موضوعنا النهاردة اللي حنتكلم عنه هو الكلام عن الTrade War أو الحرب التجارية بين أميركا و الصين .. فيه منكوا سمع الكلمة دي في الأخبار و فيه منكم مسمعش عنها و ميعرفش حاجة عن الموضوع ده و علي فكرة إحنا فتحنا السيرة دي في مقالة قبل كده هنا .. اللي عايزك تعرفه إن اللي بيحصل دلوقتي بين الصين و أميركا مش خناقة علي فلوس .. أميركا و الصين مش إتنين تجار في وكالة البلح متخانقين .. اللي بين أميركا و الصين دلوقتي هو صراع علي مستقبل البلدين و الإتنين واخدين الموضوع جد و منشفين دماغهم و كل واحد حالف للتاني إنه مش حينوله اللي هو عايزه .. زي أي خناقة بتحصل بين أي إتنين مهم إننا نبدأ نفهمك هو مين بيتخانق مع مين؟ و ليه؟ و كل واحد عايز من التاني إيه؟ .. خلينا نبدأ الأول بالسؤال بتاع هو مين بيتخانق مع مين؟
علي إيدك اليمين حتلاقي الرئيس الأميريكي (دونالد ترامب Donald Trump) و الفريق بتاعه من الناس اللي واخده صف متشدد أوي ضد الصين و الحقيقة إنك لو بصيت علي منطق الناس دي حتلاقي إن عندهم حق و هو إن لازم الحرب دي تحصل دلوقتي لإن لو أجلناها الوقت حيسرقنا و ساعتها الصين حتبقي أكبر من إننا نقف قدامها .. علي إيدك الشمال حتلاقي الرئيس الصيني (جي جينبينج Xi Jinping) و اللي برده لو بصيت علي المنطق بتاعه حتلاقيه هو كمان عنده حق و هو إن الحرب دي لازم تقوم دلوقتي لإن فعلياً الصينيين إتأخروا أوي لإن الصين بقت أكبر من إنها تسمع شتيمتها بتتقال قدامها و تفضل ساكته.
الحقيقة اللي مخليه الخناقة دي مش عايزه تتحل بسهولة هي إن كل طرف واخد قلم في نفسه و فاكر إنه مش حيتعب إنه يقدر يحسم الحرب دي لصالحه .. الصينيين فعلياً مقتنعين و مؤمنين إنهم جامدين زحليقة و إن محدش يقدر عليهم .. هم شايفين إن نظام حكمهم المبني علي إن اللي بيحكم الصين هو حزب واحد و إن عشان المجتمع الصيني مجتمع مقفول بيسمع كلام الحكومة و مبيقولش لا ومعندوش رفاهية إنه يعترض أو يقول رأيه فهو يقدر يستحمل عقبات الحرب التجارية دي أكتر من الأمريكان اللي لو سعر سندوتش بيج تايستي بتاع McDonald’s عندهم زاد سنت واحد بيشتكوا .. الأمريكان علي الناحية التانية شايفين نفسهم جامدين جمدان التنين و إن مفيش قوة في الأرض تستجري تقف قدامهم .. ده حيودينا للسؤال اللي وراه و هو هي الخناقة دي قامت ليه؟ و لإن الإجابة طويلة فخليني أقولها في شوية نقط سريعة و مختصرة:
- علاقة الصين بأميركا كانت زمان ماشية علي رأي المثل أنا و ابن عمي علي الغريب .. هم الإتنين أميركا و الصين ولاد عم و الغريب اللي هم كارهين سيرته هو حاجة اسمها الإتحاد السوفيتي .. فضل الامريكان بيتعاملوا مع الصينيين علي عيبهم كده لحد السبعينات لما الرئيس الأميريكي (ريتشارد نيكسون Richard Nixon) بدأ يشيل التراب من علي الصين و يفتحها علي العالم.
- لما الصين إتفتحت علي العالم رمت الإشتراكية في الزبالة و بدأت تطبق الرأسمالية و بدأت الصين تتحول لمصنع كبير و سوق كبير .. جري الشريط 30 سنة تلاقي إن الصين تحولت لثاني أكبر إقتصاد في العالم .. الحقيقة إن النطة الإقتصادية اللي عملتها الصين دي سببها 3 حاجات: أول حاجة هي إن الشعب الصيني بيشتغل بجد و دي حاجة مميزة فيه .. ثاني حاجة إن القيادة الصينية كانت بتخطط لقدام و حطت فلوس كتير أوي كاستثمارات في البنية التحتية و التعليم .. ثالث حاجة و هي إن الحكومة الصينية مكنش عندها أي مشكلة إنها تكسر قواعد منظمة التجارة العالمية WTO .. بإختصار شديد الصينيين بيغشوا كويس و دي مشكلة كبيرة و هي إزاي مطلوب منك إنك تنافس واحد غشاش و نصاب.
الصينيين مكنش عندهم مشكلة خالص إنهم يسرقوا تصميمات إختراعات و أفكار عملتها شركات غربية .. هو إنت فاكر إزاي لما شركة Samsung أو شركة Apple تنزل موبايل جديد تقوم شركة صينية منزله موبايل أخوه هم بيعملوا كده إزاي؟ و أرجوك متقوليش ده Reverse Engineering لإن الناس دي كانت بتنزل من أول الMP3 Player التقليد لحد العربية التقليد فهم مش كلهم عباقرة أوي كده .. بس لو إنت فاكر إن سرقة الإبتكارات دي هي أكتر نصباية بتعملها الصين فأنا عايزك تجيب فشارك و إزازة البيبسي بتاعتك و تتفرج علي إزاي النصب بتاع المعلمين الكبار بيتعمل .. سنة 2001 الصين بقت عضوة في منظمة التجارة العالمية أو World Trade Organization (WTO) بس قدرت إنها تقنعهم يقبلوها علي إنها دولة نامية .. الفكرة إنها لما عملت كده استغلت قوانين المنظمة بإن لو الصين حبت تصدر منتجاتها لدول العالم فهي بصفتها (دولة نامية) حيتفرض عليها جمارك قليلة في حين إن لو الصين حبت تستورد حاجة فهي حيبقي من حقها تفرض جمارك عالية قال إيه بتحمي الصناعة المحلية من المنافسين الأمريكان و الأوروبيين.
طبعاً إنت بتسأل نفسك طب إزاي الناس بتوع WTO يقبلوا بحاجة زي كده؟ الفكر وقتها إنهم لو قبلوا الصين معاهم و مع النمو اللي حيحققه الإقتصاد الصيني فالصين مع الوقت حتقبل بإن صفتها تتغير من دولة نامية لدولة متقدمة و ساعتها الأية حتتعكس .. بس الكلام ده محصلش .. لسه لحد دلوقتي لو الصين حبت تصدر عربية Gelly M Grand لأميركا فالأمريكان ميقدروش يفرضوا جمارك عليها أكثر من 2.5% في حين إن لو أميركا صدرت عربية Ford Focus مثلاً للصين فالصينيين يقدروا يفرضوا عليها جمارك 25% .. شفت النصب.
النصب بتاع الصين موقفش لحد كده .. لو أنا رجل أعمال صيني معايا فلوس و عايز أفتح Business و ليكن مصنع مثلاً فالدولة بتديني الأرض تقريباً ببلاش و البنوك الوطنية الصينية بتديني قروض ميسرة عشان أشتغل .. إنت ممكن تبص لده و تقول طب ما كويس و ياريت الحكومة عندنا تعمل كده .. المشكلة إن لو أنا مستثمر أجنبي و جاي أحط فلوسي في الصين عشان أفتح مصنع برده فساعتها الحكومة بتقولي شخلل عشان تعدي .. لنفترض مثلاً إن أنا شركة Apple و جاي أعمل مصنع في الصين فالحكومة هناك بتشترط إن لازم يبقي ليا شريك صيني و لازم أنقل التكنولوجيا بتاعتي للصينيين يستفيدوا بيها .. كل ده يعتبر خرق للقواعد بتاعة منظمة التجارة العالمية .. مع الوقت الصين بقت وحش إقتصادي لحد ما بقت زي ما إنت شايف دلوقتي كده.
اللي خلي الأمريكان فعلاً مش طايقين الصين هو إن في كل مرة أميركا بتشتكي الصين عند منظمة التجارة العالمية المنظمة بتقف في صف الصين .. أقرب مثال علي كده أزمة شركات الCredit Cards و هي إن من 17 سنة الصين وعدت بإنها حتسيب شركات الCredit Card الأميريكية زي Visa و Master Card إنها تشتغل في الصين بس طول السنين اللي فاتت الصين منفذتش وعدها .. لما أميركا راحت إشتكت الصين عند منظمة التجارة العالمية المنظمة طبطبت علي الصين و قالتلها معلش سيبك من الأمريكان الرخمين دول .. من فترة قريبة أوي أخيراً الصين وافقت تفتح سوقها للشركات الأميريكية بس المشكلة إن حالياً الصين عندها شركة Credit Card وطنية اسمها UnionPay تقريباً هي اللي مستحوذة علي السوق الصيني كله فلما الشركات الأميريكية زي Visa دخلت الصين ملقتش زباين أصلاً تشتغل عشانهم .. سنين و سنين و الصينيين بياكلوا حلاوة علي قفا الأمريكان و الأوروبيين وعمالين يحطوا فلوس في جيبهم و يروحوا يشتروا شركات أوروبية زي مثلاً شركة Kuka الألمانية أكبر شركة في العالم شغالة في مجال الRobotics .. الحاجة الوحيدة اللي كانت مصبره الغرب علي السرقة دي هو إن الشركات الغربية بتكسب فلوس حلوة أوي من السوق الصيني .. المشكلة إن من كام سنة بدأ الناس في الغرب يقولوا إن الوضع ده مينفعش يكمل و ده بدأ في أكتوبر 2015.
في الوقت ده الصين أعلنت عن رؤيتها للمستقبل و اللي سمتها Made in China 2025 و الفكرة بمنتهي البساطة إن الصين حطت عنيها علي 10 صناعات لازم توصل لمرحلة إن مفيش منتج فيهم يبقي أعلي من المنتجات الصينية و لما تبص علي ال10 صناعات دول لازم تتخض لإن منهم مثلاً Robotics و العربيات اللي بتسوق نفسها Self-Driving Cars و العربيات الكهربية Electric Vehicles و الذكاء الصناعي AI و التكنولوجيا العضوية Biotech و مجال الطيران و الفضاء Aerospace .. لما الغرب بص لده قال لا كده كتير .. إحنا كنا مستحملين نصبكم لما كان أخركم تصنعوا موبايلات و تليفيزيونات تقليد لكن أنكوا توصولوا أنكوا تسبقونا لمجالات إحنا شايفينها استراتيجية بالنسبة لينا و مينفعش حد تاني يتفوق علينا فيها فإحنا مش حنرضي بده أبداً و هو ده مربط الفرس.
سواء الغرب بقيادة (ترامب) أو الصين بقيادة (جي جينبينج) محدش فيهم ناوي يقدم تنازلات تضره .. لا الصينيين حيبطلوا سرقة ولا الغرب حيسمح للصين إنها تسبقه في مجالات صناعية هو شايفها حيوية بالنسبة له .. المشكلة إن كل واحد فيهم ماسك في استراتيجية غلط و مقتنع بإن هي اللي حتحققله النصر علي الطرف التاني:
- عندك مثلاً (ترامب) اللي بسبب ما أنا شخصياً مش فاهمه متخيل إنه يقدر يهزم الصين لوحده و يمكن ده هو السبب اللي خلاه يتسرع في تطبيق قرار فرض تعريفة جمركية علي واردات أميركا من الصلب و الألمونيوم و ده خلي علاقة أميركا بحلفاء المفترض إنهم مهمين بالنسبة ليها زي اليابان و كوريا الجنوبية و كندا و أوروبا متوترة أوي و طبيعي إن ولا واحدة فيهم حتقف مع أميركا ضد الصين.
- علي الناحية التانية الأخ (جي جينبينج) الحياة بالنسبة له مش زبادي خلاط هو كمان .. هو لازم يفهم إن الصين دلوقتي مفتوحة علي العالم أكتر من أي وقت قبل كده .. هو شايف إن حملته الشرسة علي الفساد و إلغاءه لسقف المدد الرئاسية و اللي خلاه فعلياً يقدر يحكم لسنين و سنين قدام و إنه خلي كل صغيرة و كبيرة في الحزب الشيوعي الحاكم بتتعمل بأمره و بإشارته فهو بكده يقدر يخلي الصين تقف قدام أميركا.
اللي أنا عايز أختم بيه هو التأكيد علي إن وجهة النظر اللي ماشية بيها الصين فيها مشكلة .. حضرتك قايل إنك عايز علي 2025 إن الشركات الصينية بتاعة الأدوية تبقي نمرة واحد علي مستوي العالم طب إنت دلوقتي لما تخش في حرب تجارية مع أميركا و شركات الأدوية الأمريكية تطلع بره الصين و الصين متعرفش تسرق حاجة من شركات الأدوية الأميريكية طب إنت متخيل هل جو الرقابة علي الإنترنت و الجامعات و الإعلام و إن محدش بيقول رأيه و إن الصين كلها بتصحي الصبح تغني طويل العمر يطول العمر يزهزه عصره ينصره علي مين يعاديه .. هل ده جو بيسمح إن يطلعلك طلبة فراودة في كليات صيدلة يخلولك الشركات الصيني بتاعتك تنافس الشركات الأميريكية؟ أظن لا و أنا حاطط في بطني بطيخة صيفي.
المصدر:
مقالة بعنوان The U.S. and China are finally having it out نشرت في جريدة The New York Times الأميريكية و ده لينك المقالة الأصلية:
https://www.nytimes.com/2018/05/01/opinion/america-china-trump-trade.html?rref=collection%2Fcolumn%2Fthomas-l-friedman