تابعونا

فرسان المعبد .. فن البلطجة باسم الدين .. الجزء الرابع.

عشان تبدأ تفهم فرسان المعبد إنت لازم تكون مستوعب حاجتين .. الحاجة الأولانية اللي إنت محتاج تبقي عارفها هو السبب اللي هم إتعملوا عشانه و بناء عليه تبقي متخيل الظروف اللي هم إتولودوا فيها .. تاني حاجة و دي مهمة جداً الحقيقة إنك تبقي عارف إن فرسان المعبد دول إفتكاسة أو خلينا نستخدم لفظ بدعة كانت غريبة علي المسيحيين الكاثوليك نفسهم و إحتاجوا شوية وقت لحد ما يبلعوها.

17 أبريل، 2023 707

ميلاد الإمارات الصليبية .. إمارة طرابلس و مملكة القدس:

سقوط أنطاكية في إيد الحملة الصليبية أنا مش ببالغ لو قلتلك إنه كان المسمار الأخير في نعش المقاومة الإسلامية للحملة الصليبية الأولي و عشان أوريك أنا ليه بقول كده أنا محتاج أني أتكلم معاك في نقطتين خاصين بطبيعة النفس البشرية عموماً:

معلومة رقم واحد .. مش معني إني واقف جنب أخويا يبقي أنا من جوايا أساساً يعني طايق أخويا .. خد عندك الجيش السلجوقي اللي حاول يحرر أنطاكية مثلاً .. ده جيش صحيح اسمه جيش سلجوقي بس هو في الواقع زيه زي الجيش الصليبي اللي بيدافع عن أنطاكية هو جيش عبارة عن منتخب أو كوكتيل من كذا بلد .. القائد بتاع الجيش ده كان واحد اسمه (شمس الملوك أبو نصر دقاق بن السلطان تاج الدولة تتش بن السلطان ألب أرسلان) و أنا عارف إنه اسم مستفز بس اللي عايزك تطلع بيه إنه يبقي حفيد (ألب أرسلان) و أنه يبقي حاكم دمشق و لإنه حاكم دمشق فهو بيسيطر علي شوية مدن صغيرة حولين دمشق و حكام المدن الصغيرة دي كانوا مجبرين يروحوا هم و رجالتهم عشان يحاربوا في ظهر (دقاق بن تتش) .. المشكلة إن (دقاق بن تتش) يمكن مكنش أحسن حاجة في الدنيا و يمكن حكام المدن الصغيرة اللي معاه كانوا شخصيات متتعاشرش محدش عارف الحقيقة فين بس خلينا نتفق إن الناس دي كان علي قلبها زي الكنافة النوتيلا إنهم يشوفوا أنطاكية بتقع في إيد الصليبيين ولا إن المدينة تتحرر و تبقي تحت سيطرة (دقاق بن تتش) عشان يبقي هو فعلياً تاني أهم بني أدم في العالم العربي بعد الخليفة العباسي .. الحقيقة ده يوريك حاجة مهمة إن محدش حيقف في ظهرك غير الست والدتك و ساعة الجد ناس كتير من اللي بتقولك في وشك إنهم في ظهرك حتلاقيهم فص ملح و داب في شوية مياه .. تحرير أنطاكية فشل مش لسبب غير إن اللي كان بيحكم عالمنا العربي كانوا شوية رجاله منفسنين من بعض و لا كأنهم شلة بنات في الجامعة.

معلومة رقم إتنين .. البني أدم الفرد ذكي بس حطه في وسط مجموعة بني أدمين بيتحولوا لشوية بهايم .. تعالي نتخيل إن حضرتك قاعد في سينما بتتفرج علي فيلم و كنت لوحدك في القاعة و إنت قاعد بتاكل في فشارك شميت ريحة شياط بصيت لقيت حريقة قامت في القاعة .. اللي حيحصل إن بمنتهي الهدوء حضرتك حتقوم تتأكد إن موبايلك و محفظتك في جيبك و مش بعيد تاخد معاك علبة الفشار اللي إنت دافع فيها مبلغ مٌبالغ فيه عشان إنت مستخسر تسيبها و صدقني لو قلتلك إنك حتفضل تاكل في الفشار بمنتهي الهدوء يمكن لحد ما تطلع بره السينما خالص و مش بعيد دور الجدعنة يسيطر عليك و تروح لأقرب طفاية حريق و تحاول بنفسك تطفي الحريقة و إنت برده بتاكل الفشار اللي إنت مستسخر تسيبه عشان غالي .. نفس السيناريو هو هو تخيله لو إنت قاعد في قاعة مليانة علي أخرها .. شوية البني أدمين المتعلمين المثقفين حيتحولوا بقدرة قادر لقطيع غنم بيجروا عشان يهربوا بره القاعة و مش بعيد ناس كتير تموت مش من الدخان ولا من الحريقة إنما من إن فيه ناس داست عليهم و هي بتجري تهرب .. اللي أنا بقوله ده طبقه زي ما هو كده علي المجتمع العربي وقت الحملة الصليبية الأولي .. صحيح و خدامك إن العالم العربي وقتها كان مقسوم بين نصين اللي هم أهل السنة و الجماعة و بين الشيعة .. خدامك أنا و العربية إن صحيح دولة السلاجقة الأتراك كانت بتسيطر علي تركيا و سوريا و لبنان و دي كانت دولة سنية كانت بينها خناقة لرب السما ضد الدولة الفاطمية الشيعية اللي بتحكم مصر و فلسطين .. لكن .. طبق نفس فكرة الحريقة في السينما و قولي إنت شايف إيه؟

المنطق بيقول إن عملاً بالمثل الشعبي اللي بيقول أنا و أخويا علي ابن عمي و أنا و ابن عمي علي الغريب فالمفروض إن العالم الإسلامي ينسي خلافاته مؤقتاً و يتحد ضد العدو المشترك اللي الحقيقة مش فارق معاه أوي أنت سني ولا شيعي .. طالما إنت مش مسيحي كاثوليكي فإنت دمك مستباح بالنسبة له .. ده المنطق اللي بيطلع من البني أدم الفرداني لإنه عاقل .. حط نفس البني أدم العاقل ده وسط شوية بني أدمين و إتفرج .. منطق السلاجقة كان أحنا استحالة نحط إيدنا في إيد الفاطميين عشان ميتقالش علينا حاربنا جنب شوية كفرة و هو يعني إحنا ناقصين إيد ولا رجل عشان منقدرش نهزم جيش صليبي .. الفاطميين علي الناحية الثانية مهزوش طولهم و حاولوا يقفوا جنب السلاجقة علي أساس خليهم يتسحلوا هم ولو عرفوا يهزموا الصليبيين قبل ما يوصلوا للقدس يبقي خير و بركة لكن لو لا قدر الله الصليبيين وصلوا لأسوار القدس ساعتها حجم القوات الصليبية حيكون إتخسف علي الأقل النص و حيبقي سهل علينا إننا نهزمهم و ساعتها حنبقي إحنا اللي أنقذنا الإسلام و يبقي اسمنا حطينا مش بس علي الكاثوليك إنما علي السنة كمان .. زي ما إنت شايف منطق ملوش مكان غير صفيحة الزبالة بس أرجع و أقولك أنا حبقي متفهم كويس أوي إن لو إنت شخصياً و إنت بتقرالي كنت شايف إنه أيوه مش المفروض إن السلاجقة كانوا حاولوا يتحدوا مع الفاطميين .. ليه أنا متفهم ده؟ لإننا عايشين ده في حياتنا دلوقتي .. إسرائيل هي العدو الأزلي لينا بس حتلاقي العرب علي قلبهم زي الكنافة بالقشطة يحطوا إيدهم في إيد الصهاينة ولا إنهم يقولوا للإيرانيين أزيكوا عاملين إيه النهاردة .. بعد سقوط أنطاكية السلاجقة مكانش عندهم حاجة يقدموها خلاص للدفاع عن القدس عشان كده هم بقي علي قلبهم زي الكنافة بالمانجا إنهم يخلوا القوات الصليبية توصل للقدس مش لسبب غير إنهم عايزين الفاطميين يتداس علي وشهم.

و شوف سيدي الفاضل بعد سقوط أنطاكية كانت كل الظروف بتقول إن دي حتبقي أخر الخط للحملة الصليبية .. كم الخوازيق و المطبات و المشاكل اللي الحملة واجهتها بمجرد ما مقاومة السلاجقة إنهارت تخليك تقول لنفسك هي إزاي الحملة الصليبية الأولي دي نجحت أساساً و دي نقطة مهم تكون فاهمها .. من وسط كل الحملات الصليبية اللي إتعملت في تاريخنا تظل الحملة الصليبية الأولي هي الحملة الوحيدة اللي نجحت في إنها تحقق الهدف اللي إتعملت عشانه .. ده حقيقي علي فكرة .. دلوقتي أنا بس حابب أوريك لمحة عن حجم المشاكل اللي كانت بتواجه الحملة الصليبية و اللي أرجع و أقولك يظل بالنسبة لي واحد من أكتر الحاجات العجيبة اللي حصلت هو إزاي الناس دي عدت كل ده:

  • مبدأياً مفيش حاجة توكسيك أكتر من رجل غيران .. غيرة الستات من بعضها مفهومة و ينفع تتلم بكلمتين حلوين بس غيرة الرجالة من بعضها بتهد أي حاجة .. (رايموند) قلبه كان مولع من الغيرة .. ليه (بولدوين) يبقي تحت إيده إمارة الرها و دلوقتي (بوهيموند) بقي تحت إيده إمارة أنطاكية؟ .. إشمعني أنا؟ .. بقي أنا (رايموند) عمدة أشقياء فرنسا أطلع من المولد بلا حمص؟ .. ده خلاه يخش خناقة ملهاش لازمة مع (بوهيموند) إن مش من حقك تاخد أنطاكية .. أنطاكية مش بتاعتك لوحدك دي بتاعتنا كلنا .. باقي قادة الحملة قضوا شهور الحقيقة بيحاولوا يصالحوا الإتنين علي بعض و بيحاولوا يفكروا (رايموند) إن إنت بعظمة لسانك وافقت إن أنطاكية تبقي بتاعة (بوهيموند) فمش حتيجي دلوقتي ترجع في كلامك .. كلمة الرجل سيف علي رقبته و إحنا مش شوية عيال صغيرة هنا.
  • تاني نقطة كانت واضحة للكل إن حجم القوات الصليبية اللي فاضل مش مكفي إنه يأمن ماتش كورة في استاد القاهرة فمابالك بإنه يخش مدينة زي القدس .. إحنا محتاجين مساعدة .. هم بصوا حوليهم ملقوش غير البيزنطيين و الحقيقة إن لسبب لا يعلمه إلا الله قادة الحملة بصوا لبعض و ملاقوش حد يبعتوه للقسطنطينية يحاول يترجي الإمبراطور (أليكسيوس كومنينوس) إنه يبعتلهم تعزيزات غير (هيو) .. (هيو) اللي أساساً يعني (أليكسيوس) مكنش طايق وش أمه و عشان كده كل محاولات (هيو) إنه يقنع (أليكسيوس) إنه يبعت معاه أي حاجة فشلت .. الإحباط خلي (هيو) بدل ما يرجع تاني لأنطاكية قرر إن مفيش داعي و كده كده أصلاً دي قضية خسرانة و عمر ما الحملة الصليبية حتنجح تخش القدس فقرر إنه يرجع تاني بلده و ده القرار اللي بسببه (هيو) بقي مسخرة اللي يسوي و اللي ميسواش لحد ما مات.
  • ثالث خازوق إن وسط الشهور اللي الحملة عطلت فيهم في أنطاكية حصل إن دور برد جامد شوية بدأ ينتشر بين العساكر و تحول لنزلة رئوية حادة تسببت في موت ناس كتير من ضمنهم الأسقف (أديمار) اللي كان أغلب اللي في الحملة الصليبية شايفينه أعقل رجل فيها .. موت (أديمار) ساب فراغ كبير من اللي كان بيشتكي منه (عمرو دياب) لإنه خلي رجل مبقاش يحركه حاجة غير الغيرة اللي سيطرت علي قلبه زي (رايموند) إنه يطلع بقول للناس من النهاردة أنا قائد الحملة الصليبية.
خط سير الحملة الصليبية الأولي بعد ما بقوا جوه الشام لحد ما وصلوا للقدس.

أي قائد في الدنيا محتاج مبرر يخلي الناس تتلف حوليه و يقبلوا قراراته .. المبرر ده هو اللي بيتقال عليه شرعية الحكم .. إنت ممكن تكون شرعيتك إنك منتخب و جيت بالصندوق .. ممكن تكون شرعيتك إنك جيت بالدم و مفاضلش حد عايش من اللي يقدروا يقولولك لا فبالتالي الناس مبقاش قدامها غير إنها تقولك حاضر و نعم .. (رايموند) شرعيته جت من إنه معاه رمح (لونجينوس) .. ده الرمح اللي خلي الصليبيين يحققوا معجزة دخول أنطاكية و الدفاع عنها ضد السلاجقة .. ده الرمح اللي الصليبيين لقوه بسبب رؤية شافها واحد من أولياء الله الصالحين المشاركين في الحملة شاف فيها القديس (أندرو) .. و لإن أي قائد بيجي جديد دايماً بيحب يدبح القطة عشان الناس تخاف منه فأول قرار خده (رايموند) هو دخول مدينة معرة النعمان واللي حصل بمذبحة أستشهد فيها علي الأقل فوق 10,000 من أهل المدينة .. مذبحة إتقال فيها إن العساكر الصليبيين من الجوع بقوا بياكلوا لحم الناس اللي ماتت .. مذبحة معرة النعمان واحدة من أسود الأيام في تاريخ الحملات الصليبية لإنها كانت مجزرة ملهاش مبرر ولا كان وراها أي استفادة استراتيجية .. هي بس مبررها قائد حب يوري الناس إنه في الشدة شديد و في القوة قوي .. تاني قرار خده (رايموند) كان إنهم ياخدوا مدينة الزرقاء و دي مدينة يدوبك علي بعد 20 كيلومتر من العاصمة الأردنية عمان و هنا الفار بدأ يلعب في عب باقي قادة الحملة .. هو إحنا رايحين الزرقاء نهبب إيه؟ إحنا المفروض نروح علي القدس .. اللي محدش من قادة الحملة كان عارفه إن (رايموند) كان بيفكر في حاجة تانية خالص دلوقتي .. هو كان بيفكر إنه عايز يضمن حقه .. هو كان عايز بعد ما ياخد مدينة الزرقاء يقوم واخد بعدها مدينة طرابلس في لبنان و يفتحهم علي بعض و تبقي إمارة طرابلس بتاعته و يبقي ضمن لعياله حاجة يوروثها بعد ما يموت .. المشكلة إن حصار مدينة الزرقاء كان كارثة بكل المقاييس .. كل قادة الحملة تقريباً باستثناء (رايموند) كانوا شايفين إن حصار الزرقاء ده عطلة ملهاش أي لازمة دلوقتي بس الحل كان واضح للكل .. لازم شرعية القيادة تتسحب من (رايموند).

اللي حصل إن قسيس من اللي كانوا بيساعدوا (أديمار) تحدي الرجل اللي من أولياء الله الصالحين اللي لقي راس رمح (لونجينوس) الفشنك دي و عرف يخليه يقبل التحدي بتاع إن لو صحيح يعني ده فعلاً راس رمح (لونجينوس) و إن لو فعلاً يعني بصحيح إنت شفت القديس (أندرو) في المنام فإنت لو مسكت الرمح ده و مشيت فيه وسط النار فبقدرة قادر النار حتبقي بردأ و سلاماً عليك ولا كأنك سيدنا (إبراهيم) عليه السلام .. طبعاً مش محتاج أقولك إن الرجل قبل التحدي و مات محروق .. (جودفري) خد (رايموند) علي جنب و قاله بص يا حاج ممكن بعد إذنك يعني نتنيل نروح القدس و يا سيدي بعد ما ناخدها حبقي أساعدك تاخد طرابلس و تأسس الإمارة بتاعتك هناك بس أبوس إيدك كفاية تضييع وقت أكتر من كده و فعلاً بعد ما (جودفري) بقي هو قائد الحملة العساكر بدأت تتحرك بإتجاه القدس و اللي الحقيقة بمجرد ما وصلوا هم لقوا نفسهم قدام سؤال مهم جداً .. هو إحنا أساساً حنخش المدينة إزاي؟

  • واحد .. حجم القوات الصليبية اللي فعلياً محاصرة القدس صغيرة مش كبيرة فهم ميقدروش يحاصروا المدينة لمدة طويلة لإن لو حصل مثلاً و جه جيش فاطمي من مصر عشان ينقذ القدس فالجيش الصليبي حيشيل أوبح.
  • إتنين .. الجيش الصليبي اللي وصل للقدس لا معاه لا أكل ولا شرب يخليه يقدر يحاصر المدينة لفترة طويلة .. ده معناه إن مفيش غير حل واحد .. المدينة لازم تتاخد بالقوة و بهجوم مباشر علي الأسوار بتاعتها.
  • ثلاثة .. إنت عشان تخش أي مدينة غصب كده محتاج كذا حاجة .. محتاج سلالم عشان العساكر بتوعك يطلعوا عليها للسور .. محتاج تبني أبراج عشان تقدر تخلي عساكرك يسيطروا علي السور .. محتاج عربية بيتركب فيها مرزبة تقيلة بتتسمي Battering Ram عشان تخبط في باب المدينة لحد ما تكسره .. سواء السلالم أو الأبراج أو حتي العربية كل دول عشان تعملهم لازم يبقي معاك خشب .. الصليبيين بصوا حوليهم لقوا إن القدس مدينة في وسط الصحراء .. نجيب خشب منين إحنا.

اليأس كان حيسيطر علي قادة الحملة لحد ما بالصدفة جالهم خبر إن فيه كذا سفينة تجارية من مدينة جنوة الإيطالية راكنين في ميناء يافا .. التجار دول بمجرد ما عرفوا بالوضع المهبب اللي فيه الحملة الصليبية قرروا يتبرعوا بإنهم يفكوا الخشب بتاع السفن بتاعتهم و يدوه للصليبيين عشان يبنوا بيه السلالم و الأبراج اللي هم محتاجينها .. أرجع و أقولك إن الأوفر بتاع البابا (أوربان الثاني) كان صعب يترفض .. كل تاجر من اللي ضحي بسفينته كان شايف إنه بيشتري تذكرة دخوله الجنة .. يوم 13 يوليو 1099 بدأ الهجوم علي أسوار القدس .. بعد يومين من القتال المدينة سقطت وسط حمام من الدم .. أبشع مجزرة تحصل في المدينة من ساعة ما إتبنت .. يقال أن الدم في الشوارع وصل لمستوي فوق كعب الرجل .. يمكن الوحيد اللي حاول يوقف المجزرة دي كان (تنكريد) اللي كل محاولاته فشلت بس الحقيقة أنا عايزك تعرف ليه أنا سحلتك معايا في الأربع أجزاء دول لحد دلوقتي عشان نحكي تاريخ الحملة الصليبية من بدايته؟ .. صحيح إن السلسلة دي إتعملت عشان نتكلم عن فرسان المعبد بس اللي عايزك تعرفه إن صحيح القدس سقطت سنة 1099 بس فرسان المعبد أتأسسوا سنة 1119 يعني بعد حوالي عشرين سنة من سقوط القدس .. فأرجع تاني و أسأل هو كان ليه السحلة دي كلها؟

فرسان المعبد .. مفيش أهم من إحساس إنك تحس بالأمان:

عشان تبدأ تفهم فرسان المعبد إنت لازم تكون مستوعب حاجتين .. الحاجة الأولانية اللي إنت محتاج تبقي عارفها هو السبب اللي هم إتعملوا عشانه و بناء عليه تبقي متخيل الظروف اللي هم إتولودوا فيها .. تاني حاجة و دي مهمة جداً الحقيقة إنك تبقي عارف إن فرسان المعبد دول إفتكاسة أو خلينا نستخدم لفظ بدعة كانت غريبة علي المسيحيين الكاثوليك نفسهم و إحتاجوا شوية وقت لحد ما يبلعوها بس بمجرد ما تقبولها فمكانة فرسان المعبد بقت عاملة زي شعبية النادي الأهلي كده اللي هو أي حد حتي اللي مبيشجعش كورة تقوله بتشجع مين يقولك الأهلي .. دلوقتي حيجي وقت إني أشرحلك الحاجتين دول بشيء من التفصيل:

ليه فرسان المعبد إتولدوا؟ .. الحقيقة إن سبب أساسي إني سحلتك معايا في تاريخ الحملة الصليبية الأولي هو إنك تبفي مصدق لو قلتلك إن حجم الفوضي اللي بقي منتشر في المنطقة العربية كان صعب إن أي حد يسيطر عليه .. دلوقتي كقوات مسلحة فالجيوش الصليبية اللي دخلت القدس كانت أضعف من إنها تفرض سيطرتها مش بس علي المدن اللي تحت إيدها إنما كمان علي طرق التجارة و الحج .. مش ببالغ لو قلتلك إن فلسطين و سوريا و لبنان وقتها كانوا عاملين زي نسخة العصور الوسطي من فيلم Mad Max: Fury Road كده اللي هو سكك سفر مش مؤمنة إطلاقاً ولو مشيت فيها فإنت المسئول عن حياتك و أرواح الناس اللي معاك لإن محدش حيلحقك لو حصل حاجة .. في نفس الوقت زي ما يكون قادة الحملة الصليبية بعد ما كل واحد فيهم أنتخ في الإمارة بتاعته أتعدوا بالداء اللي كان مسيطر علي العالم العربي اللي هو خليها تولع و أنا مالي .. كان المفروض إن قادة الحملة يقعدوا مع بعض و يلاقوا طريقة إنهم يعملوا قوات مسلحة مشتركة دورها تأمين طرق التجارة و الحج لإن الوضع ده مينفعش يتسكت عليه .. يعني إيه الطريق بين أنطاكية و القدس الناس بتتثبت عليه و بتتقتل و بيتساب جثثهم في الشارع و محدش حتي بيحاول يدفن الجثث دي من الخوف إن يطلع بلطجية تانيين يثبتوا اللي بيدفنوا اللي ماتوا .. الوضع كان حزين أوي و دي أول نقطة تبقي فاهمها و هي إن الفراغ الأمني الكارثي و عدم الإحساس بالأمان كان هو السبب ورا إن يطلع الكيان اللي اسمه فرسان المعبد.

سنة 1119 فيه فارس فرنساوي اسمه (هيو Hugues de Payens) وده كان أمير مدينة في فرنسا اسمها بان و دي مدينة في إقليم شامباين في فرنسا وصل لمرحلة من الزهق و القرف من اللي بيحصل لحد ما قال إن الوضع ده مينفعش يتسكت عليه .. تقدر تقول إنه كان عايش دور (شمس الزناتي) شوية و قرر يجمع صحابه في الخرابة اللي في حالتهم كانت كنيسة القيامة في القدس عشان يشوفوا إيه اللي ممكن يقدموه عشان يحلوا المشكلة دي .. فيه ناس بتقول إنهم كانوا مجموعة من تسع فرسان و ناس تانية بتقول إنهم كانوا ثلاثين فارس بس أيا كان مين الرقم الصح اللي عايزك تعرفه إن سواء تسعة أو ثلاثين ده رقم قليل يعني (هيو) مجمعش جيش كامل تحت قيادته .. المهم في وسط القعدة إتقالت حاجة حلوة أوي .. دلوقتي في الوقت ده كانت إتعملت مستشفي ميداني في قلب القدس لعلاج الحجاج اللي بيتهاجموا علي طريق الحج و المستشفي دي ماسكها ناس سموا نفسهم الفرسان الهوسبيتاليين و عشان كده لحد دلوقتي كلمة مستشفي أو Hospital بالإنجليزي جايه من اسمهم فليه لا نعمل حاجة زيهم .. ليه لا نعمل فرقة تدخل سريع لحماية الحجاج .. حتي اسمهم جه من المكان اللي هم إتقابلوا فيه لأول مرة لإن كنيسة القيامة بتتسمي معبد سيدنا (سليمان) عليه السلام فلإنهم إتقابلوا هناك فسموا نفسهم فرسان المعبد .. الحقيقة إن بمجرد ما فرسان المعبد بدأوا يشتغلوا زي ما يكون قادة الحملة الصليبية ما صدقوا و بقوا بيغنولهم هو ده اللي حلمت بيه .. ليه؟ .. لإن فرسان المعبد حلوا المشكلة اللي قادة الحملة الصليبية فشلوا في حلها مش لسبب غير إنهم كانوا مش طايقين وش بعض بس طبعاً هم مكانوش يقدروا يقولوا المبرر ده قدام الناس و بالتالي منظر القادة دول قدام شعوبهم اللي بيحكموهم كان زي الزفت .. عايز أقولك إن الملك (بولدوين الثاني) ملك مملكة القدس مش بس وافق علي شغلهم إنما إدالهم مقر دائم ليهم كان مسجد قبة الصخرة في القدس الشريف.

مهم تبقي فاهم إن مش بس فرسان المعبد Knights Templar كانوا هم الوحيدين اللي بيتصنفوا إنهم Military Order في وقت الحملات الصليبية لإن فيه كمان الفرسان الهوسبيتاليين Knights Hospitaller و فيه فرسان كنيسة القبر المقدس Order of the Holy Sepulcher .. اه صحيح لسه فيه الفرسان التيتونيون Teutonic Knights و فيه فرسان سانتياجو Knights of Santiago.

ليه فرسان المعبد إتشافوا إنهم بدعة؟ .. قصاد الهدف السامي النبيل الحلو الطعم ده فيه وش تاني من الشريط هو إن الكاثوليك نفسهم مكانوش مستريحين مع وجود حد زي فرسان المعبد و عشان تفهم ده لازم أسألك هو يا تري إيه الفرق بين فارس من فرسان المعبد و بين ضابط في القوات المسلحة دلوقتي؟ .. ضابط القوات المسلحة في مصر مثلاً هو شاب دخل كلية عسكرية و لتكن الكلية الحربية إتسحل فيها 4 سنين عشان يتعلم حاجة واحدة بس .. إزاي يقتل .. صحيح هو مش بيقتل اللي رايح و اللي جاي بدون وجه حق .. هو بيقتل بناء علي أوامر جياله من القادة بتوعه بس في الأخر ضابط القوات المسلحة هو بني أدم شغلته إنه يخلص علي أي حد يتقال عليه إنه بيهدد الأمن القومي لبلده .. فرسان المعبد بيتحطوا تحت مظلة حاجة اسمها التنظيم العسكري أو Military Order اللي هو عشان تفهمه تخيل شاب دخل جامعة الأزهر و درس فقه و شريعة و حديث وكل المواضيع الشرعية دي و بعد كده دخلته كلية حربية برده عشان يتعلم إزاي يقتل .. الفرق هنا إن ضابط القوات المسلحة مستني القائد بتاعه اللي هو لو مشيت ورا التسلسل القيادي حتلاقي نفسك قصاد الملك أو رئيس البلد عشان يقوله يقتل مين و ميقتلش مين .. فارس فرسان المعبد بياخد أوامره من ربنا متمثلاً في بابا الفاتيكان .. ضابط القوات المسلحة بيقتل عشان اللي بيقتله ده بيمثل تهديد للأمن القومي للمملكة بس فارس فرسان المعبد بيقتل عشان اللي بيقتله ده بيمثل تهديد للكنيسة المسيحية الكاثوليكية.

بمعني أخر .. حكام أوروبا و العالم كله وحياتك وقت الحروب الصليبية كان شبه الحكام الديكتاتوريين بتوع دلوقتي في نقطة إن أي ديكتاتور اليومين دول بيعتبر القوات المسلحة بتاعته إنها شركة الحراسات الخاصة اللي شغال فيها البلطجية بتوعه .. دي نفس الطريقة اللي أي ملك من ملوك أوروبا كان بيبص للجيش بتاعه اللي هو أنتوا تمدوا إيدكوا علي اللي أنا أقولكوا عليه .. فرسان المعبد مش كده .. دول البلطجية بتوع بابا الفاتيكان شخصياً يوديهم مطرح ما يحب ضد أي حد هو يشوفه مش ماشي علي هواه .. بسبب حماية البابا ليهم فمع الوقت ده خلق حالة توتر بين فرسان المعبد و بين المؤسسات الحكومية لكل الممالك الأوروبية وقتها و أنا عارف إني ببالغ شوية لما بقول كلمة مؤسسات حكومية في وقت مكنش لسه الكلمة دي إنتشرت في أوروبا بس انا عايزك تفهم نقطة و هي إن فرسان المعبد مكنش فيه ملك فيكي يا أوروبا بيعرف يمشي كلامه عليهم .. دي ناس مبتدفعش ضرايب لحد .. تقدر تشتري أي حتة أرض في أي حتة و مفيش حد يستجري يقولهم سلامات يا أم أحمد .. حتي زيهم أو علمهم اللي هو الجلابية البيضا اللي عليها صليب أحمر كبير و بتشوفه لحد دلوقتي في الشعارات بتاعة أندية إيطالية كتير زي بارما و إيه سي ميلان و حتي برشلونة مكنش بيعبر عن الولاء لأي مملكة من الممالك الأوروبية .. فرسان المعبد وصلوا لمرحلة إنهم بقوا عاملين زي مايكروسوفت أو جوجل دلوقتي اللي هو كيان كبير ليه فروع في حتت كتير علي مستوي العالم ولإنهم متحكمين في البيزنس بتاعهم فمفيش حد بيقدر يجبرهم علي حاجة.

أي تنظيم في الدنيا سواء جمعية خيرية بتوفر أكل للفقراء أو حتي كيان عسكري منتشر في كل حتة في العالم زي فرسان المعبد محتاج حاجتين: محتاج يبقي عنده خط إنتاج مبيقفش من المتطوعين اللي مستعدين يشتغلوا و يتسحلوا و يطلع عينهم في سبيل إنهم يحسوا إنهم منتمين لكيان أكبر منهم و في نفس الوقت محتاجين ماسورة فلوس مكسورة و مغرقة الدنيا عشان تغطي مصاريفهم اللي مبتخلصش .. عايزك تعرف إن الإنضمام لفرسان المعبد كان شرف لأي حد لإنك بتنضم لتنظيم إتعمل عشان هدف سامي و نبيل جداً و إن كانت دي مجرد دعاية بس الناس صدقتها وهي تأمين طرق الحج للقدس الشريف و في نفس الوقت إنت بتنضم لتنظيم يعتبر الدراع العسكري للفاتيكان .. للناس اللي كانت عايشة في المملكة العربية السعودية قبل ما (محمد بن سلمان) يبقي ولي العهد عايزك تفتكر جماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .. حاول تفتكر إزاي أي فرد من أفراد الجهة دي كان شايف نفسه أوي مش لسبب غير إنه حاسس و يمكن مؤمن من جواه إنه بينفذ إرادة الله عز و جل علي الأرض .. ده إحساس قوي جداً إنك تحس بيه أيا كانت ديانتك .. ده خلي نسبة مش صغيرة من أفراد فرسان المعبد هم من ولاد الناس أوي .. شباب من طبقة الأمراء و النبلاء من كل حتة في أوروبا .. ده كان مهم للقيادة بتاعة فرسان المعبد نفسهم لإن مش بس هم مسنودين من البابا إنما كمان أفراد التنظيم من الناس اللي لو ضابط مرور وقفهم في الشارع تلاقيهم بكل ثقة بيقولوله إنت متعرفش أنا ابن مين في البلد .. ده الجزء بتاع المتوطعين .. جزء الفلوس أو التبرعات ده بصراحة اللي كان مستفز .. إيمان الأوروبيين باللي بيمثله فرسان المعبد خلي الناس كلها تديهم اللي يقدروا عليه .. إنت ممكن تلاقي شحات مش لاقي ياكل و يروح يتبرعلهم بقوت يومه .. و تلاقي حد زي (ألفونسو الأول) ملك مملكة أراجون و كنا إتكلمنا عنه في سلسلة فتح الأندلس لإنه مات و مكنش له ولاد يورثوه فكتب في وصيته إن ثلت مملكته تتكتب باسم فرسان المعبد.

مقر فرسان المعبد في قلب العاصمة الإنجليزية لندن اللي إتعرف باسم كنيسة المعبد أو Temple Church.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!