تابعونا

الحرب الشيشانية الأولي .. لعنة التار البايت.

علاقة الشيشان بروسيا هي علاقة زي ما قلت إتهرست كتير في التاريخ قبل كده .. دولة قوية أغلب شعبها عايش بديانة ما و في وسط البلد دي فيه ناس عددهم أقل بكتير و عايشين بديانة تانية و بسبب ده الإتنين مش طايقين بعض .. الموضوع قديم لدرجة إن الروائي الروسي (ليو تولوستوي Leo Tolstoy ) كتب قصة قصيرة عن الصراع الأزلي بين الشيشان المسلمين و الإمبراطورية الروسية المسيحية الأرثوذوكسية إسمها حاج مراد.

30 أغسطس، 2020 2 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/nb9twzcawrro
أ

أنا من الناس المقتنعة بإن العالم معقد لدرجة إن ممكن حدث أو حاجة تحصل بشكل ممكن يكون مش مقصود يكون هو السبب في تغيير مسار حياة البشر .. الدنيا دي عشوائية بشكل مخليني شبه مقتنع بإن أي محاولة للسيطرة علي العالم كأنك بتحاول تفهم هو إبنك اللي لسه مولود بيعيط ليه في نص الليل .. هو أكيد فيه سبب بس إنت مش عارفه و إنت مرهق بما يكفي إنك حتي مش قادر تفكر في السبب .. من الأحداث اللي حصلت في تاريخ البشر و بينطبق عليها رأيي ده هو حرب الشيشان الأولي سنة 1994 .. و أنا بحكي القصة بتاعة الحرب دي حتلاقي نفسك قصاد إحساسين حيبدأوا يتكونوا جواك .. الإحساس الأول إن قصة الخناقة بين روسيا و بين الشيشان دي قصة إتهرست في التاريخ مليون مرة قبل كده و حتحسها شبه خناقات كتير إنت يا سمعت عنها يا عشتها بنفسك .. الإحساس الثاني إن لولا الحرب دي مكنش حيبقي فيه حاجة إسمها (فلاديمير بوتين Vladimir Putin) .. لولا الحرب دي مكنتش حتشوف ضابط في المخابرات العامة السوفيتية اللي إسمها KGB يطلع يقول للناس إن مفيش حد حيحفظ كرامة روسيا غيري و الناس حتصدقه .. الحرب الشيشانية الأولي موضوع غريب عليك زي إني أحاول أشرحلك الدوري الصيني لكرة القدم فخليني أحاول أحطلك شوية أسئلة و نحاول نجاوب عليها سوا:

  • ليه الحرب دي قامت من الأساس؟
  • الحرب دي مشيت إزاي؟ و إيه اللي حصل فيها؟

خلينا نبدأ سوا بإننا نحاول نجاوب علي السؤال الأولاني .. هو مين بيحارب في مين؟ و ليه؟

علاقة الشيشان بروسيا هي علاقة زي ما قلت إتهرست كتير في التاريخ قبل كده .. دولة قوية أغلب شعبها عايش بديانة ما و في وسط البلد دي فيه ناس عددهم أقل بكتير و عايشين بديانة تانية و بسبب ده الإتنين مش طايقين بعض .. الموضوع قديم لدرجة إن الروائي الروسي (ليو تولوستوي Leo Tolstoy ) كتب قصة قصيرة عن الصراع الأزلي بين الشيشان المسلمين و الإمبراطورية الروسية المسيحية الأرثوذوكسية إسمها حاج مراد Haji Murad .. بداية إن العلاقة بين الشيشانيين و الدولة الروسية تتحول لمرحلة النكد كانت خلال الحرب العالمية الثانية .. الحق يتقال إن اللي كان بيحكم روسيا وقتها كان البلاشفة الشيوعيين و دول ناس ملهمش ملة ولا ديانة عشان بس مكونش بظلم الروس المسيحيين بس يمكن عشان الشيوعيين مكنش عندهم لا ملة ولا ديانة فهم كانوا ناس مفتريين شويتين تلاتة .. وسط ما الحرب مولعة السوفييت أجبروا نص مليون شيشاني إنهم يسيبوا بيوتهم ويطلعوا بره أرضهم و يروحوا يعيشوا في سيبيريا و عشان تبقي فاهم بس ده معناه إيه تخيل معايا إن مثلاً بعد مجزرة إستاد بورسعيد قررت الدولة إنها تعاقب البورسعيديين كلهم إنها تمشيهم من بيوتهم و توديهم يعيشوا في حلايب و شلاتين مثلاً .. مش معني كلامي إن الشيشانيين عملوا حاجة تستدعي إنهم يتهجروا بالعافية .. لا خالص .. لما الناس سألت طب ليه الإفترا ده؟ إتقال إن الشيشانيين دول بيتعاونوا مع النازيين ضد ماما روسيا الحضن الدافي الكبير اللي بيضمنا كلنا .. طب هل فيه أي دليل علي إتهام خطير زي ده؟ .. ولا الهوا .. الشيشانيين اللي إترحلوا غصب و إفترا دول متسمحش ليهم إنهم يرجعوا تاني بلدهم إلا سنة 1958 .. بس طبعاً حضرتك عارف إن الروس ناس بطبيعتهم إنهم غلاويين شوية و الشيشانيين ورثوا الحكاية دي و عمرهم ما سامحوا الروس علي اللي عملوه فيهم .. تقدر تقول إن دي حكاية تار بايت بين الإتنين.

مقاتلين شيشانيين بيجروا وسط جثث عساكر روس في شوارع العاصمة الشيشانية جروزني في المعارك اللي حصلت ضمن الحرب الشيشانية الأولي في يناير 1995.
سيدة شيشانية و جوزها بيحاولوا يلاقوا أي حاجة سليمة في بيتهم اللي إتضرب بقذائف القوات الروسية.

سنين و الشيشانيين مستنيين اليوم اللي يغرسوا فيه السكينة في قلب الروس إنتقاماً علي اللي عملوه فيهم و الفرصة جتلهم سنة 1991 .. في السنة دي الإتحاد السوفيتي إنهار و هنا بيجي دور إني أتكلم عن يمكن أهم شخصية في الحكاية بتاعة النهاردة اللي هو (جوهر دوداييف Dzokhar Dudayev) .. معلومة رقم واحد: (جوهر دوداييف) كان طيار مقاتل في القوات الجوية السوفيتية .. معلومة رقم إتنين: (جوهر دوداييف) شارك في الغزو السوفيتي لأفغانستان .. معلومة رقم ثلاثة و هي إن (جوهر دوداييف) شخصياً هو و عيلته كانوا من النص مليون شيشاني اللي أجبروا إنهم يسيبوا أرضهم .. في سبتمبر 1991 (جوهر دوداييف) و رجالته اللي إتسموا الكونجرس الشيشاني القومي إقتحموا مقر الحزب الشيوعي في الشيشان و أنا مش بهزر و مش ببالغ لما بقولك إن (جوهر) بنفسه مسك سكرتير الحزب في الشيشان و رماه من الشباك .. في الوقت ده كان فيه حاجتين بيحصلوا مع بعض .. الحاجة الأولانية إن الدولة الروسية بقت بتتفاوض مع الأقليات الدينية و العرقية اللي عايشة فيها عشان يشوفوا حيعملوا إيه بعد ما الإتحاد السوفيتي إتفكك و الحاجة الثانية إن (جوهر) واحدة واحدة بقي بيفرض نفسه علي إنه هو سي السيد بتاع الشيشان .. لما جت سنة 1994 كانت من أصل 88 أقلية عرقية و دينية مكنش فيه غير الشيشان بس اللي ممضتش علي المعاهدة مع الدولة الروسية بخصوص وضع الأقليات و السبب إن (جوهر) مكنش عايز الشيشان تبقي جزء من الدولة الروسية .. هو كان عايز إستقلال الشيشان و دي الحاجة اللي روسيا مكنتش مستعدة تقبلها .. بس خلي بالك .. ده مش معناه إن أغلب الشيشانيين نفسهم كانوا عايزين يسمعوا كلام (جوهر) و هي دي المشكلة .. روسيا إستغلت إن (جوهر) له معارضين و أعداء من أهل بلده عشان تبرر عملتها السودا اللي عملتها يوم 22 نوفمبر 1994.

في اليوم ده قررت روسيا إنها تخلص من (جوهر دوداييف) بإنها سلحت المعارضين بتوعه و حطت معاهم قوات من عندها عشان يدخلوا العاصمة الشيشانية جروزني يقبضوا علي (جوهر) و يرحلوه علي روسيا عشان يتحاكم .. الشيشانيين صحيوا الصبح علي صوت ما بين 1500-3000 مسلح معاهم 42 دبابه T-72 بيتقدموا بإتجاه العاصمة و فوقهم بيغطيهم 6 طيارات هليكوبتر و طيارات سوخوي-27 فلانكر Su-27 Flanker .. يوم 26 نوفمبر فرح العمدة كان وصل الداون تاون أو وسط البلد في جروزني و عينك ما تشوف إلا النور .. حرب شوارع إتدمر فيها عشرين دبابة T-72 بصواريخ مضادة للدبابات من اللي بتتشال علي الكتف و مات 150 مسلح و إتأسر شوية مسلحين تابعين لروسيا و المسلحين الشيشانيين اللي تبع (جوهر) إستولوا علي عدد من المدرعات و الدبابات .. معركة جروزني الأولي كانت كارثة بكل المقايييس علي روسيا اللي دلوقتي مبقاش عندها غير حل واحد .. التصعيد .. مينفعش حكومة الرئيس الروسي وقتها (بوريس يلتسين Boris Yeltsin) تجري علي طرابيزة المفاوضات و إلا كده (جوهر) حيفشخهم بشروطه .. هزيمة الروس في معركة جروزني الأولي مخلاش قدامهم بديل غير إن (جوهر) يجي قدامهم راكع حتي لو كان الثمن إن جروزني تتدفن بسكانها تحت قنابل و صواريخ الروس و ده اللي حصل فعلاً بداية من يوم واحد ديسمبر 1994.

القصف الجوي الروسي كان عنيف و وحشي بس مع كل قنبلة بتترمي فوق جروزني كان الشرخ في المجتمع الروسي بيزيد .. روس كتير كانوا رافضين فكرة إنهم يحاربوا روس زيهم لإن متنساش إن وقتها كتير من الروس كانوا شايفين إن الشيشانيين هم روس برده بس ديانتهم مختلفة .. عساكر كتير رفضت تروح تشارك في الحرب الشيشانية يمكن لإن زي ما قلت كتير من الروس مكانوش فاهمين هو إحنا رايحين نهبب إيه في الشيشان .. زود علي كده إن الكفاءة القتالية للقوات الروسية كانت متشجعش علي إن الروس يخشوا أي حرب .. الهزيمة النفسية لوحدها إن قبلها بكام سنة إنت كنت ضابط في القوات المسلحة السوفيتية و دلوقتي خلاص كل اللي إنت كنت مؤمن بيه و مستعد تموت عشانه إنتهي .. مبقاش فيه إتحاد سوفيتي .. مبقاش فيه حزب شيوعي .. مبقاش فيه إشتراكية .. رئيسك بقي شخشيخة في إيد الأمريكان .. كل دي ظروف لازم تبقي في دماغك عشان لما أجي أقولك إن كتير من الروس كانوا رافضين الحرب دي أصلاً تبقي فاهم أنا ليه بقول كده .. بس شوف رغم كل ده و رغم كل الظروف اللي أنا حكيتهالك ففي الأيام الأولي للحرب كانت كل المؤشرات بتقول إن روسيا حتحسم الحرب لصالحها و هي مستريحة .. الدنيا كانت ماشية معاهم زي السكينة في التورتة.

الدمار الرهيب للعاصمة الشيشانية جروزني بسبب القصف المدفعي و الجوي الروسي في يناير 1995.
مقاتل شيشاني مصاب بيتعالح في المستشفي الميداني في جروزني في أغسطس 1996.
إرادة النصر أو الشهادة اللي بقت غالبة علي الشيشانيين خلت إن كتير منهم يخاطر بحياته إنه ينقل الذخيرة و السلاح بنفسه لحد القصر الرئاسي و اللي كان أخر مكان صمد فيه المقاتلين الشيشانيين في المدينة.
ما تبقي من وسط البلد في جروزني بسبب القصف المدفعي في يناير 1995.

و ده حيحطنا قدام السؤال الثاني .. إيه اللي حصل في الحرب؟

في الأيام الأولي للقصف الجوي طيارات سوخوي-24 و سوخوي-25 روسية قدرت تدمر ال266 طيارة اللي كانوا تحت إيد (جوهر) و هم لسه راكنين في المطارات بتاعتهم .. أهم قاعدة عسكرية ل(جوهر) اللي هي قاعدة تشانكالا Khankala وقعت في إيد الفرقة 104 مظلات روسي و حتي لما قوات (جوهر) حاولت تاخد القاعدة العسكرية دي تاني فالمقاتلين بتوع الفرقة 104 مظلات صدوا الهجوم و الشيشانيين خسروا 6 دبابات .. الطرفين سواء الروس أو الشيشانيين كانوا عارفين إن المرحلة الجاية هي اللي تحسم الحرب .. المرحلة اللي جاية هي السيطرة علي العاصمة جروزني.

وسط وعد من وزير الدفاع الروسي وقتها (بافيل جراتشيف Pavel Grachev) بإن القوات الروسية زي ما تقول كده حيكنسوا المسلحين الشيشانيين من سكتهم في معركة سريعة للسيطرة علي جروزني فإنت لما براحة كده تشوف هم الروس فكروا ياخدوا جروزني إزاي حتلاقي نفسك بتقول أحيه هو (جوهر) متخيل إنه حيقدر يقف قدام الديناصور ده إزاي؟

ليلة رأس السنة القوات الروسية حتخش جروزني من أربع إتجاهات .. القوات الروسية كانت عبارة عن 7 كتائب مشاة ميكانيكي .. لواء مشاة ميكانيكي معاه مدرعات BTR-80 و BMP-2 .. زود عليهم كتيبتين دبابات من طرازي T-72 و T-80 .. و معلش عشان خاطري حط معاهم كتيبتين مظلات .. ده كان قصاد إن جروزني بيدافع عنها 2000 مسلح منهم حوالي 200 بس اللي تقدر تقول إن ليهم خبرات قتالية .. واضح إن بحسبة رجل لرجل و بالورقة و القلم فالروس المفروض يدوسوا علي وش الشيشانيين .. كلامك صح لو كنت بتتكلم عن حرب تقليدية .. حرب المدن ليها حسبة تانية خالص .. خدها مني كلمة و متراجعش ورايا .. أكبر جريمة ممكن قائد عسكري يعملها في حياته إنه يبعت رجالته في حرب مدن .. الجيوش النظامية مينفعش تخش حرب مدن .. حتي القوات البرية الأميريكية إنت ممكن تستغرب لما تعرف إن شعارهم اللي دايماً بيقولوه هو We don’t do cities يعني إحنا ملناش في حرب المدن .. حرب المدن محتاجة عساكر متدربة بشكل مختلف و معاها تسليح مناسب و فوق ده كله غالباً بيموت فيها مدنيين كتير .. الحاجتين دول مكانوش موجودين مع الروس .. خليني أشرحلك النقطتين دول بالذات إزاي هم اللي قضوا علي أمل القوات الروسية في النصر لما دخلت جروزني.

حاول تتخيل إن حرب المدن عامله زي ما تكون رايح مع صحابك عشان تنقلوا عفش واحد صاحبكوا و لأجل حظكوا يعني إنه حيسكن في حتة عشوائية شوارعها ضيقة .. أهم حاجة تسيب مسافة بين العربيات اللي ماشية طابور شايلة العفش .. إفرض لو عربية حبت ترجع أو تركن أو توسع لعربية تانية جايه عكس؟ .. إفرض أصلاً لو السواق بتاع أول عربية في الطابور بتاع العربيات ده كان حمار و دخل شارع غلط؟ .. وجود مسافة بين العربيات بيدي فرصة للمناورة و دي أهم حاجة إنت بتحتاجها في حروب المدن .. ده محصلش في معركة جروزني .. القوات الروسية كانت ماشية طابور المسافة بين المدرعات و بعضها كان يدوبك 5-6 متر اللي هو تحسهم ماشيين في طابور عرض مش رايحين حرب .. 5 متر دي مش كافية إن مدرعة تقف و تلف و تمشي عكس عشان تتفادي شارع إتعمل فيه كمين .. كل اللي الشيشانيين عملوه إنهم سابوا الروس يتقدموا بطابور المدرعات ده لحد وسط البلد و ساعتها ضربوا أول مدرعة و أخر مدرعة و بالتالي طابور المدرعات بالعساكر اللي ماشيين جنبهم إتحبسوا في شارع مبقوش عارفين يطلعوا منه .. زود علي كده إنك لما تبقي عسكري مشاة ماشي جنب مدرعة في صحراء مفتوحة غير لما تبقي ماشي في شارع إنت المفروض تتوقع إن في أي لحظة حتلاقي حد طالع من شباك عمارة بمدفع رشاش .. العساكر الروس كانوا ماشيين جنب المدرعات بتاعتهم كإنهم رايحين رحلة و ده خلاهم هدف سهل أوي للمسلحين الشيشانيين إنهم يخلصوا عليهم .. دي كانت نقطة التدريب .. فاضل نقطة التسليح و الحقيقة دي مرتبطة بإنك تفهم هم الشيشانيين كانوا بيدافعوا عن المدينة إزاي؟

مقاتل شيشاني بيهرب من الباب الرئيسي للقصر الرئاسي في جروزني في يناير 1995.
عساكر روس متاخدين أسري تحت إيد المسلحين الشيشانيين في بادروم عمارة في جروزني في يناير 1995.
سيدة شيشانية ماشية فيما تبقي من الميدان الرئيسي من جروزني و اللي موجود فيه القصر الرئاسي

الشيشانيين قسموا نفسهم جروبات كل جروب فيه ما بين 20-40 مقاتل بحيث كل جروب حينقيله عمارة عالية في المدينة تكون بتطل علي ناصية بتسيطر علي كذا شارع .. الجروب الواحد في العمارة بيتقسموا فرق كل فرقة فيها شوية مسلحين بمدافع رشاشة و معاهم واحد أخصائي مدفع مضاد للدبابات محمول علي الكتف و واحد أخصائي مدفع رشاش متعدد و واحد قناص .. بمجرد ما الروس دخلوا الشارع بيبقي مطلوب زي ما قلتلك إن أخصائيي الصواريخ المضادة للدبابات إنهم يدمروا أول و أخر دبابة أو مدرعة في الطابور و الباقي حيبقوا محبوسين .. عشان الشيشانيين كانوا بينقوا العماير العالية فكانت الدبابات الروسي المدفع بتاعها مبيعرفش ينشن لفوق بزاوية تسمح إنه يدمر الأدوار العالية من العماير.

خلال شهر يناير 1995 الروس دكوا كل بيوت جروزني بقصف مدفعي و جوي مسابش بيت في المدينة سليم و مات فيها الالاف من المدنيين و كانت خساير الروس نفسهم شنيعة .. كل يوم و القوات الروسية بتتقدم ببطء شديد جوه شوارع جروزني لحد ما مبقاش فاضل غير 500 مقاتل شيشاني في القصر الرئاسي و اللي فضلوا صامدين لحد يوم 18 يناير و في ظلام الليل قدروا يتسللوا برا المدينة .. سنة 1995 من أولها لحد أخرها كانت سنة نكد علي الشيشانيين و تقريباً هم مشافوش سنة أسود من السنة دي .. حرب العصابات اللي كانت رجاله (جوهر دوداييف) بيستخدموها ضد الروس خلت الروس ميلاقوش حل غير التعذيب و القتل و الإغتصاب .. إذا كان في الأول ناس كتير من الشيشانيين كانوا أساساً ضد فكرة إستقلال بلدهم إلا إن اللي عمله الروس في السنة دي كان كفيل إن رأي أغلب الشيشانيين يتغير .. بس إذا كانت سنة 1995 سودا علي الشيشانيين فخليني أقولك إن 1996 كانت سنة قطران علي دماغ الروس.

تقريباً الشيشانيين شافوا فيلم شمس الزناتي و عجبهم لدرجة إنهم طبقوه هو هو .. السنة القطران دي بدأت في مارس بعملية عسكرية جريئة بشكل أوفر لما المسلحين الشيشانيين هاجموا مدينة جروزني مش عشان يسيطروا عليها .. لا خالص .. عشان يسرقوا السلاح اللي الروس سايبنه فيها .. يوم 16 إبريل المقاتلين الشيشانيين بقيادة واحد سعودي إسمه (سامر السويلم) إنت ممكن تكون عارفه أكتر بإسم (سيف الإسلام خطاب) نفذوا كمين للقوات الروسية في مدينة شاتوي كان صدمة لدرجة إن وزير الدفاع الروسي (بافل جراتشيف) قدم إستقالته بسببه .. بعدها بخمس أيام الروس بينجحوا في إغتيال (جوهر دوداييف) بغارة جوية نفذتها طيارات سوخوي-24 و سوخوي-25 بس في المرحلة دي كان خلاص الشيشانيين رغبتهم في الإستقلال بقت أكبر من إنها تروح بسبب موت زعيمهم .. سنة النكد علي الروس كملت .. يوم 6 أغسطس في عملية تحسها مسروقة من سلسلة أفلام جيمس بوند ما بين 1500-2000 مقاتل شيشاني بقيادة (إسماعيل باساييف) بيقدروا إنهم يسيطروا علي العاصمة جروزني اللي صدق أو لا تصدق كان بيحميها قوة من 12,000 مقاتل روسي تقريباً ماتوا كلهم و لما الروس حاولوا يلحقوا الوضع بإنهم يبعتوا الكتيبة 276 مشاة ميكانيكي الشيشانيين إستقبلوهم بكمين راح فيه 900 عسكري روسي.

(ماركا) بنت شيشانية رجليها راحت في إنفجار قذيفة مدفعية روسية وقعت فوق بيتها و كانت لسه رضيعة .. مامتها ماتت و هي بتحاول تحميها من الإنفجار.
لاجيئين شيشانيين بيهربوا من قرية سماشكي في إبريل 1995 بسبب إنتهاكات حقوق الإنسان اللي إرتكبتها القوات الروسية من قتل و تعذيب و إغتصاب.
عشرات الالاف من القتلي في الحرب الشيشانية الأولي أغلبهم مدنيين.
طوابير الناس المستنية المساعدات الغذائية في معسكرات اللاجئين بره جروزني.

جروزني فضلت تحت إيد المسلحين الشيشانيين لحد يوم 19 أغسطس و في اليوم ده الروس حذروا إن لو المسلحين الشيشانيين منسحبوش خلال 48 ساعة فالروس حيضربوا المدينو و حيمحوها من الوجود و فعلاً الروس نفذوا وعدهم .. أول حاجة ضربوها كان معسكر اللاجئين اللي بره حدود المدينة أصلاً .. القصف المدفعي للمدينة فعلاً هو اللي أنهي الحرب بسبب إن روسيا كانت مهددة إنها تقوم فيها حرب أهلية .. الشارع الروسي كان بيغلي فعلياً .. الشارع كان شايف إن حكومة (بوريس يلتسين) مش بس شخشيخة في إيد الأمريكان إنما كمان لما حبوا يعملوا فيها دكره لبسوا البلد كلها في الحيط و هنا يجي دور (فلاديمير بوتين) .. (بوتين) لحد اللحظة دي كان ضابط محدش يعرف عنه حاجة في المخابرات الروسية .. فجأة إترقي و بقي الدراع اليمين ل(يلتسين) و المسئول الأول عن ملف الأمن القومي .. يوم 31 أغسطس إتمضت إتفاقية كاشاف-يورتا و اللي قالت إن لما تيجي سنة 2001 إن شاء الله الشيشانيين حيبقي ليهم حق تقرير المصير و ده اللي حصل فعلاً بإنشاء جمهورية الشيشان المستقلة .. في يناير 1997 الأوضاع بتهدأ و لو مؤقتاً بإعتراف روسيا بحكومة الرئيس الشيشاني (أصلان ماسخادوف) .. حرب الشيشان الأولي مات فيها علي أقل تقدير خالص 8000 عسكري روسي زود عليهم 52,000 جريح .. ده قصاد مقتل ما بين 50,000-100,000 مواطن شيشاني و 35,000 مواطن روسي كانوا عايشين في الشيشان وقتها .. حرب مدمرة بس يمكن الحرب الشيشانية التانية كانت فعلاً أغرب من الأولانية.

حكاية الحرب الشيشانية فعلاً معقدة بس يمكن النهاردة إنت إتحطيت علي أول الخط .. بدأت تفهم يعني إيه شيشان و مين هو (جوهر دوداييف) الله يرحمه .. أكيد في المستقبل إن شاء الله حنحكي حكاية الحرب الشيشانية الثانية و اللي بدأت بعملية إختطاف ولا أجدعها فيلم أمريكاني عن حرب المخدرات في كولومبيا لما مسلحين خطفوا المبعوث الروسي للشيشان الجنرال (جينادي شبيجين Gennadiy Shpigun) من قدام مطار جروزني في مارس 1999.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!