تابعونا

شركة بيرسون-مارستيلر .. إحنا ممكن ندافع عن الشيطان لو معاه فلوس يدفع.

هنا إنت فعلاً متقدرش غير إنك تقول إن الصحفية (رايتشل ماداو) كان عندها حق .. شركة بيرسون-مارستيلر معندهاش مشكلة إنها تدافع عن إبليس شخصياً لو حيديهم فلوس .. و ياعيني بيبرروا ده لنفسهم أو بيريحوا ضميرهم بإنهم يقولوا لنفسهم إنهم زيهم زي المحاميين .. زي ما أي حد من حقه إن يبقي له محامي يدافع عنه قدام القاضي فأي حد كمان سواء كان شركة أو حكومة من حقها إن يبقي فيه حد يدافع عنها قدام قاضي الرأي العام.

8 أكتوبر، 2017 2.1 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي ساوند كلاود:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/wahjix2clwya?si=0ecd05412de84f7095bb1384b112f4cb&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing

قبل ما نخش في موضوعنا و نفهمك إحنا حنتكلم مع بعض عن إيه خليني أبدأ معاك بحكاية حصلت في مارس 1976 .. الحكاية دي عن مواطن أرجنتيني إسمه (إيميليو ميجنوني Emilio Mignone) كان شغال محامي و دكتور في الجامعة .. الرجل ده في يوم من الأيام الساعة 5 الصبح سمع خبط علي باب شقته .. راح يبص من العين السحرية لقي 5 رجاله لابسين زي عسكري و بيقولوله يفتح الباب .. لما سألهم إنه عايز يشوف بطايقهم الشخصية رفعوا مدافعهم الرشاشة و ساعتها (إيميليو ميجنوني) إترعب و عمل أكبر غلطة في حياته إنه فتح الباب .. يا عيني هو كان متخيل إنهم جايين يقبضوا عليه لإنه كان معروف إنه أستاذ قانون بيدرس في جامعة موقفها السياسي معارض لنظام الحكم العسكري اللي كان بيحكم الأرجنتين وقتها و بيؤيدوا الرئيسة السابقة (إيزابيل مارتينيز دي بيرون Isabel Martinez de Peron) اللي الجيش أطاح بيها في إنقلاب عسكري قبل اليوم ده ب6 شهور بس  .. بس الحقيقة إنهم كانوا جايين يقبضوا علي بنته .. بنته كان إسمها (مونيكا Monica) .. (مونيكا) كان عندها  24 سنة شغالة أستاذة علم نفس تربوي و كانت عيانة عندها دور أنفلونزا و نايمة في أوضتها .. و قبل ما (إيميليو ميجنوني) يستوعب اللي بيحصل كان المسلحين الخمسة خدوا بنته و مشافهاش من ساعتها تاني.

اللي حصل ل(مونيكا) حصل لناس كتير أوي في الأرجنتين و قصصهم كلها إتوثقت في كتاب شهير أوي إسمه Behind the Disappearance يعني ما وراء الإختفاء كتبه واحد إسمه (إيان جيست Ian Guest) .. النظام العسكري اللي كان بيحكم الأرجنتين كان ماشي بسياسة (سوري في الكلمة) بنت وسخة جداً إسمها الحرب القذرة Dirty War عشان يقضي علي أي صوت معارض و السياسة دي إستمرت طول السبعينات و الثمانينات .. أهم شخصية في النظام القمعي ده كان الديكتاتور (جورجي رافاييل فيديلا Jorge Rafael Videla) .. فلسفة الرجل ده عشان يفضل في الحكم إنه بشكل منهجي و منظم يفضل يقبض علي الإشتراكيين و الصحفيين و أعضاء النقابات و أي حد معارض مهما كان هو مين و الأجهزة الأمنية بتستجوب و تعذب المعتقلين دول .. الجريمة اللي فعلاً لا تغتفر إنهم كانوا بيجيبوا المعتقلين دول يحطوهم في طيارات هليكوبتر و يرموهم من الطيارات دي فوق مياه المحيط الأطلنطي عشان يخفوا جثثهم .. بناء علي التحقيقات الرسمية فعدد ضحايا النظام القمعي الأرجنتيني وصلوا 9000 في حين إن أهالي الضحايا بيقولوا إن العدد الحقيقي للي ماتوا يعدي ال30,000 ضحية .. أهالي الضحايا يا عيني من حسرتهم بقوا بيعلقوا صورهم في الشارع عشان لو حد إتعرف عليهم.

الديكتاتور الأرجنتيني (جورجي رافاييل فيديلا Jorge Rafael Videla) اللي كان ماسك الأرجنتين في السبعينات و الثمانينات و نظامه متهم بإرتكابه جرايم ضد الإنسانية.
مواطن أرجنتيني بيبص في صور الناس اللي إتقتلت علي إيد النظام الأرجنتيني و أهاليهم مش عارفه هم فين ولا جثثهم فين.

مع الوقت العالم بدأ يصحي للي بيحصل و بدأ يضغط علي النظام الحاكم .. بس أهم حاجة كانت مخوفة (جورجي رافاييل فيديلا) أكثر من أي حاجة تانية إن السمعة اللي زي الزفت للنظام ممكن تخوف المستثمرين الأجانب إنهم يجوا يحطوا فلوسهم في الأرجنتين .. هنا النظام بدأ يشوف إن عنده مشكلة و هي إنهم لازم يلاقوا طريقة إن حد يبدأ يلمع صورة النظام و يقنع العالم بإن اللي بيحصل ده كذب و إفتراء و إن النظام العسكري الأرجنتيني فيه شوية ملايكة مسالمين عمرهم ما يفكروا يمدوا إيدهم علي مواطن و إن كل الكلام عن الDirty War أو الحرب القذرة دي ما هي إلا إشاعات مغرضة غرضها تهديد السلم العام و الإخلال بالأمن القومي و الكلام الكبير اللي إنت عارفه كويس.

هنا يجي دور الشركة اللي حنتكلم عنها النهاردة .. شركة بيرسون- مارستيلر Burson-Marsteller اللي مقرها مدينة نيويورك الأميريكية و تعتبر أكبر شركة علاقات عامة Public Relations أو PR في العالم و دول شغلهم هو تلميع صورة العميل بتاعهم في حالة إن العميل ده سواء كان حكومة أجنبية أو شركة عملت مصيبة سودا بتهدد مكانته و سمعته إما في العالم أو في السوق .. الإتفاق بين شركة Burson-Marsteller و بين النظام الأرجنتيني إنهم حياخدوا 1.2 مليون دولار في السنة و الكلام ده كان في السبعينات و ده وقتها كان مبلغ خرافي عشان تبدأ الشركة تعمل حملة علاقات عامة لتحسين صورة النظام الأرجنتيني في العالم و تديله صورة إنه نظام عادل و أدمي و هم فعلاً سموا الحملة دي We are right and human يعني إحنا صح و أدميين .. بتقول واحدة إسمها (تيما كابلان Temma Kaplan) في كتابها Taking Back the Streets إن الحملة دي كان هدفها إدعاء إن أي كلام عن الإعتقالات و الإختفاء القسري و قتل المعتقلين ده ما هو إلا هراء و إفتراء لا أساس له من الصحة.

من ضمن الخطوات اللي إتعملت إن شركة Burson-Marsteller إشترت 31 صفحة كإعلانات و دعاية في عدد من مجلة Business Week عشان تقول إن النظام العسكري الأرجنتيني بيرعي القطاع الخاص و إنه من ضمن الحكومات القليلة في العالم اللي بتؤمن فعلاً بالرأسمالية و بيدعوا المستثمرين الأجانب إنهم يجوا يحطوا فلوسهم في الأرجنتين و يتجاهلوا الإشاعات المسيئة للنظام .. الحملة اللي عملتها شركة Burson-Marsteller كانت شيطانية لدرجة إن جريدة The Observer البريطانية خصصت جزء كامل من عدد ليها عشان تهاجم الشركة و تقول سوري في الكلمة يعني إن دي أوسخ حملة علاقات عامة إتعملت في التاريخ.

بس علي الناحية الثانية .. شركة Burson-Marsteller ليها وجهة نظر تانية خالص:

الشركة دي أسسها إتنين .. (هارولد بيرسون Harold Burson) و (بيل مارستيلر Bill Marsteller) و أسسوها سنة 1953 و الإتنين دول بيقولوا إنهم عملوا الشركة عشان حاجة واحدة و هي إنهم يساعدوا الشركات تتخطي الأوقات الصعبة اللي ممكن تتعرضلها أي شركة .. لسبب ما دور (هارولد بيرسون) في إدارة الشركة تم تضخيمه أوي لدرجة إنه بقي هو الوجه الإعلامي للشركة يمكن أكثر من شريكه (بيل مارستيلر) .. زمان كانت الشركة بتحط أسامي زباينها علي الإنترنت عشان أي حد يشوفها بس مع الوقت بطلوا يعملوا الحركة دي و الحقيقه إنك ببساطة تقدر تفهم سر الحركة دي بمجرد إنك تشوف شوية من أسامي زباينهم:

(هارولد بيرسون Harold Burson) و (بيل مارستيلر Bill Marsteller) .. الإتنين اللي أسسوا شركة Burson-Marsteller للعلاقات العامة.
(هارولد بيرسون Harlod Burson) اللي بقي الوجه اللي بيمثل الشركة قدام العالم كله.
  • شركة يونيون كاربايد Union Carbide و بقوا زباينهم بعد كارثة تسريب غاز البوبال Bhopal اللي تسببت في مقتل 15,000 شخص في الهند و اللي تعتبر أسوأ كارثة صناعية في تاريخ البشر و حصلت في ديسمبر 1984.
  • الحكومة النيجيرية بعد ما تم توجيه إتهام ليها بإرتكاب جرائم تطهير عرقي خلال الحرب الأهلية النيجيرية و اللي ناس بتسميها حرب البيافرا Biafran War.
  • الديكتاتور الروماني (نيكولاي سيسيسكو Nicolae Ceausescu) و ده رجل فعلاً بيتقال عليه طاغية لدرجة إن (صدام حسين) أو (معمر القذافي) الله يرحمهم بالنسبة له ملايكة.
  • الحكومة الأندونيسية بعد ما قوات الأمن إرتكبت مجزرة بقتل 250 مواطن من تيمور الشرقية خلال مظاهرة عملوها للمطالبة بالإستقلال عن أندونيسيا و علي فكرة إقليم تيمور الشرقية إنفصل فعلاً عن أندونيسيا دلوقتي.
  • شركة بلاك ووتر Blackwater و دي شركة أمنية أميريكية كانت شغالة في العراق و لما عدد من أفرادها قتلوا 14 مواطن عراقي بدم بارد في مجزرة في عز الظهر في أحد ميادين بغداد الكونجرس الأميريكي إستدعي مؤسس الشركة (إيريك برينس Eric Prince) و سوري في الكلمة برده إتفشخ من أعضاء الكونجرس في جلسة إستماع علنية و الرجل ده إتعاقد مع شركة Burson-Marsteller عشان يحضروه و يجهزوه إزاي يرد علي أسئلة التحقيق.

طبيعة شغل و زباين شركة Burson-Marsteller خلي الصحفية الأميريكية (رايتشل ماداو Rachel Maddow) سنة 2009 تقول إن لو إبليس شخصياً حب يحسن صورته قدام الناس حيروح لشركة Burson-Marsteller .. بس برده مؤسسي الشركة بيقولوا يا جماعة أنتوا فاهمين الشركة غلط .. (هارولد بيرسون) سنة 2017 كتب كتاب إسمه The Business of Persuasion كانت وجهة نظره إن شركة Burson-Marsteller طول عمرها عايشة علي مبدأ إن معني إنك تشتغل علي أعلي معايير المهنية و الأخلاق و الكفاءة مش بس معناه إنك تعمل الصح إنما كمان معناه إنك تعمل اللي في مصلحة الزبون .. مشكلة الرأي ده إنك باني إفتراض إن الزبون دايماً مظلوم و محتاج حد يساعده .. عشان أوضحلك النقطة دي خليني أحكيلك مثالين:

  • المثال الأول .. حصل مرة إن كان فيه 7 وفيات لأشخاص بعد ما خدوا أقراص تيلينول Tylenol و بعد التحقيق إكتشفوا إن الصيدلي اللي كان بيبيع الأدوية للضحايا هو القاتل لإنه كان بيعبي الحبوب في علب بلاستيك متبطنة بكيس .. الكيس ده فيه بقايا مادة السيانيد السامة Cyanide .. هنا شركة الأدوية معاك إنها بريئة و ملهاش ذنب .. هنا دور شركة Burson-Marsteller كانت إنها تحسن صورة شركة الأدوية بإنها توري للناس إن الشركه بقت بتحط الحبوب في أكياس مخصوصة عشان مفيش صيدلي يتلاعب فيها.
  • المثال الثاني هو المثال بتاع النظام الحاكم في الأرجنتين اللي شرحته في البداية .. ده نظام قمعي بيقتل شعبه و مفيش أي مبرر إنك تدافع عنه .. هنا بقي لما الشركة بتتحط في المأزق الأخلاقي ده تلاقيهم بيرفعولك شعار تاني هو من أي حق أي مواطن أو كيان حتي لو إنت شايفه مجرم إنه يبقي له حد يدافع عن سمعته و يحسن صورته قدام العالم.

هنا إنت فعلاً متقدرش غير إنك تقول إن الصحفية (رايتشل ماداو) كان عندها حق .. شركة Burson-Marsteller معندهاش مشكلة إنها تدافع عن إبليس شخصياً لو حيديهم فلوس .. و ياعيني بيبرروا ده لنفسهم أو بيريحوا ضميرهم بإنهم يقولوا لنفسهم إنهم زيهم زي المحاميين .. زي ما أي حد من حقه إن يبقي له محامي يدافع عنه قدام القاضي فأي حد كمان سواء كان شركة أو حكومة من حقها إن يبقي فيه حد يدافع عنها قدام قاضي الرأي العام .. و هنا المشكلة تبدأ توضح أوي .. محكمة القانون غير الرأي العام .. الناس دي دورها إنهم يفضلوا يتكلموا و يتكلموا و يتكلموا في الإعلام و الصحافة و برامج التوك شو لحد ما إنت كمواطن تقتنع فعلاً بإن القاتل بريء .. ده شغلهم .. بس إياك تنسي اللي قاله (أدولف هتلر) سنة 1938 بعد ما كسب الإنتخابات البرلمانية في ألمانيا .. لولا المايكروفون مكناش إكتسحنا ألمانيا.

المصدر:

مقالة بعنوان This American PR firm has made millions representing war criminals and ruthless corporations نشرت في Website اسمه Timeline و ده لينك المقالة الأصلية:
https://timeline.com/this-american-pr-firm-has-made-millions-representing-war-criminals-and-ruthless-corporations-3604eb424a34

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!