فيه صورة عندك لعريس و عروسة قاعدين علي طرابيزة وسط تلاتة .. إتنين من الثلاثة دول كانوا شهود علي الجوازة و الحقيقة إن الإتنين دول وقتها كانوا أهم شخصيتين في تركيا .. واحد فيهم يبقي الرئيس التركي حالياً و رئيس الوزراء وقتها (رجب طيب أردوغان) وهو اللي لابس جاكت بدلة حمرا علي شمال الصورة و الثاني يبقي شريكه وقتها و أكتر شخصية مقربة له وهو (فتح الله جولين) وهو اللي قاعد علي يمين الطرابيزة .. العريس بقي كان (هاكان شوكور) .. (هاكان شوكور) للي منكوا ميعرفوش يبقي أعظم لاعب كرة قدم في تاريخ تركيا .. الرجل ده كان كابتن فريق جالاطا سراي التركي و كسب بيهم بطولة أوروبا للأندية UEFA CUP قبل ما تتسمي دلوقتي Europa League و وصل بمنتخب تركيا لنص نهائي بطولة كاس العالم في 2002 اللي إتلعبت في كوريا الجنوبية و اليابان لو تفتكر.
صورة زي ده تعتبر وسام شرف لأي لاعب كرة قدم .. تخيل للحظة إن مثلاً (محمد صلاح) لسه متجوزش و إنه مثلاً خد بطولة Champions League مع ليفربول و وصل بمنتخب مصر لنص نهائي كأس العالم في روسيا ولما إتجوز الرئيس (عبدالفتاح السيسي) شخصياً كان شاهد علي جوازه .. اللي هو فيه إيه تاني يحققه (هاكان شوكور) بعد كده .. بس الحقيقة إن اللي حصل في حياته قبل الصورة دي كوم و اللي حصله بعدها كوم تاني خالص.
مبدأياً كده العروسة اللي إتجوزها في الفرح إتوفت الله يرحمها .. أبوه محبوس .. و (هاكان) اللي بس مهم تكون عارف لعب 112 ماتش دولي مع منتخب بلده عايش في المنفي في أميركا ميقدرش يرجع تركيا ليتحبس هو كمان بتهمة إهانة الرئيس اللي بس بفكرك إنه حضر فرحه و كمان بتهمة محاولة قلب نظام الحكم و دي تهم أقل واجب (هاكان) ممكن يتحكم عليه فيها بتـبيدة أو حتي بالإعدام .. كل ده بيخلينا نسأل نفسنا هو إيه اللي حصل؟ .. إزاي لاعب كرة قدم أقرب تشبيه له إنه (محمد أبوتريكه) بتاع تركيا كان هو الهداف التاريخي لنادي جالاطا سراي و لمنتخب بلده وحتي جماهير أندية بشكتاش و فاناربخشه بتحبه و جاب أسرع جون في تاريخ بطولة كأس العالم و هو الجون اللي جابه في منتخب كوريا الجنوبية اللي هو المنتخب المنظم للبطولة في ماتش نص النهائي و جابه بعد 10.8 ثانية يوصل به الحال لكده؟
الحقية إن قصة (هاكان) تعتبر تحذير شديد اللهجة لأي لاعب كرة قدم بيفكر و بتسول له نفسه إنه يتكلم في السياسة بعد ما يعتزل .. أوعي .. ولا تقربلها ولا حتي يبقي ليك رأي سياسي خالص و أدي قصة (هاكان) ححكيهالك عشان تتعظ.
لما (هاكان) بقي عنده 36 سنة قرر يعتزل و إشتغل كمحلل رياضي زي لاعبين كرة قدم كتير و كان شغال في قناة إسمها TRT ودي قناة محلية رياضية تركية و الحقيقة إنه كان بيفهم كرة قدم و ناس كتير كانت بتحب تسمع تحليله للماتشات .. حياته الشخصية كانت بتروح بالبطيء في ستين داهية .. الناس صحيت علي خبر إنه طلق مراته اللي متصوره معاه في الفرح وكان إسمها (إسراء) و سنة 1999 طليقته ماتت في الزلزال اللي ضرب مدينتي أزمير و إسطنبول و أدي لمقتل 17,000 بني أدم .. (هاكان) إتجوز تاني و حالياً عنده 3 أطفال و فيه عندك صورة له مع مراته التانية وهي الست المحجبة اللي متصوره جنبه بس بعدها قرر إنه يدخل السياسة ودي كانت غلطة عمره.
أول مفاجأة إن (هاكان) كان عضو في حزب العدالة و التنمية AKP اللي هو الحزب بتاع (أردوغان) و دخل الإنتخابات البرلمانية و كسب و بقي عضو في البرلمان التركي بس فضل علي علاقة قوية ب(فتح الله جولين) اللي بفكرك إنه كان واحد من الشهود علي جوازته الأولانية.
مش عايز أدخلك في تفاصيل السياسة التركية بس خلينا نقول بإختصار إن (أردوغان) و(جولين) كانوا صحاب و حبايب لحد ما سنة 2013 الإتنين قلبوا علي بعض .. (أردوغان) بيقول إن (جولين) و رجالته جوه تركيا دول ناس إرهابيين عايزين يطيحوا به عشان يحكموا هم و (جولين) اللي عايش في ولاية بنسلفانيا في أميركا شايف إن (أردوغان) طول أوي في الحكم لدرجة إنه نسي المباديء الإسلامية اللي الحزب إتبني عليها .. زي ما قلتلك القطيعة بين الإتنين بدأت سنة 2013 و (أردوغان) أمر بإن كل المدارس اللي كانت بتدار عن طريق المنظمات الخيرية بتاعة (جولين) كلها تتقفل و ده خلي (هاكان) يقرر إنه يقدم إستقالته من الحزب إعتراضاً علي اللي بيحصل و بقي جوه البرلمان بصفته نائب مستقل.
(أردوغان) من نوعية الناس الغلاوية شوية في خصومتها .. انا عارف إنك لو بتحب الرجل ده فانت حتزعل من كلامي بس صدقني لو قلتلك إن دي ميزة كويسة في السياسيين إنك يبقي فيك طبع إنك لو إتخانقت مع حد مبتهداش إلا لما تشوفه تحت رجلك .. المهم إن (أردوغان) كان شايف إن (هاكان) ده ناكر للجميل و إنه عدي حدوده لما قدم إستقالته من الحزب بس الحقيقة كمان إن (هاكان) دمه كان حامي شوية .. هو عمل مشكلة كبيرة لما حضر حفل تخرج لكلية ما بغض النظر هي إيه و في كلمته قال إنه ألباني الـصل وده معناه إنه مش تركي .. انا فاهم إنك ممكن متكونش فاهم أوي معني الكلمتين دول إيه فخليني أقربهالك علي مصر.
تخيل للحظة إن مثلاً وسط جو القومية المزيفة اللي إحنا عايشين فيه ده و جو تحيا مصر 3 مرات و إن النزعة الوطنية في الإعلام واخدة حقها شوية وسط كم الشتايم اللي بتتوجه لدول معينة بيتقال عليها أهل الشر يطلع مثلاً (محمد صلاح) يقول إن قطر أو تركيا أحسن من مصر في التعليم و إن لازم نتعلم من التجربة القطرية و التركية في التعليم .. فعلياً و علي الأرض الرجل مقالش حاجة غلط .. هي المشكلة في التوقيت .. اللي عمله (هاكان) إن وسط جو مشحون أوي من القومية التركية و إن الأتراك بيتأمر عليهم أهل الشر برده من الأكراد و غيرهم يطلع (هاكان) اللي ناس كتير جوه تركيا بتعتبره بطل قومي يقولهم علي فكره انا مش تركي أصلاً.
سنة 2016 أدين (هاكان) بتهمة إهانة (أردوغان) عن طريق Tweet كتبها علي Twitter و إتحكم عليه غيابياً في شهر يونيو 2016 و رغم إن الرجل أقسم إنه مكنش يقصد حاجة وحشة إلا إن النيابة التركية راسها و ألف سيف إن (هاكان) كان قصده يهين (أردوغان) .. في يوليو بفكرك إن حصلت محاولة الإنقلاب العسكري الفاشلة ضد (أردوغان) و اللي أتهم أنصار (جولين) بإنهم هم اللي وراها .. فيه 300 بني أدم ماتوا في اليوم ده و في الشهور اللي بعد كده فيه 120,000 بني أدم إتفصلوا من شغلهم و فيه 50,000 بني أدم إتقبض عليهم .. اللي حصل بيفكرني بمشهد في فيلم الناظر لما كان بيقول للطلبة في الطابور أي حد حظبطه بيلعب مع اللي جنبه أو بيتكلم مع اللي جنبه أو بيفكر يتكلم مع اللي جنبه حعلقه علي السور هو بكتبه بشنطته هو و اللي جنبه .. ده بالضبط اللي الحكومة التركية كانت بتعمله .. أي حد يشتبه بس إنه متعاطف مع (جولين) بيتبقض عليه .. في أغسطس 2016 صدرت مذكرة إعتقال بحق (هاكان) بتهمة إنضمامه لمنظمة إرهابية مسلحة .. بدأت تفهم هو ليه (هاكان) يعتبر النسخة التركي من (أبوتريكه)؟
بس اللي فعلاً بيوريك إنك بتتعامل مع بني أدم صاحب مبدأ و يمكن دي تاني غلطة يعملها (هاكان) إنه إتعرض عليه إن كل التهم الموجهة له حتترمي في الزبالة و حيقدر يرجع تاني تركيا يعيش فيها زي ما هو عايز لو بس طلع في التليفيزيون قال إنه بيرفض اللي بيعمله (جولين) و رجالته بس هو رفض .. و النتيجة كانت إن السلطات التركية إعتقلت أبوه (سلمت) وهو خارج من الجامع بتهمة تمويل محاولة الإنقلاب الفاشلة وفي شهر يونيو اللي فات إتقال في الإعلام إن أبوه إتوفي في السجن بمرض السرطان .. دلوقتي (هاكان) عايش في المنفي في أميركا مش بيأنس غربته غير ذكرياته وهو لابس تي-شيرت المنتخب و بيشوف إسمه وهو بيتشتم في بلده بعد ما كانت الناس بتهتف بإسمه وهو بيوصل بمنتخب بلده لنص نهائي بطولة كأس العالم .. تاني .. نصيحة لأي حد بتسول له نفسه إنه يتكلم في السياسة بعد ما يعتزل كرة قدم إعقل يابني و شوف قصة (هاكان) قدامك أهي.
المصدر:
مقالة بعنوان Hakan Sukur- Turkey’s fallen hero who can never return home نشرت في جريدة The Guardian البريطانية وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.theguardian.com/football/2018/feb/18/hakan-sukur-turkey-fallen-hero-exile
