(هارفي واينستين) .. المعني الحقيقي للبني أدم الوسخ.

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/S4ccK

موضوعنا اللي حنتكلم عنه النهاردة هو (هارفي واينستين Harvey Weinstein) أو (تهامي باشا) السينما الأميريكية .. ده منتج سينمائي يعني ده اللي بيدفع فلوس وبيحط فلوسه في الفيلم عشان يتعمل .. ده اللي بيدفع مرتبات المخرج والممثلين وتكاليف الإنتاج .. بإختصار ده أهم واحد في الفيلم .. أنا عارف إنك حتي لو متابع كويس أوي للسينما الأميريكية فإنت متعرفش مين هو (هارفي واينستين) وده طبيعي لإن أخر حاجة بنسأل عنها لما بنتفرج علي فيلم هو يا تري مين اللي أنتج الفيلم ده .. بالنسبة لينا صناعة السينما شبه صناعة الدوا في حتة إنك عارف إن بانادول إكسترا حلو للصداع بس عمرك ما سألت نفسك هي أنهي شركة أدوية اللي بتصنعه .. سبب إن العالم كله بيتكلم فجأة عن (هارفي واينستين) وسبب إننا شبهناه بشخصية (تهامي باشا) هو إن الرجل ده دلوقتي لقي نفسه وسط أزمة كبيرة أوي حول إرتكابه جرائم تحرش جنسي وإغتصاب ضد عدد من ممثلات هوليوود .. أيوه زي ما سمعت كده .. عشان بس أقربلك الصورة .. عارف (السبكي)؟ .. أهو (السبكي) مقارنة ب(هارفي واينستين) يبقي ملاك .. عشان تبدأ تفهم اللي حصل وأبعاده إيه خلينا نحاول نجاوب علي 3 أسئلة مهمة:

• هو يطلع مين (هارفي واينستين) ده؟ وإزاي وصل للمكانة دي إنه يبقي أهم منتج سينمائي في هوليوود؟
• إزاي الرجل ده إتفضح ومين اللي كشفه وعراه كده قدام العالم؟
• إيه اللي حيحصل بعد كده؟ دلوقتي هو إتكشف وإتفضح قدام الناس .. طب وبعدين؟

نيجي للسؤال الأول مين هو (هارفي واينستين)؟ وإزاي بقي في المكانة دي؟

فلسفة (هارفي واينستين) في الشغل كانت بسيطة جداً .. ده رجل من أسرة متواضعة من حي كوينز Queens وده حي شعبي في مدينة نيويورك الأميريكية .. تخيل إن ده واحد من مواليد شبرا كده .. هو بدأ بإنه إشتري شركة إنتاج سينمائية صغيرة وبدأ يدور علي المشاريع والسيناريوهات الكويسة أوي اللي محدش بيدور عليها وبيحولها لأفلام ناجحة جداً .. الرجل ده هو اللي أنتج Pulp Fiction و Good Will Hunting و Gangs of New York .. البداية خالص كانت سنة 1979 لما هو وأخوه (بوب Bob) عملوا شركة إنتاج صغيرة سموها ميراماكس Miramax وإتسمت كده علي إسم أبوهم (ماكس Max) وأمهم (مريم Mariam) وكانت عبارة عن شقة أوضة وصالة .. الإتنين قعدوا يحاربوا عشان يعملوا فيلم كويس يسمّع مع الناس لأكثر من 10 سنين .. أخيراً الفرصة جاتلهم لما أنتجوا فيلم إسمه Sex, Lies and Videotape سنة 1989 واللي فعلاً أنصحك بإنك تشوفه لإن الفيلم ده بدأ يخلي الناس تدور علي الأفلام المستقلة أو Independent Movies ودي الأفلام اللي بتنتجها شركات صغيرة وكمان الفيلم ده هو اللي حول مخرجه (ستيفن سادبيربيج Steven Soderbergh) لإسم منتجي هوليوود كلهم عايزين يشتغلوا معاه .. السنة اللي وراها أنتجوا فيلم Shakespeare in Love من بطولة (جوينيث بالترو Gwyneth Paltrow) و(جوزيف فاينز Joseph Fiennes) وخد 7 جوايز أوسكار أحسن فيلم وأحسن ممثلة وأحسن ممثلة مساعدة وفازت بيها (جودي دينش Judi Dench) وأحسن سيناريو.

علي سنة 2005 كانت شركة Miramax واحدة من الشركات المحترمة جداً في صناعة الأفلام رغم إنها كانت بتنتج أفلام بميزانيات محدودة اوي .. سنة 2005 برده قرر (هارفي واينستين) إنه يسيب شركة Miramax ويؤسس شركته الخاصة اللي هي Weinstein Company والحقيقة إن شركته حققت نجاحات حلوة أوي ورا بعض بس يمكن أخر فيلم كسر الدنيا هم أنتجوه كان فيلم The Artist وده كان سنة 2011 واللي بفكرك إنه كان فيلم صامت وإترشح ل10 جوائز أوسكار وخد منهم 5 جوايز منها أوسكار أحسن فيلم وأحسن مخرج وأحسن ممثل ومن ساعتها والشركة معملتش حاجة محترمة .. أخر فيلم أنتجوه كان Tulip Fever وده فيلم النقاد السينمائيين سبوا و لعنوا فيه بما فيه الكفاية.

نجاح (هارفي واينستين) السينمائي محدش يقدر ينكره .. أصل مينفعش توصل إنك تنتج أفلام تترشح ل300 جائزة أوسكار متنوعة وأجي في الأخر أقول عليك مبتفهمش .. قول عليه إنه بني أدم (سوري في الكلمة) وسخ ومعفن ومش متربي .. كل ده علي عيني وعلي راسي .. بس متقدرش تنكر إنه بيعرف ينتج أفلام .. كان طبيعي إن شخص بالمكانة والنفوذ ده تطلع ممثلة قديرة ومحترمة والناس كلها بتحبها زي (ميريل ستريب Meryl Streep) توصفه بإنه God أو إله السينما وهي علي المسرح في حفل توزيع جوائز جولدن جلوب Golden Globe سنة 2012 اللي هي تعتبر ثاني أهم جائزة سينمائية بعد الأوسكار.

(هارفي واينستين) من الناس اللي بتعرف تستخبي كويس .. أي متحرش كده علي فكرة .. حاول تفتكر أي مرة إنت كنت في مواصلة عامة وحصلت قدامك حادثة تحرش والضحية زعقت ودافعت عن نفسها وحاول تفتكر منظر المجرم اللي إرتكب الجريمة دي .. حتلاقيه في الغالب لابس كويس ومن الناس اللي لو إتعرضت عليك صورها من غير ما تعرفها من المستحيل إنك تتخيل إن ده في يوم من الأيام ممكن يتحرش بإمراة .. (هارفي واينستين) بينطبق عليه ده جداً بس لإنه رجل معاه فلوس فطريقته في إنه يستخبي بتبقي مختلفة شوية .. تلاقيه من أكثر الناس اللي بتطلع في الإعلام يقولك أنا مؤيد جداً لفكرة إن دور المرأة في صناعة السينما لازم يزيد .. الرجل ده لوحده متبرع بمبالغ ضخمة جداً للحملة الرئاسية بتاعة (هيلاري كلينتون Hilary Clinton) وقت ما كانت مترشحة ضد (دونالد ترامب Donald Trump) سنة 2016 .. يا مؤمن ده وصل به الفُجر لدرجة إنه حارب عشان كلية روتجيرز Rutgers University تسمي قاعة محاضرات فيها بإسم (جلوريا ستاينم Gloria Steinm ) اللي تعتبر من أهم الناشطات الحقوقيات في تاريخ أميركا المعاصر كله.

اما السؤال الثاني اللي هو إزاي الرجل ده إتفضح؟ فدي قصة فعلاً عنوانها ميجيبها إلا ستاتها:

فيه إتنين صحفيات شغالين في جريدة The New York Times الأميريكية إسمهم (جودي كانتور Jodi Kantor) و(ميجان تاوهي Megan Towhey) حتلاقي صورتهم مع بعض عندك في الصور والإتنين دول كانوا عايزين يعرفوا مدي صحة الإدعاءات والإشاعات اللي كانت بتقول إن (هارفي واينستين) إرتكب جرائم تحرش وإغتصاب وإنه دفع فلوس تقدر بالملايين كتعويضات لممثلات في مقابل إن ولا ممثلة من اللي هو إغتصبهم تفتح بقها وتتكلم .. ده حقيقي .. فكرة إن (هارفي واينستين) متحرش ومغتصب ده كان زي ما تقول كده السر اللي عارفه ال300 مليون تعداد سكان أميركا ومكنش فاضل إلا إتنين علي حدود المكسيك هم اللي مش عارفين .. سنة 2015 الصحفية الأميريكية (جينيفير سينيور Jennifier Senior) إنتقدت أوي السر المفضوح ده وسألت هو إزاي محدش إتكلم في الإعلام عن جرائم الرجل ده؟ .. لما The New York Times نشرت التقرير بتاعها (كلاوديا إيلر Claudia Eller) رئيسة تحرير مجلة Variety كتبت في Tweet إنها بتهني الجريدة علي شغلها ووصفت التقرير بإنه القصة اللي كل الصحفيين اللي بيغطوا هوليوود بيحاولوا يكشفوها بقالهم سنين .. فيه صحفيين زي (ريبيكا تريستر Rebecca Traister) بقالها 17 سنة بتحاول تقنع الناس بإن (هارفي واينستين) متحرش ومحدش بيصدقها.

الإتنين الصحفيات إتكلموا مع ممثلات كتير من اللي قالوا إن (هارفي واينستين) تحرش بيهم أو إغتصبهم .. منهم ممثلات كانوا في قمة الشجاعة إنهم إتكلموا ومخافوش من ذكر أساميهم زي الممثلة (أشلي جاد Ashley Judd) والممثلة (روز ماجاون Rose McGowan) ..  اللي الصحفيتين (جودي كانتور) و(ميجان تاوهي) كانوا عايزين يوصلوا ليه هو إثبات إن سبب إن واحد زي (هارفي واينستين) فضل طول السنين دي كلها محدش بيصدق الإتهامات اللي بتتقال عليه هو مش بس عيب فيه إنما عيب في هوليوود اللي زيها زي أي مكان عمل بتيجي جامد علي البنات .. لو إنتي بنت صغيرة في السن شغالة في شركة كبيرة وجيتي قلتي إن مديرك الكبير في السن إتحرش بيكي يا تري مين في الشغل حيصدقك؟ .. مين في زمايلك في الشغل حيقف جنبك ضد مديرك؟ .. مين مستعد يضحي بالCareer بتاعه عشان يجيبلك حقك؟ .. وعلي فكرة الموضوع بيشتغل علي الوشين.

سنة 2010 فيه Website إسمه Pajiba نشر تقرير سماه بنات هارفي أو Harvey’s Girls إتكلموا فيه عن إزاي إن فجأة كده بتطلع ممثلات صغيرين في السن مش معروفين بس شكلهم حلو أوي وبيطلعوا في أدوار بطولة في أفلام بتنتجها شركة (هارفي واينستين) والغريب إن كتير من الممثلات دول بيكونوا حتي معندهمش الحد الأدني من القدرات التمثيلية .. مش بعيب في سمعة أي ممثلة منهم .. بس حاول تفكر فيها .. إنتي ممثلة صاعدة نفسك تتشهري بيجيلك حد (سوري في الكلمة تاني) وسخ زي (هارفي واينستين) بيطلب منك حاجة وسخة زيه .. فيه كام ممثلة حتوافق وكام ممثلة حترفض؟

الصحفيتين (جودي كانتور) و (ميجان تاوهي) قدروا يثبتوا إن (هارفي واينستين) فعلاً دفع فلوس ل8 ممثلات عشان ميرفعوش عليه قضايا بتهمة الإغتصاب منهم (روز ماجاون) وهنا إنت محتاج تاخد نفس عميق وتفكر كويس في الجملة اللي فاتت .. إنت بتتكلم عن ممثلة واحد إتحرش بيها ودفعلها 100,000 دولار عشان متفتحش بقها وتشتكيه وهي خدت الفلوس لمجرد إنها تشتري دماغها وتبعد عن المشاكل .. فيه ناس حتنتقد الموقف ده وفيه ناس حتتفهمه .. بس مش  دي القضية .. القضية إن الأوساخ اللي زي (هارفي واينستين) اللي معاهم فلوس ومعاهم سُلطة بيلعبوا علي الوتر بتاع الفضيحة والمشاكل عشان يقنعوا ضحاياهم بإنهم ياخدوا فلوس ويسكتوا.

ده حيودينا للسؤال الثالث اللي هو ماذا بعد؟

الجديد بقي إنك لو إنت رجل أو بلاش نقول رجل .. لو إنت وسخ زي (هارفي واينستين) .. عندك شركة ومتخيل إن عندك نفوذ وسُلطة وبتقدر تعمل اللي إنت عايزه ومش خايف من العقاب أو المساءلة فالوضع دلوقتي بدأ يتغير .. دلوقتي الضحايا من الستات مبقوش يخافوا زي زمان .. (هارفي واينستين) مش لوحده اللي في الفترة الأخيرة الCareer بتاعته إتدمرت بسبب فضيحة تحرش وإغتصاب .. فيه غيره زي الممثل الكوميدي (بيل كوسبي Bill Cosby) ومعاه (روجر إيلز Roger Ailes) مؤسس قناة Fox News واللي لما إتفضح بإرتكابه جرائم تحرش قلبه مستحملش الفضيحة وجاتله أزمة قلبية ومات .. زيهم برده (بيل أو رايلي Bill O’Reilly) اللي كان يعتبر أهم مقدم برامج توك شو في قناة Fox News واللي برده إتشال من القناة بعد ما إتفضح لإرتكابه جرائم تحرش وإغتصاب.

رد فعل (هارفي واينستين) بعد ما جريدة The New York Times نشرت التقرير اللي بيدينه كان مثالي جداً لأي شخص عنده جنون العظمة اللي هو عامل زي شخصية أمين الشرطة (حاتم) في فيلم هي فوضي؟ .. اللي هو الشخص اللي وصل لمرحلة من الإقتناع إن مفيش حد يقدر عليه .. الرجل ده طلع في نفس اليوم ضحك علي الكلام اللي إتقال في التقرير وقال إن القصة اللي في التقرير دي حلوة أوي لدرجة إنه عايز يشتري حقوق النشر عشان يحولها لفيلم سينمائي من إنتاجه .. ده كان رد فعله علي الفضيحة بمجرد ما إتعرفت والناس كلها عرفت ان الCareer بتاعته حتنتهي .. عشان بس تفهم إزاي حياة الرجل ده إتقلبت 180 درجة .. سنة 2000 راح (هارفي واينستين) حفلة فيها ناس كتير وفي وسط الحفلة إتحرش بصحفية فلما زعقتله الناس كلها شافته وهو بيصرخ في وشها أنا القانون في البلد اللي مفيهاش قانون دي .. لك أن تتخيل إن حفلة زي دي حضرها مئات الصحفيين والمصورين وكلهم معاهم كاميرات وكلهم شافوا إنه تحرش بيها بس ولا واحد قدر إنه تاني يوم ينشر صورة واحدة .. ده يوريك قد إيه نفوذ (هارفي واينستين) وإن إزاي الرجل ده في يوم وليلة فقد أعز ما يملك .. مش الفلوس .. ولا الشهرة .. إنما النفوذ.

بعد نشر التقرير بتاع جريدة The New York Times بكام يوم خرج علينا (هارفي واينستين) ببيان رسمي إعتذر فيه عن أفعاله وكان مبرره سخيف ويعصب .. هو أساساً مفيش مبرر للي هو عمله بس ما علينا خليني أعصبك معايا وأقولك الرجل ده بيبرر لنفسه اللي عمله إزاي .. من وجهة نظره إنه ده رجل سنه دلوقتي 65 سنة يعني لما هو بدأ يشتغل في هوليوود كانت في فترة الستينات والسبعينات وهو بيبرر لنفسه إن في الوقت ده التحرش الجنسي في صناعة السينما كان عادي ومقبول .. شوف إزاي .. مشكلة اللي زي (هارفي واينستين) إنه بيحاول يلاقي أي مبرر عشان يريح ضميره .. البيه مش واخد باله إن قانون الجنايات الأميريكي إعتبر إن التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون سنة 1964 .. اه أنا موافق جداً إن فيه فرق كبير بين الثقافة والقانون .. القانون بيقول مثلاً إن الست تاخدها ميراثها بشرع الله بس الثقافة بتقول إن في الصعيد الست مش بتورث أصلاً .. تلاقي الأخ اللي بيحرم أخته من الميراث وبيصلي الفرض في وقته .. حتي الفجر بيصليه حاضر في المسجد بس معندوش أي مشكلة إنه يبرر لنفسه إنه بيعصي الله وشرعه وبيخرق القانون بحجة أصل دي ثقافة إتربينا عليها .. أمثال (هارفي واينستين) فكرة والأفكار لا تموت.

المصدر:

• مقالة بعنوان Harvey Weinstein: fall of Hollywood player they once called ‘God’ نشرت في جريدة The Guardian البريطانية وده لينك المقالة الأصلية:
  https://www.theguardian.com/film/2017/oct/08/harvey-weinstein-fall-of-hollywood-player-once-called-god