتحاصرت و حبيت أهرب حجري في أنهي إتجاه؟ .. الإتجاه ده هو اللي حط فيه الحتة الثالثة من جيشه بحيث لما البيزنطيين ينسحبوا يلاقوا نفسهم إتحاصروا من كل الجهات.
هل سيدنا (عمرو) كان واثق في نفسه زيادة عن اللزوم؟ .. هل كان عنده إيمان مطلق بقدرات رجالته؟ .. هل هو توقع إن القوات البيزنطية اللي جياله زي ما قلتلك هي شبه قوات الأمن المركزي مقارنة بالصاعقة؟ .. أيا كانت الأسباب و أيا كانت المبررات تبقي النتيجة واحدة .. معركة هليوبوليس كانت هي المفتاح اللي فتح مصر للمسلمين .. معركة واحدة إتقتل فيها علي أقل تقدير 25,000 عسكري بيزنطي و دول كانوا الغالبية العظمي للقوات البيزنطية المسئولة عن الدفاع عن مصر .. القوات البيزنطية اللي فاضله إنسحبت علي حصن إسمه بابليون و اللي وقع في ايد (عمرو) في صيف 640 .. في الوقت ده مصر كلها كانت في مرحلة غليان ضد البيزنطيين .. فاكر لما قلتلك إن البيزنطيين كانوا مفتريين أوي علي المصريين علي أساس إن المصريين مكانوش ماشيين علي نفس المنهج اللي الكنيسة البيزنطية حاطاه؟ .. وجود المسلمين كقوة تقدر تطرد البيزنطيين بره مصر خلي المصريين يرحبوا بيهم و يبقي علي قلبهم زي العسل إنهم يساعدوا سيدنا (عمرو) إنه يتقدم بإتجاه أخر مكان البيزنطيين إتحصنوا فيه في مصر .. الإسكندرية.
فتح الإسكندرية .. أحياناً قيراط حظ أحسن من فدان مفهومية:
في الوقت ده (هرقل) كان بيعمل اللي يقدر عليه عشان مصر متروحش منه و عشان كده هو شكل جيش كبير و بدأ يستعد إنه يحطه علي أسطول و يبعته الإسكندرية .. لما الخبر إتعرف البيزنطيين اللي كانوا بيدافعوا عن المدينة روحهم المعنوية كانت في السما .. هوبا (هرقل) مات و الخطة كلها إترمت في الزبالة .. لا حيبقي فيه جيش ولا الهوا .. لمدة 6 شهور و سيدنا (عمرو بن العاص) بيحاصر المدينة لحد ما اللي بيدافعوا عنها إستسلموا في سبتمبر 640 .. هنا إنت محتاج تفهم قد إيه فتح الإسكندرية كان نقلة نوعية للحضارة الإسلامية .. الإسكندرية لما سيدنا (عمرو) فتحها كانت أضخم و أعظم مدينة علي الأرض .. يمكن عشان كده البيزنطيين حاولوا ياخدوها تاني سنة 645 و حاولوا تالت سنة 654 و المرتين فشلوا .. الحقيقة إن مؤسسة الحكم في الدولة الإسلامية و إسمحلي بقي إني أستخدم مصطلحات ممكن تبان عصرية بالنسبة ليك بس دي فعلياً الطريقة اللي الدولة الإسلامية وقتها كانت بتشتغل بيها .. إنت محتاج تبقي مستوعب مدي التطور اللي دولة الخلفاء الراشدين كانت وصلت ليه في إستراتيجية الحكم .. بالنسبة للدولة الإسلامية مصر كانت هي المنط اللي منه حينطلقوا للغرب .. من اليوم الأول و الطموح إن الدولة الإسلامية توصل للمغرب .. جميل .. تيجي تسأل نفسك هو الطموح ده يتحقق إزاي؟ .. إنت محتاج أولاً إنك توطد علاقاتك بالمصريين لإن زي ما قلتلك مصر حتبقي هي المنط اللي تنط منه للمغرب و محتاج ثانياً إن يبقي عندك مقر عمليات برية .. و ثالثاً و ده الأهم إنك تتعلم إزاي تبني سفن و تستفيد من الترسانة البحرية في الإسكندرية عشان تبني أسطول بحري.
- بالنسبة للنقطة الأولانية بتاعة توطيد علاقة الدولة الإسلامية بالمصريين فالحقيقة إن الدولة الإسلامية أخدت نفس طريقة الحل اللي إستخدمتها الدولة الرومانية لما دخلت مصر .. علمانية الدولة و خليني أفهمك قصدي .. مبدأياً محدش قال للمصريين سيبوا المسيحية و أعتنقوا الإسلام غصب كده .. بالعكس .. إتقالهم أعبدوا اللي تعبدوه .. الضرائب الفشيخة اللي البيزنطيين فرضوها عليكوا حتخفف .. الأهم إنك لو إنت مواطن مصري مسيحي قررت تعتنق الإسلام فالضرائب اللي عليك حتقل أكتر .. مبدأ كله بالحنية بيفك بيبقي مفيد أحياناً أكتر بكتير من مبدأ خشبة فرعون.
- بالنسبة للنقطة الثانية و هي إن سيدنا (عمرو) كان محتاج يبني قاعدة عسكرية كبيرة و عاصمة إدارية جديدة تمثلت في مدينة الفسطاط اللي بعد كده كبرت و بقت القاهرة.
- في عهد الخليفة سيدنا (عثمان بن عفان) رضي الله عنه بدأ يبقي للدولة الإسلامية أسطول و ده يوريك قد إيه مؤسسة الحكم وقتها كانت بتكمل ورا بعضها .. صحيح إغتيال سيدنا (عمر) كان صدمة كبيرة بس جه وراه سيدنا (عثمان) و كمل علي نفس الخط .. فعلياً لما تيجي تبص لطريقة شغل دولة الخلفاء الراشدين تحس إنك قدام دولة حديثة زي أميركا مثلاً اللي هو رئيس بيسلم رئيس و كله بيبني علي شغل اللي قبله.
الحقيقة إن مؤسسات الحكم في الدولة الإسلامية فكرت في كذا حاجة عشان تستفيد قدر الإمكان من الإمكانيات الإقتصادية لمصر .. سيدنا (عمر بن الخطاب) مثلاً في عهده بدأ تنفيذ مشروع ربط نهر النيل بالبحر الأحمر عن طريق مجري مائي عشان يسهل و يسرع من عملية نقل القمح اللي بيتزرع في مصر لجوه شبه الجزيرة العربية .. سيدنا (عمرو بن العاص) عرض علي سيدنا (عمر) إنه يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر .. أيوة سيدنا (عمرو) فكر إنه يعمل قناة السويس قبل ما (فيرديناند ديليسيبس) يقنع الخديوي (إسماعيل) يحفرها ب1200 سنة بس سيدنا (عمر) رفض الفكرة .. ليه؟ .. قالك إن إحتمال الأسطول البيزنطي يستخدم القناة دي إنه يعدي من البحر المتوسط للبحر الاحمر و ساعتها سكتهم حتبقي سالكة لحد مكة المكرمة و المدينة المنورة .. سنة 655 البحرية الإسلامية بتحقق أول نصر ليها علي البحرية البيزنطية في موقعة ذات الصواري .. الترسانة البحرية في الإسكندرية كانت هي الأساس اللي القوات البحرية الإسلامية إتبنت عليه عشان تفرض سيطرتها علي البحر المتوسط و ده كان معناه إن طرق التجارة بقت تحت سيطرة الدولة الإسلامية.
فتح المغرب .. الطريق الي جبل طارق:
حاول تحط نفسك للحظة مكان سيدنا (عثمان بن عفان) .. دلوقتي إنت خدت بلاد فارس كلها .. سوريا و العراق معاك .. مصر معاك .. بقي عندك أسطول بحري مسيطر علي البحر المتوسط .. إذن سكتك سالكة لحد المغرب بس إنت مهم تفهم هو يعني إيه مغرب .. إني أقولك إن الدولة الإسلامية حطت لنفسها Target إنها تفتح بلاد المغرب العربي فالموضوع أعقد من مجرد إنك تقول لنفسك يعني بيفكروا يفتحوا الدول اللي هي دلوقتي ليبيا و تونس و الجزائر و المغرب .. فعلياً الموضوع أعقد من كده سيكا.
كلمة مغرب يعني إنت بتتكلم عن مسافة 2000 كيلومتر من أول الإسكندرية لحد قرطاج .. قرطاج دي في تونس و دي كانت عاصمة البيزنطيين في شمال أفريقيا .. لو ربنا نفخ في صورتك و وصلت لحد قرطاج فقدامك كمان 1500 كيلومتر لحد جبل طارق اللي مكنش لسه إتسمي جبل طارق بس كان مكانه مدينة طنجة في المغرب .. لو إنت مسافر علي الناقة بتاعتك فرداني لوحدك كده فإنت عشان تقطع المسافة دي كلها و ليكن مثلاً إنك حتقطع 20 كيلومتر في اليوم فإنت بتتكلم إنك محتاج 6 شهور .. طبعاً لو جيش فإنت حتضرب الرقم ده في اتنين .. يعني بتتكلم عن حملة عسكرية بالميت خالص حتقعد سنة كاملة .. سنة كاملة ده غير خطوط الإمداد اللي بتوفر الأكل و الشرب و السلاح و العلاج و الحصنة .. و مش بس كده .. إنت لو إتحركت بقواتك من الإسكندرية فإنت سكتك سالكة لحد خليج سرت في ليبيا .. من أول خليج سرت لحد طرابلس فإنت بتتكلم عن مسافة تقطعها في شهر كامل مفيش ولا مدينة ولا أي منطقة مأهولة بالسكان .. سكتك سالكة برده من أول طرابلس لحد قرطاج بس قرطاج بتحميها قوة بيزنطية محترمة .. إذن إنت بتتكلم عن مسافة فشيخة .. بتتكلم عن مواجهة عسكرية مع قوات بيزنطية فشيخة هي كمان .. الأهم و أرجوك متنساش دور الناس اللي عايشين هناك .. إسمهم اللي هم إتعرفوا بيه هو البربر .. كلمة بربر هي في الأصل كلمة يوناني معناها الغريب و دول دورهم حيبان أوي مع الوقت .. الفتح الإسلامي للمغرب مكنش زي اللي حصل في سوريا و العراق كده .. مكنش مرة واحدة و بشكل فجائي .. لا خالص .. فتح المغرب مشي بالتصوير البطيء رغم إن دي مكانتش نية الدولة الإسلامية بس هي الظروف اللي أجبرتهم علي كده.
البداية كانت سنة 642 بغارة علي الضيق كده علي مدينة برقة في ليبيا .. هي الحقيقة كانت غارة علي الضيق عشان الحامية البيزنطية اللي كان المفروض إنها بتدافع عن المدينة لما جالها خبر إن فيه قوة إسلامية جاية عليهم خدوا ديلهم في سنانهم و ركبوا المراكب بتاعتهم و جريوا علي القسطنطينية .. ده كان أول تعامل بين المسلمين و بين البربر .. القوة الإسلامية اللي سيطرت علي المدينة خيرت أهل البلد بين الخيارين اللي بيتحطوا قدام أي بلد يدخلها المسلمين .. يا تخشوا الإسلام .. يا تفضلوا علي ديانتكوا و تدفعوا الجزية و اللي كانت إلي حد كبير رقم صغير أوي لو قارنته بالضرائب اللي كان البربر بيدفعوها للبيزنطيين .. البربر مكنش معاهم فلوس بسبب إن إقتصاد البلد كله كان مفشوخ و في نفس الوقت كانت دماغهم ناشفة لدرجة إنهم بقي أحسنلهم يبيعوا عيالهم كعبيد عشان يدفعوا الجزية ولا إنهم يخشوا الإسلام.
سنة 647 إتشكل جيش قوامة 40,000 مقاتل طلعوا من مصر لإن زي ما قلتلك الهدف اللي سيدنا (عمرو بن العاص) كان حاطه لمصر إنها تبقي هي المنط اللي تطلع منه الجيوش الإسلامية لحد المغرب .. المهم الجيش ده إتحرك من مصر و عدي ليبيا و وصل تونس .. القوات دي واجهت جيش بيزنطي بقيادة الحاكم البيزنطي لقرطاج و كان إسمه الكونت (جريجوري) و المعركة دي حصلت يدوبك علي بعد 400 كيلومتر بس من قرطاج .. الغريبة رغم إن الجيش الإسلامي إنتصر إلا إنه بدل ما يكمل طريقه لحد قرطاج إذا بيهم يرجعوا تاني مصر سنة 648 .. ليه رجعوا؟ .. الحقيقة محدش عارف .. ممكن عشان زي ما قلتلك خطوط الإمداد كانت جابت أخرها و إن محدش كان عارف إزاي يوفر إحتياجات جيش كامل علي إمتداد المسافات الفشيخة دي .. بعد كده الفتوحات الإسلامية في المغرب إتحطت في الفريزر لإن الدولة الإسلامية عاشت أسود أيامها في تاريخها .. الفتنة الكبري.
المصادر:
فيديو بعنوان The Journey to al-Andalus – The Muslim conquest of North Africa و ده لينك الفيديو علي YouTube:
https://youtube.com/watch?v=aYkn2KfYvFw&feature=share&fbclid=IwAR2_7I75SQ_IOv7yV0Qifu3ajnzS41oLSkHYSct1aCl4r2gfSYudBzX51HE