النهاردة عايزين نحكي مع بعض قصة بالنسبة لغالبية الناس مش حتبقي مهمة وملهاش معني .. من وجهة نظر ناس كتير قصة زي دي حتعتبر تضييع وقت ملوش لازمة بس خليني من دلوقتي أقولك الحكمة من ورا القصة دي وهي إن الروتين الحكومي سم قاتل .. الروتين الحكومي بيموت إمبراطوريات .. الروتين الحكومي حيكون هو السبب ورا إن أميركا تقع لا الصين ولا الروس .. قصة النهاردة لازم تتحكي براحة وبتسلسل الأحداث بتاعها عشان تشوف بعنيك إزاي الروتين الحكومي ده حاجة بنت تييييييت حتجيب أجلنا كلنا.
البداية كانت سنة 2006 لما الأمريكان كان طالع ميتينهم في العراق وقت ما الحرب الأهلية العراقية كانت مولعة .. في يوم من أيام السنة السودا دي كان فيه طيار أمريكاني اسمه (راج شاه Raj Shah) بيطير بطيارة F-16 Fighting Falcon وهو طاير في أمان الله جاله أمر بإنه يروح مكان معين عشان يضربه .. (راج شاه) جاتله الإحداثيات بتاعة الهدف بتاعه بس شاشة العرض بتاعة GPS بتاعته هو زي ما يكون نزل عليها سهم الله .. لا عايزه تقوله هو فين ولا عايزه تقوله يروح إزاي .. حاجة كده زي ما تشغل Google Maps وميرضاش يقولك تروح المكان اللي إنت عايز تروحه إزاي وبيطلعلك لسانه .. طبعاً المهمة إتلغت و(راج شاه) رجع تاني القاعدة بتاعته وكان حيطلع أجازة كام يوم وهو في الأجازة إشتري حاجة إسمها iPAQ وده كان النسخة الأولانية خالص من iPad لإن متنساش إن الكلام ده كان في 2006 وراح لواحد بتاع IT ينزله عليه برنامج Maps من اللي بيتباعوا في السوق .. (راج شاه) بعدها بقي بيطير بطيارته ومعاه الiPAQ بتاعه وعليه برنامج Maps بتاعه ومبقاش يستخدم جهاز GPS اللي جاي مع الطيارة اللي متكلفة ملايين الدولارات.
فين وفين قيادة سلاح الجو خدت بالها من اللي بيعمله (راج شاه) فسألوه ليه كده يا إبني هي الطيارة F-16 زعلتك في حاجة؟ .. رده كان إن دلوقتي التكنولوجيا اللي بتتباع في السوق بقت قريبة أوي من التكنولوجيا العسكرية اللي في الخدمة .. بمعني أخر .. مش معني إن حضرتك مهندس متخرج من الكلية الفنية العسكرية وشغال علي صيانة الMotherboard بتاعة كومبيوتر توجيه طيارة F-16 إن مينفعش شاب فاتح محل تصليح كومبيوترات يعرف يعمل نفس الشغلانة اللي إنت بتعرف تعملها .. ليه؟ .. أصل زي ما إنت بتصلح Motherboard هو كمان بيصلح Motherboard بس الفرق إن حضرتك بتصلح كومبيوتر توجيه صواريخ طيارة وهو بيصلح كومبيوتر يتلعب عليه FIFA 2021 .. لكن تكنولوجيا Hardware و Software بقت تقريباً هي هي .. فين وفين برده لما جت سنة 2015 وزير الدفاع وقتها (أشتون كارتر Ashton Carter) وده كان أخر وزير دفاع في فترة حكم (باراك أوباما) بيقرر يعمل حاجة إسمها DIUx .. تطلع إيه بقي البتاعة دي؟
دي إختصار Defense Innovation Unit-Experimental يعني الوحدة المسئولة عن الإبتكار جوه وزارة الدفاع ودي المسئولة عن إزاي كل ما شركات التكنولوجيا المدنية تطلع حاجة جديدة يسألوا نفسهم يا تري التطبيق العسكري للتكنولوجيا دي ممكن يبقي إيه؟ .. عشان من اللي أنا لسه قايله الناس دي المفروض يبقوا حاطين مناخيرهم جوه سوق التكنولوجيا المدنية فمكنش ينفع يبقي مقر شغلهم من جوه وزارة الدفاع .. إذا كان هنا في مصر الحكومة عملت القرية الذكية اللي علي طريق القاهرة-الإسكندرية الصحراوي عشان تبقي المكان اللي كل شركات البلد مقراتها فيه فبرده الأمريكان عاملين حاجة كده بس اسمها وادي السليكون Silicon Valley في مدينة كاليفورنيا .. حزر فزر مين اللي مسك الإدارة دي؟ .. (راج شاه).
طبعاً إنت دلوقتي عمال تقول شايفين الناس اللي بتفهم جتنا نيلة في حظنا الهباب .. إتقل يا عينيا متستعجلش .. من أول يوم الوحدة دي إتفتحت وكان فيه مشكلة كبيرة بينها وبين الناس اللي هي المفروض تشتغل معاهم اللي هم شركات القطاع الخاص في مجال التكنولوجيا .. لو إنت شغال مبرمج أو Developer فإنت حتفهم كلامي ده كويس .. إنت لو في شركتك إتقالك عندنا إجتماع فإنت بتبقي عارف إن الإجتماع ده إتعمل عشان فيه مشكلة معينة والإجتماع ده مش حيخلص إلا لما الناس اللي في الإجتماع تلاقي حل أو يطلعوا بقرار .. في المؤسسة العسكرية الأميريكية الدنيا مش كده .. الناس دي مش علي قلبها مراوح دي علي قلبها تكييف مركزي.
إنت في الأول بتعمل إجتماع ففي وسط الإجتماع بيلاقوا إن فيه حد المفروض كان يتعزم يبقي حاضر بس محدش عمل حسابه ففي أخر الإجتماع بيتفقوا إننا لازم نعمل إجتماع تاني .. طب لو ربنا كرمكوا من الإجتماع الأولاني والناس كلها اللي كان المفروض تحضر جت فساعتها الإجتماع بيخلص إن الفرع من الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة اللي الإجتماع ده إتعمل عشانها وليكن مثلاً إن الإجتماع إتعمل عشان مشكلة أجهزة GPS علي طيارات F-16 فالناس بتاعة سلاح الجو بتكتب تقرير يتحط فيه المتطلبات Requirements بتاعة قيادة الفرع وليكن مثلاً إن أجهزة GPS اللي موجودة في الطيارات اللي في الخدمة تتشال ويتحط مكانها أجهزة جديدة .. التقرير ده بيروح لوزارة الدفاع اللي بتاخده وتكتب هي تقرير عليه بيتسمي طلب مقترح Request for Proposal وليكن مثلاً يعني إنهم عايزين بيحددوا مواصفات أجهزة GPS اللي عايزينها تتركب علي الطيارات .. التقرير الثاني ده بيروح للشركات اللي شغاله في تصنيع أنظمة GPS علي الطيارات وكل شركة بتقدم التصميم بتاعها .. بعد كده بتتعمل لجنة من قيادة سلاح الجو لتقييم التصميمات دي ولو لقوا تصميم أو تصميمين حلوين بيتضمي عقد مع الشركات اللي صممتهم عشان يعملوا نموذج أولي Prototype .. بعد كده بتتعمل لجنة عشان يختبروا ويقيموا Prototypes دي ولو عجبهم واحد بيتمضي عقد شراء الجهاز الجديد.
إنت مستوعب المشكلة فين؟ .. المشكلة إن التقارير واللجان دي بتاخد سنين .. سنين يعني في الوقت اللي إتاخد من أول ما التصميمات إتقدمت لحد ما Prototype إتوافق عليه وبعد كده Prototypes دي دخلت الخدمة فتقريباً نزل للسوق موديل أو موديلين أحدث .. مع الوقت التكنولوجيا اللي بقت بتنزل للناس في الشارع بقت يا بتعادل يا بقت أحدث من التكنولوجيا اللي العساكر بيستخدموها .. طب بلاش كل ده .. دلوقتي إنت الناس اللي كتبت التقارير الأولانية خالص اللي حطت فيها طلباتهم مبقاش ليهم علاقة بالمنتج النهائي اللي العساكر بيشيلوه .. ده هري وقت وفلوس بس الأسوأ من كده إن الSystem ده بقاله سنين بيتطبق لدرجة إنه بقي بيتطبق عليه مقولة هذا ما وجدنا عليه أباؤنا وأجدادنا وده اللي (راج شاه) وإدارة DIUx كان دورها إنها تغيره .. بس فضلت مشكلة .. الروتين.
القانون بيقول إن لازم System يكمل .. لازم تقارير ولجان ومناقصات وفتح أظرف .. لازم إمضة مدام (عفاف) في الدور الرابع ولازم ختم النسر علي الورق .. بالشكل ده أي شغل تعمله DIUx حيبقي غير قانوني .. هو حيبقي شغل صح وبيجيب نتايج زي الفل بس غير قانوني .. وزير الدفاع (أشتون كارتر) لقي مخرج من الخازوق ده اسمه OTA ودي إختصار Other Transaction Authority وده عبارة عن قانون بيدي للجهات السيادية حق إنها تدي مشروع معين بالإسناد المباشر لمقاول معين عشان هو أنسب حد يعمل الشغلانة وإحنا مستعجلين عليها .. علي فكرة OTA أو الإسناد المباشر ده مش حاجة جديدة بالعكس .. بسبب OTA دي وكالة NASA قدرت تبعت رواد فضاء للقمر والكلام ده في الستينات .. بسبب OTA فوكالة زي داربا DARPA بدأت تشتغل علي مشروع إعادة هيكلة منظمة الحماية الأليكترونية للحكومة الأميريكية وبسبب OTA إدارة DIUx بدأت تشتغل.
سنة 2018 كانت السنة اللي اسم DIUx إتغير بقي DIU بس من غير الإيكس وكمان دي السنة اللي مسكها فيها واحد اسمه (مايكل براون Michael Brown) واللي الحقيقة الCV بتاعه مرعب .. الرجل ده قبل ما يمسك DIU كان مدير إدارة التكنولوجيا جوه البيت الأبيض في إدارة (باراك أوباما) وده كان من أوائل الناس اللي كتبت تقارير قال فيها إن الصين حتبقي هي التهديد الأكبر للأمن القومي الأميريكي في السنين الجاية .. قبل ما يشتغل في البيت الأبيض كان CEO لشوية شركات قطاع خاص شغالة في مجال التكنولوجيا زي Symantec و Quantum Corporation .. خلال سنتين بس تحت إدارته تلاقي إن DIU مضت عقود 95 نموذج أولي Prototypes تقريباً نصهم بقوا أسلحة بتخدم في القوات المسلحة الأميريكية .. شغل (مايكل براون) جوه الإدارة بقي واضح للناس كلها والناس الكبيرة جوه وزارة الدفاع والناس اللي ماسكة شركات القطاع الخاص الأمريكاني بقوا شايفينه الشخص المناسب إنه ينقل التكنولوجيا العسكرية الأميريكية للمرحلة الجاية .. مستني الخازوق إنت صح؟ .. أهو جاي أهو.
يوم 28 مايو 2020 فيه موظف في وزارة الدفاع اسمه (بوب إنجيجنيري Bob Ingegneri) قدم شكوي رسمية ضد (مايكل براون) إنه مش ماشي زي القانون عشان البيه بيجيب صحابه يشتغلوا لحساب الإدارة وبيدفعلهم مرتبات عالية ودي حاجة ضد اللوايح بتاعة الوزارة .. الشكوي راحت للشئون القانونية والمحامي بتاع الإدارة كتب تقرير من 80 ورقة قال فيه إن الشكوي بتاعة (بوب إنجيجنيري) دي هراء لإنه بصفته موظف معندوش علم بالدنيا ماشية إزاي من ورا الكواليس فهو ميعرفش إن DIU شغاله علي حس قانون OTA والفلوس اللي بتروح كمرتبات للمهندسين والمستشارين المدنيين اللي بيشتغلوا بارت تايم لحساب الإدارة بيتوافق عليها من وزير الدفاع شخصياً .. لحد هنا الموضوع إتقفل .. جري الشريط لحد إبريل 2021 إتقال إن إدارة الرئيس (جو بايدن Joe Biden) بترشح (مايكل براون) إنه يمسك منصب نائب وزير الدفاع للمشتريات .. لو ده حصل فكده النظام بتاع هذا ما وجدنا عليه أباؤنا وأجدادنا حيتشال .. الطريقة اللي وزارة الدفاع بتختار سلاحها كلها حتتغير .. نقلة نوعية في عقلية Mentality أكبر قوة عسكرية علي الأرض .. هنا يجي دور الخازوق التاني.
عشان (بوب إنجيجنيري) فكرة والفكرة لا تموت قام رجع تاني قدم شكوته هي هي بس للجهاز المركزي للمحاسبات بتاع أميركا وزود عليها كام مقالة مكتوبين علي كذا موقع من اللي بيكتبوا في مواضيع تخص التسليح وكده .. شكوي زي اللي قبلها مكانها الزبالة بس عشان إنت عارف الروتين لازم ياخد مجراه فرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات طلع قال إن نتايج التحقيق في الشكوي اللي قدمها (بوب إنجيجنيري) ممكن تطلع بعد حوالي سنة .. فكر فيها كده .. سنة كاملة حتروح وفلوس حتتصرف عشان خاطر يكتبوا تقرير بخصوص شكوي أنا بقولك من دلوقتي أهو مكانها الزبالة .. ده خلي الناس اللي حول (جو بايدن) تكلم (مايكل براون) إننا مش حينفع نعينك دلوقتي نائب وزير الدفاع لشئون المشتريات وخليك في منصبك مؤقتاً مدير DIU.
بعد شوية عرفنا إن المشكلة إن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ده نشف دماغه وطلع قال إن التحقيق حياخد سنة كاملة مش لسبب غير إنه كان عارف إن (مايكل براون) مترشح عشان يبقي نائب وزير الدفاع للمشتريات بس هو حب يبوظله التعيين .. ليه؟ .. عشان البيه مش عاجبه OTA وشايف إن ده إهدار مال عام .. هو شايف إن أمر الإسناد المباشر ده رجس من عمل الشيطان وبناء عليه بما إن (مايكل براون) بيشتغل بيه فهو حينكد عليه عيشته .. إنت متخيل كم الهري؟
إنت قدام وضع إن الرجل اللي تنبأ بإن أميركا حتخش حرب مع الصين وإن الرجل اللي كان حيبقي مسئول عن إعادة هيكلة نظام المشتريات في القوات المسلحة الأميريكية مش حيشتغل وفيه ناس شايفه إن قرار عدم تعيينه ده كلف أميركا مواجهتها الجاية .. تيجي تسأل ليه؟ تلاقي الإجابة إن عشان فيه ناس مؤمنة بفكرة هذا ما وجدنا عليه أباؤنا وأجدادنا .. مش مشكلة نصرف مليارات تترمي علي الأرض .. مش مشكلة مشروع مياخدش كام شهر تلاقي سحب مننا سنين من عمرنا وفوق ضعف ميزانيته .. مش مشكلة كل ده طالما القانون بيقول كده .. مش عاجبكوا غيروا القانون .. الروتين سم قاتل مش بيفرق معاه يقتل مين سواء دولة تحت بير السلم أو قوة عظمي علي مستوي العالم.
المصدر:
- مقالة بعنوان The National Security Disaster You Probably Missed Last Week نشرت في مجلة Slate وده لينك المقالة الأصلية:
https://slate.com/news-and-politics/2021/07/weapons-acquisition-pentagon-nomination.html
