تابعونا

الحملة الفرنسية علي مصر .. حوسة ما يعلم بيها إلا ربنا.

اللي حسم الدنيا ل(نابليون) هو النصر اللي حققه علي المماليك في معركة الأهرامات Battle of the Pyramids يوم 21 يوليو 1798 .. بعد المعركة دي هو دخل القاهرة و تخيل إن الدنيا بقت زبادي خلاط .. بس الحقيقة إن بسرعة أوي الدنيا قلبت عليه.

7 ديسمبر، 2018 11.3 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/m4a-7

ناس كتير بتتعامل مع الحملة الفرنسية علي مصر علي إنها مجرد دور برد جامد قعدك في البيت كام يوم و متجبش سيرته لإنه مفيش حاجه تتحكي .. أحداث تانية في تاريخنا إحنا عمالين نتكلم عنها كتير أوي زي ما كده تعمل عملية جراحية ومفيش مناسبة تيجي إلا و تقعد بالساعات تحكي عن بطولاتك وإنك إزاي إستحملت الألم وإن إزاي الدكتور الحمار كان حيموتك .. بس الحملة الفرنسية علي مصر محدش بيجيب سيرتها مش عارف ليه؟ .. أغلبنا معلوماته عن الحملة الفرنسية علي مصر إنها كانت بقيادة (نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte) وإن الفرنسيين هم اللي إكتشفوا حجر رشيد .. غير كده إحنا معلوماتنا عنها شبه معدومة بس النهاردة ححاول أغير ده.

مهم تكون فاهم إن العالم وقتها و انا بتكلم عن سنة 1798 كان زيه زي العالم بتاعنا دلوقتي .. زي ما فيه أميركا و فيه روسيا وكل واحدة فيهم بتحاول تسيطر علي أماكن أكتر من العالم و زي ما أميركا و روسيا ليهم قوات مسلحة في حتت كتير علي مستوي العالم فبرده سنة 1798 القوتين العظمتين اللي في العالم وقتها كانوا إنجلترا و فرنسا .. الإتنين بينهم حرب و الإتنين بيحاولوا يسيطروا علي العالم .. بس لما تبص علي إنجلترا و فرنسا وقتها تحس إن لو الإتنين حاربوا بعض حتبقي عامله زي ماتش بين ريال مدريد و المقاولين العرب كده اللي هو فرنسا حتشيل أوبح .. مجرد بصة سريعة أوي للي كان بيحصل في فرنسا حتلاقي نفسك بتسأل هي إزاي البلد دي بتقول علي نفسها إنها قوة عظمي؟

يوم 14 يوليو 1789 يعني قبل 10 سنين من قصة الحملة الفرنسية علي مصر كانت فرنسا بتعيش حرب أهلية اللي هي حاجة كده شبه ثورة 25 يناير عندنا .. في اليوم ده الثوار الفرنسيين إقتحموا سجن الباستيل اللي هو عشان تتخيلها حاول تقول إن اليوم ده هو جمعة الغضب بتاعتهم اللي هي الشعب الفرنسي الثائر إقتحم السجون و أقسام الشرطة .. بس إذا كانت جمعة الغضب كانت يوم 28 يناير و التنحي كان 11 فبراير يعني يدوبك بتتكلم في 12 يوم و كانت الثورة المصرية خلصت فالفرنسيين الدنيا طولت معاهم شويتين .. جمعة الغضب بتاعتهم كانت سنة 1789 و التنحي اللي هو إعدام الملك (لويس السادس عشر Luis XVI) و مراته الملكة (ماري أنطوانيت Marie Antoinette) كان في 1793 يعني بعد 4 سنين بس ما علينا مش دي مشكلتنا دلوقتي.

في الوقت ده القوات المسلحة الفرنسية كانت عندها مصيبة سودا .. دلوقتي عدد محترم من قيادات الجيش كانوا من العيلة المالكة اللي هربت بعد إعدام الملك و مراته .. ده خلق حالة فراغ كبير في القيادة العليا و كان لازم يتملي بضباط شباب وكان أهم واحد فيهم هو (نابليون) ..هو كان ضابط مدفعية برتبة نقيب لما سنة 1793 خلي فرنسا كلها تتكلم عنه لما إنتصر في معركة تولون Toulon وده خلاه يترقي بسرعة لحد ما خلال 3 سنين يعني سنة 1796 بقي جنرال .. تخيل نقيب يترقي يبقي لواء في 3 سنين .. و في الفترة من مارس 1796 لحد أكتوبر 1797 قدر يمد نفوذ فرنسا لحد شمال إيطاليا وده خلي مش بس فرنسا إنما أوروبا كلها تتكلم عنه .. تقدر تقول إن في الفترة دي مكنش فيه إستقرار خالص في فرنسا وحتي قواتها المسلحة متصلبة في بعضها ومش مستحملة .. بس إنجلترا في الوقت ده كانت شايفه نفسها حبتين تلاتة.

دخول القوات الفرنسية بقيادة (نابليون بونابرت) العاصمة الإيطالية روما سنة 1798.

إنجلترا كانت وقتها محتلة شبه الجزيرة الهندية اللي هي دلوقتي الهند و باكستان و بنجلاديش بس خلينا إختصاراً مع إن ده غلط نقول عليهم الهند .. المشكلة إن الهند خيرها كتير و مواردها كتير فكان الإنجليز شريان الحياة بتاعهم هو إنهم يأمنوا طريق التجارة بين الهند وبين إنجلترا و اللي كان ماشي بحري من الهند لحد العراق و بعد كده بري بيعدي علي سوريا و مصر ومن الإسكندرية يكمل بحري تاني لحد إنجلترا .. حماية طريق التجارة ده كان أولوية للإنجليز عشان كده كان عندهم أسطول باسم الله ما شاء الله جامد زحليقة بقيادة واحد إسمه (هوراشيو نيلسون Horatio Nelson).

في الوقت ده اللي كان بيحكم فرنسا كان لجنة من 5 بني أدمين بيسموها French Directory اللي هو حاجة زي المجلس الرئاسي اللي كانوا عايزين يعملوه بعد ثورة يناير لو تفتكر .. المجلس ده أختار أحسن جنرال عندهم اللي هو (نابليون بونابرت) عشان يقود جيش إنجلترا Army of England  و ده حيبقي الجيش اللي فرنسا عاملاه مخصوص عشان تبقي مهمته إنه يعدي بحر المانش أو القنال الإنجليزي اللي بيفصل بين إنجلترا و فرنسا و ينزلوا علي الشواطيء الإنجليزية لغزوها .. حاجة كده شبه خطة العبور بتاعتنا في حرب اكتوبر .. بحسبة بسيطة (نابليون) قال إن لو بس الأسطول الفرنسي جرب يشيل الجيش ده و يعدي به بحر المانش فالأسطول الإنجليزي حيلقطه و حيصطاده و حيغرقه قبل حتي ما يطلع من الميناء في فرنسا .. هنا (نابليون) فكر في فكرة مجنونة حبتين .. هو يجري حاجة يعني لو هو خد جيشه وبدل ما ينزل علي الشواطيء الإنجليزية يروح مصر و الشام يقوم قاطع طريق التجارة بين الهند و إنجلترا؟

حسبته كانت إن كلها كام سنة و إنجلترا حتجوع من غير الإمدادات و الموارد اللي بتجيلها من الهند و ساعتها غزو إنجلترا حيبقي أسهل .. انت يمكن لو كنت موجود في الأوضة معاه وهو بيقول فكرته كنت قلت عليه مجنون بس متفهمش ليه محدش قاله إيه الهبد اللي انت بتهبده ده؟ .. محدش زعقله و قاله يعني انت عايز بدل ما جيشنا يدوبك يعدي ترعة ويبقي في إنجلترا تقوم واخد الجيش رايح به قارة تانية علي أمل إن بعد 3 سنين تروح تغزو إنجلترا؟ ..  بس الحقيقة (نابليون) مكنش بيهبد لوحده لإنه كان بيهبد بالتعاون مع واحد إسمه (موريس دي تاليراند بيرجورد Maurice de Talleyrand-Perigord) وفكك من إسمه المستفز ده هو كان شغال وزير الخارجية وهو اللي فضل يزن فوق دماغ أعضاء المجلس الرئاسي لحد ما وافقوا علي فكرة أو خلينا نقول هبدة (نابليون) .. الحقيقة هو محدش عارف هم وافقوا ليه؟ .. فيه ناس بتقول إنهم كانوا خايفين إن لو (نابليون) فضل قاعدلهم في فرنسا هو و رجالته فممكن أوي يعمل إنقلاب عسكري عليهم فحبوا يودوه في أي داهية تاخده بعيد عن فرنسا .. ناس بتقول طب ما يمكن كان نفسهم إن (نابليون) يعمل في مصر معجزة عسكرية زي اللي عملها في حربه في إيطاليا .. الله أعلم الحقيقة فين؟

(نابليون) كان فاكر إن حملته علي مصر حتبقي زبادي خلاط بس إكتشف إنه إحتاس ومبقاش عارف يخرج.

في مايو 1798 (نابليون) خد أكتر من 50,000 بني أدم ما بين  36,000 عسكري و 17,000  متوزعين ما بين بحارة و علماء و مهندسين و دكاتره و أبحر بيهم علي متن 400 سفينة مدنية و 100 سفينة حربية  و الأسطول ده كان تحت قيادة الأدميرال (فرانسوا بول برويز دي الجاريز Francois Paul Brueys d’Aigalliers)  .. ضمن خطة الخداع بتاعة (نابليون) عشان ميخليش الإنجليز يشوفوا الأسطول ده كله طالع من ميناء واحد فيسألوا هو رايح فين؟ فهو قرر إن الأسطول ده يطلع من كذا ميناء اللي هم تولون و أجاكسيو في فرنسا و جنوه و تشيفيتافيكيا في إيطاليا .. السفن دي كلها حتقابل بعض في البحر المتوسط و منها علي الإسكندرية .. في السكة إستولي علي جزيرة مالطا يوم 9 يونيو و ساب فيها 3500 عسكري من ال36,000 اللي هو أبحر بيهم ويوم 18 يونيو كمل طريقه علي الإسكندرية.

في الوقت ده الإنجليز الفار بدأ يلعب في عبهم .. هم شافوا أسطول فرنسي كامل ومش عارفين هو رايح فين؟ .. شافوه راح مالطة ودي يدوبك جزيرة صغيرة في البحر المتوسط فهل معني كده إن الفرنسيين عايزين يسيطروا علي الكام الجزيرة اللي في البحر المتوسط؟ .. (هوراشيو نيلسون Horatio Nelson) قائد الأسطول الإنجليزي كان شاكك إن الأسطول ده رايح علي مصر وفضل يجري ورا الأسطول الفرنسي ولحقه فعلاً يوم 22 يونيو بس السما كانت مشبرة بشكل لا تتخيله لدرجة إن الأسطولين فعلياً مشافوش بعض من كتر الشبورة .. يوم 29 يونيو (نيلسون) سبق (نابليون) للإسكندرية ولإن (نابليون) و أسطوله كانوا متأخرين ف(نيسلون) تخيل إن الأسطول الفرنسي مكنش جاي إسكندرية أصلاً وكان رايح علي جزيرة كريت اللي هي جزيرة تانية مهمة في البحر المتوسط ومعني كده إن إحساسه الأولاني كان صح وهو إن الفرنسيين عايزين يسيطروا علي البحر المتوسط .. (نيلسون) خد أسطوله وجري علي كريت ..  لعبة القط و الفار دي خلصت يوم 1 يوليو 1798 لما الفرنسيين نزلوا علي ساحل الإسكندرية .. تاني يوم اللي هو 2 يوليو الأسطول الفرنسي كان بيحاول يلاقي مكان يركن فيه و وسط اللخبطة الأسطول خبط في شوية صخور و 19 سفينة فرنسية غرقت .. هي كانت فضيحة بس (نابليون) كان كل همه يوصل مصر وأديه وصل .. هنا ياريت ناخد شوية وقت عشان نفهم هو لما (نابليون) حب يكلم شعب مصر كان بيكلم مين علي رأي (علاء ولي الدين) الله يرحمه.

اللي كان ماسك مصر قدام الناس و علي الورق هم العثمانيين .. بس الحقيقة إن اللي كان بيحكم هم المماليك .. عايزك تفهم إن المماليك في الوقت الللي (نابليون) جه مصر مكانوش هم المماليك اللي إسمهم مربوط في دماغك بأسامي زي (قطز) و (بيبرس) وكده .. لا .. المماليك وقتها كانوا أقرب ما يكون للي بيحكمونا دلوقتي .. زمان المماليك كانوا فرسان من العبيد اللي الحروب كانت شغلتهم وكانوا معلمين فيها بس بعد ما فضلوا يحكموا مصر لأكتر من 500 سنة فالفساد و الأنتخة و التفخيد خلي الظلم إنتشر زي ما الجبنة السايحة بقت منتشرة في كل مطاعم الأكل عندنا دلوقتي متفهمش فيه إيه لحد ما فيه سنة 1517 العثمانيين دخلوا مصر بس العثمانيين كانوا بيفهموا الحقيقة.

هم عينوا واحد منهم يحكم البلد أدوله لقب باشا بس سابوا المماليك زي ما هم بنفس نفوذهم و سلطتهم وبقي كل أمير من المماليك لقبه بك او بيه .. المهم إن لما (نابليون) جه مصر كان اللي مسئول عن الدفاع عنها هو جيش من المماليك  ماسكه إتنين واحد إسمه (إبراهيم بيه) و التاني إسمه (مراد بيه) .. (إبراهيم بيه) ده بيحكم الإسكندرية و (مراد بيه) بيحكم القاهرة .. مهم تكون برده فاهم طبيعة مصر وقتها .. الإتنين (مراد) و (إبراهيم) مكانوش بيعملوا حاجة في حياتهم غير إنهم يلموا ضرايب متلتلة علي المصريين و يدفعوها للعثمانيين في مقابل إنهم يفضلوا هم اللي يحكموا مصر .. شعب كامل كان شغال خدام تحت إيد إتنين بيلموا فلوسه عشان يدوها للعثمانيين اللي وقتها كان كل اللي بيفكروا فيه هو إزاي يلموا فلوس .. مش بقولك كان اللي بيحكموا وقتها شبه اللي بيحكمونا دلوقتي .. ودي النقطة اللي (بونابرت) كان عارفها ولعب عليها ومهم تكون فاهم اللعبة اللي إتلعبت.

دلوقتي مصر وقتها أغلب شعبها كان جاهل مبيعرفش لا يقرأ ولا يكتب و وقتها مفيش إنترنت ولا Social Media ولا الجزيرة ولا العربية عشان نعرف الأخبار .. (نابليون) عارف إنه محتاج الشعب يبقي في صفه عشان كده وهو جاي كتب بيان عشان يتوزع في مصر كلها لما يجي قال فيه إنه جاي بالنيابة عن السلطان العثماني وإن السلطان العثماني كان مستاء جداً من سوء الإدارة بتاعة (مراد) و (إبراهيم) لدرجة إنه طلب من (نابليون) يساعده عشان يحرر المصريين من قبضتهم و يرجعلهم حقوقهم.

الجيش اللي المفروض إنه يدافع عن مصر كان عبارة عن 10,000 فارس و 20,000 مقاتل من المشاة .. في الوقت ده (إبراهيم بيه) كان هو اللي بيقود الدفاع عن الإسكندرية قصاد جيش فرنسي بيقوده (نابليون) ومعاه 4 من جنرالاته اللي هم (لويس اندري بون Luis Andre Bon) و (فرانسوا دي بوساي Francois e Boussay) و (بارون دي مينو Baron de Menou) و (جين بابتيست كليبير Jean Baptiste Kleber) وتحت إيدهم 45,000 عسكري .. الجيش الفرنسي زحف 5 ساعات لحد ما وصل للإسكندرية الساعه 8 الصبح و الساعة 11 الظهر كان سيطر علي المدينة و مخسرش إلا 100  قتيل و 200 جريح قصاد إن (إبراهيم بيه) خسر 700 مقاتل وإضطر إنه ينسحب من المدينة و يجري علي القاهرة .. يعني عبل ما الست والدتك كانت بتحضر الغدا عشان تاكلوا كان الفرنسيين سيطروا علي تاني أكبر مدينة في مصر وده يوريك حجم الضعف اللي كان فيه مش بس المماليك إنما الدولة العثمانية كلها.

المماليك كانوا هم اللي المفروض يحموا مصر بس إزاي ناس علي خيول تقف قدام جيش من المدافع و البنادق؟

يوم 3 يوليو (نابليون) مضيعش وقت  وقسم جيشه نصين .. حوالي 11,000 عسكري كانت وظيفتهم إنهم يبنوا معسكرات في الإسكندرية و أبوقير و رشيد اللي هم بإختصار يأمنوا ساحل دلتا مصر كلها علي البحر المتوسط عشان في حالة إن الإنجليز قرروا ينزلوا مصر هم كمان .. النص الثاني و ده كان حوالي 25,000 عسكري بقيادة واحد من جنرالاته وكان إسمه (لويس ديساكس Luis Desaix) مهمتهم إنهم يروحوا لحد القاهرة .. في الأول الدنيا كانت ماشيه مع (نابليون) زي السكينة في التورتة بس مع الوقت بدأ يكتشف حجم المصيبة اللي هو حط نفسه فيها:

(نابليون) إكتشف مع الوقت إنه إحتاس حوسة ما يعلم بيها إلا ربنا وكان مطالب إنه يتكيف مع المصيبة اللي هو فيها.

  • هو بقي عارف إنه مطلوب منه يزحف بجيشه من الإسكندرية ناحية القاهرة بس جيشه كان مشاة و مدفعية في حين إن المماليك كانوا أغلبهم فرسان علي حصنة فمينفعش خالص يجري وراهم .. في أي مواجهة مفتوحة في الصحراء سرعة الحصنة حتخليه يتعرض لخساير فادحة .. وهو شاف ده بنفسه في معركة إسمها معركة الرحمانية يوم 10 يوليو و معركة شبراخيت يوم 13 يوليو واللي حصل إن (مراد) شن هجوم علي القوات الفرنسية وصحيح إن الهجوم ده فشل بس فتح عنين (نابليون) علي نقطة ضعف خطيرة في قواته وهي إن جيشه فيل بيتعارك مع نمر.
  • ولإن مكنش ينفع يطلب إمدادات من فرنسا تجيله لإن خلاص الإنجليز بقوا بيجروا في البحر المتوسط زي الطور الهايج بيحاولوا يلاقوا الأسطول الفرنسي اللي هرب من بين إيديهم فالحل كان إن (نابليون) مشي بمبدأ الجيش قالك إتصرف و أسس سلاح جديد إسمه ريجيمينت دي درومادير Regiment des Dromadiares ودول جنود المشاة العاديين بتوعه اللي معاهم بنادق بس خلاهم يركبوا جمال عشان يبقي أسهل ليهم إنهم يجروا ورا المماليك في الصحراء.
  • طول ما (نابليون) عمال يمشي في إتجاه القاهرة وهو بيتعرض لخساير بشرية و تاني بفكرك إن أسطوله إتدمر وبالتالي هو ميقدرش يجيله تعزيزات من بره .. الحل برده إنه مشي بمبدأ الجيش قالك إتصرف و أسس سلاح جديد برده إسمه ليجون نوتيك Legion Nautique وده ببساطة إنه جاب البحارة اللي كانوا علي السفن بتاعته اللي غرقت مسكهم بنادق وبقوا عساكر مشاة.
  • رابع مشكلة كانت إنه مكنش عامل حسابه علي إن جو مصر حر .. يا عيني الفرنسيين متعودين علي جو الساقعة فكان لبس الجيش بتاعهم من الصوف التقيل .. جرب تلبس هدوم صوف في عز الحر وفي الصحراء و حيغمي عليك من أول خمس دقايق مشي .. الحل برده اللي (نابليون) لجأله إنه خلي عساكره يرموا هدومهم الصوف وعملهم يونيفورم جديد من القطن .. كمان خلاهم يرموا الطواقي البيضا الطويلة اللي بيلبسوها فوق راسهم كجزء من الزي العسكري الفرنسي وكان إسمها شاكو Shako وخلاهم يلبسوا طواقي معمولة من جلد الخرفان ليها أطراف عشان تنزل علي الودان و القفا بحيث إنها تحمي العساكر من الشمس الصبح و بليل تدفيهم.

عسكري فرنسي من وحدة Regiment des Dromadiares وهو جندي مشاة عادي جداً بس راكب جمل.

اللي حسم الدنيا ل(نابليون) هو النصر اللي حققه علي المماليك في معركة الأهرامات Battle of the Pyramids يوم 21 يوليو 1798 .. بعد المعركة دي هو دخل القاهرة و تخيل إن الدنيا بقت زبادي خلاط .. بس الحقيقة إن بسرعة أوي الدنيا قلبت عليه .. هو دخل القاهرة في أواخر يوليو .. يوم 1 أغسطس بدأت المصايب تهل فوق دماغه لما (هوراشيو نيلسون Horatio Nelson) اللي بفكرك بس إنه قائد الأسطول الإنجليزي شاف أخيراً الأسطول الفرنسي وهو راكن في ميناء أبوقير علي البحر المتوسط .. في فجر أول اغسطس الهجوم الإنجليزي حصل وكانت كارثة ولا كارثة غرق الأسطول الأميريكي في غارة بيرل هاربور في الحرب العالمية الثانية .. عايز أقولك إن الأسطول الفرنسي في مصر كله غرق ودول عددهم كان يمثل حوالي سدس إجمالي القوات البحرية الفرنسية وعشان تعوض السفن اللي إتدمرت دي انت محتاج سنين وفلوس بالهبل تتصرف.

الكارثة دي إتسببت في حاجات كتير .. مبدأياً صورة (نابليون) و الفرنسيين عموماً في مصر إتهزت .. هم مبقوش يتشافوا علي إنهم القوة العظمي اللي مينفعش نقف قصادها .. الأهم إن خط الإمداد الوحيد له في مصر إتقطع و (نابليون) بقي محبوس معانا هنا مش عارف يطلع .. فوق ده كله إن اللي حصل ده خلي أي حد كان خايف يشيل سلاح ضد الفرنسيين يقولهم إحنا حنرقص دانس يا روح أمكوا هنا علي رأي (عادل أدهم) الله يرحمه .. ولإن المصايب عادة مبتجيش لوحدها .. المصايب بيجمعوا بعض و يجوا سوا كأنها رحلة فبعد كارثة معركة النيل Battle of the Nile وده إسم المعركة بتاعة إغراق الأسطول الفرنسي في مصر الباب العالي اللي هو الإسم بتاع السلطان العثماني طلع قرار كان بيتقال عليه فرمان وقتها بأن لازم الشعب المصري يثور ضد الإستعمار الفرنسي.

يوم 21 أكتوبر 1798 قامت ثورة كبيرة أوي في القاهرة و واحد من اللي ماتوا في الضرب كان الحاكم الفرنسي للقاهرة واللي كان إسمه الجنرال (مارتن دوبوي Martin Dupuy) .. الفرنسيين ردوا بإنهم إقتحموا الجامع الأزهر في الحادثة المشهورة و قدروا يقمعوا الثورة .. بعدها بشوية قامت ثورة تانية وبرده الفرنسيين سيطروا عليها .. واحد من أهم الشخصيات اللي كانت ورا الثورات دي كان واحد إسمه (مراد بيه) وده كان أمير مملوكي من اللي نجوا من معركة الأهرامات وعمل فيها (وليام والاس William Wallace) بتاع فيلم Braveheart و حالف إنه يحرر مصر كلها من الفرنسيين .. لما الفرنسيين حاولوا يمسكوه هو خد رجالته و هرب علي الصعيد فالفرنسيين جابوا واحد من جنرالاتهم وكان إسمه (لويس ديساكس Luis Desaix) عشان يجري وراه ..المطاردة إستمرت علي طول النيل من القاهرة لحد الصعيد وهم ماشيين الفرنسيين مكانوش مصدقيين اللي هم بيشوفوه .. هم إكتشفوا معابد طيبة و إدفو و فيلة و الدندرا .. هم يكتشفوا المعبد الفرعوني من دول و يبلموا قدامه مش مصدقين إن فيه بشر زيهم عملوا حاجة زي دي.

(نابليون) وهو بيعرض العفو علي أي حد شال سلاح ضد الفرنسيين.

سنة 1799 (نابليون) خد جزء من جيشه و زحف بإتجاه الشام قال يعني مشاكله في مصر خلصت .. هنا انت محتاج تفهم دماغ (نابليون) عشان بس تستوعب هو إيه اللي كان بيعمله؟ .. أهم حاجة تفهمها بخصوص (نابليون) إنه هبيد .. هو بني أدم بيعشق الهبد زي عنيه كده .. هو محبوس في مصر ومش عارف يطلع فبدل ما مثلاً يكرس كل جهوده إنه يبني أسطول جديد و يستفيد من موارد مصر إذا به بياخد جيشه و يروح به الشام .. ليه بقي؟ .. قال يعني كده حيقدر يجبر الدولة العثمانية إنها تكسر تحالفها مع بريطانيا .. طب ليه؟ .. انا فعلاً لو كنت مع (نابليون) في الأوضة لما هبد هبدته دي كنت سألته .. لنفترض إن انا السلطان العثماني إيه اللي يخليني أعمل كده؟ .. لما مشي بدأت تظهر وسط الفرنسيين اللي في مصر حالات إصابه بالطاعون .. الفكرة إنها كانت حالات محدودة أوي و متفرقة في رشيد و دمياط و أبوقير بس لإنها حالات محدودة فالدكاتره الفرنسيين كانوا قادرين يسيطروا علي الوضع .. في الوقت ده قوات (نابليون) دخلت مدينة يافا وعملت فيها مجزرة مات فيها 3000 بني أدم في واحدة من أبشع جرايم الحرب اللي ممكن تقرأ عنها .. فجأة الحالات المحدودة دي فرقعت في وش الفرنسيين و إتحولت لوباء.

في الأول (نابليون) مكنش عايز ينشر حالة هلع بين رجالته فأمر إن محدش يجيب سيرة وباء أو طاعون .. الكلام كان علي إنه مجرد دور برد عادي أو حمي .. بس لما الموضوع بدأ يخرج عن السيطرة مكنش قدامه غير إنه يفكر بره الصندوق ودي كانت أهم ميزة في (نابليون) إنه كان بيفكر بره الصندوق .. أحياناً أفكاره كانت بتلبسه في الحيط و أحياناً أفكاره كانت بتبقي عبقرية .. يوم 11  مارس 1799 قرر إنه يزور المستشفي الميداني اللي محطوط فيها المصابين بالطاعون وقعد ساعة ونص يتكلم مع العيانين لدرجة إنه بنفسه ساعد في دفن واحد من اللي ماتوا .. الحركة دي ساهمت شوية في رفع الروح المعنوية لرجالته بس ده ممنعش إن موت 2000 عسكري فرنسي كانت مصيبة خصوصاً إنه مكنش يقدر يعوضهم .. الدنيا فعلياً باظت لما (نابليون) قرر يحاصر عكا .. الحصار كان كارثة بكل المقاييس و في يوم 21 مايو 1799 قرر (نابليون) إن مبقاش فيه داعي يكمل محاولة فتح الشام و إنسحب لمصر .. وهو راجع خبر جاله إن العثمانيين طلبوا سفن من البريطانيين و الروس و حطوا فيها 20,000 عسكري و حيعملوا عملية إنزال في ميناء أبوقير عشان ياخدوا مصر منه .. متفهمش هو إزاي جري بجيشه و عبر به مصر كلها بالسرعة دي بس بقدرة قادر هو قدر يصطاد الجيش العثماني ده وهو يدوبك بينزل في الميناء.

صورة لزيارو (نابليون) للمستشفي الميداني في مدينة يافا واللي كان بيتعالج فيها المصابين بالطاعون.

في ليلة كده و (نابليون) عمال يشكي حاله لنفسه جتله فكرة هو مندمش عليها وقتها بس كل اللي قروا تاريخ سبوله مية ملة بسببها .. هو يحصل حاجة يعني لو انا سبت الخازوق دي كله ومشيت؟ .. بإختصار شديد (نابليون) خد مركب صغيرة و هرب بره مصر علي فرنسا وساب جيشه و رجالته ربنا يتولاهم بقي .. كل اللي (نابليون) فكر فيه هو إن انا مستحقش أموت هنا .. انا الوحيد اللي أقدر أنقذ فرنسا وانا اللي أستحق إني أحكمها .. (نابليون) أول ما وصل فرنسا عمل إنقلاب عسكري و أطاح بحكم الFrench Directory أو المجلس الرئاسي اللي كان بيحكم فرنسا وأعلن نفسه إمبراطور .. اللي شال الليلة كلها من بعد (نابليون) كان واحد من جنرالاته اللي هو (جين بابتيست كليبير Jean Baptiste Kleber) واللي أول حاجة عملها إنه راح إتفاوض مع العثمانيين عشان ينسحب من مصر وفعلاً فيه إتفاق إسمه إتفاق العريش إتمضي وكان بيقول إن الفرنسيين يطلعوا بره القاهرة و العثمانيين يوفروا إنسحاب أمن للقوات الفرنسية .. اللي طلعلهم زي الخازوق و رفض الإتفاق ده كان الإنجليز .. طبعاً أول ما الإنجليز ضغطوا علي العثمانيين عشان يرجعوا في كلامهم قام الفرنسيين هم كمان رجعوا في كلامهم و (كليبير Kleber) دخل القاهرة تاني وبعدها بكام أسبوع أغتيل .. اللي شال وراه الليلة كان (بارون دي مينو Baron de Menou).

اللي العثمانيين مكانوش قادرين يفهموه إن سبب رفض الإنجليز لإتفاق العريش هو مش إنهم مش عايزين الفرنسيين يطلعوا بره مصر .. لا هم عايزينهم يطلعوا بس مش عايزين مصر ترجع للعثمانيين و عايزينها لنفسهم .. عشان كده بمجرد ما إتفاق العريش باظ الإنجليز حضروا جيش محترم بقيادة واحد إسمه (رالف أبيركرومبي Ralph Abercromby) .. اللي حصل بعد كده زي ما تشبهه بأن ماتش نهائي كأس إسبانيا بين ريال مدريد و برشلونة يتلعب في إستاد القاهرة .. اللي هو إحنا كمصريين إستفدنا إيه طب؟ إنتوا إسبان بتلعبوا علي بطولة إسبانية جايين عندنا ليه؟ .. الإنجليز نزلوا في أبوقير و إشتبكوا مع الفرنسيين و المعركة إنتهت بهزيمة الفرنسيين بس الأخ كرومبو ولا (أبيركرومبي Abercromby) اللي هو قائد القوات الإنجليزية مات هو كمان .. وسط كل الهري ده كله كان تاريخ حضارة مصر الفرعونية كله بيتفك شفرته في واحد من أعظم الإكتشافات العلمية في تاريخ البشر .. وسط الضرب و القتل و مين عايز يحتل مين كانت فيه خناقة تانية خالص في دنيا تانية خالص حول حجر رشيد أو Rosetta Stone.

يوم 20 أغسطس 1799 كان فيه شوية مهندسين عسكريين فرنسيين تحت قيادة نقيب إسمه (فرانسوا خافيير بوشارد Frrancois-Xavier Bouchard) شغالين علي تحسين الدفاعات بتاعة المعسكر اللي هم قاعدين فيه وكان إسمه معسكر جوليان Julien Fort في رشيد .. وهم شغالين هدوا سور قديم إكتشفوا تحته حجر رشيد .. حجر رشيد للي ميعرفش عبارة عن حتة حجر من الجرانيت الأسود علي شكل متوازي مستطيلات طوله 1.2  متر في عرض 70 سنتيمتر و سمك 28 سنتيمتر اللي هو مش كبير أوي بس الفكرة إنه كان محفور عليه كتابة ب3 لغات اللي هم اليونانية و الديموطيقية و الهيروغليفية.

النقيب ده خد الحجر زي ما هو و سلمه لمعهد مصر Institute of Egypt وده كيان أسسه (نابليون) عشان يبقي الجهة العلمية اللي كل العلماء و المهندسين و الدكاتره اللي هو جابهم معاه يبقوا تحتها و هناك اللي ماسك المعهد وكان إسمه (ميشيل أنجي-لانسيرت Michel-Ange Lancert) أول ما شافه و ميز إن عليه 3 لغات مختلفة إحنا عارفين نقرأ واحدة فيهم اللي هي اليونانية فإحنا ممكن بشوية شغل نقدر نستنتج إزاي نقرأ اللغتين التانيين ولو عملنا كده فإحنا نقدر نقرأ كل الكتابات اللي موجودة علي المعابد الفرعونية في مصر كلها .. سنة 1801 الحملة الفرنسية علي مصر إنتهت بإستسلام القوات الفرنسية لإنجلترا و الإنجليز إستلموا حجر رشيد و حطوه علي متن السفينة الفرنسية اللي هم أسروها HMS I’Egyptienne و نقلوها للندن عشان تتحط في المتحف البريطاني .. فين وفين سنة 1822 يعني بعد 21 سنة من إكتشاف الحجر فيه واحد فرنساوي إسمه (جين فرانسوا شامبليون Jean-Francois Champollion) قدر يفك شفرة الحجر.

حجر رشيد معروض في المتحف البريطاني في لندن.

الحملة الفرنسية علي مصر إستمرت حوالي سنتين و نص مات فيها الالاف من العساكر الفرنسيين من غير أي داعي لمجرد إن (نابليون) هبد هبدته و محدش قاله هو حضرتك بتقول إيه؟ .. بس لإن التاريخ مبيفتكرش العساكر اللي ماتوا قد ما بيفتكر الجنرالات اللي بيقودوا الحروب دي ف(نابليون) رجع فرنسا راسم نفسه علي إنه منتصر و بعدها أعلن نفسه إمبراطور فرنسا و دخل في حروب رهيبة مع إنجلترا .. يمكن إحنا كمصريين الحاجة الوحيدة اللي استفدناها منهم هو إكتشافهم لحجر رشيد و فكهم لشفرته.

المصادر:

مقالة بعنوان Napoleon’s Middle East Quagmire-Amazing Facts About the Disastrous Egypt Campaign .. مصيبة (نابليون بونابرت) في الشرق الأوسط – حقايق حتذهلك عن الحملة الفرنسية علي مصر .. نشرت علي موقع Military History Now وده لينك المقالة الأصلية:
https://militaryhistorynow.com/2018/06/19/napoleons-middle-east-quagmire-fascinating-facts-about-the-disastrous-french-campaign-in-egypt-and-syria/

مقالة بعنوان Napoleonic Wars: Battle of the pyramids .. حروب (نابليون): معركة الأهرامات .. نشرت علي موقع History Net وده لينك المقالة الأصلية:
http://www.historynet.com/napoleonic-wars-battle-of-the-pyramids.htm

مقالة بعنوان Napoleon’s Egypt campaign .. حملة (نابليون) علي مصر .. نشرت علي موقع ThoughtCo وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.thoughtco.com/napoleons-egyptian-campaign-1221695

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!