إحنا معشر المهندسين عندنا مشكلة دايماً بنحاول نفهمها للناس اللي مش مهندسين و دايماً بنفشل إننا نوصلهم اللي إحنا عايزينه و هو إننا ناس عايش في دماغنا هسهس إسمه Worst Case Condition .. عشان أبسطهالك إحنا دايماً بنخاف من اليوم الأسود اللي مبيجيش غير في العمر مرة .. لو إنت مثلاً مهندس إنشائي فإنت دايما بيتقالك مش كتير العمدان و الكمرات و الأساسات دي يا هندسة بس إنت من جواك عايز تقوله أهو نفس البق الحمضان ده إتقال للمهندسين اللي صمموا البيوت اللي وقعت في زلزل 1992 .. إحنا دايماً بنخاف من الكارثة اللي مبتجيش غير في العمر مرة و لازم نبقي مستعدين ليها .. المقدمة دي مهم جداً تبقي في دماغك لما نيجي نحكي القصة بتاعة النهاردة و خليك عارف إن سواء بتتكلم عن كوبري أو عمارة أو حتي بندقية ألية ماسكها عسكري علي الجبهة فطالما هي إتبنت علي تصميم هندسي يبقي هسهس Worst Case Condition بينطبق عليها.
قصة النهاردة حصلت في فجر يوم 13 يوليو 2008 .. في اليوم ده حصل هجوم مسلح شارك فيه ما بين 100-200 مسلح من تنظيم طالبان ضد معسكر أميريكي قاعد فيه 48 عسكري في مدينة وانات الأفغانية .. قصة الهجوم ده إتحكت في فيلم إسمه The Outpost لو حابب تتفرج عليه بس هو في المجمل شبه مثلاً مشهد الهجوم علي أي كمين للقوات المصرية في سيناء من اللي شفتهم في مسلسل الإختيار .. بس الفكرة في حاجة .. ال48 عسكري اللي كانوا مكلفين بحماية المعسكر كانوا من قوات المظلات اللي كانوا لسه واصلين المعسكر من 5 أيام و محدش فيهم كان واخد باله إن عناصر طالبان كانت مراقباهم و مستنيين اللحظة المناسبة للهجوم .. الفرجة الكتير بتعلم خلي بالك .. مع الفرجة الكتير بتوع طالبان بقوا حافظين الروتين بتاع العساكر الأمريكان لما يوصلوا جديد لمعسكر .. لازم الأول يظبطوا الدفاعات بتاعة المعسكر .. لازم يركبوا الحيطان المضادة للإنفجارات .. لازم يفرشوا السلك الشائك .. بيتحط المدافع الرشاش المتعدد في كذا مكان مناسب .. وسط هوجة التركيبات و الشغل و التجهيزات دي كانت اللحظة المناسبة لهجوم طالبان.
تاني .. الفرجة الكتير بتعلم .. المسلحين بتوع طالبان خدوا بالهم إن التسليح الStandard أو المعتاد للمعسكرات الأميريكية إن بيكون فيها مدفعين رشاش متعدد .. مدفعين هاون أوتوماتيك .. منصة إطلاق صواريخ مضادة للدبابات .. الشطارة إنك مع أول طلقة تتضرب المسلحين بتوعك بمدافع RPG يدمروا الأسلحة التقيلة دي اللي بتحمي المعسكر .. ليه ده مهم؟ .. لو أخدت بالك من المشاهد الي إنت إتفرجت عليها في مسلسل الإختيار فالسيطرة علي النقاط الحصينة زي كمين أو معسكر بيعتمد بشكل كبير علي Firepower أو كثافة النيران بتاعتك والعكس صحيح .. لو اللي بيدافعوا عن المعسكر معاهم أسلحة بتديهم Firepower أكتر من اللي بيهاجمهم فهم كده ضمنوا إن محدش حيقدر يهزمهم .. لما بتوع طالبان دمروا الأسلحة اللي بتدي Firepower عالي للعساكر الأمريكان فمبقاش فاضل لل42 عسكري أمريكاني يدافعوا بيه عن نفسهم غير البنادق الألية بتاعتهم M-4 Carbine و طبعاً ده مكنش كفاية.
خلال معركة إستمرت ساعات إتقتل فيها 9 عساكر أمريكان و إتصاب 27 و مات حوالي 50 مسلح من طالبان و إتصاب 40 .. في معركة أستخدمت فيها طيارات هليكوبتر أباتشي و مدافع ميدان هاوتزر عيار 155 مليمتر و حتي قاذفة قنابل B-1 Lancer .. في معركة كان الفرق بين الحياة و الموت شعرة بقي واضح إن البندقية M-4 Carbine مش هي البندقية الفشيخة اللي الأمريكان بيقولوا عليها .. في معركة زي دي الطلقات فيها كانت أكتر من الشتايم اللي بتتقال و الناس بتفرج علي ماتش منتخب مصر تلاقي إن عسكري أمريكاني من ضمن ال48 اللي كانوا بيحموا المعسكر إضطر يستخدم 3 بنادق M-4 Carbine مختلفة عشان البنادق كانت بتتحشر و بيحصلها Jamming من السخونية بتاعة ضرب النار المستمر .. هنا بيجي الوقت إنك تستغرب و تهرش في شعرك و تسأل نفسك .. هو يعني إيه بندقية ألية يحصلها Jamming؟
علي حسب رواية واحد من العساكر الأمريكان اللي شاركوا في المعركة دي فهو خلال أول 30 دقيقة من المعركة خلص 12 خزنة ذخيرة .. عارف ده معناه إيه؟ .. معناه إن عسكري وصل بيه الفُجر إنه يضرب 360 طلقة في أقل من 30 دقيقة .. يعني الفاجر القادر ضرب 14 طلقة في الدقيقة .. يعني بيضرب طلقة كل 4 ثواني .. المشكلة إنك لو بصيت علي الكتالوج بتاع M-4 Carbine حتلاقي إنها متصممة بحيث الRecommended Condition أو الظروف القصوي لإستخدامها إن العسكري يضرب ما بين 12-15 طلقة في الدقيقة .. لو حصل و العسكري ضرب نار بمعدل أسرع من ده فممكن مع السخونية الطلقة نفسها تسيح و هي لسه في الخزنة و ده بيخلي البندقية تتحشر و يحصلها Jamming و متضربش نار .. لحد دلوقتي المفروض إنك تقول لنفسك يعني العسكري في معركة وانات كان زي ما تقول كده بيجيب أخر البندقية M-4 Carbine .. طب إيه المشكلة برده؟ .. المشكلة في نقطتين:
- دولقتي خلينا نتفق إن مع كل ضغطة زناد و طلقة بتطلع من البندقية فالمفروض إن البندقية بتسخن .. ده السبب اللي بنقولك عشانه بلاش تفضل تضرب نار في وضع الأوتوماتيك عشان تدي للبندقية فرصة إنها تبرد بعد كل طلقة بتطلع .. حط ده جنب الطريقة اللي البندقية M-4 Carbine بتشتغل بيها أصلاً إنك بتجيب العادم السخن بتاع الطلقة و هي طالعة و تمرره في مسارات داخلية عشان تخلي الطلقة اللي وراها في الخزنة تطلع للماسورة عشان تستني ضغطة الزناد بتاعتك .. يعني هي البندقية أصلاً سخنة بطبيعتها و لازم تبرد.
- فيه نسخ من بنادقM-4 Carbine بتنزل و معاها قاذفة قنابل M-203 .. اللي منكوا لعب Call of Duty أو Medal of Honor بيبقي عارف إن قاذفة القنابل دي بتتركب تحت ماسورة البندقية .. جميل .. قاذفة القنابل دي وزن زيادة متحمل علي البندقية و اللي عشان المهندسين يضبطوا وزنها مش بيبقي قدامهم حل غير إنهم يركبوا ماسورة وزنها أخف .. الناس بتوع الحسابات قالوا لا ثانية واحدة هو إنت عايز خط الإنتاج بتاع البنادق يصنع ماسورتين واحدة تقيلة و واحدة خفيفة علي حسب حيتركبلها قاذفة قنابل ولا لا .. لا كده مش Cost Effective .. خلي كل المواسير بتاعة بنادق M-4 Carbine خفيفة .. و زي ما علموك في سكشن Heat Transfer معني إن جسم معدن وزنه خفيف إنه بيسخن بسرعة.
معركة وانات كانت الكارثة اللي مبتحصلش غير في العمر مرة .. هي الWorst Case Condition اللي البندقية M-4 Carbine متصممتش عشانه .. ده يفسرلك ليه في إستطلاعات الرأي اللي بتتعمل للعساكر الأمريكان تلاقي 89% منهم راضيين عن البندقية و حتي اللي في الدراسة مش عاجباهم البندقية مكنش السخونية واحد من الأسباب .. لك أن تتخيل بندقية فيه منها 500,000 قطعة في الخدمة و القوات المسلحة الأميريكية طالبه 250,000 كمان و كتير من العساكر عاجباهم بس فيها عيب شنيع مبيظهرش غير في حالات نادرة فشخ و ده السبب اللي عشانه نزلت البندقية M4A1 و اللي إتركبلها ماسورة أطخن بس مستحيل حد يفكر إنه يطلع M-4 Carbine بره الخدمة .. حسبة الفلوس لوحدها كابوس.
المصدر:
مقالة بعنوان America’s Afghan war proved that it’s time to replace the M4 rifle نشرت في مجلة The National Interest و ده لينك المقالة الأصلية:
https://nationalinterest.org/blog/reboot/america%E2%80%99s-afghan-war-proved-it%E2%80%99s-time-replace-m4-rifle-171652
