يو إس إس جيرالد فورد .. شعرة معاوية بين الهبد المنظم و الهبد العبيط.

لينك التسجيل الصوتي علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/dFeuc

زمان و أنا في الكلية كان عندي دكتور الله يمسيه بالخير إسمه (محمد الجوهري) كان دايماً يقولنا إن في حياتنا كمهندسين عاجلاً أم أجلاً حتضطر إنك تهبد .. حتتحط في موقف إنك مينفعش تقول معرفش و هنا مش حتلاقي مخرج من المزلقان اللي إنت فيه غير الهبد بس خلي بالك إن فيه نوعين من الهبد .. فيه الهبد اللي لما بيتسمع بيخلي اللي قدامك يعرف إنك مش فاهم حاجة .. و فيه الهبد المنظم و ده الهبد المفضل بالنسبة لي .. الهبد المنظم هو الهبد اللي مبني علي أُسس علمية اللي هو فيه حاجة صح هو إتبني عليها بس الباقي من وحي خيال المؤلف .. خلي بالك برده إن فيه فرق صغير أوي بين الإتنين اللي هو تقدر تشبهه بشعرة (معاوية) بين إنك تبقي هبيد علي الله حكايتك و بين إنك تبقي هبيد بيتسمع كلامك و بيتقال عليك إنك جامد زحليقة في الشغلانة .. المقدمة دي مهم أوي تبقي فاهمها عشان تبقي متخيل هي الأحداث بتاعة قصة النهاردة مشيت كده إزاي .. جاهز؟

سنة 1993 إتشكلت لجنة جوه سلاح البحرية الأميريكي عشان اللجنة دي تحاول تلاقي إجابة علي سؤال ملوش إجابة أصلا و هو يا تري يا هل تري إيه مستقبل حاملات الطائرات؟ .. لو فكرت شوية في السؤال ده معناه إيه حتقدر تفهم أنا ليه بقولك إن ده سؤال ملوش إجابة واضحة أو ملوش إجابة الناس كلها متفقة عليها .. يعني مثلاً .. لو أنا جيت سألتك هي صلاة الظهر كام ركعة فده سؤال مفيش علي إجابته إختلاف لإن كلنا عارفين إنهم أربع ركعات .. بالنسبة لحاملات الطائرات فإنت لو كنت مكان عضو من أعضاء اللجنة دي فإنت قدامك كذا معلومة إنت عارف إنهم صح:

• معلومة رقم واحد هي إن حاملة الطائرات هي أهم سلاح في الترسانة العسكرية الأميريكية.
• معلومة رقم إتنين إن طراز حاملات الطائرات اللي في الخدمة وقتها في القوات البحرية كان إسمه نيميتز-كلاس Nimitz-Class و إتسمت كده علي إسم الأدميرال (تشيستر نيميتز) قائد الأسطول الأميريكي في المحيط الهاديء وقت الحرب العالمية الثانية.
• معلومة رقم ثلاثة إن حاملات الطائرات طراز نيميتز-كلاس دي بقالها في الخدمة 25 سنة و بسم الله ما شاء الله يعني مشتكتش بس خلينا نبقي متفقين إن التكنولوجيا اللي الحاملات دي إتبنت عليها لو كانت زمان جامدة زحليقة فدلوقتي بقت عاملة زي ما تكون ماسك موبايل نوكيا 3310 في عصر العيال الصغيرة ماسكة موبايل تاتش.

إذن اللجنة دي مينفعش تكتب تقرير تقول فيه لقيادة القوات البحرية إننا مش عارفين نجاوب علي السؤال ده لإننا مش عارفين كمان كام سنة قدرات القوات البحرية الصينية أو الروسية حتبقي عاملة إزاي .. مش عارفين خلال كام سنة إيه النطة اللي ممكن تحصل في تكنولوجيا الصواريخ المضادة للسفن .. فيه حاجات كتير إنت مش عارفها عشان يتقالك جاوب علي سؤال صعب زي ده .. طب و الحل؟ .. نهبد .. سنة 1998 بناء علي توصيات اللجنة دي فقيادة القوات البحرية الأميريكية بدأت برنامج إسمه CVN(X) عشان يبدأ الشغل علي تصميم حاملة طائرات أكبر و أقوي من نيميتز-كلاس بحيث واحدة واحدة كل حاملات الطائرات القديمة دي تطلع بره الخدمة و يحل محلها الجيل الجديد .. جميل جداً .. لحد هنا مشروع CVN(X) كان الهبد المنظم المبني علي أسس علمية اللي هو حنرمي القديم في الزبالة و نبدأ نصنع جديد بحيث المرحلة اللي جايه هي إننا نعرف هو إحنا عايزين نضيف إيه بالضبط في النسخة الجديدة من حاملات الطائرات.

كان المفروض وفق اللي قالته اللجنة و اللي بيتماشي مع القواعد العامة للهبد المنظم إننا نجيب حاملة طائرات قديمة و كان الكلام علي حاملة الطائرات يو إس إس جورج إتش دبليو بوش USS George H.W. Bush نفكها حتت و نبدأ نجرب فيها بحيث لو الدنيا مشيت أهلاً و سهلاً و لو ممشتش أدينا حنجمعها في بعضها تاني و مخسرناش حاجة .. لو كان الموضوع مشي كده مكنتش إحتجت إن أنا أكتب المقالة دي لإن اللي حصل سنة 2002 خد مشروع حاملة الطائرات الجديد من فكرة الهبد المنظم لفكرة الهبد العبيط.

في السنة دي اللي هي 2002 وزير الدفاع الأميريكي وقتها (دونالد رامسفيلد) قالك إرميلي بقي مشروع CVN(X) ده في الدرج و إشتغلوا علي مشروع جديد هو سماه CVN 21 .. إحنا مش حنجيب حاملة قديمة نفكها و نجرب فيها .. لا إحنا معانا فلوس و عشان كده إحنا حنرمي فلوسنا علي الأرض عشان نعمل حاملة طائرات جديدة لانج .. عشان بس تشوف بنفسك إن اللي معاه قرش و محيره يجيب حمام و يطيره فمشروع CVN 21 ده إتحطله تكلفة التصميم و التصنيع مش حتعدي الخمسة مليار دولار .. سنة 2005 بدأ الشغل علي بناء حاملة الطائرات الجديدة يو إس إس جيرالد فورد USS Gerald Ford عشان تبدأ مرحلة النكد.

حاملة الطائرات عشان تتبني بتبقي عاملة زي عمايل محشي ورق العنب بالضبط اللي هو إنت بتقسم الشغلانة علي مراحل بحيث في الأخر خالص بتربط المراحل دي في بعض .. يعني مثلاً إنت في الأول بتغلي ورق العنب .. بعد كده بتقطع الخضرة .. بعد كده بتعمل الخلطة .. و بعد كده بتحشي ورق العنب عشان في الأخر ميفضلش غير خطوة إنك تسوي المحشي .. عادة حاملة الطائرات بتتصنع كحتت كل حتة بتتسمي Lift .. يعني مثلا البرج لوحدة .. الجزء بتاع المفاعل النووي لوحده .. الجزء بتاع الرفاص لوحده .. بعد ما كل الأجزاء دي بتخلص حضرتك بتجيب أوناش كبيرة شوية ترص الحتت دي وتفضل معلقها في الهواء عشان فرق من اللحامين يربطوا الحتت دي في بعض .. تصنيع حاملة الطائرات عبارة عن قصة حزينة مفيش حد في أميركا بيعرف يعملها غير شركة صناعات هانتينجتون إينجالز Huntington Ingalls Industries اللي عندها ترسانة بحرية إسمها نيوبورت نيوز Newport News في ولاية فيرجينيا .. لك أن تتخيل إن حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد إتكونت من 496 حتة ملحومين في بعض .. تخيلت؟

بس خلي بالك .. طريقة تصنيع حاملات الطائرات معناها إن تسليم الحاملة معتمد علي إن كل فريق يخلص شغله علي الحتة بتاعته في المعاد المتفق عليه .. بمعني .. لنفترض إن الفريق بتاع المفاعل النووي مثلاً حصله تأخير في شغله سواء بقي بسبب مشاكل في التصميم أو التركيب أو في قطع الغيار أو أي كان السبب يعني فتسليم الحاملة كمشروع متكامل علي بعضه حيتأخر و مرحلة تلحيم الLifts ببعضها حتتأخر عشان فيه فريق عنده مشاكل .. لحد هنا مفهوم .. اللي بوظ الدنيا هو كم التكنولوجيا الجديدة اللي إتحطت في المشروع و كلمة تكنولوجيا جديدة معناها إن اللي حيركب القطعة دي مش بالضرورة يكون فاهم أوي هي بتشتغل أزاي أو مشاكلها إيه و عشان كده إتسمت تكنولوجيا جديدة .. بعد ما كان مشروع حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد عبارة عن هبداية عبيطة واحدة تحول لمشروع جواه 23 هبداية أصغر اللي هم عدد التكنولوجيات أو الأفكار الجديدة لانج اللي حتتحط فيها لأول مرة.

أول خازوق كان سنة 2007 بسبب تكنولوجيا إسمها Electromagnetic Aircraft Launch System و إختصاراً بيتسمي EMALS و خليني أفهمك ده عبارة عن إيه .. دلوقتي أي طيارة في الدنيا بتحتاج مدرج إقلاع عشان الطيار يدوس بنزين فالطيارة سرعتها تزيد بالتدريج لحد ما تبدأ تطير .. في حاملات الطائرات المدرج بتاع الإقلاع مش طويل زي المطارات فالحل كان و الطيارة بتقلع يبقي عندك طريقة إنك تزق الطيارة عشان قوة الدفع اللي إنت عطتها ليها تخليها تقدر تقلع من علي مدرج قصير أوي زي بتاع حاملة الطائرات .. زمان علي حاملات الطائرات طراز نيميتز-كلاس الزقة دي كانت بتيجي عن طريق نظام إسمه المنجنيق Catapult عبارة مكبس بيشتغل ببخار المياه اللي جاي من المفاعل النووي عشان يزق الطيارة وقت الإقلاع .. في حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد هم شالوا المنجنيق ده و حطوا مكانه نظام كهرومغناطيسي فضل يا عيني عطلان مش عارفين يشغلوه سنة كاملة .. تأخير سنة في حتة من ال496 حتة اللي الحاملة بتتكون منها كان معناه إن تسليم الحاملة كلها علي بعضها إتأخر سنة.

تاني خازوق و يمكن الخازوق اللي كسر ظهر المشروع كان سنة  2008 لما عملية لحام الحتت اللي بتتكون منها الحاملة بدأت .. المهندسين بتوع ترسانة نيوبورت نيوز كل ما يبدأوا يلحموا حتتين في بعض يكتشفوا إن واحدة من الحتتين فيها تكنولوجيا جديدة جه عليها كومنتات و بالتالي معلش فكوا اللحام عشان حنعيد تصميم الحتة دي تاني .. مشروع يتعمله 19,000 إعادة تصميم في حتت مختلفة منه عشان زي ما قلتلك هو عبارة عن 23 هبداية منهم هبدات وصل بيها العبط لدرجة إنت ممكن متستوعبهاش .. يعني مثلاً .. دلوقتي إحنا إتفقنا إن مدرج الإقلاع بتاع حاملة الطائرات مش طويل أوي و بالتالي الطيارة وهي بتطلع محتاجة تديها زقة سواء بقي بالCatapult في الحاملات القديمة أو بالElectromagnetic Launch System في الحاملة جيرالد فورد .. نفس المشكلة هي هي بتتكرر في الهبوط إن المدرج مش طويل أوي يعني فإحنا محتاجين حاجة تفرمل الطيارة أول ما عجلاتها تلمس سطح الحاملة .. زمان اللي كان بيفرمل الطيارة هو خطاف بيتوصل بمكبس هيدورليك .. في الحاملة جيرالد فورد قالك لا إحنا حنعمل حاجة جديدة لانج إسمها Advanced Arresting Gear أو AAG إختصاراً و ده عبارة عن موتور كهرباء وظيفته إنه بيفرمل الطيارة .. طب إيه الإختراع يعني في البتاع ده؟ .. قالك الطريقة القديمة بتاعة الخطاف و المكبس الهيدورليك لما بيستخدموها مع الطيارات اللي من غير طيار Drones فالشاسيه بتاعها مش بيستحمل و بتتكسر فإحنا عملنا موتور كهربا عشان يبقي حنين شوية علي شاسيه الطيارات اللي مش مقاتلة اللي ممكن تطير من علي حاملة طائرات.

لحد هنا الفكرة حلوة و علي عيني و علي راسي .. دلوقتي الشغل علي حاملة الطائرات جيرالد فورد بدأ سنة 2002 .. قالك حنقعد خمس سنين نصممها بحيث تبدأ مرحلة التصنيع نفسها سنة 2007 .. حنقعد نصنع فيها 11 سنة عشان في الأخر تخش الخدمة سنة 2018 .. جميل .. وفق الجدول الزمني ده فكان المفروض الفريق اللي حيشتغل علي تصميم AAG يبدأ يشتغل سنة 2005 و يقفل اللي بيعمله سنة 2009 عشان يبدأ يتركب في الحاملة .. ده محصلش .. طبعاً شركة صناعات هانتينجتون إينجالز اللي الترسانة البحرية بتاعتها نيوبورت نيوز بتصنع الحاملة إشتكت و بعتت Email للمالك قالتله فين الAAG إحنا عطلانين عليك يا باشمهندس .. وزارة الدفاع (اللي هي المالك) إكتشفت إن الشركة اللي بتصنع AAG متأخرة و إن بدل ما التسليم كان معاده 2009 بقينا في 2016 و لسه المشروع متسلمش و مش كده و بس ده إحنا ولا كمان سنتين عشان نسلمه .. كل ما نيجي نجرب حاجة نلاقي حاجة تانية باظت .. بعد ما الهبداية بتاعة AAG دي كان محطوطلها ميزانية 143 مليون دولار فلما إتسلم فعلياً تكلفته كانت وصلت المليار دولار.

بمجرد ما حنفية الهبد فتحت .. عينك ما تشوف إلا النور:

المشاريع الكبيرة أوي أهم قاعدة فيها و أكتر قاعدة مش بتتطبق هي إنك تتك علي الصبر .. فيه جدول محطوط بناء علي خطوات الشغل أو Flow of Work بحيث أكنك بتبني Lego عشان كل خطوة تخلصها تخليك توصل للي وراها .. لو حصل عطلة في حاجة أو حد إتاخر مش عيب إنك تستني .. إعمل Hold عادي أو إفتح شغل في حتت تانية ملهاش علاقة باللي متعطل .. طبعاً ده مبيحصلش .. ليه؟ .. المبرر اللي بيتقال إن مينفعش الموقع يقف أصل الصنايعية و المهندسين و المكن ده بفلوس .. حلو .. بس البديل إنك تكمل شغل و تكسر تسلسل الشغل و تقول لنفسك أنا مش حستني اللي متأخر بحجة إني خايف من نزيف الفلوس حتخليك تنزف فلوس أكتر بكتير أوي من الفلوس اللي حتخسرها من الHold .. مش مصدقني صح؟

ترسانة نيوبورت نيوز دول مقاولين زي ما الكتالوج بتاع المقاول بيقول .. الناس دي شغلتها إنها تلحم الLifts أو الحتت المتقطعة من الحاملة في بعض .. دي ناس بتجيلها لوح و بيمشوا وراها عملاً بالمبدأ الأزلي في الشغل .. أنا (رياض) باشا بس .. من ضمن الحتت الكتير في الحاملة كانت الرادار و الرادار اللي كان حيتركب علي الحاملة جيرالد فورد كان إسمه Dual Band Radar و إختصاراً بيتقال عليه BDR و ده رادار جاحد بيجيبلك القرد مخبي إبنه فين و هو عبارة عن حاجتين في بعض .. الحاجة الأولانية هو Volume Search Radar و الحاجة الثانية هي Multi-Function Radar .. جميل .. الرادار ده قبل ما كان حيتركب علي الحاملة جيرالد فورد كان المفروض يتركب علي المدمرة زموالت Zumwalt و كنا إتكلمنا عنها قبل كده و حكينا إن المشروع إتلغي بس هو قبل ما يتلغي و يروح في داهية فقيادة القوات البحرية قالتلك بااااس إحنا عشان نحاول نمشي الدنيا في المدمرة زوموالت (تاني الكلام ده قبل ما المشروع يتلغي) نشيل النص بتاع Volume Search Radar علي أمل يعني إن ده يمشي الدنيا .. طبعاً ده محصلش و المشروع إتلغي بس الأهم إن واحدة من أهم الهبدات اللي حتتركب علي حاملة الطائرات اللي هو BDR محدش جربه قبل كده ولا حد يعرف مشاكله إيه ولا بيركب أزاي ولا حد عنده فكره بيتعمل فيه إيه ده أساساً.

طبعا دي مش مشكلة ترسانة نيوبورت نيوز … الناس دي بتجيلها حتة بيتقالهم إلحموها في باقي الحاملة بس محدش قالهم إن الحتة دي متعملهاش إختبارات ولا عارفين مشاكلها إيه ولا حد عارف هي بتشتغل إزاي .. المهم .. الBDR إتركب و السفينة نزلت المياه تتجرب .. هوبا BDR فيه مشاكل .. هوبا نعمل إيه .. قالك مفيش حل غير إن المركب تتفتح من أول و جديد ولا كأن جراح نسي فوطة جوه بطن المريض و محتاجين نفتح بطن المريض تاني .. طب ده كلف قد إيه؟ .. خمس سنين .. خمس سنين عشان نحل مشاكل BDR بعد ما إتركب .. طب ما كان من الأول .. فيه حتة فيها مشكلة متركبش أصلاً و نوقف الموقع عادي شهر شهرين تلاتة إياكش حتي سنة .. لكن تأخير خمس سنين عشان خاطر مش عايز الموقع يقف؟

تفتكر دلوقتي بعد اللي حكيناه ده كله نتعلم إيه من الدرس بتاع حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد؟

بص إجابة السؤال ده علي حسب إنت قاعد في مدرجات مين .. الناس بتوع الفلوس اللي هم جوه وزارة الدفاع الأميريكية متمثلين في إدارة المحاسبة الحكومية Government Accountability Office و إختصاراً إسمهم GAO شايفين إنك تدخل 23 تكنولوجيا جديدة مرة واحدة في مشروع أصلاً معقد زي تصنيع حاملة الطائرات كان السبب ورا إن ميزانية المشروع ضربت في السما .. مش فارق مع الناس دي إذا ما كنت عملت سلاح جاحد أو لا .. في الأخر فيه إيكسيل شيت بيتكتب فيه الميزانية المتوقعة في بداية المشروع و بيتكتب فيه الميزانية النهائية و عشان كده الناس دي بتقول إن المشروع خسران .. ده مشروع في بدايته إتحطتله ميزانية 4 مليار دولار عشان تخش الخدمة سنة 2018 و دلوقتي إحنا في 2022 و أحب أقولك إن أكتر التوقعات تفاؤلاً بتقول إن الحاملة حتخش الخدمة علي سنة 2024 و عليك خير بتكلفة وصلت 12.9 مليار دولار .. ليه الـتأخير و العطلة و الفلوس دي كلها؟ .. حنلف نلف و نرجع للنقطة الأصلية .. مينفعش تعمل حاجة و تحط فيها كل التكنولوجيات و الأفكار اللي بره الصندوق دي كلها مرة واحدة بالشكل ده أو كما قالت الست (نانسي عجرم) مفيش حاجة تيجي كده إهدي حبيبي كده.

ده قصاد إن العسكريين نفسهم شايفين إن الحاملة جيرالد فورد دي أحسن إختراع بعد الحاجة الساقعة فيروز أناناس خصوصاً لو مشبرة و بعد ما تكون ضربتلك أكلة تقيلة .. المفاعل النووي بتاعها بيديك 3 أضعاف القدرة اللي كان بيديهالك المفاعل النووي بتاع الحاملة الأقدم منها طراز نيتيمز .. الأسانسير الهيدورليك اللي بينقل الذخيرة من المخازن اللي في بطن الحاملة للسطح عشان تتحمل علي الطيارات بيقدر يشيل في المرة الواحدة حمولة بتوصل 9,000 كيلوجرام و بيقدر يطلع و ينزل بسرعة بتوصل 46 متر في الثانية قصاد إن نفس الأسانسير في الحاملة القديمة طراز نيميتز كان أخره يطلع و ينزل بسرعة 31 متر في الثانية .. نظام Electromagnetic Launch System اللي مش عاجبكوا ده بيخلي الحاملة تقدر تنفذ 270 طلعة جوية في اليوم و دي أرقام خزعبلية علي مطار حربي فمابالك بحاملة طائرات.

بين وجهتين النظر دول فيه عندك فكرة ثالثة محدش بيفكر فيها أوي هي الوقت .. حاملة الطائرات جيرالد فورد إتصممت في وقت أميركا كانت لسه خارجه فيه من الحرب الباردة و إتصنعت في وقت كانت أميركا فيه هي القوة العظمي الأولي في العالم .. لما بتبقي سابق الناس كلها بالشكل ده حاجة من جواك بتقولك طب ما تيجي نجرب حاجة مختلفة أصل لو الدنيا ممشتش و الفكرة الجديدة اللي عايزين نجربها دي باظت فإحنا لسه برده دايسين علي وش الناس كلها فمفيش داعي نقلق .. دلوقتي الصين عندها حاملتين و بتصنع في الثالثة .. محدش قال إن القدرات العسكرية الصينية بقت زيها زي الأميريكية بس خلينا نتفق إن العالم سنة 2002 لما مشروع الحاملة جيرالد فورد بدأ ملوش علاقة و ملامحة إتغيرت تماماً عن اللي إحنا عايشينه دلوقتي .. زود علي كده نقطة محدش كتير بيتكلم عنها برده و هي إن الرأي بتاع إن خلاص عصر حاملة الطائرات بينتهي صوته بقي بيتسمع كتير دلوقتي .. خد عندك الغزو الأمريكاني للعراق مثلاً .. إنت بتتكلم عن في أسوأ أيام الحرب يعني أميركا كانت بتنفذ ما بين 20-30 غارة جوية يومياً .. قول يا سيدي 35 غارة من عندي .. برده عدد الطيارات المقاتلة علي متن حاملة قديمة طراز نيميتز حوالي 70 طيارة يعني لو بتتكلم عن الWorst Case Scenario فنص الطيارين بس اللي بيشتغلوا و الباقي مفخد جوه في التكييف.

اللي أنا عايز أختم بيه إن تصنيع القطع البحرية نفسه صعب و مش سهل و تفاصيله كتير و مشاكله أكتر .. حاول تفهم نقطة تانية وهي إن لو أنا مثلاً دولة عايزة تصنع بندقية ألية فإحنا ممكن نعمل نسخة أولية أو Prototype نجرب فيها ولو باظت نعمل غيرها و غيرها لحد ما نوصل للي إحنا عايزينه .. في القطع البحرية أو السفن الحربية الPrototype هو اللي بينزل الخدمة فده بيخليك و إنت بتصمم و لما تخش مرحلة التصنيع مينفعش تعمل Skip أو تقول لنفسك حنأجل الخطوة دي لبعدين أو نسيبها علي المقاول في الShop Drawing .. يمكن الأخطاء الكارثية اللي حصلت في تصنيع الحاملة جيرالد فورد حيتم تلافيها في الثلاث حاملات اللي في الفرن دلوقتي اللي هم يو إس إس جون إف كينيدي USS John F Kennedy و يو إس إس إنتربرايز USS Enterprise و يو إس إس دوريس ميلر USS Doris Miller بحيث الحاملة كينيدي حتبدأ مرحلة الإختبارات في 2024  و وراها الحاملة دوريس ميلر علي سنة 2032.

المصدر:

• مقالة بعنوان How the World’s Greatest Aircraft Carrier Became a $13 Billion Fiasco نشرت في مجلة Popular Mechanics و ده لينك المقالة الأصلية:
  https://www.popularmechanics.com/military/a38941815/how-the-uss-gerald-r-ford-became-a-dollar13-billion-fiasco/