تابعونا

التربية الحديثة .. إحنا بنرمي أطفالنا في حضن الإكتئاب.

بالنسبة لأي طفل في حضانة أو مدرسة هو عايش كأنه في معسكر تدريب من بتوع الجيش .. مفيش لعب .. مفيش تنطيط .. فطبيعي إنه يحس إنه مكتئب و بائس.

18 سبتمبر، 2019 2.4 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/5onhvh59fj6n

بما إننا في موسم المدارس و ده يحسسك إنك داخل علي سيزون الدوري الإنجليزي لكرة القدم و كله عمال يجهز نفسه للفرجة علي الماتشات و نعمل فرق الفانتازي فالأمهات بقي بيلعبوا فانتازي برده بس علي السابلايز بتاعة المدارس .. أنا إحترامي يوم عن يوم بيزيد للأم المصرية علي الهم اللي هي بتعيشه كل يوم مع أطفالها مع دخول المدارس و يبقي نهار أزرق لو الأم و الأب بيشتغلوا .. الأم و الأب بيبقوا في طاحونة لدرجة إن كل اللي بيفكروا فيه هو إزاي يوفروا السابلايز و اليونيفورم بتاع المدارس و يدفعوا مصاريف المدرسة و مصاريف الباصات لدرجة إنهم وسط المفرمة دي كلها بينسوا يفكروا هو تأثير ده كله علي الأطفال إيه؟ .. أحب أنكد عليكوا عيشتكوا و أجبلكوا نتيجة دراسة علمية إتنشرت في مجلة Journal of Abnormal Psychology الطبية سنة 2019 و الزتونة بتاعة الدراسة دي إن خلال سنتين بس من 2017 لحد 2019 معدل إصابة الأطفال ما بين 14 سنة و 17 سنة بالإكتئاب نط 60% .. مش بس كده .. في الفئة العمرية ما بين 12 و 13 سنة معدل الإصابة بالإكتئاب بين الأطفال نط بنسبة 47% .. و أحب أقولكوا إن الأطفال دي مش بتتدلع ولا بتتمارض .. خلال 7 سنين بس من 2007 لحد 2015 عدد الأطفال اللي بيخشوا الطواريء عشان إشتباه بحالة إنتحار زاد حوالي الضعف.

اه عارف إن الدراسة دي إتعملت في أميركا علي أطفال أمريكان .. بس أبوس إيديكوا إسألوا نفسكوا هو يعني إيه الفرق بين الطفل المصري و الطفل الأمريكاني اللي بيروح مدرسة كل يوم؟ .. الإتنين صحتهم النفسية بتتفشخ كل يوم في المدرسة .. فعلياً الطفل الأميريكي ميفرقش كتير عن الطفل المصري خصوصاً زي ما قلت لو الأم و الأب بيشتغلوا.

لو انتي أم بتقري المقالة دي فإنتي غالباً مخك حيروح في رحلة طويلة عريضة عشان تلاقي حل .. طب أعمل إيه؟ .. أخليهم ياكلوا أكل معين؟ .. أخليهم كل يوم بليل ينزلوا يشموا هوا؟ .. قبل ما تحتاري و تضايقي أحب أقولك إن المشكلة مش مشكلتك .. المشكلة في البيئة أو طريقة تربية الأطفال دلوقتي .. زمان كان المجتمع كله شايف إن تربية الأطفال مسئولية مشتركة بينا كلنا .. نسبة الأمهات اللي كانت بتشتغل قليلة أوي و حتي اللي بيشتغلوا عدد ساعات شغلهم بتخليها تقدر تطلع من شغلها تجيب عيالها من المدرسة عشان تروحهم البيت تعملهم الأكل و تساعدهم يعملوا الواجب .. التليفيزيون مكنش فيه إلا قناتين بس الأولي و الثانية فالطفل مكنش قدامه غير أمه و أبوه و أخواته عشان يتعايش معاهم .. الطفل زمان مكنش محتاج يتفرج علي كرتون لإن حياته كلها كانت عبارة عن مسلسل كرتون .. دلوقتي أي أب و أم قرروا يخلفوا عيل فالمجتمع بيقولهم ربنا معاكوا بقي و شدوا حيلكوا .. هو فيه رجاله و ستات كبار بيعيطوا .. إحنا حضراتكوا عايشين في مجتمع أو خليني أقول في مناخ عام سواء جوه مصر أو براها متصمم عشان الأطفال يجيلهم إكتئاب .. تاني حرجع أقارن بين دلوقتي و بين زمان لإن دي أحسن طريقة تفهم بيها هي المشكلة فين:

  • زمان اللي هو في الثمانينات و حتي أوائل التسعينات كانت عدد الساعات اللي بيقضيها الطفل مع أبوه و أمه أكتر بكتير من دلوقتي .. دلوقتي الأب و الأم اللي بيشتغلوا تقريباً بيتعاملوا مع طفلهم زي العربية بتاعتهم اللي بيودوها للميكانيكي .. الصبح بترميه عند المدرسة و بعد الظهر بتشوف بقي إذا كانت جدته أو أخت واحد من الأب أو الأم تاخده لحد ما الأم غالباً تخلص شغل أخر النهار.
  • زمان برده عدد ساعات الدراسة كانت أقل من دلوقتي و حتي المدارس إختلفت .. الطفل بقي بيروح الحضانة معاه شنطة سابلايز ولا مخلة العسكري اللي رايح معسكر تدريب .. كنا زمان بنروح الحضانة نلعب بس دلوقتي الطفل بقي بيتعلم إنجليزي و فرنساوي و حساب و جغرافيا و كأن بقي هم كل أب و أم إن إبنهم يطلع رائد فضاء.
  • كنت إتكلمت قبل كده عن التجربة الهولندية في التربية و إن الهولنديين نسفوا فكرة الHomework خالص بس للأسف إحنا لسه لحد دلوقتي بنقدس الHomework ولا كأننا كفار قريش مصممين علي طريقة تفكيرنا القديمة.
  • الطفل من صغره زي ما يكون فعلاً بيحضروه عشان يبقي رائد فضاء .. بقي مُطالب مخه يتحشي معلومات و مهارات مع إن كل اللي هو عايز يعمله إنه ياكل و يلعب و يعمل بيبي.

فكرة المدارس الإنترناشيونال و اللغات و إن طفل لسه مكملش 6 سنين مُطالب إنه يحفظ يعد من واحد لعشرة بالفرنساوي اللي هو أساساً عيل شحط في ثانوية عامة بيتلخبط فيها مخلي نسبة الإكتئاب عند الأطفال بتعلي بشكل صاروخي في أيام الدراسة .. الدراسة اللي إتكلمت عنها في البداية و إتكلمت علي إن معدلات الإنتحار بين الأطفال بتنط جامد أوي خلالها و تقريباً بتنعدم في أيام أجازة الصيف .. و الحقيقة إن السبب ورا ده سهل أوي تفهمه .. الفكرة مش إن بس تجربة المدرسة بالنسبة لأي طفل حاجة زي الزفت إنما كمان لما هو بيطلع بره المدرسة بيقول لنفسه أنيل من سيدي الا ستي .. تيجي تقولي طب ما أنا بودي إبني التمرين .. حلو .. ده طفل ملعبش و هو صغير .. دخل حضانة لقي نفسه مُطالب إنه يحفظ حاجات بلغة تانية و هو أساساً مبيعرفش يتكلم عربي .. بيروح تمرين يلاقي مدرب عمال يزعقله عشان مبيسلتمش الكورة صح أو عشان العفريت مش عارف يعوم فراشة زي (مايكل فيلبس) و يجيب لمصر ميدالية أوليمبية .. حتي لو مارس طفولته في المدرسة و إتعارك مع زميله زي أي طفل سليم عقلياً بيلاقي المُدرسة بتبعت لمامته و مامة الطفل اللي هو ضربه و بتبقي مناحة في البيت عشان مامته بريستيجها إتهز قدام باقي الماميز.

أنتوا عارفين إحنا بنعمل في أطفالنا إيه؟ .. علي رأي دكتورة (تالي رافيف Tali Raviv) مديرة مركز Center of Childhood Resilience اللي بتقول إننا بنجيب لأطفالنا عجز في المهارات الإجتماعية .. إحنا يا إما محوطين علي أطفالنا عشان خايفين عليهم أو خايفين يغلطوا فيفضحونا لدرجة إن الأطفال مبقوش عارفين إزاي يبقوا بني أدمين .. الطفل مبقاش عارف إزاي يتصاحب علي طفل تاني أول مرة يشوفه و دي إنت بتشوفها بنفسك دلوقتي .. الطفل مبقاش عارف إزاي يتكلم مع حد تاني .. مبقاش عارف يعمل إيه لو حد ضايقه .. مبقاش عارف إزاي يحل مشكلة.

و أرجوكوا محدش يقولي أصل دي مشكلة Social Media و إن كل طفل بقي معاه تابليت في إيده .. الطفل معاه تابليت لإن مفيش أب ولا أم عندها خُلق إنها تفضل تتكلم و تلعب مع طفل زي ما كانت أمهاتنا بتعمل معانا زمان لإن مكنش عندنا لا YouTube ولا إنترنت و لا سبيس تون ولا قناة MBC Kids  .. زي ما قلت في الأول .. جيلنا مكنش قدامه غير القناة الأولي و الثانية اللي مكانوش بيفتركوا إن فيه أطفال عايشين في مصر إلا يوم الجمعة الصبح .. أي أم أو أب من كتر الللي بيشوفه في الشغل كل يوم مبقاش طايق إنه يقضي ساعتين علي بعض مع طفل و عشان كده أسهل حاجة يعملها يفتح الYouTube للطفل و إتلهي يا كوكو قدام الكرتون.

الحل مش في إيدك إنتي أو إيدك إنت كأب أو أم .. الحل إن الSystem ده محتاج يتهد و يتعمل واحد من أول و جديد .. محتاجين إن الطفل يتعلم إن وجبة الغداء لازم العيلة كلها تتجمع فيها و لازم الأب و الأم يحطوا جزمة في بقهم و يسمعوا حكاوي الطفل مهما كانت سخيفة و تافهة .. الطفل مش محتاج يتعلم يعد من واحد لعشرة بالألماني و هو لسه في حضانة .. هو محتاج يتعلم إزاي يروح لطفل تاني هو ميعرفوش ولا عمره شافه قبل كده و يتصاحب عليه .. محتاجين الطفل ميبقاش عايش في Stress دايم .. محتاجين مدارس لما تلاقي طفل بيتعارك مع زميله تسيبهم .. اه والله زي ما بقولكوا .. سيبوا الأطفال تتعارك .. سيبوهم يبنوا مهارات تواصل مع بني أدمين طالما إحنا ككبار مش فاضيين نعملها ليهم.

المصدر:
مقالة بعنوان We Have Ruined Childhood .. نشرت في جريدة The New York Times الأميريكية و ده لينك المقالة الأصلية:
http://2019/08/17/opinion/sunday/childhood-suicide-depression-anxiety.html

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!