جيبوتي والصين وأميركا .. إتاخر كده المكان يساع إتنين.

عارف لما باباك يجيب تورتاية مانجة من عند سدرة ولا كنافة نوتيلا من عندك إيتوال وتاكلوا منها ويفضل أخر حتة في التلاجة اللي إنت وكل إخواتك بتتنافسوا مين يصحي بدري أول واحد عشان ياكلها قبل ما الباقي يصحوا .. أهو الحتة اللي فاضلة في التورتة دي هي جيبوتي .. إنت وإخواتك تبقوا أميركا والصين وفرنسا والإمارات والسعودية واليابان .. عارف إن فيه ناس أول مرة تسمع اسم جيبوتي ده قبل كده فلو الإسم جديد عليك فعندي ليك كام معلومة ممكن يصدموك.

جيبوتي دولة عربية .. اه والله دي بلد عضوة في جامعة الدول العربية .. جيبوتي بلد مساحتها تقريباً قد مساحة الإسكندرية فهي مش كبيرة أوي وحتي عدد سكانها مش كتير هم يدوبك مليون بني أدم .. بلد صغيرة وعدد سكانها صغير بس ربنا إداهم موقع جغرافي ولا كإنهم بنت عايشة في شبرا بس لسبب ما ربنا رزقها بعيون زرق وشعر أصفر تحسها (تشارليز ثيرون Charlize Theron) في نفسها أوي .. لو بصيت علي الخريطة اللي عندك في الصور فجيبوتي بلد موقعها عند حتة إسمها مضيق باب المندب وده الحتة الصغيرة اللي بتربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر .. لو قناة السويس هي ماسورة المياه بتاعتنا فجيبوتي هي المحبس اللي بيدخلنا المياه .. كل يوم بيعدي من قدام جيبوتي سفن نقل بترول بتشيل 4.8 مليون برميل .. بس مش ده المهم .. المهم إن جيبوتي معندهاش إلا ميناء واحد علي البحر الأحمر إسمه ميناء دوراليه Doraleh والميناء ده أمة محمد كلها بتتخانق علي مين يسيطر عليه وده اللي أنا عايز أتكلم عنه النهاردة.

الأمريكان ليهم قاعدة عسكرية في جيبوتي إسمها كامب ليمونير Camp Lemonnier ولو إنت مستغرب ليه الإسم قالب علي فرنساوي كده فلإن القاعدة دي فعلاً زمان كانت تحت إيد الفرنساويين اللي كانوا محتليين جيبوتي .. من بعد 11 سبتمبر 2001 والأمريكان بيستخدموا القاعدة دي في تنفيذ عمليات مكافحة إرهاب في اليمن والصومال .. سنة 2014 إدارة الرئيس الأميريكي (باراك أوباما) إتفقت مع الفرنساويين إنهم حيدفعولهم 63 مليون دولار في السنة عشان ياخدوا القاعدة دي حق إنتفاع لمدة 30 سنة .. سنة 2018 الأمريكان استخدموا القاعدة في تنفيذ 32 غارة جوية إتقتل فيها 254 عنصر من تنظيم شباب المسلمين الصومالي اللي الأمريكان شايفينه فرع تنظيم القاعدة في الصومال .. القاعدة دي كبيرة لدرجة إن مطار جيبوتي الدولي بيستلف منهم مدرج إقلاع وهبوط طيارات .. قاعدة عسكرية بالحجم ده بتحتاج تموين شبه يومي .. أكل وشرب وذخيرة وأدوية وأسلحة .. المعدات دي كلها بتيجي عن طريق سفن بتركن في ميناء دوراليه.

مش كده وبس .. في أكتوبر 2018 الأمريكان قالوا إنهم حيصرفوا 280 مليون دولار علي مشروع تطوير مدرج الإقلاع والهبوط .. تفتكر كل المعدات والمواد الخام والمهندسين والفنيين اللي حيشتغلوا في المشروع ده حيوصلوا للقاعدة دي إزاي؟ .. شطور .. عن طريق ميناء دوراليه .. هنا بقي يجي الكلام عن البعبع اللي بيخوف الأمريكان وهم نايمين بليل .. الصين.

كنت إتكلمت قبل كده عن حاجة إسمها مبادرة OBOR ودي إختصار One Built- One Road واللي بإختصار شديد إن الصين بتحط فلوسها كاستثمارات مباشرة في مشاريع بنية تحتية في حتت كتير في العالم خصوصاً في أسيا وأفريقيا .. المشكلة إن جيبوتي خدت فلوس كتير فشخ من الصين وجيبوتي مش عارفه تسدد اللي عليها .. سنة 2017 كجزء من صفقة تقسيط الفلوس اللي علي جيبوتي للصين البلدين إتفقوا إن جيبوتي حتسيب الصين تعمل قاعدة عسكرية عليها .. حزر فزر فين؟ .. شطور كمان مرة .. جنب ميناء دوراليه .. المشكلة مش في بس كده .. سنة 2008 إتعملت Joint Venture أو شركة مشتركة بين شركة كبيرة أوي اسمها DP World ودي شركة إماراتية تعتبر من أكبر شركات إدارة الموانيء في العالم وبين الحكومة بتاعة جيبوتي عشان يبدأ شغل ميناء الحاويات جوه ميناء دوراليه .. فضلت الدنيا ماشية زي الفل لحد ما في فبراير  2018 الحكومة بتاعة جيبوتي لغت إتفاقها مع شركة DP World وفي سبتمبر 2018 أعلنت تأميم الميناء.

كرد فعل طبيعي DP World رفعت قضية علي جيبوتي في المحكمة العليا في العاصمة البريطانية لندن وفي نفس الشهر اللي هو سبتمبر 2018  المحكمة حكمت لصالح شركة DP World .. طبعاً حكومة جيبوتي كأي حكومة أفريقية عريقة قررت إنها تقول للمحكمة الحكم بتاعك تبليه وتشربي ميته .. دلوقتي الخوف إن الصين تلوي دراع جيبوتي عشان الديون المتلتلة اللي عليها وتقولها إديني حق الإنتفاع بتاع الميناء .. لو ده حصل حيبقي أكبر مقلب حرامية تاخده أميركا من الصين .. ساعتها كل الفلوس اللي دفعتها DP World حتروح عليها والصين حتكوش علي الميناء وأميركا عشان تدخل أي حاجة للقاعدة العسكرية بتاعتها هناك لازم تاخد موافقة الصين الأول.

المصدر:

• مقالة بعنوان Could China squeeze the US out of its only permanent military base in Africa? نشرت في جريدة The Washington Post وده لينك المقالة الأصلية:
  https://www.washingtonpost.com/national-security/2018/12/14/could-china-squeeze-us-out-its-only-permanent-military-base-africa/