البنوك الإسرائيلية .. خلقوا من الفساد و إلي الفساد يعودوا.

موضوعنا النهاردة اللي حنتكلم عنه هو البنوك الإسرائيلية .. أو خلينا نكون محددين أكثر فإحنا حنتكلم عن التعاملات الخارجية و الدولية للبنوك الإسرائيلية .. حاول تتخيل إن البنك ده زيه زي أي شركة .. إنت لو مثلاً شغال في شركة بتصنع معالق شاي فجميل أوي إن المعالق اللي إنت بتصنعها تبيعها في السوق المصري .. بس الأجمل إنك تصدر المعالق دي لدول تانية لإن ساعتها الفلوس اللي حتجيلك حتبقي بالدولار و لو ده حصل فالفلوس حتجري في إيدك .. البنك نفس الكلام .. أي بنك حكومي سواء بنك مصر أو بنك القاهرة بتبقي فرصة حلوة أوي له إنه يعمل شغل بره مصر .. الحقيقة إن البنوك الإسرائيلية كان ليها شغل بيأكلهم الشهد بره إسرائيل بس مؤخراً قررت الحكومة الإسرائيلية إنها تبدأ تقفل الفروع دي للبنوك الإسرائيلية .. طبعاً أول حاجة حتفكر فيها هو إن أنا كداب و بضحك عليك .. أصل إزاي الإسرائيليين يوصل بيهم الحال إنهم يقولوا للرزق لا؟ .. حد يقول للدولارات لا؟ .. الحقيقة إن الموضوع ده حقيقي فعلاً زي ما حتشوف دلوقتي و محتاج تفهم هو بدأ إزاي و إنتهي إزاي؟

بداية إن البنوك الإسرائيلية تفكر إنها تفتح فروع ليها حول العالم و تجيب شغل من بره إسرائيل كان في الفترة من السبعينات لحد التسعينات .. وقتها المواطن الإسرائيلي كان فرحان أوي لما و هو بيتفرج في التليفيزيون يلاقي إعلان إن بنك إسرائيلي زي بنك ليومي Leumi Private Bank و ده بنك إسرائيلي زيه زي بنك مصر له فروع كتير في أميركا .. وقتها المواطن الإسرائيلي جاله إحساس محدش يقدر يلومه عليه إن البنوك الإسرائيلية تقدر تنافس عالمياً و تثبت نفسها قدام أي بنك تاني.

اللي المواطن الإسرائيلي مكنش يعرفه .. أو فيه منهم كان يعرف بس مطنش و مش عايز يصدق .. إن البنوك دي استغلت ثغرات كتير في القوانين سواء الإسرائيلية أو الدولية عشان تشتغل في حاجتين فقط ملهمش تالت: غسيل الأموال و التهرب الضريبي .. ده حقيقي .. بعد هجمات 11 سبتمبر زي ما يكون الحكومة الأميريكية حد ضربها بالقلم و فوقها من النوم في العسل و قررت إنها تعالج كل الثغرات الكارثية في قوانينها الخاصة بالتعاملات البنكية .. الفكرة بمنتهي البساطة إن أميركا كانت في وقتها في حرب علي الإرهاب والإرهاب مينفعش يشتغل من غير تمويل .. عشان كده السلطات الأميريكية ركزت شغلها أوي علي البنوك اللي بتشتغل من تحت الطرابيزة علي غسيل الأموال عموماً سواء بقي بهدف تمويل الإرهاب أو غسيل أموال المخدرات أو التهرب الضريبي .. المهم إن ده فتح أبواب جهنم علي البنوك الإسرائيلية.

مع الوقت الإسرائيليين لقوا نفسهم قدام 3 حقائق قاسية أوي و صعبة عليهم إنهم يكتشفوهم:

• الحقيقة الأولي إن النشاط الدولي للبنوك الإسرائيلية إتعمل عشان يدوا فرصة للأغنياء اليهود المنتشرين حول العالم إنهم يحطوا فلوسهم في البنوك دي .. ده خلي البنوك الإسرائيلية شغالة في حاجة إسمها الإقتصاد الإسود Black Economy و دي كلمة معناها إن يبقي عندك شغل الفلوس اللي إنت بتكسبها منه مش بتدفع عليها ضرائب .. زيها زي الدروس الخصوصية مثلاً .. قبل سنة 2001 و بفكرك إن دي السنة اللي حصلت فيها هجمات 11 سبتمبر كانت البنوك الإسرائيلية بتكسب ملايين من الشغل في الإقتصاد الإسود ده .. بعد ما الأمريكان فاقوا و بدأوا يسدوا الثغرات القانونية دي إكتشفوا إن فيه بنوك إسرائيلية كتير بتعمل مصايب .. عندك بنك زي Israel Discount Bank و بنك زي Leumi Private Bank دفعوا غرامات بالملايين و فيه بنوك تانية زي Bank Hapoalim و Bank Mizrahi-Tefahot بيتحقق معاهم.
• الحقيقة الثانية إن البنوك الإسرائيلية مش جامدة طحن ولا بتقدم حاجة مختلفة .. فاكر لما شبهتلك شغل البنوك بإنه زي شركة تصنيع معالق الشاي؟ .. إنت عشان تصدر معالق شاي لأوروبا لازم تكون بتصنع معالق شاي درجة أولي مفيهاش غلطة .. فيه شركات إسرائيلية كتير بتصدر منتجاتها للعالم و غالبيتها شركات تكنولوجيا و تصنيع سلاح و سبب إنها بتصدر منتجاتها و ناس بتشتريها هو إن الشركات دي بتصنع منتجات درجة أولي مفيهاش غلطة .. تقدر تقولي بقي إيه الجديد اللي أي بنك إسرائيلي ممكن يقدمه؟ .. إيه اللي يخليني أروح احط فلوسي في بنك إسرائيلي زي Leumi Private Bank و محطهاش في بنك معروف زي HSBC أو CIB أو Deutsche Bank؟ .. إلا إذا البنوك دي بتقدر تقدملي خدمة البنوك التانية مش حتقدر تقدمهالي و هي إنها تاخد فلوسي و مدفعش عليها ضرائب .. أو لو أنا جايب فلوس من تجارة سلاح أو تجارة مخدرات و أحط فلوسي في البنوك الإسرائيلية دي عشان محدش فيهم حيسألني من أين لك هذا؟
• الحقيقة الثالثة إن القوانين الإسرائيلية متجيش حاجة جنب القوانين الدولية .. تحس القانون الإسرائيلي متفصل عشان يدي البنوك الإسرائيلية فرصة إنها تشتغل في غسيل الأموال و التهرب الضريبي .. البنك المركزي الإسرائيلي اللي بيسموه بنك إسرائيل Bank of Israel بينه و بين البنوك الإسرائيلية علاقة مميزة أوي .. قدام الناس هم بيشتموا في بعض .. هو بيتهمهم إنهم شوية حرامية و هم بيتهموه إنه ظالمهم و إنه مفتري .. بس بينهم و بين بعض العلاقة بينهم زي العلاقة بين الطحينة و العسل الإسود.

لما بنك إسرائيلي من دول يقع في مشكلة مع السلطات الأميريكية مثلاً بيبقي فعلاً فيلم رعب للبنك الإسرائيلي .. فجأة بيلاقي نفسه بيتعامل مع سلطات حكومية معندهاش يا أما إرحميني .. من كام سنة بنك Leumi Private Bank أجبرته وزارة العدل الأميريكية إنه يدفع غرامه 400 مليون دولار عشان البنك ساعد بعض عملاءه الأمريكان إنهم يتهربوا من الضرائب اللي عليهم .. 400 مليون دولار غرامة دي ممكن تقسم ظهر أي بنك في مصر .. إنت متخيل بنك مصر يبقي عليه غرامة لوزارة العدل الأميريكيه بالمبلغ ده؟ .. بنوك Bank Hapoalim و Bank Mizrahi-Tefahot شكلهم حيحصلوا بنك Leuimi Private Bank و حيدفعوا ملايين كغرامات برده بسبب نفس التهمة بس في أخر المقالة لازم نخصص كام سطر نتكلم عن أكثر ناس بتضرب نفسها بالجزم علي اللي حصل.

ناخد بنك زي Leuimi Private Bank .. البنك ده لما قرر إنه يفتح فروع له حول العالم خصوصاً في أميركا كان ماسك منصب الCEO أو رئيس مجلس الإدارة بتاع البنك شخصين مسكوا البنك ورا بعض و هما (جاليا ماور Galia Maor) و (عيتان راف Eitan Raff) .. وقتها ناس كتير حذروهم من الخطوة دي بس الإتنين كانوا حاطين عنيهم علي الأرباح المتلتلة اللي حتخش للبنك من التوسع عالمياً .. الإتنين دول أدوا لنفسهم علاوات وصلت 1.13 مليون دولار و الإتنين إضطروا بعد ما كانوا طلعوا علي المعاش إنهم يردوا الفلوس دي تاني .. مش كده و بس .. هم الإتنين بالإضافة لرئيس إدارة التعاملات الدولية في البنك وقتها (زفي إيتزيكوفيتش Zvi Itskovitz) بيتحقق معاهم في إسرائيل دلوقتي.

ده بيفكرني بمشهد (محمد هنيدي) في فيلم فول الصين العظيم لما بيقول بس إفتكر إني قلتلك بلاش .. لولا الطمع لكان الثلاثة (جاليا ماور) و (عيتان راف) و (زفي إيتزيكوفيتش) قاعدين متهنيين بفلوس المعاش بتاعهم مقضيينها خمر و نسوان و رجال عشان (جاليا ماور ) ست إلا إذا كانت هي بتحب الستات بس ده مش موضوعنا دلوقتي .. الفكرة كلها إن الطمع وحش .. ممكن في وقتها الفلوس الكتير اللي بقت بتجري في إيدك تعميك عن إنك تشوف المستقبل .. بس صدقني لو قلتلك إن لو إتكلمت مع الثلاثة دلوقتي لكانوا قالولك إن كان أحسنلهم إنهم مكنوش طمعوا في الفلوس الزيادة و كانوا طلعوا معاش بكرامتهم بدل البهدلة اللي في أخر العمر دي.

المصدر:
مقاله بعنوان Three Dirty Secrets of Israeli Bank’s Foreign Operations نشرت في جريدة Haaretz الإسرائيلية و ده لينك المقالة الأصلية:
https://www.haaretz.com/israel-news/1.816186