لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/psLZG
واحدة من المسلمات اللي جيلنا دايماً بشكل تلقائي بينساها إن مفيش حاجة في حياتنا ينفع يتقال عليها فعلاً جديدة .. فكر فيها كده .. الإنترنت؟ من السبعينات والفكرة بتتطبخ .. العربيات اللي بالكهرباء؟ (إيلون ماسك Elon Musk) أسس شركة Tesla Motors سنة 2002 يعني من أيام ما الظاهرة (رونالدو Ronaldo) كان مكسر الدنيا .. جيلنا بس شاف الفكرة وهي طالعة من الفرن سخنة وملهلبة بس الحقيقة إن الفكرة بتتعمل في المطبخ بقالها سنين ومن ضمن الأفكار اللي بينطبق عليها ده الطيارات بدون طيار Drones .. في الوقت اللي إحنا شايفين إن Drones هي مستقبل الحروب فهل لو جيت قلتلك إن أول إستخدام ناجح ليها في ميدان معارك كان سنة 1966 حتصدقني؟ .. دي القصة اللي حنحكيها النهاردة بس إذا كانت Drones هي بطلة القصة فإنت لازم تتعرف الأول علي الشرير والحقيقة إن الشرير في القصة دي إنت عارفه كويس وسمعت إسمه قبل كده .. هل يا تري إسم صواريخ سام المضادة للطيارات عدت عليك قبل كده؟
1 مايو 1960 .. ليلة سقوط (جاري باورز Gary Powers):
مش أسلحة كتير في الدنيا اللي ممكن تخوف الأمريكان بص صدقني لو قلتلك إن جه وقت عليهم كانوا بيترعبوا من مجرد سيرة صواريخ سام .. بداية إن الإتنين يتعرفوا علي بعض كانت حرب فيتنام واللي في بدايتها فيتنام الشمالية مكنش حيلتها غير يدوبك 6 بطاريات صواريخ سام والكلام ده كان في 1964 .. جري الشريط 3 سنين كمان اللي هي سنة 1967 وفيتنام الشمالية كان تحت إيدها 500 بطارية صواريخ سام قارفين عيشة الطيارين الأمريكان .. الصواريخ دي كانت بتيجي وبتتركب علي إيد مهندسين سوفييت اللي كانوا كمان بيمرنوا ضباط الدفاع الجوي الفيتناميين والحق لازم يتقال إن الفيتناميين كانوا بيفهموا فشخ في حتة إزاي ينكدوا علي الأمريكان عيشتهم ودي نقطة محتاجة تبقي مشروحة كويس.
دلوقتي فكرة صواريخ سام سهلة جداً وهي حاول تتخيل الصاروخ نفسه كأنه كلب إنت مربيه ومشرسه عشان لما تشوف حد إنت متخانق معاه تقول للكلب بتاعك شايف البني أدم اللي هناك ده روح إنهشه .. في المثال ده إنت تبقي الرادار الأرضي اللي بتدي الكلب أو الصاروخ هدف عشان يجري وراه .. بمجرد ما الكلب بيجري فهو بدأ يشغل الرادار بتاعه هو عشان الكلب أو الصاروخ يجري ورا الطيارة اللي إنت عايز توقعها .. لحد هنا جميل .. الأمريكان كانوا حيموتوا ويفهموا هو الرادار اللي علي صواريخ سام دي بيشتغل إزاي وفي نفس الوقت الفيتناميين كانوا عارفين إن الأمريكان عايزين يوصلوا للسر ده وعشان كده هم تفننوا الحقيقة في إزاي يخلوا الأمريكان يشدوا في شعرهم .. مبدأياً بطاريات الدفاع الجوي بتاعتهم مكانتش ثابته في مكانها وكانت دايماً بتتحرك .. ضابط الرادار مش بيسيب الرادار بتاع الصاروخ شغال إنما بيعتمد علي الرادار الأرضي بتاعه وبمجرد ما يلقط هدف يقوم مشغل الرادار بتاع الصاروخ وهو بينطلق بحيث ميبقاش متاح غير كام ثانية بس لحد ما الصاروخ يوصل لهدفه.
يبقي المرعب قاهر قلوب العذاري من وسط عيلة صواريخ سام دي كلها هو سام-2 أو SA-2 Guideline واللي فيه ناس بتسميه S-75 Dvina .. أيا كان الإسم اللي إنت حتسميه بيه فعايزك تعرف إن ده أكتر صاروخ دفاع جوي أٌستخدم في تاريخ البني أدمين .. زيه زي التليفون الأرضي القديم ده بتاع زمان صحيح كان نقلة نوعية في الإتصالات بس ده ميمنعش إنه كان تقيل لدرجة إنه كان سلاح القتل المستخدم في أغلب أفلام الجريمة بتاعة زمان .. صواريخ SA-2 Guideline الروس كانوا مطلعين عليه إسم الدلع عمود التليفونات المتنقل بسبب إنه كان فعلاً ضخم وطويل .. ده صاروخ طوله معدي 10.5 متر وقطره متر ووزنه 180 كيلوجرام .. بس شوف يا أخي رغم كل ده إلا إنه كان ولا The Flash في فيلم Justice League .. صاروخ بيقدر يطير بسرعة 3 ماخ يعني ب3 أضعاف سرعة الصوت .. بس يمكن الميزة اللي كانت بتحطه في حتة تانية خالص هي إنه كان برأس متفجر بتتسمي Fragmentation Warhead يعني هو أقرب للبندقية الرش من إنه يبقي شبه صاروخ .. الرأس المتفجر ده بينفجر والصاروخ علي بعد كذا متر من الطيارة اللي هو عايز يوقعها بحيث شظايا الإنفجار الكتير هي اللي بتوقع الطيارة.
يوم 1 مايو 1960 كان اليوم اللي الأمريكان فعلاً قالوا لنفسهم إحنا مينفعش نسكت علي اللي بيحصل ده .. في اليوم ده أُسقطت طيارة إستطلاع U-2 بيطير بيها كابتن طيار (جاري باورز Gary Powers) بصاروخ SA-2 Guideline وهو طاير فوق ألمانيا الشرقية وإتأسر بعد ما قدر يطلع من حطام طيارته بالبراشوت .. قصة تحريره إنت تقدر تشوفها في الفيلم الرائع Bridge of Spies من بطولة (توم هانكس Tom Hanks) ولو متفرجتش عليك أنصحك إنك تشوفه .. بس هو السؤال دلوقتي نوقف الصواريخ دي عند حدها إزاي؟
براحة كده وتعالي نفكر فيها سوا .. دلوقتي إحنا عايشين سنة 1960 وبناء عليه عشان طيارتي أحميها من صواريخ SA-2 Guideline عندي حل من إتنين .. يا إما أخلي طيارتي الرادار ميلقطهاش بس للأسف لسة تكنولوجيا Stealth اللي دلوقتي في طيارات F-35 Lightening II و F-22 Raptor مش متاحة .. الحل الثاني إن لما طيارتي تتلقط ولما ضباط الدفاع الجوي الفيتنامي يضربوا عليا صاروخ فأنا في الكام ثانية اللي قدامي من لحظة ما الصاروخ ينطلق لحد ما يجيب أجلي أقدر أشوش علي إشارة الرادار بتاعة الصاروخ نفسه .. جميل .. واضح إن الحل الأولاني مقفل في وشنا ومفيش قدامنا غير الحل الثاني .. المشكلة إني مش كل شوية حبعت طيارة بطيار عشان نجرب طريقة جديدة إننا نلقط إشارة الرادار بتاعة صواريخ SA-2 Guideline والطيارة تقع والطيار يتأسر .. (توم هانكس) مش فاضيلنا .. هنا جت الفكرة اللي تستاهل سيجارة عنابي .. الطيارات بدون طيار.
دلوقتي المشكلة واضحة وبسيطة .. إحنا عندنا طيارات إستطلاع زي SR-71 Blackbird وزي U-2 صارفين عليها دم قلبنا وحاطين عليها أجهزة إتصالات ومراقبة وتصوير بملايين .. هي بس المشكلة إن الأجهزة دي كبيرة شوية ومش حتكفي إنها كلها تتحط جوه طيارة صغيرة .. الحل للمشكلة دي تكفلت بيها شركة لحد كام سنة فاتت الملفات السرية لوكالة المخابرات المركزية الأميريكية CIA مقالتش إسمها هي اللي عرفت تحلها .. الشركة دي إسمها رايان للطيران Ryan Aeronautics .. الناس دي من سنة 1948 وهم بيعملوا طيارات بدون طيار صغيرة وبيبيعوها للقوات البحرية والجوية بحيث الطيارين يتمرنوا عليها بإنهم يوقعوها .. إسقاط طيارة (جاري باورز) خلاهم يسألوا نفسهم هو يجري حاجة لو لعبنا شوية في أبعاد الطيارة بحيث نركبلها خزان بنزين وكاميرا وهوبا بقت طيارة إستطلاع ؟ .. شوية والطموح خدهم وعملوا طيارة وزنها حوالي 80 كيلوجرام بتقوم بنفس شغل طيارة إستطلاع وزنها 630 كيلوجرام ومن هنا إتولدت الطيارة Model 147 وفيه ناس بتسميها AQM-34 وفيه ناس بتسميها Firebee أو النحلة المولعة.
13 فبراير 1966 .. يوم شروق عملية الجهد المشترك:
مهم تكون عارف إن واحد من أهم المباديء اللي بتحكم حياتنا كبني أدمين هو إن الحاجة هي أم الإختراع .. حضرتك كرجل مش بتقوم الصبح في يوم من أيام الشتاء وإنت بتحتسي كوباً من القهوة وبتقرر في لحظة ساحرة إنك تقرر تتعلم إزاي تعمل فراخ بانيه .. حضرتك بتخش علي النت تعرف طريقة عمل الفراخ البانيه عشان حضرتك متغرب وقاعد في شقة لوحدك ومفيش حد يطبخلك ومعدتك وجعتك من أكل الشارع .. نفس الكلام في حالة الطيارة 147 .. الطيارة دي إتصممت سنة 1948 عشان الطيارين بتمرنوا عليها بس بسبب الرعب اللي شافه الأمريكان من بطاريات صواريخ سام فهم الأول قالوا لنفسهم مش لازم نبعت طيارات إستطلاع بطيارين عشان تصور اللي بيعمله الروس وممكن نبعت الطيارات الصغيرة دي .. دي كانت بداية الفكرة .. أرجع وأقولك إن إستخدام الطيارات بدون طيار في الإستطلاع وجمع المعلومات إنت متخيل إنها فكرة جديدة بس مش دي الحقيقة .. أرجع وأقولك إن صدمة إسقاط طيارة (جاري باورز) لعبت في سلوك مخ الأمريكان.
هم في البداية قالوا إن طيارة نقل عسكرية طراز C-130 Hercules حتشيل طيارتين 147 بحيث كل طيارة تتشال علي جناح .. لما الطيارة تقرب من المجال الجوي الروسي فالطيارات بدون طيار بتنطلق وبتطير لوحدها وهنا إنت عندك طريقتين .. أول طريقة إنك تبرمج الكومبيوتر بتاعها عشان يمشي في مسار معين .. أو إن يبقي فيه طيار قاعد جوه الطيارة C-130 Hercules ومعاه Joystick وبيتحكم هو في الطيارة 147 عن طريق إشارة راديو .. أرجع وأقولك هي هي فكرة Drone بتاعة دلوقتي والكلام ده كان في الستينات .. تصميم الطيارة 147 نفسه كان بيخليها مثالية جداً للنوع ده من المهمات اللي هو تطير فوق أرض العدو تصور اللي هي عايزاه من غير ما حد ياخد باله .. هي كانت طيارة صغيرة بحيث عرضها من الجناح للجناح يدوبك 4 متر .. أقصي سرعة ليها 1120 كيلومتر في الساعة وده سببه إن متركبلها موتور نفاث J69-T-29 بحيث جسمها كلها متصنع من الفايبرجلاس ويا سيدي حطلها شوية زعانف من اللي بتكسر موجات الرادار وحطلها مصفاة في سكة الهواء اللي داخل للموتور النفاث وهوبا بقي عندك طيارة إلي حد كبير ليها خاصية Stealth يعني بتختفي من الرادار .. أقسملك بالله الكلام ده كان بعد سنة 1960 .. بمجرد ما الطيارة تصور اللي هي عايزاه فالطيار اللي بيتحكم فيها بيطير بيها لأقرب مكان أمن وبيخليها تهبط ببراشوت بحيث فيه فرقة بحث وإنقاذ من القوات الخاصة بيكونوا مستنيينها في المكان اللي هي حتهبط فيه عشان ياخدوها والأهم ياخدوا الفيلم بتاع الصور اللي هي صورتها.
شوية وقالوا لنفسهم هو إحنا حنفضل خايفين كده لحد إمتي .. إحنا بقينا بنخاف نطير بالطيارين بتوعنا فوق أي حتة فيها بطاريات صواريخ سام .. ده مش منظر قوة عظمي .. الناس حتاكل وشنا ولازم نلاقي حل .. الفكرة إن زي ما قلتلك في الستينات كانت لسه تكنولوجيا Stealth مش واقفه علي رجلها وبالتالي كان لازم الأمريكان يلاقوا الحل الوسط وهو إنك بطريقة ما تخلي طياراتك تقدر تشوش علي إشارة الرادار بتاع صواريخ SA-2 Guideline بس عشان تشوش علي الإشارة دي لازم أساساً تبقي عارف هي الإشارة دي إيه وترددها إيه وطولها الموجي إيه .. عشان تعرف الإجابة علي كل الأسئلة دي إنت محتاج تبعت طيارة 147 عليها أجهزة حرب أليكترونية وتتعمد إنها تتلقط وتخليها واقفه في الجو وصاروخ SA-2 Guideline جاي عليها بيزغرط وهو بيوقعها عشان في الكام ثانية من لحظة إنطلاق الصاروخ لحد ما يوقع الطيارة هي تقدر تلقط إشارة الرادار بتاعته وتنقلها بالقمر الصناعي أو بأي طريقة تانية للناس بتوع المخابرات الأميريكية .. لحد دلوقتي الفكرة تبان سهلة بس أرجع وأفكرك للمرة اللي نسيت هي الكام إنك بتتكلم عن الستينات يعني عن فترة التكنولوجيا مش بس بتاعة Software إنما Hardware نفسها كانت بدائية جداً يعني مثلاً:
- الAntenna اللي هي الإريال اللي بيتركب علي الطيارة عشان يلقط إشارة الرادار بتاعة صاروخ SA-2 Guideline كان كبير فشخ وقتها فكان ده بيسبب Drag رهيب للطيارة أو قوة مقاومة الهواء ليها وهي طايرة بتبقي عالية جداً وده إحتاج شهور من مهندسين طيران إنهم يشتغلوا علي Aerodynamics بتاعة الطيارة .. دلوقتي Antenna دي في الطيارات الجيدة قد كف إيدك.
- الComputing Power لProcessors وقتها كانت بدائية يعني عايز أقولك إن Processing Chip اللي في ريموت عربيتك اللي بيقفلك الCentral Lock ده أعفي من الComputer اللي كان بيطير بطيارة بدون طيار في الستينات .. ده كان معناه إنك مينفعش تبعت طيارة واحدة عشان تلقط هي إشارة الرادار بتاعة الصاروخ وهو جاي عليها إنما إنت بقيت مضطر تقسم الشغلانة دي علي 3 طيارات بحيث عملية لقط الإشارة وإرسالها حتتقسم علي مراحل وده في هندسة الإتصالات بيسموه Multiplexing.
- عشان وقتها لسه تكنولوجيا الأقمار الصناعية مكنتش أحسن حاجة في الدنيا فكان اللي حيلقط الإشارة من ال3 طيارات 147 حتكون طيارة إستطلاع تانية RB-47H Stratojet.
- التحكم في الطيارات بدون طيار دي لوحده كان فيلم رعب .. دلوقتي إنت بتعتمد علي إشارة Data Link بتربط بينك وبين الطيارة عن طريق قمر صناعي .. زمان مكنش فيه الكلام ده .. زمان كانت الطيارة C-130 Hercules اللي بتكون شايله الطيارات بمجرد ما ترميهم بيكون فيه طيار قاعد علي كرسي معاه Joystick بيتحكم هو في الطيارات بJoystick عن طريق إشارة راديو .. الكومبيوتر نفسه اللي كان بيتحكم في الليلة دي كلها مكنش كومبيوتر زي اللي عندك في البيت أو بتقعد عليه في الشغل إنما كانوا Racks بتترص جنب بعضها جوه الطيارة وبتتبرد بمروحة زي مروحة بيتكوا .. لو حصل ومروحة فيهم فصلت فإنت بيبقي قدامك كام دقيقة والكومبيوتر حيفصل بسبب إرتفاع درجة حرارته فمهندس الكهرباء اللي علي الطيارة C-130 Hercules بيبقي مطلوب منه في أقل من دقيقة يشيل المروحة اللي باظت ويركب مكانها المروحة الإستبن عشان لو الكومبيوتر فصل فالطيار اللي بيتحكم في Drone حيفقد إتصاله بيها والطيارة حتقع لوحدها ودي حتبقي مصيبة سودا لأسباب إنت أكيد متخيلها.
سنة 1962 الأمريكان بقي عندهم 3 طيارات 147 متركب عليهم الAntenna بتاعتهم وبقوا جاهزين يتجربوا وجم قالوا يلا نجربهم في كوبا وبفكرك إن ده في الوقت اللي لسه الأمريكان كانوا رايحين في سكة اللي بيروح مبيرجعش في أزمة الصواريخ الكوبية .. المهم إن ال3 طيارات طاروا فوق كوبا والأمريكان مستنيين إن بطاريات الدفاع الجوي الكوبية تضربهم بس ولا الهوا .. المشكلة كانت إن Radar Cross Section بتاع الطيارات مش أي ضابط دفاع جوي يقدر يميز إنه طيارة إستطلاع .. طب والحل؟ .. قالك طب إيه رأيك نثبت في الطيارات إسطوانة معدن بحيث الRadar Cross Section بتاعها يبقي شبه طيارة الإستطلاع U-2 اللي لو شفت صورها حتحس إنهم جابوا قلم رصاص طويل شوية وركبولها جناحين وموتور وطيروه .. طبعاً الحل ده إحتاج إنك تعيد الخطوات هي هي تاني .. حتجيب مهندسين طيران يلعبوا في Aerodynamics .. حتجرب الكومبيوترات عشان تتأكد إنها شغاله .. في واحدة من التجارب دي فيه واحدة من الطيارات الثلاثة إتحطمت وبقي فاضل إتنين بس .. شغل كتير فشخ قعد حوالي سنتين بس الوضع في كوبا سنة 1964 إتغير ومبقاش ينفع إنها تتجرب هناك .. طب والحل؟ .. قالك تعالي نجربهم في كوريا الشمالية .. جميل .. راحوا جربهوهم هناك ومع أول تجربة الطيارتين وقعوا فعلاً بصواريخ SA-2 Guideline زي ما كان متخططلهم بس بسبب مشكلة بطء Hardware وعشان ضباط الدفاع الجوي الكوريين الشماليين جامدين زحليقة في إستخدامهم لبطاريات صواريخ سام- 2 فالطيارات ملحقتش تبعت إشارة الرادار قبل ما يقعوا.
كان واضح إن المشكلة في الوقت .. دلوقتي إنت الطيارات بدون طيار دي بتطير علي إرتفاع واطي وبالتالي بيبقي عندك ثواني من لحظة ما الصاروخ يطلع لحد ما يوقع الطيارة ومفيش Hardware وقتها كان متطور بما يكفي إنه يلحق يلقط إشارة الرادار ويبعتها في الكام ثانية دول .. إنت محتاج وقت أطول .. وقت أطول يعني الطيارة بتاعتك لازم تقدر تطير علي إرتفاع أعلي ومن هنا إتولد الجيل 147E .. الجيل ده عرضه من الجناح للجناج بقي 8 متر بعد ما كان 4 متر بس في الأجيال القديمة .. بقت بتقدر تطير علي إرتفاع 60,000 متر وده عطاها وقت زي الفل .. شوية وإكتشفوا إن فيه مشكلة كبيرة إن الحجم الأكبر يعني حيتحط فيها معدات أكبر حتحتاج تتبرد وده خلاهم يعملولها دايرة تبريد بالأمونيا كانت كلها مشاكل .. فين وفين بعد سنتين من التطوير والإختبارات اللي مبتخلصش بقينا في 1966 وكلاكيت تاني مرة الوضع في كوريا الشمالية مبقاش يسمح إن الطيارات 147E تتجرب هناك وإضطر الأمريكان ينقوا ملعب جديد والمرة دي كان في فيتنام.
وده حيخلينا نتكلم عن اللي حصل يوم 13 فبراير 1966 .. في اليوم ده طيارة بدون طيار 147E طارت بإتجاه عاصمة فيتنام الشمالية هانوي .. الأمريكان لعبوا في شكلها بحيث لو إنت ضابط دفاع جوي من فيتنام الشمالية باصص في شاشة الرادار بتاعتك فالكومبيوتر حيقولك إن الطيارة اللي هو لاقطها ليها نفس البصمة الرادارية لطيارة إستطلاع U-2 .. في أقل من دقيقة كان إتضرب صاروخ أرض-جو SA-2 Guideline أو سام-2 و وقع الطيارة .. طبعاً إنت مش محتاج يتشرحلك إن مانشيتات الجرايد تاني يوم كانت كلها بتقول يا فضيحتك يا أميركا بس محدش وقتها كان عارف الحقيقة إن خلال 200 ملي ثانية من أول ما ضابط الدفاع الجوي داس علي الزرار لحد ما الصاروخ وقع الطيارة .. في الوقت القليل فشخ ده يدوبك 200 ملي ثانية كانت أجهزة المراقبة اللي علي الطيارة لقطت إشارة الرادار بتاع الصاروخ ولقطت إشارة نظام التوجيه بتاعته وبعتتها لوكالة المخابرات المركزية الأميريكية CIA في واحدة من أعقد العمليات المخابراتية في التاريخ واللي إتعرفت بإسم Operation United Effort.
إنت حقاً وصدقاً مش متخيل أهمية العملية دي اللي غالباً إنت مكنتش تعرف عنها حاجة .. الأمريكان دلوقتي بقي معاهم كل الداتا اللي هم عايزينها عن رادار صواريخ سام-2 عشان تعرف تشوش عليه .. بس فاضل تختبر نظام التشويش ده .. الناس بتوع Ryan Aeronautics عملوا جيل جديد 147F ركبوا عليها جهاز التشويش اللي هم سموه وقتها لبيسة الجزم Shoehorn والسبب في التسمية دي اللي طلعها مدير المشروع وكان مهندس طيران في الشركة إسمه (روبيرت شاونهاوزر Robert Shawnhausser) إن الجهاز بتاع التشويش كان بيخش شحط جوه جسم الطيارة زي ما إنت تلبس جزمة ضيقة علي رجلك بلبيسة جزم .. في يوليو 1966 طيارة 147F طلعت طارت فوق سماء فيتنام وجرت وراها 11 صاروخ سام-2 عرفت تشوش عليهم كلهم ولا واحد عرف يوقعها لحد ما الصاروخ ال12 هو اللي جابها .. من ساعتها وكل الطيارات الأمريكاني اللي بتنزل السوق بيتركبلها نظام تشويش علي الصواريخ المضادة للطيارات إسمه AN/APR-26 تقدر تقول إنه هو هو جهاز Shoehorn .. النظام ده إتركب علي طيارات B-52 Stratofortress .. إتركب علي طيارات F-4 Phantom II .. إتركب علي طيارات C-130 Hercules .. في أي فيلم حربي لما تشوف فيه إن فيه جهاز عمال يطلع صوت يحذر فيه الطيار إن فيه رادار لقطه وإن فيه صاروخ إتضرب عليه خليك عارف إن الجهاز اللي بيزن ده يبقي AN/APR-26 والأجيال اللي جت من بعده.
عشان بس تتحط في الصورة وتفهم إزاي العملية دي أنقذت حياة طيارين كتير وقلبت موازين الحروب الجوية لحد وقتنا ده فعايزك تعرف إن سنة 1965 اللي هي السنة اللي قبل تنفيذ عملية United Effort كان الوضع في فيتنام إن بطاريات سام-2 كانت بتوقع طيارة قصاد كل 4 صواريخ بتضربهم .. سنة 1967 اللي هي السنة بعد تنفيذ عملية United Effort وبعد ما نظام AN/APR-26 إتركب في الطيارات المقاتلة الأمريكاني اللي في الخدمة النسبة دي قلت إن كل قصاد كل طيارة بتقع الفيتنامين محتاجين يضربوا 50 صاروخ .. السوفييت مكانوش أغبياء وفهموا اللي حصل وبقوا كل شوية ينزلوا جيل جديد من الصواريخ مغيرين فيها في إشارة الرادار بتاعها من أول سام-3 لحد سام-21 اللي يمكن إنت عارفه بإسمه الأشهر S-400 .. خليك دايما عارف إن لكل تكنولوجيا فيه تكنولوجيا مضادة .. أوعي تنسي ده.
المصدر:
- مقالة بعنوان The 200 millisecond mission: Inside the secret CIA plan to steal Soviet missile data نشرت في مجلة Popular Mechanics وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.popularmechanics.com/military/aviation/a34386117/suicide-drone-cia-sa-2/
عظمة جدا والله……
المقال ده عايز تركيز ورواق كده وفصفصة حتة حتة عشان يتركب بعد كده ف الدماغ ويتفهم.
ممتاز جدا واشكرك جامد والله….
روعه ربنا يحفظك ويبارك فيك