تابعونا

(سليمان القانوني) .. يا تموت بطل يا تعيش لحد ما تكره نفسك.

الأتراك في طبيعتهم شعب بيخاف من الحسد و التشاؤم عندهم بيجري في دمهم مع كرات الدم الحمرا و البيضا .. (سليم الأول) توفي سنة 1520 ميلادي اللي هي 925 هجري .. (سليمان) إتولد سنة 900 هجري و كان عنده 25 سنة لما مسك الحكم كعاشر سلاطين الدولة العثمانية.

6 سبتمبر، 2021 2 ألف

لينك التسجيل الصوتي للجزء الأول من المقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/rfvlt6hyknqe

لينك التسجيل الصوتي للجزء الثاني من المقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/trovpix71ybv

لينك التسجيل الصوتي للجزء الثالث من المقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/kq45vywz6sry

(سليمان القانوني) من أكتر الشخصيات المعقدة اللي ممكن تتكلم و تقرأ عنها .. الرجل ده مش ببالغ لو قلتلك إنه أعقد من شخصية زي الجوكر مثلاً بكل تفاصيلها و طيبتها في الأول و تحوله في الأخر لبني أدم عنيف لأقصي درجة ..  (سليمان) عمل كل حاجة انت نفسك تعملها في حياتك .. كتب قوانين و بني مؤسسات .. حارب عشان يوسع ملكه .. دافع عن دينه .. بني مساجد .. حب واحدة ست عشقها بكل كيانه .. و بعد كل ده هد كل حاجة .. بما إننا جبنا سيرة الجوكر فلو حبيت إني ألخلصلك حياة (سليمان القانوني) واحد من أهم حكام الحضارة الإسلامية فخليني أرجعك لمشهد في فيلم The Dark Knight لما (هارفي دينت Harvey Dent) كان بيتكلم مع (بروس واين Bruce Wayne) عن رأيه في شخصية باتمان و قاله جملة عجبتني أوي .. You either die a hero, or live long enough to see yourself become the villain .. يا تموت وانت بطل يا تعيش لحد ما تلاقي نفسك واحدة واحدة بتتحول من البطل للشرير .. زي ما قلت دلوقتي و حفضل أكررها طول الحكاية اللي بنحكيها .. إحنا بنتكلم عن شخصية معقدة جداً و مينفعش بأي حال من الأحوال تتعامل مع (سليمان القانوني) علي إنه فيلم بتديله Rating علي IMDB أو Rotten Tomatoes .. انت بتتكلم عن بني أدم ولإننا بنتكلم عن بني ادم فخلينا نبدأ حكايتنا من البداية.

المرحلة الأولي من حياة (سليمان القانوني) .. لن أعيش في جلباب أبي:

أزمة (سليمان) اللي عقدت طفولته وهو صغير لحد ما كبر كانت أبوه .. مين فينا علاقته بأبوه مش متوترة بس يمكن الموضوع أصعب شوية لما أبوك يبقي (سليم الأول) سلطان الدولة العثمانية .. (سليم) كان شخصية برده معقدة شوية .. هو كان بيفهم جداً .. لو حط حاجة في دماغه بيعرف يوصلها ومكنش عنده أي مشكلة يضحي بأي حاجة عشان يوصل لهدفه .. كان مغرور حبتين وده طبيعي في السلاطين .. مبيكرهش أكتر من الأخطاء ودي المشكلة .. لو انت واحد من مستشاريه و غلطت فاعمل حسابك راسك حتودع جسمك .. مين فينا مقابلش ناس زي (سليم الأول) في شغله؟ .. مع فرق الدموية طبعاً .. (سليم الأول) كان لحد ما مسك ابنه (سليمان) كان فعلياً أعظم من مسكوا حكم الدولة العثمانية .. هو اللي ضم الشام و مصر و الحجاز و الجزائر .. (سليمان) من وهو صغير كان شايل هم اليوم اللي يتقاله فيه الباقية في حياتك والدك تعيش انت .. سنة 1513 (سليم الأول) قتل كل أخوات (سليمان) ضمن سياسة قتل الإخوات اللي كانت متبعه وقتها عشان لما (سليمان) يكبر و يمسك الحكم محدش من أخواته ينقلب عليه .. تخيل نفسك للحظة مكان (سليمان) قبل ما تكمل قراية .. لو انت عارف إن أخواتك إتقتلوا عشان انت تحكم فهل أصلاً حتستني اليوم اللي انت تمسك الحكم فيه؟ هل أصلاً حتبقي عايز تحكم؟ هل حتحب والدك بعد ما حرمك من ان يبقي ليك أخوات؟ حتقبل اللي هو عمله عشانك؟

أهم شخصية في حياة (سليمان) كان واحد صاحبه اسمه (إبراهيم) .. هو كان يوناني و مسيحي .. (إبراهيم) هو اللي جري علي (سليمان) يبلغه بخبر وفاه أبوه .. هما كانوا في حتة اسمها ماسينا في تركيا دلوقتي .. وقتها مكنش حد عارف إن السلطان مات .. متنساش إن وقتها مكنش زي ما دلوقتي رئيس أي بلد بيموت فالناس بتفتح الدستور تقرأ هو الدستور بيقول مين يمسك الحكم بشكل مؤقت لحد ما تتعمل إنتخابات جديدة .. وقتها الوضع مكنش كده .. لو حد من حكام الولايات العثمانية شم خبر إن السلطان مات و محدش مسك مكانه فحيثور ضد حكم العثمانيين .. (سليمان) و (إبراهيم) خدوا 8 أيام عشان يوصلوا العاصمة إسطنبول .. 8 أيام كانت كلها تفكير و تخطيط و نقاش .. يا تري (سليمان) حيعمل إيه؟ .. إيه أول خطوة؟

هو عارف إن حكمه في بدايته علي الأقل حيبقي مفيهوش مشاكل عشان هو ملوش أخوات عايشين فمش حيبقي قلقان إن تتعمل ضده مؤامرات جوه البلاط الملكي .. 8 أيام تخطيط مع (إبراهيم) لحد ما وصل .. هناك أول حاجة عملها إنه راح لمقبرة (أبوأيوب الأنصاري) رضي الله عنه واحد من صحابة النبي (عليه الصلاة و السلام) و كان ضمن جيش (معاوية بن أبي سفيان) رضي الله عنه اللي حاول يفتح القسطنطينية وأستشهد هناك و المقبرة دي كانت تعتبر وقتها أكتر مكان له قدسية عند الأتراك .. تحسهم شايفينها حتة من ريحة النبي (عليه الصلاة و السلام) .. (سليمان) صلي عند الضريح بتاع (أبوأيوب الأنصاري) و بعدها دفن والده .. من ضمن التقاليد العثمانية إن المفتي خلاه يلبس سيف (عثمان الأول) الدهبي مؤسس الدولة العثمانية عشان يتم تنصيب (سليمان الأول) كسلطان للعثمانيين.

الأتراك في طبيعتهم شعب بيخاف من الحسد و التشاؤم عندهم بيجري في دمهم مع كرات الدم الحمرا و البيضا .. (سليم الأول) توفي سنة 1520 ميلادي اللي هي 925 هجري .. (سليمان) إتولد سنة 900 هجري و كان عنده 25 سنة لما مسك الحكم كعاشر سلاطين الدولة العثمانية .. السلطان العاشر اللي إتولد مع أول سنة في القرن العاشر الهجري اللي هو صباح الحظ الأسود يا أبوعمو .. الأتراك كمان بطبيعتهم شعب عاطفي حبتين .. ثاني يوم من حكمه كبارات البلد جم يعزوه .. أول قرار عمله إنه يبني جامع تكريماً لإسم أبوه .. يمكن بكده كان زي ما يكون بيقول لباباه انا مسامحك .. يمكن كان بيعتذرله .. بس في نفس الوقت الرسالة اللي كان عايز يوصلها للبلد إنه مش زي أبوه .. الخوف اللي كان (سليم الأول) زارعه في قلوب مستشاريه و وزراءه حيتشال .. (سليمان) عمل زي لما تبقي شغال في شركة و يتعين Team Leader جديد عليك وأول حاجة يعملها يعزم الفريق كله بتاعه علي الغدا عند روستو و يحلوا بعدها عن النجمة النابلسية.

(سليمان) عطي منحة لكل عساكر الإنكشارية اللي تعتبر القوات الخاصة بتاعة القوات المسلحة العثمانية .. ومش بس عطي منحه للعساكر .. عطي منحة لكل موظفي الدولة .. قرر يعفوا عن كل اللي إتسجنوا وقت حكم أبوه .. اللي إتنفوا  بره البلد تحت حكم أبوه قالهم يرجعوا بلدهم تاني .. لغي حظر دخول البضايع الإيرانية وده القرار اللي طلعه (سليم الأول) و الناس كلها كانت كارهاه بس كان ضمن الحرب التجارية بين العثمانيين و الفرس .. بس في نفس الوقت هو مكنش كيوت أوي يعني .. هو إتكلم مع (إبراهيم) في النقطة دي بالذات خلال رحلتهم من ماسينا لإسطنبول .. فيه ناس لازم تتعدم .. بس مش كتير .. مجرد الناس اللي تستحق تتعدم عشان ميتقالش إن السلطان كيوت .. إن وقتها يتقال إن السلطان كيوت دي كان زي ما تكون دعوة لأي حد إنه يثور عليه .. بس حتي ده ممنعش إن يبقي فيه بهايم متفهمش الرسالة اللي هو كان عايز يبعتها.

يدوبك لسه (سليمان) بيقول يا رحمن يا رحيم والي الشام ثار عليه .. والي الشام خد جيشه وراح يحاصر مدينة حلب .. كان يقال إن اللي شجع والي الشام إنه يثور هو إنه تخيل إن والي مصر حيقف معاه .. اللي مكنش حد يعرفه إن والي مصر زي ما بعت رسالة لوالي الشام قاله انا في ظهرك يا زميلي فهو برده بعت رسالة ل(سليمان) قاله خلي بالك أصاحبي .. (سليمان) شاف اللي بيحصل و قال لنفسه دي فرصة .. التكرار بيعلم الحمار .. هو خد جيشه كله .. هو كان عارف إن دي مبالغة إنه يعمل تعبئة عامة للقوات المسلحة بتاعته كلها عشان مجرد والي عمل ثورة بس ده كان المطلوب .. المطلوب هو إن الناس تفهم إن انا طيب و كل حاجة بس وقت الغلط بحدف زلط .. الثورة في الشام إنتهت بمنتهي القسوة .. و والي مصر إتكافيء بمنتهي الكرم .. أظن الرسالة وصلت للكل.

المرحلة الثانية من حياة (سليمان القانوني) .. و النعمة لخليكي تنامي من المغرب يا أوروبا:

إذا كان أبو (سليمان) اللي هو (سليم الأول) كان مركز علي توسيع حكمه في الشرق الأوسط و قدر إنه يضم الشام و مصر ف(سليمان) كان بيفكر في حاجة تانية خالص .. أوروبا .. هو و (إبراهيم) اللي بعد ما (سليمان) بقي سلطان بقي دراعه اليمين و مستشاره الخاص قعدوا يحسبوها و لقوا إن عشان الأتراك يخشوا أوروبا عندهم مشكلتين لازم يتحلوا الأول .. المشكلة الأولي هي بلجراد عاصمة مملكة المجر و اللي دلوقتي عاصمة صربيا .. المشكلة الثانية هي جزيرة رودس في البحر المتوسط اللي تحت سيطرة حاجه اسمها فرسان رودس و خليني أكلمك عن المشكلتين دول بشوية تفصيل صغيرين:

أوروبا وقت إستلام (سليمان) السلطة .. جنبه المجر اللي تعتبر بوابته لأوروبا .. أكبر قوتين في أوروبا وقتها كانوا الإمبراطورية الرومانية المقدسة و فرنسا اللي هم في حاله حرب مع بعض.

  • عارف لما يبقي عندك حمام فيه كذا حوض بس انت حاطط محبس عند مدخل الحمام عشان تفصل المياه عنه .. أهي بلجراد هي المحبس اللي مانع الأتراك إنهم يدخلوا أوروبا .. علي فكرة المشكلة دي قديمة يعني (سليمان) مصحاش الصبح إكتشف إن بلجراد واقفه في زوره .. إذا كان (سليمان) إستلم الحكم سنة 1520 ففي سنة 1456 الأتراك تحت حكم (محمد الثاني) حاولوا يدخلوا بلجراد و خدوا علي قفاهم .. (سليمان) كان مقتنع من جواه إن الحاجة اللي أجداده فشلوا يعملوها هو حيعرف يحققها.
  • جزيرة رودس علي الناحية الثانية كانت مشكلة في طريق سيطرة الأتراك علي البحر المتوسط .. منطقياً ده كان المفروض يحصل .. انت مسيطر علي تركيا و سوريا و لبنان و مصر .. المفروض إن أي سفينة شايلة العلم العثماني تعدي في البحر المتوسط وهي حاسة بالأمان زي ما انت كده بتبقي مش شايل هم تقوم من سريرك تخش الحمام في بيتكوا .. المشكلة إن جزيرة رودس كانت عاملة زي ما يكون الشقة عندك فيها فار انت مش عارف تخلص منه فكل مره بتطلع من أوضتك بتبقي خايف .. تاني ..  جزيرة رودس دي مكانتش مشكلة ظهرت فجأة كده في عهد (سليمان) .. لأكتر من 75 سنة و سلاطين العثمانيين قبله حاولوا يسيطيروا علي الجزيرة وفي كل مره بيفشلوا.
  • (سليمان) كان عارف ان أهم تهديدين لحكمه هم عاصمة المجريين بلجراد و جزيرة رودس في البحر المتوسط.

    وسط كل التخطيط و التفكير مع (إبراهيم) فجأة الحرب اللي (سليمان) كان بيحلم بيها جاتله لحد عنده .. لحد السنة اللي (سليمان) مسك فيها الحكم كانت فيه معاهدة سلام بين العثمانيين و المجريين بحيث إن المعاهدة بتقول إن لازم المجر تدفع جزية سنوية للأتراك في مقابل إن الأتراك و المجريين يتعاملوا مع بعض بنظام يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز عسل منك .. لما (سليمان) مسك الحكم فملك المجر قرر إنه مش حيدفع الجزية .. المشكلة مش في كده .. المشكلة إنه أعدم السفير العثماني اللي كان جاي عشان ياخد الجزية السنوية .. دي كانت الشرارة اللي (سليمان) كان بيحلم بيها .. مفيش حد يستجري يمد إيده علي رجالتي .. إذا كان مبرر الحرب بقي في إيده فلازم يذاكر كويس و الحقيقه إن (سليمان) إستغرب جداً لما بدأ يذاكر المملكة المجرية اللي هو عايز يعصرها ينزل منها مجريين صغيرين لإن الفروقات بين المجر وبينه وقتها كانت زي الفرق بين الأهلي و بلدية المحلة كده:

    • إذا كان الأتراك الحكم عندهم بيورث من الأب لابنه فالمجريين كانوا بينتخبوا ملوكهم و لإنهم زهقوا من سيطرة الملوك أصحاب الشخصيات القوية اللي بيمشوا كلامهم علي الأمراء و الأغنياء فواحدة واحدة بقوا ينتخبوا ملوك تقدر تقول عرايس ماريونيت ملهمش أي صوت ولا شخصية .. ملك المجر اللي أعدم سفير (سليمان) كان عيل صغير لسه مكملش 14 سنة.
    • إذا كان المجريين في المرة اللي فاتت اللي (محمد الثاني) حاول يدخل فيها بلجراد كان وراهم تحالف أوروبي قوي فالمرة دي فعلياً محدش كان فاضي يقف مع المجر .. اللي حصل وقتها إن كانت فيه شبه حرب أهلية دينية في أوروبا بدأت إن فيه قسيس راح من نفسه كده كتب ورقة و علقها باب الكنيسة في مدينه فورمز Worms اللي كانت وقتها عاصمة الإمبراطورية الرومانية المقدسة اللي هي ألمانيا دلوقتي و كتب في الورقة دي إن يا جدعان بابا الفاتيكان مش منزه من كل خطيئة ولا حاجة و إن رضا بابا الفاتيكان عنك ملوش أي علاقة إنك تضمن إنك داخل الجنة بالبريد المستعجل .. الورقة دي قسمت الكنيسة الكاثوليكية نصين .. فعلياً مكنش فيه حد فاضي يقف مع المجر .. بابا الفاتيكان الناس في الشارع بتقوله انت لا بابا و لا نيلة .. (تشارلز الخامس Charles V) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة و يمكن أهم شخصية في أوروبا متخانق مع ملك فرنسا .. ده معناه إن الفرنسيين  من ناحيتهم مكنش عندهم أي مانع إن الأتراك يدخلوا المجر لإن ساعتها (تشارلز الخامس) مش حسيب جيرانه المجريين يقفوا قصاد العثمانيين لوحدهم و حيضطر يساعدهم و بكده حيبقي بيحارب علي جبهتين.

    (سليمان) حسبها بالورقة و القلم .. كده مفيش حد ممكن يقف مع المجر إلا جمهورية البندقية أو فينيسيا زي ما انت عارفها .. (سليمان) قبل ما يعلن الحرب علي المجر بعت سفير للبندقية و عرض عليهم إتفاقية تجارة تقدر تقول عليها زي ما (دون كورليون) كان دايماً بيقول في فيلم The Godfather اللي هو  I gave them an offer they can’t refuse .. (سليمان) خطط لغزو المجر زي ما انت ما بتذاكر لإمتحان الفاينال في الكلية .. كل حاجة إتعمل حسابها .. حصاره لبلجراد بدأ بقصف مدفعي إستمر أسابيع بس حتي ده مجابش نتيجة .. جرب الخيانة و جاسوس إتزرع جوه المدينة قاله إزاي يفتح أبوابها وفعلاً قواته دخلت بس المجريين قدروا يصدوا الهجوم .. في يوم جاله جواب من القوات الصربية الأروثوذوكسية اللي من ضمن قوات الدفاع عن بلجراد .. القوات دي مكنش عندها مشكلة إنها تعيش تحت حكم المسلمين ولا إنهم يموتوا عشان يدافعوا عن الكاثوليك .. (سليمان) وافق علي عرضهم وعطالهم أرض جنب أسطنبول عشان يعيشوا فيها .. (سليمان) دخل بلجراد وهو حالف لاينتقم .. مفيش حد شايل سلاح و إتساب يعيش .. الكنيسة الكبيرة في المدينة إتقلبت لجامع و (سليمان) خطب في أول صلاة جمعة بعد سقوط المدينة من جوه الكنيسة دي.

    دخول بلجراد مشي زي السكينة في الجاتوه مع (سليمان) بس هو كان عارف إنه ميقدرش يدوس جامد جوه أوروبا من غير ما يخلص من المشكلة الثانية اللي كانت بتواجهه .. جزيرة رودس .. فعلياً الوضع في أوروبا متغيرش .. الإمبراطورية الرومانية المقدسة متخانقة مع فرنسا و محدش فيهم حيفكر يروح يلحق جزيرة رودس .. زي ما عمل في فتح بلجراد (سليمان) عمل في فتح جزيرة رودس .. ذاكر كويس .. هو بني قلعة علي ساحل تركيا اللي في وش جزيرة رودس .. حضر أسطول من 300 سفينة و جيش من 100,000 مقاتل و 100 مدفع .. (سليمان) زي ما القانون العثماني بيقول بعت رسالة لقائد فرسان جزيرة رودس عرض عليه إنه هو و رجالته حيضمن ليهم حياتهم لو إستسلموا بس Offer بتاعه إترفض زي ما (سليمان) كان متوقع.

    لأكتر من 5 أسابيع و القصف المدفعي مبيوقفش إلا عشان القوات البرية بتحاول تخترق أسوار قلعة الجزيرة بس من غير أي نتيجة .. لحد ما في يوم المهندسين الأتراك عرفوا يحفروا نفق تحت واحد من الأركان الأربعة للقلعة و وقعوا حتة من السور واللي كان مسئول عنه الفرسان الإنجليز ضمن فرسان الجزيرة .. 3 مرات متتالية القوات الإنكشارية تحاول تدخل القلعة بس الفرسان الإنجليز يقدروا يصدوا الهجوم .. تاني المهندسين الأتراك حفروا نفق تحت الحتة من السور اللي مسئول عن حمايتها الفرسان الإسبان وبرده حتة من السور بتقع و برده القوات الإنكشارية بتاعته بتفشل في إنها تدخل القلعة.

    جزيرة رودس كانت متحاطه بأسوار خلت إقتحامها حاجة صعبة أوي حتي لما (سليمان) حاول يدخلها بجيش قوامه 100,000 قصاد 7,000  فارس بس مكلف بحمايتها.

    وسط كل الفشل ده انت لو مكان (سليمان) بتسأل نفسك هو فيه إيه؟ .. طب الغلط فين؟ .. في الأول هو إتهم واحد من قادة قواته بإنه هو المسئول و أمر بإعدامه بس رجع في كلامه لما حس إن المشكلة أكبر من كده .. المشكلة كانت في (مصطفي باشا) كبير وزراءه و الأهم إنه جوز أخته .. كان عايز يعدمه بس برده هو مكنش عايز يزعل أخته فقرر يجرده من منصبه و نفاه مصر عشان يبقي الوالي بتاعها وده يوريك قد إيه الأتراك أو (سليمان) بالتحديد مكانش بيعتبر مصر ولاية مهم لإنه فعلياً مكنش مركز مع الشرق الأوسط أصلاً .. خساير (سليمان) عماله تزيد يوم عن يوم وهو مش عارف يعمل إيه؟ .. هل مصير فتحه لرودس حيبقي هو هو مصير السلاطين اللي قبله؟ .. الفشل .. جرب يبعت جواب تاني لفرسان الجزيرة .. إستسلموا وإلا انا مش حسيب كائن حي يعيش .. ردهم كان إنهم بعتوله جواب مختوم من السلطان العثماني (بيزيد الثاني) جد (سليمان) واللي كان وقتها عطي ضمانات لفرسان رودس إن الجزيرة بتاعتهم وإن مفيش سلطان عثماني حيفكر ياخدها منهم .. (سليمان) خد الجواب اللي مختوم من جده قطعه و بعت لفرسان الجزيرة إتنين من الأسري بتوعهم بس خلي عساكره يقطعولهم مناخيرهم و ودانهم كتحذير لباقي الفرسان بتوع الجزيرة .. إستسلموا قبل ما أجيب عليها واطيها.

    أسبوع كامل من القصف .. أسوار القلعة بقت عامله زي الإزاز المشروخ .. (سليمان) عرض علي فرسان الجزيرة الإستسلام لتالت مرة و الحقيقه إن شروط الإستسلام اللي عرضها عليهم (سليمان) كانت صعب تترفض .. أي فارس عايز يسيب الجزيرة و يروح أوروبا أهلاً و سهلاً و من حقه ياخد أي حاجة عايز ياخدها معاه .. أي مواطن عايش في الجزيرة ومش عايز يعيش فيها تحت حكم الأتراك برده من حقه يمشي و برده من حقه ياخد أي حاجة معاه وهو ماشي .. أي فارس أو مواطن قرر ميسيبش الجزيرة بس لقي نفسه بعد كده مش طايق العيشة تحت حكم الأتراك قدامه 3 سنين من يوم فتح القلعة يغير رأيه فيهم و برده من حقه يمشي في أي وقت خلال 3 سنين و برده من حقه ياخد معاه أي حاجة وهو ماشي .. مفيش كنيسة حتتهد .. إذا كانت المدينة بقت تحت حكم الأتراك سنة 1522 فلمدة 5  سنين لحد سنة 1527 مفيش ولا مواطن عايش في الجزيرة حيدفع ولا مليم ضرائب و مفيش حد من عيالهم حيتقاله انت لازم تنضم للجيش العثماني .. مع الشروط اللي في منتهي الكرم دي فرسان جزيرة رودس إستسلموا .. (سليمان) طلب يقابل قائد فرسان الجزيرة و حياه علي شجاعة فرسانه .. متنساش إن 7,000 فارس قدروا يصدوا هجوم جيش من 100,000 .. في اللحظة دي (سليمان) لقي نفسه قدام حقيقة غريبة أوي .. من أول يوم إستلم فيه الحكم وهو في حالة حرب .. بقاله سنتين بيحارب و بفتح رودس عاش لأول مرة من سنتين إحساس إن ياااااه انا خلصت إمتحانات الفاينال .. أروح أبرطع في الأجازة بقي.

    المرحلة الثالثة من حياة (سليمان القانوني) .. مفيش حاجة بتحيي روح الرجل أكتر من حب واحدة ست:

    (سليمان) مكنش عايز يبقي زي أبوه (سليم الأول) .. (سليم الأول) انت ممكن تقيمه و تقول رأيك فيه زي ما انت عايز بس يمكن أكبر فشل في حياة (سليم الأول) إنه مكنش عارف إزاي يبقي أب .. تقريباً مفيش علاقة أب بإبنه بين (سليم الأول) و (سليمان) .. المشكلة اللي الأبناء زي (سليمان) عمرهم ما بياخدوا بالهم منها إنك لو كبرت و إنت كاره باباك أو حاسس إن علاقتك بيه بايظة و دايماً بتقول لنفسك انا لما أكبر حبقي أب غير أبويا فأحب أقولك إنك مش حتعرف .. انت راسك بتبقي تشبعت بفكرة واحدة هي إني مش عايز أبقي زي أبويا مش عايز أبقي زي أبويا لدرجة إنك لما بتكبر بتلاقي نفسك بقيت زي باباك .. (سليمان) لما مسك الحكم كان متجوز واحدة تقدر تقول جواز صالونات إسمها (ماه دوران) .. هي كانت كويسة و من عيلة محترمة و بنت حلال و كل حاجة بس هو مكنش بيحبها .. هي بالنسبة له كانت أم العيال مش أكتر .. هو خلف منها 3 أولاد و كانت صدمة كبيرة لما رجع من فتحه لبلجراد لخبر إن إتنين من عياله توفوا .. الكبير و الصغير .. بعد ما كان (سليمان) أبو الولاد مبقاش عنده إلا إبن واحد .. (مصطفي).

    كم الألم و الحزن و الغضب اللي كان فيه (سليمان) مفيش حد يقدر يتخيله .. أصعب حاجة علي أي رجل إن إبنه يموت قبل منه .. الأصعب إنك متبقاش موجود و هو بيموت .. يا تري إبنك كان نفسه يقولك إيه و هو بيتنفس أخر أنفاسه؟ .. يا تري إيه الفرق بينك و بين رجل مش عارف يعني إيه أب زي أبوك (سليم الأول)؟ .. في نفس السنة اللي عياله الإتنين توفوا فيها ربنا بعتله هدية من عنده .. (روكسلانا) .. إذا كان (سليمان) مكنش بيحب مراته بس هو عشق (روكسلانا) .. هي بنت بولندية شعرها أحمر زي النار و عينها زرقا زي مياه البحر .. (سليمان) عشق (روكسلانا) و زي أي رجل لما بيحب واحدة ست بقي مستعد يعمل عشانها أي حاجة .. في سنة واحدة حياة (سليمان) الشخصية تحولت من حزن شديد لفرحة أي رجل في الدنيا بيحلم بيها .. (روكسلانا) خلفت منه ولد.

    في المرحلة دي (سليمان) كان عايش أحلي وقت في حياته .. هو عمره ما حس بيعني إيه عيلة و هو صغير .. أبوه عشان يأمن حكمه حرمه من نعمة إن يبقي له أخوات يلعب معاهم .. بس لما كبر لقي نفسه بيحب و كمان له صاحب .. (روكسلانا) و (إبراهيم) .. إيه تاني في الدنيا أي رجل يتمناه؟ .. بعد فتح رودس (سليمان) عرض علي (إبراهيم) منصب كبير الوزراء .. في الأول (إبراهيم) رفض .. تقدر تقول إن Job Description بتاع شغلانة كبير الوزراء دي إنه اللي بيشتغل فيها غالباً مبيفضلش عايش كتير بس (سليمان) أصر .. مش كده و بس .. (سليمان) جوز أخته ل(إبراهيم) و كان فرحهم فعلاً ليلة من ليالي ألف و ليلة اللي تعيشها أسطنبول .. (سليمان) بدأ يعتمد علي (إبراهيم) أكتر فأكتر و ده طبيعي لو انت مدير شركة و حظك جابلك واحد يشتغل عندك يقدر يشيل شغل و الدنيا ماشية معاه فانت بتقول لنفسك طب ما أروح انا أقضي كام يوم في العين السخنة و انا مطمن إن الشغل حيخلص .. بس إذا كان (سليمان) و (إبراهيم) عرفوا يخلصوا من أول مشكلتين واجهتهم في أول سنتين من الحكم اللي هم بلجراد و رودس فجه الوقت إن الإتنين يشوفوا حل للمشكلتين اللي بعد كده:

    • أول مشكلة كانت إن البلد محتاجة إصلاحات قانونية .. الشريعة الإسلامية لحد وقت (سليمان) كانت عمرها ما إتطبقت لحكم إمبراطورية بحجم توسع الدولة العثمانية و في عصر معقد زي العصر اللي كانت الدولة العثمانية فيه واحدة من القوي العظمي في العالم .. فيه حاجات كتير عايزين نشوف ليها حل .. الضرائب و شوية نقاط في الإدارة .. التجارة الخارجية .. حقوق الأقليات .. علي فكرة (سليمان) مش هو بنفسه اللي قعد يحل المشاكل القانونية دي .. هو بس جاب لجنة من أكتر ناس بتفهم في الشريعة و القانون و هم اللي كتبوله القوانين زي ما انت كده لو رئيس دلوقتي بتجيب لجنة من خبراء القانون الدستوري عشان يحلولك أي مشكلة أو أزمة قانونية .. في الأخر صحيح التاريخ هو اللي لزق إسم القانوني في إسمه رغم إنه فعلياً معملش حاجة بس هي الرئاسة كده .. المجد كله بيتنسب ليك و الفشل برده انت اللي بتشيله.
    • تاني مشكلة هي إن لازم نكمل علي فتح بلجراد .. الدور جه علي مملكة المجر إنها تبقي تحت حكم الأتراك خصوصاً إن الوضع في أوروبا متغيرش .. لسه الحرب الأهلية بين الكاثوليك و البروتستانت مولعة .. لسه فرنسا و الإمبراطورية الرومانية المقدسة ماسكين في خناق بعض .. المجر حتبقي لوحدها و لازم هو يستغل ده لإن الله أعلم إيه اللي ممكن يحصل بعد شوية .. جيش قوامه 100,000 مقاتل بقي جاهز بقيادته و معاه (إبراهيم) كبير وزراءه عشان يروح يخلص من مملكة المجر بشكل نهائي .. الهدف كان بودابست عاصمة مملكة المجر اللي هي لسه لحد دلوقتي عاصمة دولة المجر.
    ال3 مدن بلجراد و بودابست و فيينا .. عواصم صربيا و المجر و النمسا كانوا أكثر 3 مدن عاملين صداع في دماغ (سليمان).

    المرحلة الرابعة من حياة (سليمان) .. المجر كلاكيت تاني مرة:

    قبل ما (سليمان) و جيشه يبدأ يتحرك علي بودابست بيوم واحد جاله سفير من فرنسا .. السفير كان جايبله جواب من ملكة فرنسا اللي كانت تبقي أم ملك فرنسا مش مراته عشان بس تكون فاهم .. الملكة كانت بتترجي من (سليمان) إن العثمانيين يعلنوا الحرب علي (تشارلز الخامس) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة .. ليه؟ .. زي ما انا قلتلك إن في الوقت ده أوروبا كلها كانت ماسكه في خناق بعض .. الكاثوليك بيكفروا البروتستانت و البروتستانت بيكفروا الكاثوليك .. الإمبراطورية الرومانية المقدسة أو ألمانيا بيحكمها (تشارلز الخامس) اللي هو أساساً إسباني و هو ملك إسبانيا و متخانق مع فرنسا .. من ضمن حروبه مع فرنسا (تشارلز الخامس) قدر يأسر (فرانسيس الأول) ملك فرنسا .. في الوقت ده كان مستحيل إن (سليمان) يأجل عملية بودابست .. خلاص الجيش حيتحرك بكره و ده حاجة فاينال .. هو حيبص في حوار (تشارلز الخامس) ده بعد ما ياخد بودابست .. بس من  جواه هو كان فرحان جداً .. أجداده كانوا حلمهم يرفعوا علم الدولة العثمانية علي أوروبا كلها .. أجداده كانت أوروبا بتبصلهم علي إن الأتراك دول أعداء أوروبا .. دلوقتي الباب إتفتحله عشان يبدأ يبني تحالفات جوه أوروبا و دي حاجة مهمة عشان يبدأ يحط رجله هناك .. هو محتاج صحاب و النهاردة إتبعتله أول Friend Request من الناس اللي كان دايماً بيشوفهم في People you may know.

    التحالف العثماني الفرنسي بين (سليمان) و (فرانسيس الاول) كان اول مره الاتراك يبقي ليهم ايد جوه المطبخ السياسي بتاع اوروبا.

    أكبر مشكلة واجهت زحف الجيش لبودابست كانت المطر .. سيول نازلة .. الطرق اللي كان الجيش بيمشي عليها بقت كلها طينة و ده لوحده كان كابوس لأطقم المدفعية اللي كان لازم تلاقي طريقة إنهم يزقوا المدافع الضخمة التقيلة في طريق زي الزفت كله طينة و مياه .. في نص السكة (سليمان) كلف (إبراهيم) إنه ياخد حتة من الجيش و يروح ياخد قلعة إسمها بيتروفارديان Petrovaridan و دي القلعة اللي بتحمي مدينة صوفيا اللي هي دلوقتي عاصمة بلغاريا .. كام يوم و (سليمان) جاله خبر إن مش بس (إبراهيم) خد القلعة ده خلص علي حاميتها اللي كان قوامها 500 مقاتل و كمان مخسرش إلا 25 عسكري من جيشه .. حتة زيادة تتحط في CV بتاع (إبراهيم) و عشان (سليمان) يغنيله بحبك يا صاحبي من و انا لسه باحبي.

    أخيراً الجيش وصل بودابست .. قدام المدينة فيه سهل مفتوح بيسموه سهل موهاكس Mohacs Plain .. (سليمان) لقي مستنيه في السهل شوية فرسان بيسموا نفسهم فرسان (لويس) عددهم ما بين 25,000-30,000 قصاد جيشه اللي وصل 100,000 مقاتل .. (لويس) ده يبقي ملك مملكة المجر اللي قلتلك إن كان عنده 14 سنة لما (سليمان) خد بلجراد .. اللي حصل إن الملك الصغنون كان عايز يستني وصول أي تعزيزات تخليه يقف قصاد الأتراك بس الفرسان بتوعه أجبروه إنه يتحرك و يقابل الجيش اللي جاي .. لسبب ما محدش عارفه الفرسان دول شافوا إن دروعهم الحديد حتحميهم .. شافوا إن المدافع و البنادق اللي في إيد الإنكشارية دي ملهاش أي لازمة قصاد السيوف و الرماح و هجوم الخيالة .. الغريب إن فرسان (هنري) هم اللي بدأوا بالهجوم .. هجوم إنتحاري زي اللي شفته في فيلم The Last Samurai كده .. المعركة خلصت أسرع من ما انت تروح الحمام و تخرج .. التفوق العددي للأتراك لوحده كان كافي فما بالك بتفوقهم الرهيب في التسليح .. من ضمن ضحايا المعركة كان الملك (لويس) نفسه .. يقال إن (سليمان) لما شاف جثته عيط .. يقال إنه قال ل(إبراهيم) إنه كان عايز ياخد مملكة الولد بس مكنش عايز ياخد حياته و هو لسه صغير كده .. يمكن لما شاف جثة (هنري) إفتكر عياله الإتنين اللي ماتوا و هم صغيرين.

    (سليمان) رجع إسطنبول بعد معركة موهاكس و فتحه لبودابست و بدأ يحضر لإزاي حيفتح جبهة جديدة ضد (تشارلز الخامس) لما إتقاله إن فيه سفير جايله من واحد إسمه (فيرديناند) .. (فيرديناند) ده يبقي أخو (تشارلز الخامس) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة و اللي (سليمان) بيفكر إزاي يعلن عليه الحرب .. حلو .. (تشارلز الخامس) عشان يركز في حربه مع فرنسا عطي ل(فيردناند) حتة أرض اللي هي دلوقتي النمسا و قاله الأرض دي بتاعتك .. حلو أوي .. بمجرد إنسحاب (سليمان) من بودابست إذا برجاله (فيردناند) بتدخل تحتل مملكة المجر اللي المفروض يعني دلوقتي إنها بقت تحت إيد الأتراك .. المبرر اللي قاله السفير إن الأرض دي أساساً تبع النمسا و بما إن (فيردناند) بقي هو اللي ماسك النمسا فهو عايز حقه .. الOffer بتاع السفير كان الأرض مقابل السلام .. إحنا حناخد المجر في مقابل إننا مش حنحارب بعض .. (إبراهيم) فضل يسمعه لحد ما قاله نفس الجملة اللي قالها الفنان (حسن حسني) الله يرحمه في فيلم اللي بالي بالك .. مش عايز دي في دي .. طب ما نديلك أسطنبول بالمرة .. اللي حصل بعد كده كان فيلم كوميدي بجد.

    (فيردناند) طلع قرار أعلن نفسه ملك المجر .. المجريين أنتخبوا من وسطهم واحد إسمه (جون زابوليا John Zapolya) و قالوا هو ده الملك بتاعنا .. (سليمان) بصلهم و قالهم هو انا كوز درة واقف قدامكوا .. (سليمان) جهز جيشه و بدأ زحفه مش علي بودابست .. لا .. علي فيينا عاصمة النمسا و مركز قوة (فيرديناند) .. كلاكيت تاني مرة .. نفس المطر .. نفس الهم .. لحد ما في يوم 18 أغسطس 1529 قوات (سليمان) وصل لسهل موهاكس .. تاني .. هناك لقي مستنيه (زابوليا) اللي كان واقف و معاه هدية ل(سليمان) .. (زابوليا) عرض علي (سليمان) إنه حيخدم تحت حكمه .. المجر حتفضل تحت سيطرة الأتراك بس بالله عليك ساعدنا نخلص من (فيرديناند) اللي إحتل بودابست بمجرد ما (سليمان) سابها .. لسه (سليمان) حيقول هييييييه لقي سفير فرنسا وصل .. سفير فرنسا عرض علي (سليمان) فلوس و أي مساعدة يطلبها بس بالله عليك ساعدنا نخلص من الكلب (فيرديناند) ده .. حصار بودابست مخدتش أكتر من 6 أيام .. (سليمان) حط (زابوليا) علي العرش و كمل هو طريقه لفيينا.

    يوم 27 سبتمبر 1529 كان (سليمان) وصل أسوار فيينا .. 20,000 فارس قصاد جيشه اللي وصل عدده 100,000.. 27 مدفع بيحموا المدينة قصاد 300 من مدافعه .. نصر (سليمان) كان شبه محسوم لدرجة إن (فيرديناند) ساب العاصمة بتاعته و هرب لإقليم بوهيميا في ألمانيا .. بس إذا كان (فيرديناند) كان جبان فأخوه (تشارلز الخامس) كان عارف إن لو الأتراك دخلوا فيينا فهو شخصياً مش حيقدر يوقفهم .. الحقيقة اللي بقت واضحة زي الشمس ل(تشارلز الخامس) إن (سليمان) مينفعش ياخد فيينا .. (تشارلز الخامس) قدر ينقل 1000 من صفوة قواته لفيينا عشان يساعدوا في حمايتها .. الوقت كمان لعب دور .. فاكر المطر اللي مكنش بيخلص اللي نزل و جيش (سليمان) بيتحرك باتجاه فيينا؟ .. المطر ده عطل الأتراك كذا يوم و الأيام دي كانت كافية إن أهل فيينا يجمعوا كل الأكل و الشرب اللي يقدروا يدخلوهم للمدينة و يعززوا من دفاعاتها .. النمساويين كانوا حالفين لا تكون فيينا هي الإمتحان اللي (سليمان) يسقط فيه .. علي الناحية الثانية الأتراك عملوا اللي يقدروا عليه عشان يكسروا إرادة المدينة .. ضربوها بالمدافع .. المهندسين حفروا أنفاق و هدوا جزء من السور .. الإنكشارية حاولت تستغل الفتحة دي و تخش .. (سليمان) قال لعساكره إن أول عسكري يرفع علم الدولة العثمانية علي أسوار فيينا حياخد مكافاءة مثل وزنه من الذهب .. يوم 14 أكتوبر كان أكبر هجوم يتنفذ لإقتحام أسوار المدينة بس الهجوم فشل في أخر لحظة.

    (سليمان) قال لنفسه مش مشكلة نحاول تاني بكره بس إكتشف إن خلاص مبقاش فيه وقت .. التلج بدأ ينزل .. الأتراك لا بيعرفوا ولا كانوا مستعدين إنهم يكملوا حصار فيينا وسط الثلج .. (سليمان) قبل الوضع و قال قدر الله و ما شاء فعل .. دفع لعساكره فلوسهم و كأنهم كسبوا الحرب .. من جواه (سليمان) حس إن كده خلاص أخر الخط .. جيوش الدولة العثمانية مهما كان عددها و مهما كان تسليحها و مهما كان إيمانها بقضيتها مش حتقدر تعدي بوابة فيينا .. الجغرافيا و الجو و الثلج لوحدهم حيعطلوه .. لما رجع تاني بودابست في طريق عودته لإسطنبول (جون زابوليا) باس إيده و هناه علي نصره علي النمساويين بس من جواه (سليمان) كان عارف إن ده أخر الخط و في نفس الوقت فيه مصيبة مستنياه في أسطنبول لما يرجع.

    المرحلة الخامسة من حياة (سليمان القانوني) .. زي أي رجل في الدنيا عنده حساسية من نكد مراتاته:

    فجأة (سليمان) إتحط في نفس موقف أبوه .. هو كان كره أبوه (سليم الأول) بسبب إنه قتل أخواته الصغيرين عشان يضمن مستقبل الدولة لما (سليمان) يكبر .. السبب اللي خلي أول سنين حكم (سليمان) بالنجاح ده هو إنه مكنش قلقان إن يبقي له أخوات يتأمروا عليه أو يعلنوا عليه الحرب الأهلية بس (سليمان) مكنش شايفها كده .. هو شافها إن أبوه حرمه من إن يبقي عنده عيلة .. و دلوقتي (سليمان) إتحط في نفس موقف أبوه .. (سليمان) كان له إبن من مراته الأولانية (ماه دوران) إسمه (مصطفي) و ده إبنه الكبير .. و كمان له 3 أطفال من عشيقته (روكسلانا) اللي هم (سليم الثاني) و (بيزيد) و (شاه زاده) .. (مصطفي) كان محبوب من الناس و من الجيش .. كان أشطر عياله .. فعلياً انا لو مكان (سليمان) أخلي (مصطفي) ولي العهد بتاعي و حبقي مطمن علي مستقبل الدولة بعد ما أموت بس هي دي المشكلة .. المشكلة إن (مصطفي) كان في حتة تانية خالص عن إخواته .. (سليم الثاني) كانت سمعته زي الزفت في البلد .. (بيزيد) مش وحش بس في نفس الوقت مش أملة أوي يعني .. (شاه زاده) فعليا كان ذكي جداً .. يقال إنه كان ذكي لدرجة إنك لو عملتله إمتحان IQ  فعالباً حيجيب سكور زي بتاع (ألبيرت أينشتاين) كده بس مشكلته إن ربنا إبتلاه بإنه كان أحدب و صحته تعبانة و ده في حد ذاته خلي الناس يا متجيبش سيرته يا يقولوا عليه إنه مينفعش يبقي مرشح أصلاً إنه يمسك البلد.

    لو (سليمان) مشي علي قانون البلد و بمجرد تنصيب (مصطفي) كولي عهد قرر يعمل زي ما أبوه عمل و يقتل عيال (روكسلانا) الثلاثة فكده هو حيكسر قلبها .. إزاي يكسر قلبها وهو بيحبها؟ .. بيحبها إيه ده بيعشقها .. كل يوم بيعدي و هو بيحس إنه محبوس في زنزانة و جدران الزنزانة بتقفل عليه .. اليوم اللي حيقرر فيه مين يعيش و مين يموت من عياله بيقرب .. اليوم اللي مفيش أب في الدنيا عايز يجرب يعيشه .. في وسط الهم ده الستات حتفضل ستات و حيفضل النكد زي الهواء اللي بيتنفسوه .. (روكسلانا) فضلت تزن فوق ودن (سليمان) إنه سايب الحبل علي الغارب ل(إبراهيم) .. صحيح (إبراهيم) هو كبير وزراءه بس بقي عايش الدور كأنه هو السلطان و دي حاجة متنفعش .. يمكن كان عندها حق و يمكن كانت هابلة مش فاهمة حاجة .. يمكن فعلاً إن (ابراهيم) كان بيخطط لإنقلاب و يمكن (روكسلانا) نست مكانها الطبيعي في البيت اللي هو المطبخ .. أيا كانت الحقيقة فين فزنها فوق ودن (سليمان) حيجيب نتيجة عاجلاً أم أجلاً .. كل زن الستات فوق ودن جوازهم بيجيب نتيجة .. علي رأي المثل الزن علي الودان أمر من السحر.

    سنة 1533 ربنا بعت ل(سليمان) مشكلة تنسيه المصيبة اللي عماله تقرب عليه .. الدولة الصفوية .. حاول تتخيل إن دلوقتي (سليمان) هو اللي ماسك تركيا و إتخانق مع الإيرانيين .. غزو (سليمان) لإيران كان هو هو تجربته مع المجر بس بالعكس .. في المجر كان شتاء و غابات .. في إيران صيف و صحراء و جبال .. الأتراك دخلوا إيران و هم مستنيين أي مواجهة مع الإيرانيين بس مفيش .. الأتراك دخلوا لحد العاصمة تبريز و خدوها من غير ما الإنكشارية يضربوا طلقة واحدة .. الجيش الإيراني زي ما يكون فص ملح و داب .. (سليمان) مشي هو و (إبراهيم) في مقدمة الجيش عشان يخشوا أكتر جوه الأراضي الإيرانية عشان يلاقوا الشاه أو الجيش .. برده مفيش .. زحفوا من العاصمة تبريز لحد مدينة بغداد و برده دخلوها من غير ما يسمعوا صريخ إبن يومين .. يمكن الحاجة الوحيدة اللي حسست (سليمان) إن فيه حد عايش في البلد هو إن خلال زحفه كل ما يعدي علي سوق يلاقيه فاضي مفيهوش بضاعة .. كل الأراضي الزراعية اللي عدي عليها محروقة .. كل الأبار مردومة.

    هنا (سليمان) فهم .. الإيرانيين لعبوها صح .. الإيرانيين عمرهم ما كانوا حيقدروا يقفوا قصاد الجيش العثماني .. (سليمان) دخل إيران علي جيش قوامه 200,000 .. مين العاقل اللي حيفكر يواجه جيش بالحجم ده؟ .. عشان كده الإيرانيين مشيوا بمبدأ الأرض المحروقة .. بيهربوا جوه إيران و بيحرقوا كل حاجة وراهم .. (سليمان) خسر 30,000 مقاتل من رجالته بسبب الجوع و من غير ما جيشه يضرب طلقة واحدة توحد ربنا .. (سليمان) قرر بعد دخوله بغداد إنه ينسحب تاني لإسطنبول بس حتي ده خلاه قصاد سؤال غريب هو انا صحيح خدت العاصمة تبريز و خدت بغداد من الصفويين بس  هل انا أقدر أحتفظ بيهم؟ .. إيران و العراق واسعين جداً و من غير ما يهزم الصفويين فهو كده كإنه معملش أي حاجة .. و في وسط الهم ده القدر كان مخبيله أهم إمتحان .. إمتحان مستقبل الدولة كله حيعتمد علي هل (سليمان) حينجح أو يفشل فيه.

    اللون الأصفر يبقي الدولة العثمانية و اللون البرتقالي يبقي الدولة الصفوية.

    مسئول مسئولية كاملة عن ولايته و ده معناه إن كل والي هو قائد القوات المسلحة في ولايته .. الفكرة عجبت (إبراهيم) فإقترح إن كبير الوزراء يبقي هو القائد العام للقوات المسلحة علي أساس إن مش كل شوية السلطان العثماني هو بنفسه اللي حيقود الجيوش .. بس مجرد إن (إبراهيم) يقترح ده خلي (سليمان) يفتكر زن (روكسلانا) .. معقول (إبراهيم) يكون بيفكر ينقلب عليا؟ .. يعني (روكسلانا) كان عندها حق؟ .. طول السكة من بغداد لإسطنبول و (سليمان) بيراقب كل كلمة و كل فعل يطلع من (إبراهيم) .. كل ما يشوفه عمال يدي أوامر يمين و شمال يفتكر كلام (روكسلانا) و الدم يغلي في عروقه .. كل ما يشوف ضباط الجيش بيسمعوا كلام (إبراهيم) من غير ما حد فيهم يبص ل(سليمان) يسأله هل هو موافق علي الأوامر دي أو لا زي ما يكون (إبراهيم) هو السلطان فعلاً يحس إن فيه نار في قلبه .. لما (سليمان) رجع بجيشه أسطنبول بعدها يوم 15 مارس 1536 الناس لقت جثة (إبراهيم) متعلقة بعد ما حد شنقه في أوضته و ده القرار اللي فعلاً كان بداية النهاية لمجد (سليمان القانوني).

    المرحلة السادسة من حياة (سليمان القانوني) .. لما الأب يغير من إبنه:

    قرار (سليمان) إنه يقتل (إبراهيم) فعلاً كان من أغبي القرارات اللي هو خدها في حياته .. فيه قرارات غبية حتشوفها تاني كمان شوية بس ده كان من أغباها .. حاول تتخيل إن يبقي عندك شركة و شغالة زي الفل لإن اللي ماسك الشغل حد فاهم  تقوم انت عشان حسيته بيسحب البساط من تحت رجليك تمشيه و بمجرد ما تمشيه حنفية المصايب اللي هو كان عارف تفاصيلها تفرقع في وشك .. ماسورة مشاكل و إتكسرت و غرقت الدنيا .. فاكر (تشارلز الخامس) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة اللي كان السبب في إن (سليمان) مياخدش فيينا؟ .. لما (سليمان) كان مشغول لشوشته في إيران هو بعت أسطوله لسواحل تونس و إحتلها .. (سليمان) قالك بسيطة انا حتحالف مع الفرنساويين ضده .. الفرنساويين قالوا ل(سليمان) انت تبعت قواتك لشمال إيطاليا تاخدها من (تشارلز الخامس) بس ده كان معناه إن الدولة العثمانية تدخل حرب ضد فينيسيا و دي الحاجة اللي عمر ما (إبراهيم) لو كان عايش كان وافق عليها و هو كان عنده حق .. (ابراهيم) عمره ما وثق في الفرنساويين .. هو كان عارف إن ساعة الجد عمر ما الفرنساويين حيقفوا قصاد أوروبا و يقولوا أيوه إحنا متحالفين مع الأتراك المسلمين ضد باقي أوروبا المسيحية الكاثوليكية .. ساعة الجد الفرنساويين حيبصوا لأوروبا و يقولولها و الإنجيل ما لينا دعوة إحنا مقولناش للأتراك يخشوا إيطاليا.

    التدخل العسكري للأتراك في إيطاليا كان كارثة بكل المقاييس .. لما الدنيا خربت خالص (سليمان) طلب من (خير الدين بارباروسا)  و كان قائد أسطوله إنه يرجع ياخد كل الجزر اللي فينيسيا خدتها من الدولة العثمانية في البحر المتوسط .. شوية و جبهة جديدة إتفتحت مع البرتغاليين علي مين يسيطر علي طرق التجارة في المحيط الهندي .. شوية و جبهة تالتة إتفتحت لما (جون زابوليا) اللي بفكرك إنه كان ملك المجر و حليف (سليمان) مات و ساعتها (فيرديناند) أخو (تشارلز الخامس) إستغل ده و حاصر بودابست .. (سليمان) إضطر إنه ياخد جيشه و يزحف بنفسه لبودابست عشان يجبر (فيرديناند) يمضي إتفاقية سلام خلت المجر كلها تحت إيد العثمانيين.

    مشاكل مشاكل مشاكل .. في نظم الحكم الحديثة بيبقي فيه مؤسسات هي اللي بتدير الحكم .. الرئيس مش بيبقي غرقان لشوشته في كل صغيرة و كبيرة بس عند العثمانيين الدنيا مش كده .. لو الناس شمت خبر إن السلطان مكبر دماغه و مش حاطط مناخيره في كل حاجة فبكره الصبح حتلاقي ثورات و تمردات من كل شكل و لون .. يمكن دي كانت مشكلة (سليمان) .. توو ماتش وورك .. عشان كده برده انا من أكتر الناس اللي مؤمنة بفكرة إن الحاكم لازم يبقي له مدة حكم محددة و بعدها بيسلم السلطه للي بعده .. ده عشان مصلحته هو و الله .. (سليمان) كان مضغوط أوفر خصوصاً بعد قتله (إبراهيم) بس فعلاً مشكلة (سليمان) حاجتين: أول حاجة إنه بيسلم دماغه لمراته و دي إحنا شفناها إن كلام (روكسلانا) عن (إبراهيم) أقنعه بإنه لازم يخلص منه .. ثاني حاجة إنه بيحب يبقي الكل في الكل .. انا السلطان فإسمي لازم يبقي علي كل حاجة .. مفيش حد أهم مني و مفيش حد الناس تستناه غيري.

    المشكلة دي بقت صداع في دماغ (سليمان) لما أعلن رسمياً إن إبنه الكبير (مصطفي) حيكون هو ولي العهد بتاعه .. مجرد إن يتقاله إن ملوك أوروبا بقوا بيستعدوا لليوم اللي (مصطفي) حيمسك الحكم بقت تعصبه .. يقال إن أحد ملوك أوروبا بعت جواب لملك تاني إن لو (مصطفي) مسك الحكم فإحنا حنلبس في الحيط لإن أوروبا كانت شايفة (مصطفي) أقوي من أبوه .. هنا يبان إن الحكم فعلاً بيلعب في دماغ البني أدم .. أنهي أب في الدنيا مش نفسه اليوم اللي يتقاله فيه إن إبنك حيبقي أحسن منك .. بس لو انت حاكم حتحب يتقالك كده؟ .. متحاولش تجاوب و الجلالة تاخدك أوي لإن مينفعش حد معاش الموقف يجاوب علي سؤال زي ده .. الحتة دي بالذات بقت واضحة زي الشمس لما (سليمان) قرر إنه جه الوقت يدوس علي وش الصفويين تاني.

    اللي حصل إن سنة 1537 (سليمان) بعت كبير وزراءه (رستم باشا) لإيران علي رأس جيشه .. متفهمش ليه بس (رستم) بعت جواب ل(سليمان) قاله إن العساكر بقوا بيتكلموا بينهم و بين بعض علي إمتي بقي يجي اليوم اللي (مصطفي) يمسك الحكم .. بقوا بيتكلموا علي إن (سليمان) كبر و عجز خلاص و بقي عظمة كبيرة .. إن العساكر بقوا يبعتوا ل(مصطفي) و يقولوله ما تبقي تنورنا علي الجبهة يا قائد و (مصطفي) يقولهم لما يجي وقتي حتلاقوني معاكوا في الصفوف الأولي .. تقديري الشخصي إن قرار (سليمان) قتل (إبراهيم) خلي الناس تفهم إن (سليمان) سنه و تفكيره وقتها مكنش مخليه عايز كبير وزراء يفكر بره الصندوق .. هو مكنش عايز وزير يحل مشاكل .. الحكم لسنين طويلة غير شخصيته لدرجة إنه بقي عايز كبير وزراء يبقي عصفورة .. يقوله حاضر و نعم و بس .. يقال إن (سليمان) جاتله حالة غضب شنيع لدرجة إنه دعي علي إبنه يموت .. إزاي العيل ده يتجرأ و يتصرف كأنه هو السلطان و انا لسه عايش؟ .. و في سابقة محصلتش قبل كده (سليمان) طلع قرار بسحب الجيش من إيران .. غزو إيران حيتأجل للسنة الجاية و السلطان بنفسه هو اللي حيقود الحملة .. و فعلاً الصيف اللي وراه كان الجيش بيتحرك بقيادة (سليمان) شخصياً بإتجاه إيران.

    في نص السكة (سليمان) بعت جواب لإبنه (مصطفي) بيطلب منه ينضم له و ده كان إمتحان لولاء إبنه .. لو (مصطفي) جه يبقي كده هو بريء .. لو مجاش يبقي فعلاً كان بيخطط إنه يمسك الحكم .. الغريب إن (مصطفي) جه و راح لأبوه و بمجرد ما دخل الخيمة لقي عساكر مستنيينه و واحد منهم خنقه لحد مات و رموا جثته في وسط المعسكر كنوع من التحذير .. مفيش إلا سلطان واحد هنا .. يمكن القرار ده هو اللي دمر مستقبل الدولة العثمانية .. ده كان أسوأ قرار يعمله أي خليفة للمسلمين من بعد وفاة النبي (عليه الصلاه و السلام)  .. قرار واحد بدأ يوقع في الدولة زي ما قطع الدومينو لما بتلاقيها بتقع ورا بعضها .. بعد إعدامه لإبنه (سليمان) مبقاش قدامه حل غير إنه يعدم حفيده (مراد) إبن (مصطفي) .. بعدها (شاه زاده) إبنه الثالث من (روكسلانا) مات من الحزن علي (مصطفي) .. يمكن لإن ذكاءه خلاه يتوقع هي البلد رايحة علي فين و المستقبل الأسود اللي هو شافه خلاه يفضل يموت قبل ما يعيشه .. موت (مصطفي) خلي (سليم) و (بيزيد) يبانوا علي حقيقتهم و هي إنهم هم اللي فعلاً عايزين يمسكوا الحكم مش (مصطفي) .. إذا كان (مصطفي) كان أسد فالإتنين كانوا ضباع .. نتاج تربية فاسدة من أم معرفتش تربي و أب مكنش موجود أصلاً عشان يبقي له أي دور في تربية ولاده .. الإتنين بقوا بيتخانقوا مع بعض أكتر ما بيخشوا الحمام .. مش بس كده .. من غير (مصطفي) كقائد العساكر يقدروا يمشوا وراه و هم مغمضين فحملة (سليمان) في إيران معملتش حاجة .. نفس اللي حصل في حملته الأولانية .. الصفويين كلاكيت تاني مرة .. (سليمان) مضي معاهم إتفاقية سلام تقريباً محققتش أي حاجة جديدة بس علي الأقل خلته يرجع تاني أسطنبول و هو شبه مطمن .. بمجرد ما رجع أسطنبول (روكسلانا) ماتت.

    وفاه (روكسلانا) كسرت كل اللي فاضل من (سليمان) .. في عز حزنه و غضبه أمر عياله الإتنين اللي فاضلين (سليم) و (بيزيد) إنهم لازم يسيبوا أسطنبول .. روحوا في أي داهية تاخدكوا بعيد عني .. (سليم) سمع الكلام بس (بيزيد) إتردد .. في دماغ (سليمان) هو التردد إيه غير دلالة علي إن نيتك إنك تخوني .. ده خلاه يقف مع (سليم) ضد (بيزيد) .. الإتنين سحقوا جيش (بيزيد) اللي قدر يهرب هو و عيلته لإيران عشان يتحامي في شاه الصفويين .. كتير (سليمان) بعت للصفويين إنكوا لازم تقتلوا الخاين ده هو و عيلته .. و في كل مرة الشاه يرد عليه ملكش دعوة .. لحد ما في مرة (سليمان) بعتلهم Offer مستحيل يرفضوه .. ده كمان بعتلهم حد هو اللي يقتل (بيزيد) و عيلته ده في حالة إن الصفويين مش هاين عليهم يعني يسيحوا دمه .. (سليمان) بعد ما كان عنده 4 عيال مبقاش عنده إلا واحد لا و سبحان الله الوحيد اللي كانت سمعته زي الزفت في البلد  .. الوحيد اللي مش مؤهل إنه يمسك أي حاجة في حياته .. أمل الدولة العثمانية إنها يمكن في يوم تفتح أوروبا إنتهي لما (مصطفي) مات.

    المرحلة السابعة من حياة (سليمان القانوني) .. I’m too old for this shit:

    كل أخطاء (سليمان) اللي عملها في حياته كلها تجسدت قدامه في أخر أيامه كسلطان لما ربنا إبتلاه بمصيبة إسمها جزيرة مالطا .. غلطة رقم واحد كانت إنه مقفلش صفحة خناقته مع (تشارلز الخامس) اللي بفكرك إنه إمبراطور الإمبراطوريه الرومانية المقدسة و في نفس الوقت ملك إسبانيا و دي قصة طويلة ممكن نبقي نشرحها بعدين و اللي لما مات و لإن الخناقة بينه و بين الأتراك متحلتش فإبنه (فيليب الثاني) اللي بقي ملك إسبانيا و تحت إيده كنز عمال يكبر من إستكشاف بحارته لقارة أميركا فخد الفلوس دي كلها بدأ يعمل عمرة كاملة للبحرية الإسبانية و اللي كانت كل شوية تمسك في خناق البحرية العثمانية .. مش بس كده .. (فيليب الثاني) طلع قدام الناس قال إن بينه و بين أي ديانة تانية غير المسيحية الكاثوليكية تار بايت و أي حد مش مسيحي كاثوليكي حشوفه قدامي حسيح دمه .. صحيح الإسبان معرفوش ياخدوا من الأتراك لا حق و لا باطل بس مجرد إن الإسبان يقفوا الند بالند للأتراك خلي ناس تانية جوه أوروبا تقول لنفسها ما الأتراك بيتعوروا زي البني أدمين العاديين أهم و ده اللي حيودينا للغلطة التانية.

    فاكر إتفاقية الإستسلام المبالغ في أدبها و كرمها اللي مضاها مع فرسان جزيرة رودس سنة 1522؟ أهم الفرسان دول خدوا عيالهم و فلوسهم و راحوا قعدوا في جزيرة مالطة و عيالهم كبروا و بقوا صداع في راس (سليمان) لما عجز و سنة 1565 لقي نفسه مضطر يعيد سيناريو جزيرة رودس تاني .. كلاكيت تاني مرة .. تالت غلطة كانت إنه لما كبر مبقاش مستحمل حد يقوله لا .. زمان كان (إبراهيم) يقدر يقوله ده صح و ده غلط .. زمان كان عنده صحة و طولة بال للمناهدة و النقاش .. دلوقتي هو كبر و تعب و مبقاش طايق حد يقوله بس يا جناب السلطان ده مينفعش .. هو بقي عايز ناس تقوله حاضر و نعم .. السن و الحزن و الضغط اللي هو شافه طول السنين اللي فاتوا كان كتير عليه .. كان المفروض يرتاح بس مينفعش .. لإن صحته مش قد إنه يقود الحملة علي مالطا بنفسه فهو بعت قوة مش قليلة .. 30,000 مقاتل و 200 سفينة .. الحملة بتاعته كانت تحت قيادة إتنين .. (مصطفي باشا) و ده كان قائد القوات البرية وده مشكلتي معاه إنه كان عنده سبعين سنة و ده سن كبير أوفر علي شحططة الحروب و الحصار و المعارك و إنه أساساً كان كبير وزراء (سليمان) يعني هو مش جنرال و عمره ما مسك قيادة جيش .. الثاني كان (بيالي باشا) و ده كان قائد الأسطول و الرجل ده برنس في نفسه طول ما انت بتقوله روح حارب في بحر و موج و سمك بس تقوله حصار قلاع و حروب برية فدي مش بتاعته و مش شغلته.

    مالطة فعلياً هي جزيرة صغيرة جداً جنوب جزيرة صقلية .. هي في نص السكة في البحر المتوسط بين ساحل تونس و ساحل إيطاليا و موقعها الجغرافي ده خلاها زي الشوكة في الزور لسيطرة الأتراك علي البحر المتوسط..

    فكرة إن في أواخر أيام (سليمان) الترقيات و التعيينات في قيادة القوات المسلحة بقت مش بالكفاءة قد ما بقت بالطاعة فده خلي بالتبعية إن قادة القوات المسئولة عن فتح مالطة تقع في مصايب مش أخطاء .. بسم الله الرحمن الرحيم مالطة دي جزيرة .. حلو .. مالطة فيها 3 قلاع متحصنة كويس اللي هم قلعة القديس (إيلمو) و قلعة القديس (أنجيلو) و قلعة القديس (مايكل) .. جميل .. بمجرد ما الأسطول نزل القوات البرية علي سواحل مالطة يقوم (مصطفي باشا) قايلهم أجروا بسرعة علي قلعة القديس (إيلمو) و حاصروها .. طب و القلعتين التانيين؟ ملكوش دعوة بيهم دلوقتي .. طب إفرض لو الحصار طول ما ده حيدي وقت للقلعتين التانيين إنهم يستعدوا أكتر للحصار؟ أسمعوا الكلام من غير مناهدة انا رجل كبير في السن و مش مستحمل .. 3 أسابيع و الحامية بتاعة قلعة القديس (إيلمو) صامدة .. 400 فارس ماتوا كلهم للدفاع عن القلعة مش لسبب غير إنهم يعطلوا الأتراك أطول فترة ممكنة عشان يدوا لزمايلهم في القلعتين التانيين الوقت الكافي إنهم يستعدوا .. (مصطفي باشا) كان لا يفقه شيء في المعارك لدرجة إنه أستشهد في حصار قلعة القديس (إيلمو) عشان كان عاجبه أوي المدافع التركية فوقف جنب مدفع قريب زيادة عن اللزوم و هو بيضرب و حتة شاظية صغيرة طارت و جت في رقبته قتلته .. قلتلك رجل كبير في السن ملوش في شحططة الحروب.

    في يوليو 1565 الأتراك كانوا بدأوا يحاصروا القلعتين اللي فاضلين اللي هم قلعتي القديس (أنجلو) و القديس (مايكل) .. المعارك بقت دموية بشكل انت لا تتخيله .. من يوليو لحد سبتمبر و الأتراك بيحاولوا ياخدوا القلعتين و مفيش فايدة .. هنا الأسطول التركي لقط أسطول محترم جاي من أوروبا عشان يلحق مالطة وده معناه إن القيادة بتاعة القوات التركية بقت قدام إحتمالين ملهمش ثالث:

    • لو الأسطول الأوروبي ده عرف ينزل قواته علي سواحل مالطة فكده خلاص Game Over و فتح مالطة فشل و ساعتها مش حيبقي فيه حاجة تتعمل غير إن الأسطول التركي ياخد بقايا الجيش المهزوم و ينسحبوا.
    • لو الأسطول التركي قرر إنه يواجه الأسطول الأوروبي في عرض البحر و الإسطول التركي إتهزم فكده القوات البرية في الجزيرة محدش حيعرف ينقذها أصلاً.

    هنا القيادة قررت تتصرف من دماغها .. بعد ما خسروا 10,000 مقاتل من أصل 30,000 إنسحبت القوات التركية من مالطة .. (سليمان) لما جاله الخبر كان غالباً حتجيله أزمة قلبية .. المشكلة مش في الهزيمة .. المشكلة في طريقة الهزيمة .. الدولة العثمانية اللي كان كل ما إسمها يتقال ملوك أوروبا بيجيلهم إسهال من الخوف خلاص مبقاش حد يخاف منها .. شوية فرسان في قلعة أجبروها علي الإنسحاب .. (سليمان) شخصيته عنيدة جداً .. مينفعش حد يقوله مستحيل .. عنده خلاه يعمل المستحيل .. و هو في سن السبعين قرر إنه يقود الجيش مرة كمان .. قاد بنفسه حملة لفيينا بس مات قبل ما قواته تحاصر المدينة.

    تفتكر انت لما تيجي تبص لحياة (سليمان القانوني) كلها علي بعضها بتشوف إيه ..انا حسيبك انت تقول رأيك بس خليني أقولك رأيي .. حياة (سليمان) إتهرست مليون مرة في التاريخ .. أمير شاب بدم جديد و بدماغ جديدة .. شاب طموح عايز يحفر إسمه في التاريخ بيمسك الحكم و خلال أول سنين حكمه بيكسر الدنيا .. إنجازاته الناس بتقارنها بإنجازات حكام زي (الإسكندر الأكبر) و (هارون الرشيد) .. بس في أخر الخط بتلاقي الدنيا باظت .. الأمير بيبقي ملك .. الملك بيكبر في السن .. الميكس بين السن و الصحة و الحزن و الضغط بيخليه يرتكب الخطأ ورا التاني ورا التالت لحد ما في الأخر بيكتشف إن كل المجد اللي هو بناه راح و هو السبب في كده .. التفسير الوحيد اللي يخليك تفهم ليه حياة (سليمان) إتهرست مليون مرة في التاريخ قبل كده هو إن صدقوني مش من مصلحة الحاكم إنه يفضل في منصبه طول الحياة .. بص .. قول علي الديموقراطية اللي انت عايزه .. قول عليها نظام معقد و مشاكله كتير .. بس يمكن أهم ميزة في الديموقراطية الصح إنها بتضمن إن الحاكم له مدة معينة يحكم فيها .. ده لمصلحته هو علي فكرة .. انت مش متخيل الحكم لسنين طويلة بيبوظ دماغ الحاكم إزاي .. مش بس الحاكم الرجل عموماً .. انا عندي إقتناع إن الرجل لو عدي السبعين سنة فهو ملوش مكان إلا سريره و مصحفه و الجامع .. لو انت رجل عديت السبعين سنة فانت مينفعش تحكم ولا يتحط في إيدك صلاحيات حكم .. انت تصلي الخمس فروض في الجامع و تحاول تقرأ قرأن علي قد ما تقدر عشان ربنا يغفرلك اللي انت عملته و تقابله بوش و قلب نظيف .. إنما تحكم .. لا.

    (سليمان القانوني) من الشخصيات المعقدة حبتين .. انا مقدرش أحكم عليه بشكل عام .. انا مقدرش و انا قاعد في التكييف و بشرب كوباية النسكافية إني أتهم حد زي (سليمان) بإنه كويس أو وحش و انا عمري ما عشت ولا شفت اللي هو شافه .. انا اللي اقدر أعمله إني أشرحلك هو إيه اللي خلاه يتصرف بالشكل ده .. هو كان بيفكر إزاي .. ظروف إتخاذ القرار كانت إيه .. (سليمان القانوني) كان رجل مثقف جداً .. كان بيعشق الشعر و بيحب يكتب شعر و إن كان مستواه مكنش جامد أوي يعني .. (سليمان) عمل نظام تعليمي للطلبة في المدارس يعتبر من أحسن أنظمة التعليم في العالم وقتها .. لو انت مسيحي أو يهودي عايش تحت حكم العثمانيين فانت فعلياً حياتك كانت أفضل من إنك تبقي مسيحي عايش تحت حكم أي ملك أوروبي كاثوليكي .. هو عمل نقلة نوعية في إزاي تحكم إمبراطورية لدرجة إن الغرب بقي بيسميه Suleiman the Magnificent أو (سليمان العظيم) فهو بيمشي علي نفس السيناريو اللي إتهرس في التاريخ مليون مرة زي ما قلت .. أمير شاب متعلم مثقف بيعمل حاجات كويسة جداً و كان المفروض إنه يقول للناس طب أشوفكوا علي خير بقي و حد غيري يكمل مكاني بس ده مكنش بيحصل وقتها .. وقتها مكنش فيه ديموقراطية و مؤسسات و فصل بين السلطات و عشان كده (سليمان) زي ملوك عظام كتير سبقوه و جم من بعده عملوا حاجات حلوة كتير بس عشان طولوا في الحكم زيادة عن اللزوم بدأوا في أخر أيامهم ياخدوا قرارات دمرت كل اللي عملوه .. يمكن عشان كده إخترت عنوان المقالة إن يا تموت بطل يا تعيش لحد ما تلاقي نفسك كرهت نفسك.

    المصادر:
    سلسله فيديوهات علي YouTube بعنوان Suleiman the Magnificent: Hero of all that is وده لينكهم:
    https://www.youtube.com/watch?v=JGZSkLq3Eng
    https://www.youtube.com/watch?v=pNYIZJew4oE
    ps://www.youtube.com/watch?v=DqN0EFFUA6w
    https://www.youtube.com/watch?v=JH4jcSFOx70
    https://www.youtube.com/watch?v=S7p4AcTBG7o
    https://www.youtube.com/watch?v=5gTjfYqiBqg
    https://www.youtube.com/watch?v=ltT_CvI5wv0&t=1262s

    مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

    اترك تعليق

    بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

    من فضلك ادخل التعليق!

    من فضلك ادخل الأسم!

    من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!