لينك التسجيل الصوتي علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/dGvRQ
لسبب ما الأعمال الفنية اللي عنوانها بيكون إسم سنة بتبقي حاجة عظمة اللي هو حاجة كده زي رواية 1984 أو فيلم 1917 .. عشان كده لو إنت كييف قراءة روايات إنجليزي أحب أرشحلك رواية 2034 .. دي رواية كتبها إتنين الأولاني إسمه (جيمس ستافيريديس James Stavridis) و ده لواء بحري متقاعد في القوات البحرية الأميريكية و الثاني إسمه (إيليوت أكيرمان Elliot Ackerman) ضابط مخابرات سابق .. الرواية أحداثها أو فكرتها بمنتهي البساطة إن سنة 2034 ربنا يدينا و يديكوا طولة العمر أميركا و الصين حيخشوا حرب ضد بعض و الحرب دي حتولع بسبب خناقة بين سفن أميريكية و صينية قصاد سواحل تايوان .. الحرب حتبدأ توسع و الدنيا حتبوظ و روسيا و إيران حينضموا للصين .. أميركا مش حتلاقي حل عشان تحسم الحرب لصالحها غير السلاح النووي .. الصين هي كمان حترد .. وهوبا من حيث لا تعلم الهند حتطلع من الحرب دي القوة العظمي الأولي في العالم.
أرجوك حاول متنساش إنها رواية .. خيال يعني .. بس في نفس الوقت لما تيجي تبص علي الأخبار و اللي إنت بتشوفه علي السوشيال ميديا غصب عنك بتلاقي نفسك بتهرش في شعرك .. إحنا ماشيين علي نفس القضبان اللي الرواية بتاعة 2034 قالت إن نهايتها قطر أميركا حيلبس في قطر الصين .. للي منكوا مخدش باله فخلال الكام يوم اللي فاتوا حصل الأتي .. الصين و إيران مضوا مع بعض إتفاقية تعاون مشترك لمدة 25 سنة .. (فلاديمير بوتين) نشر قوات برية علي حدود بلده مع أوكرانيا و كانت ممكن تقوم حرب في أوروبا بسبب الأزمة دي بس ربنا ستر لحد ما الغزو الروسي لأوكرانيا حصل فعلاً .. كل شوية طيارات مقاتلة صينية تطير في سماء تايوان ولما أميركا إعترضت طلع بيان من الرئاسة الصينية قال نصاً و أنا مش بهزر فعلاً إتقال في البيان إن الأمريكان خلاص مبقاش ينفع يتكلموا معانا و كأنهم في مركز قوة .. بدأت تحس إن الإتنين اللي كتبوا رواية 2034 زي ما يكونوا كانوا شايفين المستقبل؟
في حالة إنك بتسأل نفسك هو ده كله معناه إيه فالإجابة حضرتك قالها واحد إسمه (مايكل مانديل-باوم Michael Mandelbaum) في كتاب كسر الدنيا لما نزل إسمه The Rise and Fall of Peace on Earth يعني مجد و نهاية السلام علي الأرض والرجل ده بيقول إن تاريخ البشر الحديث من بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تقدر حضرتك تقسمه 3 مراحل:
المرحلة الأولي من 1945 لحد 1989 .. دي مرحلة الحرب الباردة .. في حالة إنك من جيل الألفينات و مش عارف إيه البتاعة دي فحضرتك زمان روسيا كانت دولة جامدة زحليقة بس كان إسمها الإتحاد السوفيتي و كانت في خناقة لرب السما مع أميركا عشان مين فيهم يسيطر علي العالم .. في الفترة دي الدنيا كانت واضحة .. يا تبقي مع أميركا في معسكر الديموقراطية الرأسمالية .. يا تبقي مع الإتحاد السوفيتي في معسكر الإشتراكية و الحزب الواحد .. اللي هو الإختيار بين السوبر ماركت و بين الجمعية التعاونية .. صحيح هو إختيار بين النقيضين بس علي الأقل إختيار واضح.
المرحلة الثانية من 1989 لحد 2015 .. مرحلة الوحش الواحد .. مرحلة الهيمنة الأميريكية .. مرحلة ظهور الإنترنت و العولمة و العالم بقي أوضة و صالة .. مرحلة إن لو البورصة وقعت في سنغافورة فده حيسّمع في إن سعر كيلو الجبنة البراميلي عندنا في مصر حيزيد .. و دي المرحلة اللي في رأيي بيعبر عنه الحتة دي من الأغنية بتاعة كايروكي واللي بتقول أعمل فلوس أعمل Views إحلم و طرمخ علي الكابوس.
المرحلة الثالثة من 2015 لحد دلوقتي .. مرحلة إن بقي عندك روسيا و الصين و إيران .. 3 دول بيحاولوا يسيطروا علي اللي حوليهم .. 3 دول مش بيحكمهم نظام ديموقراطي و عشان أنظمة الحكم في الدول الثلاثة تهرب أو خلينا نقول تبان قدام شعوبها إنها شايفه شغلها و إن مفيش داعي إن يبقي عندنا إنتخابات حرة و نزيهة فأحنا حنوفرلكوا معدل نمو إقتصادي جاحد و حنصدعكوا بشعارات القومية و إن تحيا البلد 3 مرات .. و الأهم التشديد علي فكرة إن يا إحنا يا الفوضي .. العمود الفقري لكل نظام من الثلاثة هو سيطرة القوات المسلحة علي الإقتصاد .. القوات المسلحة في كل دولة من الثلاثة هي أقوي مؤسسات الدولة و بالتالي هي اللي بتضمن إستقرار الدولة .. حط ده مع حقيقة إن الأمريكان عايشين في اللالاند و محتاسين حوسة البلجيك داخلياً وحتلاقي نفسك بتقول ااااااه عشان كده.
السياسة زيها زي ماتشات الكورة تفاصيل صغيرة هي اللي بتحسم نتيجتها .. زي ما فاول مش مقصود أو شوطة جت في العارضة ممكن تغير مسار ماتش فبرده في السياسة ممكن ده يحصل فيها .. أبسط مثال علي كده القرار الغريب اللي طلع من أميركا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي بإعتبار روسيا الإتحادية عدو إلي أن يثبت العكس .. ده اللي خلي الأمريكان يحاولوا يكبروا حلف شمال الأطلسي بإنهم يضموا دول كانت زمان بتعتبر تحت إشارة موسكو .. لما ده حصل فواحد زي (بوتين) بقي بيقول لشعبه شايفين الأمريكان بيكرهونا إزاي؟ .. شايفين عايزين يدمرونا إزاي؟ .. إدوني تفويض و انا ححميكوا منهم .. تخيل لو ده مكنش حصل .. تخيل لو كانت أميركا خدت روسيا تحت جناحها .. مجرد تخيل .. حط ده جنب غزو العراق و تدمير أفغانستان .. حط ده جنب الأزمة المالية العالمية في 2008 .. حط ده جنب جائحة فيروس كورونا حتبدأ تبص علي خريطة العالم بشكل مختلف.
لو بصيت علي خريطة العالم حتلاقي إن روسيا و الصين و إيران بقوا بيقولوا لنفسهم أي واحدة فينا لوحدها مش حتقدر تقف قصاد أميركا .. بس إحنا الثلاثة مع بعض في الظروف اللي فيها أميركا دلوقتي حنقدر نوقعها .. أو علي الأقل نضعفها أكتر لحد ما تقع .. المشكلة مش في الفكر ده .. المشكلة مش في إن الصين زي ما تكون بتدور علي خناقة .. المشكلة في اللي بيتفرجوا .. دايماً إفتكر المثل الشعبي اللي بيقول العجل لما بيقع بتكتر سكاكينه .. دول كتير حتبدأ تبص لأميركا و تسأل نفسها هو يا تري أميركا لوحدها بظروفها المنيلة بستين نيلة دي حتقدر تقف قصاد التهديد الإيراني الصيني الروسي؟
من وجهة نظر الأمريكان فالخوف مش من الإيرانيين ولا من الروس .. الإسرائيليين و السعوديين و الإماراتيين حيقدروا يصدوا الإيرانيين .. أوروبا تقدر تحجم من دور روسيا نظرياً علي الأقل .. المشكلة كلها في الصين .. زي ما فيه كوميكسات بتنزل علي الأهلي و الزمالك وكل واحد فيهم بيقول علي الثاني ياغريمي فبرده الأمريكان و الصينيين واقفين الند بالند لبعض .. بس مش أوي .. فيه حتة لسه الأمريكان دايسين فيها و الصينيين مش عارفين يحصلوهم .. الإقتصاد الرقمي Digital Economy.
كلمة Digital Economy بتتقال علي كذا بيزنس لما تسمع أساميهم حتتخض .. الذكاء الصناعي Artificial Intelligence .. تعلم الألات Machine Learning .. الحوسبة عالية الأداء High-Performance Computing .. العربيات اللي بالكهرباء Electric Vehicles أو E.V. إختصاراً .. و كمان معاهم هندسة الإتصالات Communications .. ورا كل الأسامي المجعلصة دي اللي حتلاقيها دايما عنوانين كورسات بيتدفع فيها فلوس كتير علي مواقع زي كورسيرا حتلاقي حاجة لازم تبقي عارف إزاي تتعمل كويس وهي تصميم و تصنيع Microprocessors .. لحد دلوقتي المؤسسات الصناعية الصينية المملوكة للدولة و اللي زي ما قلتلك أساسها هو المؤسسة العسكرية مش عارفه إزاي يبقوا صنايعية في عمايل Microprocessors .. من غير ما يشربوا سر الصنعة هم عارفين إن حتفضل أميركا معلمة عليهم .. طب و الحل؟ .. أرجع للحتة اللي رواية 2034 قالت إنها حتكون الشرارة اللي تولع الحرب بين أميركا و الصين .. تايوان.
ورا الكلام اللي بيطلع من الصين إنها عايزه تايوان لإنها جزء من التراب الصيني و إن حلم الصين الأم إنها ترجع كل عيالها اللي بعدوا عنها بسبب الإستعمار و كل الهري اللي ميأكلش عيش ده هو سعي الصين إنها تحط إيدها علي شركة تايواني إسمها TSMC .. دي إختصار Taiwan Semiconductor Manufacturing Company أو شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية و دي حضرتك تبقي أكبر و أحسن شركة من أصل 3 شركات علي مستوي العالم هم بس اللي شغالين في بيزنس Microprocessors .. عارف الشركتين التانيين مين؟ .. سامسونج الكورية الجنوبية و إنتيل Intel الأميريكية .. طب أزيدك من الشعر بيت .. فيه أربع شركات أمريكاني اللي هم IBM و Qualcomm و Nvidia و AMD بقوا مجرد بيصمموا هم الMicroprocessor بتاعتهم و يبعتوا التصميمات لTSMC عشان تصنعهالهم لإنهم بقوا شبه معترفين إن مفيش حد بيصنع Microprocessors أحسن منهم .. طب إيه رأيك بقي إن Intel اللي هي يعني المفروض الشركة الأمريكاني الوحيدة اللي بتعرف تصنع Microprocessors بتفكر تقلد باقي الشركات الأمريكاني و تعتمد علي TSMC.
في حالة إن الفار بيلعب في عبك و بتقول فيه حاجة غلط فأنا لسه مخصلتش .. عشان الصورة توضحلك فحاول تبقي فاهم إن تصنيع Microprocessors بيحتاج أدوات و مكن مخصوص مش بتصنعه غير 5 شركات بس علي مستوي العالم .. واحدة هولندية و واحدة يابانية و 3 شركات أمريكاني اللي هم Applied Materials و Lam Research Corporation و KLA Corporation ودول ال3 شركات اللي TSMC بتتعامل معاهم .. حلو .. ده معناه إن مصير TSMC محكوم في إيد الأمريكان .. حصل كذا مرة و شركات صينية طلبت من TSMC تصنعلها Microprocessors كانت حتركب علي أسلحة تصنيع محلي في الصين و الأمريكان أجبروا الشركة التايوانية إنها متاخدش الشغلانة .. ده معناه إن قطاع التسليح الصيني مثلاً مبقاش قدامه غير Microprocessors اللي بتصنعها سامسونج أو اللي بياخدوها من اليابان و معلش يعني هي متجيش حاجة في كفاءة و قوة اللي بتصنعها TSMC.
صحيح لازم أقول إن الصين بتحاول يبقي عندها الخبرة و الKnow-How بتاعة تصنيع Microprocessors بس عشان يوصلوا للمستوي اللي وصلتله TSMC قدامهم علي الأقل عشر سنين .. ده السبب اللي لو جبت سيرة تايوان قصاد الصين حتلاقيهم بيريلوا .. زي ما قلتلك مش عشان حلم توحيد الصين الأم ولا عشان الموقع الإستراتيجي لتايوان إنما عشان يحطوا إيدهم علي شركة TSMC .. الأمريكان عارفين ده كويس و يمكن عشان كده هم خلوا الشركة التايواني تفتح مصنع في مدينة فينيكس الأميريكية بس لسه المصنع مشتغلش .. رواية 2034 صحيح هي عمل فني قايم علي خيال المؤلف بس الحق يتقال هي خيال مستوحي من المستقبل.
المصدر:
مقالة بعنوان Is There a War Coming Between China and the U.S.? نشرت في جريدة The New York Times وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.nytimes.com/2021/04/27/opinion/china-us-2034.html