موضوعنا اللي حنتكلم عنه النهاردة هو التجارة .. التجارة دي عامله بالضبط زي عمايل الأكل .. إنت ممكن تكون بتعرف تخش المطبخ تعمل أكل لنفسك .. إنت عارف كويس إزاي تضبط مقاديرك عشان تعمل حلة مكرونة صغيرة علي قدك بس ده لوحده حماده .. و لما أدخلك مطبخ مطعم زي مثلاً بتاع (صبحي كابر) اللي هو إنت محتاج تضبط مقاديرك عشان تعمل ألف حلة مكرونة فإنت بتتكلم عن حماده تاني خالص .. التجارة نفس الكلام .. إنت تبقي تاجر بتتاجر في الأسمنت ولا في الخردة و تبقي زي شخصية (عبدالغفور البرعي) كده في مسلسل (لن أعيش في جلباب أبي) ده حماده و إنك يبقي مطلوب منك تحط سياسات تجارية لدولة كاملة ده حماده تاني خالص .. شخصية زي (عبدالغفور البرعي) قد يكون عقلية تجارية محلصتش بيعرف يجيب فلوس من الهواء بس ده مش معناه إنك لما تعين (عبدالغفور البرعي) مسئول عن الملف التجاري لدولة كاملة فهو حيعرف يعمل حاجة .. ده حيودينا للكلام عن (دونالد ترامب Donald Trump) .. ده زيه زي (عبدالغفور البرعي) عمل فلوس حلوة أوي من التجارة في العقارات و هو فعلاً رجل بيعرف يجيب فلوس من الهواء بس لما إتحط في منصب الرئيس و بقي مطلوب منه يرسم سياسات تجارية لدولة كاملة عايزك تتفرج علي كم العك اللي حصل و مفيش عك أكثر من اللي حصل يوم 11 مارس 2018.
في اليوم ده (ترامب) وقع قرار رئاسي بيتسمي في أميركا Executive Order عشان يفرض تعريفة جمركية بقيمة 25% علي واردات أميركا من الصلب و 10% علي واردات أميركا من الألمونيوم .. في حالة إنك مش فاهم يعني إيه الكلام ده فاللي حصل إن (ترامب) عشان زي ما بيقول يحمي مصانع الصلب و الألمونيوم الأميريكية فهو فرض تعريفة جمركية علي الصلب و الألمونيوم اللي التجار الأميركان بيستورودوهم من بره عشان يخليهم مجبرين إنهم بدل ما يستوردوا من بره يروحوا يتشتروا الصلب و الألمونيوم اللي بيتصنعوا جوه أميركا .. قبل ما تقرر من جواك هل (ترامب) عنده حق أو لا فأرجوك إستني لحد ما تفهم حاجتين:
- أول حاجة إن السند القانوني اللي (ترامب) بني عليه القرار الرئاسي بتاعه ده هو سطر في قانون منسي و محدش بيستخدمه لدرجة إن المتخصصين في القانون التجاري فيه منهم ناس إضطرت تروح تعمل Search في المكتبة عشان يتأكدوا إن فعلاً فيه قانون بيقول الكلام ده .. البداية كانت في 2017 لما وزير التجارة الأميريكي (ويلبور روس Wilbur Ross) فتح تحقيق بخصوص هل واردات الألمونيوم و الصلب اللي التجار الأمريكان بيستورودوها من بره بتشكل تهديد للأمن القومي الأميريكي أو لا؟ .. التحقيق من النوعيات دي بيتقال عليها تحقيقات الفقرة 232 أو Section 232 Investigation لإنه بيكون معتمد علي الفقرة 232 من قانون التوسع التجاري اللي إتحط سنة 1962 .. عايزك تعرف إن من سنة 1962 لحد دلوقتي إتعمل 26 تحقيق من النوعية دي ولا واحد فيهم كان له معني و كانوا مجرد شكليات .. يوم 11 يناير 2017 الوزير قدم تقريره ل(ترامب) و اللي إقترح فيه يتعمل تعريفة جمركية بقيمة 24% علي كل واردات أميركا من الصلب.
- الصيغة القانونية اللي القرار إتكتب بيها علي إيد واحد اسمه (روبيرت لاي-ثايزر Robert Lighthizer) المسئول عن ملف التجارة الخارجية الأميريكية بتخلي إن القرار ده قبل ما يتفعل لو فيه دولة عايزه تتظلم فهي بتبعت وفد و الوفد ده بيتفاوض مع الجانب الأميريكي لحد ما يلاقوا أسباب تخلي الأمريكان يستثنوا الدولة دي من القرار بحيث إن القرار ده إتعمل يوم 11 مارس و حيتم تفعيله يوم 23 مارس .. ده لوحده حاجة محصلتش قبل كده .. إنت لما بتقرر تعمل تعريفة جمركية يا بتوحدها علي الكل يا بتقول إن فيه دولة معينة أنا متخانق معاها فمش عايز التجار بتوعي يستورودوا منها حاجة .. إنما تعمل قرار و تقول اللي عايز يتظلم يتفاوض معايا دي جديدة الصراحة.
بس في نفس الوقت ده بيوريك قد إيه (ترامب) رجل فكره محدود لإنه كرجل أعمال و تاجر مبيحبش يتفاوض مع كذا طرف في وقت واحد لإن ساعتها التنازلات حتزيد .. إنما هو بيحب التفاوض يبقي بينه و بين طرف واحد بس عشان يعرف يمص دمه و دي النقطة اللي (روبيرت لاي-ثايزر) إتعمد يعملها و هو بيكتب صيغة القرار عشان يروح ل(ترامب) يقوله شفت يا ريس عملتلك حاجة علي مقاسك أهي عشان متتعبش .. الدولتين الوحيدتين اللي القرار إستثناهم نصاً هم كندا و المكسيك لإنهم جيران أميركا ده غير إن الدول الثلاثة فعلياً حالياً في مرحلة مفاوضات مرهقة علي تغيير بنود إتفاقية التجارة بينهم اللي بتتسمي نافتا NAFTA .. فيه ناس بتقول إن لو المفاوضات بتاعة NAFTA باظت و كندا و المكسيك موافقوش علي شروط (ترامب) فهو ممكن يرجع في كلامه و يفرض عليهم هم كمان التعريفة الجمركية مع العلم إن كندا و المكسيك هو ثاني و ثالث أكبر شركاء تجاريين لأميركا.
اللي عمله (ترامب) إنه خد مباديء التجارة العالمية اللي البشر قعدوا مطبقينها 70 سنة و جه هو قطعها و رماها من الشباك و قال الكلام ده ميلزمنيش .. حاجة كده زي لو الحاج (عبدالغفور البرعي) كان أول مرة يفهم إن فكرة الجمعيات اللي بتتعمل بين الناس في مصر مش بتتطبق بين الدول .. ده شخص مش حقول جاهل بس ميعرفش إزاي منظومة التجارة الدولية بتشتغل فمحتاج حد يشرحله .. (ترامب) بقي قالهم هو أنتوا لسه حتشرحولي أعملي يا ابني تعريفة جمركية و اللي عايز يشتكي يجي يتكلم معايا .. أسلوب معلمين في وكالة البلح مش أسلوب رؤساء دول .. الفريق بتاع (ترامب) بيزيدنا من الشعر بيت و بيقولنا إن الناس المعترضة علي القرار دول شوية جهلة مش فاهمين إن القرار ده بيتماشي مع روح المباديء اللي إتبنت عليها منظمة التجارة العالمية WTO و خصوصاً مبدأ اسمه MFN و ده إختصار Most Favored Nation.
المبدأ ده بيقول إن دولة زي مصر مثلاً عارفه إن أكبر شريك تجاري ليها هي السودان مثلاً بس المبدأ ده فكرته إن مصر تتعامل مع إسرائيل بنفس المعاملة اللي بنعامل بيها السودان .. الفكرة إن الأمريكان فرضوا تعريفة جمركية علي الكل و كأنهم كده قال يعني بيعاملوا الناس كلها سواسية .. اللي الفريق بتاع (ترامب) تقريباً مش عامل حسابه إن ممكن باقي الدول ال164 الأعضاء في منظمة التجارة العالمية يتفقوا مع بعض ضد أميركا بإنهم كلهم يفرضوا تعريفات جمركية علي السلع الأميريكية و ساعتها هو مش حيبقي قدامه حل غير إنه يلغي قراره .. بس أيا كان اللي حيحصل .. قرار زي ده إزاي محدش درسه كويس؟ أصل أي حد عاقل حيقول إن ده قرار غبي وغالباً حنضطر نرجع في كلامنا وساعتها حنبقي أغبياء و عيال و شكلنا وحش قدام العالم وده يخلي أسأل: طب انا عارف إن (ترامب) بهيمة بس مين البهيمة أو البهايم اللي بيحطوا الأفكار دي في دماغه؟
المصدر:
مقالة بعنوان The Method And The Madness of Trump’s Tariff Scheme نشرت في مجلة Forbes و ده لينك المقالة الأصلية:
https://www.forbes.com/sites/harrybroadman/2018/03/12/the-method-and-the-madness-of-trumps-tariff-scheme/#64650dba575c