ويصل الأمر من خليفة رسول الله بالمدينة”أبو بكر الصديق” إلى سيف الله خالد بن الوليد آمراً إياه بفتح العراق وتخليص أهله من ظلمات المجوس بعد أن أمده برجل واحد فتعجب أهل المدينة قائلين لأبو بكر الصديق: كيف تمد خالداً برجل واحد فيرد عليهم قائلاً: إن صوت “القعقاع بن عمرو التميمي “في جيش خيرٌ من ألفِ رجل، ولا يهزم جيش فيه القعقاع.
وعظمة القعقاع جعلته يتبوأ مكاناً عالياً في الإسلام فبعد أن أعد الفرس جيشاً عظيماً مكوناً من 240 ألف جندي مزود بثلاثة وثلاثين فيل مدربين على الحروب ليطردوا المسلمين من العراق، أعد الفاروق عمر جيشاً بقيادة الأسد المغوار”سعد بن أبي وقاص” بعد أن أمده أيضا بمدد من جند الشام على رأسه القعقاع بن عمرو التميمي.
وأشتعلت نار القادسية وتقاتل الفئتان، فئة قليلة تقاتل في سبيل الله واخرى كافرة.
ولقد لاقى المسلمون عناءاً شديدا من الفيلة، إذ كانت تنفر خيول المسلمين من الفيلة بينما خيول الفرس معتادة عليها ولا تفر منها، ولقد كان للفيل الواحد وزنه في الجيش الفارسي فما بالنا بثلاثة وثلاثين فيل يقودهم الفيل الأبيض العملاق والفيل الأجرب، فلقد ركز المسلمون ضرباتهم على الفيلة محاولين إصابتها أو إصابة الجنود الذين يقودها فأدى ذلك لقطع التوابيت المحمولة على الفيلة.
ويصل المدد في اليوم الثاني بقيادة القعقاع فما إن اقترب بكتيبته المكونة من ألف رجل حتى قسمهم إلى عشر أجزاء كل جزء مكون من مائة مقاتل ينساب كل مئة على دفعات محدثين ضجة فما إن تصل المئة الأولى حتى تتبعها المئة الأخرى فيخيل للمسلمين والفرس أن هذا مدد لا ينقطع فتنهار عزيمة الفرس وتعلو عزيمة المسلمين.
ويأتي القعقاع مكبّراً على رأس أول مئة ويمضى إلى ساحة القتال رافعاً سيفه يتحدى الفرس ويطلب المبارزة قبل المعركة فيقتل القعقاع ثلاثين رجلاً من أبطال الفرس مبارزة كل هذا ولم يلتحم الجيشين بعد في القتال!
وانقضى اليوم الثاني من القادسية ويسمع القعقاع عن أمر الفيلة التى عانى منها المسلمون في اليوم الأول للقتال فيقول لهم القعقاع: فليكن لنا فيلة مثلهم!، مقترحاً عليهم أن يأتوا بالجمال فيلبسوها خرقاً ويلفوا حول أعناقها أجراساً فتحدث ضجة فتخاف من منظرها خيول الفرس بينما خيول المسلمين معتادة على منظر الإبل فلا تخاف منها
ويأتى اليوم الثالث في القادسية ويتفاجئ المسلمون والفرس بمدد جديد يصل على دفعات مكبرين، فلقد سرب القعقاع كتيبته ليلاً وصنعوا في اليوم الثالث ما صنعوه باليوم الثاني من إنسياحهم على أرض المعركة في دفعات، ألم أقل لكم لا يهزم جيش فيه القعقاع فصوته بألف رجل!
ويوجه سعد بن أبي وقاص كتيبة بقيادة القعقاع بن عمرو التميمي وأخوه عاصم بن عمرو التميمي ليقتلوا الفيل الأبيض فيأتي القعقاع بكل شجاعة ضارباً الفيل الأبيض في عينه بالحربة في نفس الوقت الذي ضرب أخوه الفيل في العين الأخرى ثم يضرب القعقاع خرطوم الفيل بالسيف قاتلاً إياه.
وتمضي الكتيبة الأخرى بقيادة حمال بن مالك والربيل بن عمرو رضي الله عنهم ليقتلوا الفيل الأجرب فيصاب في عينه لكنه لا يُقتل فيفر الفيل من أرض المعركة وتمضي جميع الفيلة وراءه فلقد كانوا مدربين على اتباع الفيل الأبيض والفيل الأجرب.
وينتصر المسلمون في القادسية ويمضي القعقاع ناشرا دين الله فيدخل المدائن عاصمة الفرس رافعاً صوته بالتكبير في قصر كسرى.
ولدخوله قصر كسرى قصة عجيبة فمن منكم سمع بجيش من الخيول العائمة؟ فبعد تحطم جيش الفرس في القادسية ومقتل قادته؛ أصبح الطريق مفتوحاً أمام جيش المسلمين لدخول المدائن عاصمة الفرس، لكن في هذا الوقت فاض نهر دجلة وسحب الفرس سفنهم وأصبح النهر عائقاً أمام المسلمين الذين لا يجيدون السباحة بحكم منشأهم في الصحراء فبات قائد الجند سعد بن أبي وقاص يفكر في كيفية العبور فأراه الله في منامه رؤيا فيها خيول المسلمين تعبر نهر دجلة، والمياه تضرب في هذه الخيول (أي أن المياه شديدة والأمواج متلاطمة)، ومع ذلك رأى خيول المسلمين تعبر هذا النهر؛ فاستقيظ مستبشراً وعزم على تنفيذ رؤياه بعد مشورة أصحابه.
فانتخب سعد كتيبة سماها الأهوال وجعل على رأسها عاصم بن عمرو التميمي وقد كلفت هذة الكتيبة بالعبور أولاً وتأمين عبور باقي الجيش ونجح القعقاع في مهمته، ونجح أخوه أيضاً عاصم بن عمرو في مهمته كقائد لكتيبة الخرساء فقد كان عند سيدنا سعد بن أبي وقاص كتيبة تسمى “الخرساء” وهي أقوى كتائب المسلمين، وكان سيدنا سعد بن أبي وقاص يوكل لها المهام الصعبة، وتُسَمَّى الخرساء؛ لأنها كانت تخرج على الجيوش المعادية بدون صوت غير الهجوم المفاجئ على الجيوش المعادية دون أي تنبيه أو إنذار بالهجوم، وكان قائد هذه الكتيبة سيدنا القعقاع بن عمرو ومهمة كتيبة أن تسير بهدوء وخفاء وتفاجئ العدو وتحطم معنوياته فلله درهم من إخوة ولله درهم من أصحاب للرسول الكريم
فرضي الله عن القعقاع وأخوه عاصم وسائر الصحابة الكرام وجمعنا بهم في الجنة.
المصدر:
فتوحات العراق وفارس لراغب السرجاني على موقع قصة الإسلام
https://www.islamstory.com/ar/cat/%20167/%D9%81%D8%AA%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%20%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3