تابعونا

مذبحة ميدان تيانانمين .. ولابد من يوم موعود تترد فيه المظالم.

لما هونج كونج عملت متحف 4 يونيو عشان تخلد فيه ذكري مذبحة تيانمين و فتحته للزوار فكتير من الصينيين اللي راحوا يزوروه بدافع من الفضول إكتشفوا إنهم ميعرفوش حاجة عن اللي حصل.

27 سبتمبر، 2020 1.7 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/xnw2wiuhuifw

قصة النهاردة اللي حنحكيها دي من أكتر القصص اللي تجيب إكتئاب .. لو إنت بني أدم محبط ومكتئب فنصيحة لوجه الله إنفد بجلدك من المقالة دي .. في نفس الوقت قصة النهاردة لو حبيت تلخصها بجملة واحدة فإنت تقدر تختار تعبر عنها بكلمة “كله بيعدي” .. فعلياً الزمن بينسي كل حاجة .. أحداث القصة دي بتدور يومي 3 و4 يونيو 1989 وبتدور حول واحدة من أبشع الجرايم اللي عملتها حكومة في الشعب بتاعها .. بس المذهل فعلاً مش الجريمة .. اللي يخليك تضرب كف علي كف هو إزاي الحكومة زي ما تكون جابت للشعب زهايمر عشان ميفتكرش وينسي المصيبة اللي هي عملتها ..  في أخر المقالة إنت حتلاقي نفسك بتقول إن فعلاً كله بيعدي .. حتقول وراها حسبي الله ونعم الوكيل.

صورة من المظاهرات الطلابية المطالبه بالإصلاحات الديموقراطية وهي بتزحف علي ميدان تيانانمين في العاصمة الصينية بكين.

الحكاية بدأت بوفاة واحد اسمه (هو يوابانج Hu Yoabang) .. هو ابن فلاح بسيط في أرض زراعية زيه زي ملايين من أهل بلده .. وهو عنده 14 سنة إختار إنه يشيل بندقية ويحارب في الحرب الأهلية الصينية مع القوات الشيوعية .. جري الشريط كام سنة وبقي (هو) رجل تقيل في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين .. عشان تبقي فاهم الأحداث ومستوعبها تخيل إني بحكي قصة حصلت في مصر وقت ما كان ماسكنا (محمد حسني مبارك) الله يرحمه والحزب الوطني الديموقراطي بتاعه .. هو كان حزب واحد متحكم في كل حاجة في البلد .. (هو) كان رجل شايف إن البلد رايحة في ستين داهية والحقيقة إن مش هي دي مشكلته الوحيدة .. مشكلة (هو) إنه رجل ماشي بمبدأ كل واحد دماغه مريحاه والحقيقة إن فعلياً يعني الرجل ده دماغه كانت في حتة تانية خالص.

الصورة دي أُلتقطت فجر يوم 4 يونيو 1989 لمدرعة محروقة جرت وصت صفوف الطلبة المعتصمين في ميدان تيانانمين.

 يٌحكي أن سنة 1984 الرجل ده كان في زيارة رسمية لإقليم مانغوليا وهو هناك قال فكرة خلت كل اللي معاه في الزيارة يبلموا .. هو كان شايف إن لازم الصينيين يبطلوا ياكلوا بالعصايتين الخشب ولازم يبدأوا يستخدموا الشوك والمعالق في الأكل .. مش بس كده .. هو كان شايف إن لازم الصينيين يبطلوا حكاية إن الناس كلها تاكل من طبق واحد وإن كل واحد ياكل من طبقه اللي قدامه .. لما إتقاله إنت إيه الكلام اللي إنت بتقوله ده يا جدع إنت؟ كان رده إن دي الطريقة اللي الصين تقدر تحمي نفسها بيها من الأمراض المُعدية اللي بتدوس علي وش المجتمع الصيني كل سنة .. مش بس كده .. فيه واحد اسمه (ماو تسي تونج Mao Zedong) حاول تتخيل إن الرجل ده بالنسبة للشيوعيين الصينيين زي الرئيس (عبدالفتاح السيسي) للناس اللي بتؤيد المؤسسة العسكرية دلوقتي .. بالنسبة لناس كتير الرئيس (السيسي) هو الدولة والدولة هي الرئيس (السيسي) .. وقت (هو) ف(ماو) كان مات بس أفكاره لسه محفورة في دماغ الناس .. فلما تيجي إنت تتسأل من صحفي هو ياتري إيه الحاجة اللي كان بيعملها (ماو) اللي لازم الشعب الصيني يرجع يقلده فيها وتكون إجابتك إن مفيش ولازم ننسي الرجل اللي اسمه (ماو) ده ونرمي كل حاجة هو عملها في الزبالة فعايزك تبقي متخيل إزاي الناس كانت بتبص ل(هو) .. هو رجل ناجح جداً في شغله .. شاطر جداً في الإدارة .. كان ماسك الحزب الشيوعي لمدة 6 سنين .. بس معندوش لا عزيز ولا غالي .. معندوش مُسلمات .. معندوش أصنام بيعبدها .. بيحب يقول رأيه وبيحب يبقي في بيئة شغل بتسيبه يقول رأيه .. في ديمسبر 1986 كانت اللحظة اللي زمايله في الحزب بقوا شايفين إن (هو) طيب زيادة عن اللزوم وإن في الزمن ده الطيبين ملهمش مكان.

مئات الدبابات والمدرعات مالية شوارع العاصمة بكين يوم 5 يونيو 1989 بعد يوم واحد من مجزرة ميدان تيانانمين.

هو كان شايف إن الحزب الشيوعي لازم يخف إيده شوية من علي رقبة الطلاب ويسيبهم يقولوا رأيهم .. بسبب إنه كان عامل صداع في راس الحزب فهم قرروا يقلشوه في يناير 1987 .. يوم 8 إبريل 1989 الرجل قلبه مستحملش ومات بأزمة قلبية .. أخر الشهر الطلبة اللي هو قضي سنين من عمره يدافع عنهم قرروا إنهم ينتقموا لوفاته بإنهم بشكل تلقائي بشكل غريب قرروا يزحفوا علي ميدان تيانانمين في قلب العاصمة بكين .. حاول تتخيل برده إن ده حاجة شبه اللي حصلت يوم 25 يناير 2011 عندنا لما شوية شباب بشكل تلقائي قرروا يروحوا يباتوا في ميدان التحرير .. الطلبة الصينيين كانوا شايلين لستة طلبات .. عايزين إصلاحات ديموقراطية .. عايزين إنهاء الرقابة علي الإعلام .. عايزين إنهاء الرقابة علي حرية الرأي والتظاهر .. بإختصار إحنا عايزين الحزب الشيوعي كله علي بعضه كده شاكب راكب يروح في ستين داهية تاخده.

بنت صينية بتكتب يافطة عليها طلبات المعتصمين في ميدان تيانانمين .. الطلبة فضلوا معتصمين في الميدان لمدة شهر تقريباً لحد ما القوات المسلحة تدخلت لإخلاء الميدان فجر يوم 3 يونيو 1989.

من أواخر إبريل لحد أواخر شهر مايو والناس عماله تزيد في الميدان .. في الأول الحكومة قالت زي ما حصل عندنا في مصر إن الناس أخرها كام يوم ويزهقوا ويمشوا .. بس الناس مزهقتش .. والناس ممشتش .. الموضوع بدأ بمئات .. بعدها بقي 10,000 متظاهر .. علي أخر الأسبوع بقوا مليون .. الطلبة كانوا شايفين بعنيهم إزاي العالم بيتغير سنة 1989 .. شايفين بعنيهم والإمبراطورية السوفيتية بتقع .. شايفين إزاي نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بيترمي في الزبالة ومن جواهم حاسين إنهم ممكن وفيه أمل يبقوا جزء من التغيير ده .. يوم 15 مايو لما الزعيم السوفيتي (ميخائيل جورباتشوف Mikhail Gorbachev) زار بكين استقبلته مظاهرة من 300,000 طالب في الميدان .. فعلياً الطلاب اللي في الميدان كان عندهم أمل إن الجيش ميتدخلش .. كان عندهم أمل إن العساكر حيبقي عندهم ضمير وإن لما يتقالهم إضرب نار يا عسكري فالعسكري حيبص للظابط بتاعه ويسأله أضرب علي مين يا أفندم؟ أضرب أخويا وأختي وأبويا وأمي؟ .. حتي بعد قرار الحكومة إعلان الأحكام العرفية يوم 20 مايو كان لسه الطلبة في الميدان عندهم أمل.

أحد الطلاب بيتكلم في مايكروفون عشان يشجع المتظاهرين اللي معاه إنهم يثبتوا في مكانهم وميخافوش من وجود العساكر.

يوم 1 يونيو 1989 كان القرار إتاخد .. إحنا حنمحي الناس اللي في الميدان من الوجود .. زمان مكنش فيه إنترنت ومكنش فيه موبايلات .. عشان أيا كانت اللي حتعمله الحكومة الصينية محدش يشم بيه خبر طلع قرار بطرد كل الصحفيين الأجانب من الصين مع قرار إعلان الأحكام العرفية .. الساعة 12 بليل ليلة 3 يونيو 1989 بدأ العساكر الصينيين يتحركوا ويحاصروا الميدان من كل الإتجاهات .. فجر يوم 4 يونيو أكتر من 200,000 عسكري ومعاهم 100 دبابة دخلوا الميدان و ضربوا نار.

متظاهر من اللي كانوا معتصمين في ميدان تيانانمين كاتب يافطة بالإنجليزي معلقها علي ظهره قايل فيها .. أنا بحب الحياة .. أنا جعان .. بس أنا عندي أموت ولا إني أعيش من غير ديموقراطية.

العالم لحد يوم 6 يونيو مكنش عارف ولا كان عنده علم باللي حصل .. إحنا بدأنا نعرف ويجيلنا أخبار لما صحفيين أجانب فضلوا قاعدين في الصين لإنهم كانوا حاسين إن فيه مصيبة حتحصل سربوا صور وفيديوهات كانت صدمة للعالم كله .. يمكن أشهر صورة ودي الصورة اللي حتلاقيها علي النت لو عملت سيرش علي Google عن المذبحة دي هي صورة رجل إتسمي Tank Man أو رجل الدبابة .. الصورة دي أُلتقطت يوم 5 يوليو يعني بعد ما المذبحة حصلت فعلاً لمواطن صيني قرر يقف قصاد طابور دبابات كانت رايحة للميدان .. إحنا فعلياً منعرفش لا اسم ولا مصير الرجل ده .. الحقيقة إن دي مش بس الحاجة الوحيدة اللي إحنا منعرفهاش عن اللي حصل في المذبحة دي .. إحنا فعلاً منعرفش فيه كام واحد إتقتل؟

أم واحدة من المتظاهرين وهي بتترجي العساكر إنهم ميضربوش نار وزي ما إنت شايف العساكر أصلاً مش فاهمين هو فيه إيه ولا عارفين هم المتظاهرين دول عايزين إيه.

الحكومة الصينية بتقول إن اللي ماتوا كانوا 200 مدني من الطلبة اللي كانوا في الميدان .. قصاد إن الطلبة نفسهم بيقولوا إن اللي ماتوا عددهم وصل 3,400 … حط ده قصاد إن سنة 2017 المخابرات البريطانية MI6 نشرت تقرير كتبه واحد من عملاءهم في الصين وقت المذبحة قال إن عدد القتلي بالميت خالص وصلوا 10,000 والرقم ده المخابرات البريطانية جابته من جوه التقارير السرية بتاعة الحكومة الصينية .. زود عليهم 1,600 معتقل أخر واحد فيهم يطلع من السجن كان اسمه (مياو ديشون Miao Deshun) وطلع من السجن سنة 2016 .. عشان كتير مننا فاشلين في الحساب فالرجل ده فضل محبوس 27 سنة .. وصدقني لو قلتلك إن دي مش أغرب حاجة في القصة .. الغريب فعلاً هو إن الصين قررت إنها تنسي .. هم أساساً مش معترفين بإن المذبحة دي حصلت ولما إعترفوا بيها فهم حتي مش بيقولوا أسفين .. تعامل الحكومة الصينية مع المذبحة دي بيخليني فعلياً مؤمن فعلاً والله بإن إحنا كبشر ظالمين الشيطان .. الشيطان عمره ما حيعمل جريمة زي دي وحتي بعد ما يعملها ميعترفش بيها ولما يعترف بيها فحتي مش بيقول أنا أسف.

الناس وهي نازلة الشارع تروح شغلها تاني يوم عادي جداً .. أغلبهم برده مش فاهم هو إيه اللي حصل.

لما هونج كونج عملت متحف 4 يونيو عشان تخلد فيه ذكري مذبحة تيانانمين و فتحته للزوار فكتير من الصينيين اللي راحوا يزوروه بدافع من الفضول إكتشفوا إنهم ميعرفوش حاجة عن اللي حصل .. جيل كامل إتولد بعد سنة 1989 لا حد قاله عن اللي حصل ولا خدها في كتب التاريخ  .. لو إنت عايش في الصين وكتبت في أي Search Engine كلمة 4 يونيو فإنت ممكن تلاقي الإنترنت فصل من عندك .. لو في أي Search Engine برده كتبت كلمة Tiananmen اللي هو الاسم الإنجليزي للميدان فإنت غالباً اللي حيطلعلك هو صور سياحية للميدان .. الناس لما زاروا المتحف جاتلهم صدمة لدرجة إنهم إتهموا اللي عملوا المتحف بإنهم بيفتروا علي بلدهم .. فيه منهم الحماس خده لدرجة إنه كسر المتحف .. مش لسبب غير إنه مش مصدق إن ممكن حكومته تكون عملت جريمة زي دي.

اللي أنا خرجت منه الصراحة من قصة مذبحة ميدان تيانانمين هي إن فعلياً الطريق إلي جهنم مليان بناس كل اللي عملته في الدنيا إنها قالت تمام يا فندم .. لما تقف قدام ربنا مينفعش تقوله أصل أنا كنت بنفذ أوامر أو إني كنت خايف من المحاكمة العسكرية .. صدقني ده مش حيفيد .. ده قصاد الرأي اللي بيقول إن معلش يعني هو مش الصين دلوقتي هي ثاني أقوي إقتصاد في العالم؟ .. مش ده حصل عشان إن فيه ناس قررت إن اللي بيحصل في ميدان تيانانمين ده مينفعش يستمر و إن لولا الدم اللي سال مكنتش الصين بقت الصين دلوقتي؟ .. الناس دي بتقول إن الاستقرار له ثمن وأحياناً ثمنه بيكون الدم .. لو إنت من الناس المؤمنة بالرأي ده فحاول تفكر في إجابة السؤال اللي حقوله دلوقتي .. تفتكر الصين خسرت إيه يوم ما قررت إن الاستقرار ثمنه الدم؟ .. فكر فيها كده .. الصين حلوة علي رأي (جابر الشرقاوي) بس تفتكر لو كانت الصين مخسرتش روحها في اليوم ده كانت بقت فين؟ .. مش يمكن كانت عدت أميركا وبقت هي القوي العظمي الأولي في العالم؟ .. أنتوا فرحانين بالمركز الثاني مع إن اللي إتعمل في تيانانمين هو اللي خلاكوا عمركوا ما حتبقوا في المركز الأول .. تيانانمين .. تايوان .. التيبيت .. الإيغور .. ولابد من يوم موعود تترد فيه المظالم.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!