أحياناً كتير الظروف أوالحظ أو القدرأيا كان إنت شايف الدنيا إزاي بتلاقيهم بيكرمشولك خمسيناية و يقولولك روح شبرق نفسك إنت بقالك كتير الدنيا راجعة بظهرها و عدت عليك .. ده بيحصل مع البني أدمين و بيحصل مع الدول بس يمكن الحكاية دي بتنطبق جداًعلي القصة بتاعة ميلاد البرنامج النووي الإسرائيلي اللي الحقيقة زي ما المؤامرات و الخداع و المصلحة و قلة الأدب و الوساخة لعبوا دور عشان يتولد فكمان مينفعش تنكر إن الحظ كان مهم و يمكن من غير الحظ مكنش المشروع ده أصلاً إتعمل.. زي أي قصة في الدنيا دايماً بتبدأ إن فيه رجل و دايماً بيكون رجل مش ست في لحظة صفا كده وقت المغربية وهو بيشرب سيجارة بيسأل نفسه السؤال الوجودي بتاع هو يجري حاجة يا واد يا (ديفيد بن جوريون) لو إسرائيل بقي عندها سلاح نووي؟ .. و النبي مايجرا حاجة .. (بن جوريون) كان عارف إن عشان يبقي عنده مشروع نووي كان محتاج 3 حاجات .. مساعدة خارجية من بلد عندها إستعداد تديلك العلم و التكنولوجيا النووية .. فلوس و فلوس كتير كمان .. ناس بتفهم تمشيلك الليلة و تكون فاهمه هي بتعمل إيه .. و ال3 حاجات دول الحظ مشي مع إسرائيل بشكل مستفز يحسسك إنك عايز تقول طب ما هي سهلة أهي أومال مشروع الضبعة معصلج معانا ليه؟
المساعدة الخارجية .. فرنسا و (عبدالناصر) و التار البايت:
(ديفيد بن جوريون) زي ماحكيت في سلسلة النكبة يبقي أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل وهو فعلاً و حقاً و صدقاً يعني شخصية بنت وسخة بس خلينا دلوقتي علي الأقل نحاول نبص للدنيا من منظوره هو .. عايزك تتخيل إنك ممثل بتجسد شخصية (بن جوريون) و تبدأ تفكر زيه .. دلوقتي إحنا في سنة 1952 يعني لسه الحرب العالمية الثانية خلصانة بقالها سبع سنين بس و لسه الناس كلها معلق معاها المحرقة أو الهولوكوست و اللي النازيين عملوه مش بس في اليهود إنما في السلاف و الغجر و البولنديين و الروس بس لسبب ما الغرب مش فاكر من المحرقة غير إن اليهود بس اللي كانوا بيتقتلوا لكن ده مش موضوعنا دلوقتي .. إنت في سنة 1952 يعني من سنتين بس لسه حرب فلسطين خلصانة و صحيح إنت كسبتها بس إنت عارف إن فيه علي الأقل 5 دول عربية كلهم جيرانك مستنيين اليوم اللي يشربوا فيه من دمك .. الأهم إن عدي 7 بس علي الدمار اللي سببته القنبلتين النوويتين اللي رمتهم أميركا علي هيروشيما و ناجازاكي عشان تنهي الحرب العالمية الثانية .. ده لوحده بيخلي ريقك يجري علي الفكرة اللي بتتطبخ في نفوخك.
صحيح الدول العربية اللي حاربتني و لسه حتحاربني تاني في المستقبل عدد سكانها أكتر .. صحيح الدول دي معاها فلوس أكتر .. صحيح الإتحاد السوفيتي واقف ورا الدول دي كلها بس انا قدرت أقف قدامهم مرة و حيفضل السؤال اللي حياكل دماغ مش بس الجيل اللي عايش في إسرائيل سنة 1952 إنما كمان الأجيال اللي حتيجي بعد كده: هل نقدر نعملها تاني؟ .. طب عشان نعملها تاني محتاجين إيه؟ .. اه حنشتغل علي إقتصادنا و تعليمنا و تسليحنا بس فيه حاجة ناقصة .. الحاجة اللي بيها محدش يقدر يمد إيده علينا .. القنبلة النووية.
(بن جوريون) بيتعدل في قعدته و هو بيكمل تفكير و كلام مع نفسه .. طب دلوقتي لنفترض يعني جدلاً إن إحنا عايزين يبقي عندنا سلاح نووي .. وماله الطموح مش عيب .. إحنا حنحتاج فلوس و فلوس كتير أوي كمان و الفلوس دي مش معانا دلوقتي .. حنحتاج يبقي عندنا ناس بتفهم في المجال يعني حنحتاج ناس بتاعة فيزياء نووية و بتوع رياضيات و مهندسين و فنيين و كهربائيين و مولد و الناس دي برده مش عندنا بس يمكن اللي كان غايظه في الحتة دي بالذات إنك لو بصيت علي المشروع النووي الأميريكي اللي بيتسمي مشروع مانهاتن Manhattan Project كان ماسكه تلاتة اللي هم (ألبيرت إينشتاين Albert Einstein) و (روبيرت أوبينهايمر Robert Oppenheimer) و (إيدوارد تيلر Edward Teller) و الثلاثة بإسم الله ما شاء الله يهود بس يهود من اللي بيتقال عليهم Made in the USA يعني صنع في أميركا مش في إسرائيل .. طب و الحل؟ .. هو فعلياً مفيش غير حل واحد وهو إن بلد عندها تكنولوجيا نووية تيجي تدينا الزتونة و تحطنا علي أول الخط و بعد كده يا سيدي بشوية تفتيح مخ إحنا حنكمل .. جميل جداً .. مين بقي البلد اللي عندها مش حقول القدرة إنما عندها الشجاعة إنها تعمل ده لإن متنساش إن البلد اللي حتعمل ده مش بس حتزعل منها الدول العربية إنما كمان حتزعل منها الإتحاد السوفيتي .. فتاني .. مين البلد العبيطة بما يكفي إنها تقع في الغلطة دي؟ .. هنا بيجي دور الحظ.
في الفترة دي فرنسا كانت فعلياً و من غير أي مبالغة مفشوخة في الجزائر .. مشكلة الجزائر مع الفرنساويين إن وقتها هم مكانوش بيتعاملوا معاها علي إنها مجرد مستعمرة فرنسية زيها زي مستعمرات كتير في العالم .. المشكلة إن الفرنساويين كان عندهم حاجة كده في دماغهم إن الجزائر دي جزء من فرنسا وعشان كده هم مسكوا فيها بزيادة شوية عن باقي المستعمرات اللي راحت منهم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .. الفرنساويين في الوقت ده مكانوش بيكرهوا في حياتهم قد الرئيس (جمال عبد الناصر) الله يرحمه .. شوف يا إبني قول علي (عبدالناصر) اللي انت عايزه بس مينفعش ننكر إن مجاش علي تاريخ فرنسا الحديث شخصيات هم مكانوش طايقينها زي (أدولف هتلر) و هو .. (عبدالناصر) كان واقف وقفة رجاله و عمل دور جدعنة للتاريخ مع الجزائريين و ده خلي الفرنساويين يعتبروه هو شخصياً تهديد للأمن القومي بتاعهم .. الفرنساويين سألوا نفسهم مين غيرنا في الدنيا بيكره (عبدالناصر) فلقوا الإسرائيليين فهم قرروا يروحوا يتفقوا معاهم علي الأتي .. أدونا معلومات نقدر نستخدمها عشان نعور (عبدالناصر) قصاد إن إنتي يا إسرائيل حتاخدي مننا السلاح اللي إنتي عايزاه.
خلال فترة الخمسينات و الستينات محدش كان بيرضي يبيع سلاح لإسرائيل غير فرنسا .. في العدوان الثلاثي اللي إتكلمنا عنه قبل كده و لسه حنتكلم عنه دلوقتي حالاً التسليح بتاع القوات المسلحة الإسرائيلية كان تقريباً كله جاي من فرنسا .. لما جت سنة 1956 إسرائيل بقي عملت أحلي دور جدعنة مع فرنسا لما هي اللي بدأت الخناقة بتاعة العدوان الثلاثي .. اللي حصل إن من غير لا إحم ولا دستور إحنا صحينا الصبح لقينا الإسرائيليين هاجموا سيناء و بيتقدموا لحد قناة السويس تقوم فرنسا و بريطانيا معتبرين ده سبب للتدخل العسكري في مصر عشان يسيطروا هم علي القناة .. لسنين فضلت دايماً بسال نفسي هي ليه إسرائيل عملت كده؟ .. فعلياً الناس اللي قرأت شوية في فترة العدوان الثلاثي حتكتشف إن إسرائيل طلعت من المولد بلا حمص فالسؤال اللي كان بياكل دماغي هو ليه لحد ما قررت أعمل السيرش عن المقالة دي و لقيت إن السبب الأساسي اللي خلي إسرائيل توافق هو إن فرنسا عطت ليها مفاعل نووي صغير من طراز EL-3 هدية .. فكمان مرة حاول تبص للدنيا من عينين (بن جوريون) .. لو العدوان الثلاثي نجح فانا حاخد سيناء كلها .. فرنسا و بريطانيا حيسيطروا علي قناة السويس و بكده انا ضمنت إن مصر طلعت بره اللعبة لسنين و سنين قدام و أبقي خلصت من يمكن أكبر دولة عربية بتهدد وجودي .. الأهم بقي إن فرنسا حتحطني علي أول الطريق بتاع إن يبقي عندي سلاح نووي .. أخلي خمسين جنيه دي ولا إيه؟
طبعاً كلنا عرفنا إن العدوان الثلاثي باظ خالص لما مش بس الإتحاد السوفيتي إنما كمان أميركا هددوا إنهم حيتدخلوا عسكرياً ضد فرنسا و بريطانيا و إسرائيل .. هنا الإسرائيليين بصوا لنفسهم و قالوا لا بقي إحنا عملنا اللي علينا و زيادة .. بدأنا الحرب زي ما انتوا كنتوا عايزين و سيطرنا علي سيناء كلها فمش حرجع بلدي قفايا يقمر عيش .. فرنسا عشان متزعلش إسرائيل قالتلها طب خلاص انا مش بس حديكي مفاعل نووي صغير انا حبنيلك مفاعل نووي كبير في منطقة ديمونة بيشتغل بالبلوتونيوم .. بس ده مش معناه إن بكره الصبح إسرائيل حيبقي عندها سلاح نووي خلي بالك .. الOffer بتاع فرنسا كان جاي بمشكلتين و مشكلتين كبار كمان:
- أول مشكلة إن صحيح المفاعل حتعمله فرنسا و معاك إن البلوتونيوم حتوفرهولك فرنسا برده بس عشان تعمل قنبلة نووية حتحتاج الماء الثقيل و دي مشكلة مش حتتحل بسهولة.
- ثاني مشكلة إن الإتفاق كان إن المفاعل مش حيتبني ببلاش .. صحيح فرنسا حتبنيه بس إسرائيل هي اللي حتدفع ثمنه و اللي كان مبلغ خزعبلي وقتها ما بين 80-100 مليون دولار و الكلام ده كان سنة 1956 فالسؤال كان حنجيب الفلوس دي كلها منين؟ .. إحنا لسه خارجين من حرب كلفتنا كتير و مش حينفع أخد الفلوس دي من الميزانية العسكرية.
الفلوس .. اللوبي اليهودي هو السند اللي بحق و حقيقي:
للمرة الثانية الحظ بيتدخل عشان المشروع النووي الإسرائيلي يتبني و ده تجسد في بني أدم إسمه (إيب فاينبيرج Abe Feinberg) .. ده يبقي بيزنس مان أميريكي يهودي .. شكلك بدأت تفهم انا رايح فين بكلامي .. من أول ما الحرب العالمية الثانية قامت و قبل حتي ما أميركا تخش الحرب الرجل ده دفع فلوس كتير عشان يهرب اليهود اللي عايشين في ألمانيا و شرق أوروبا بس مكنش بيجيبهم أميركا .. لا .. كان بيوديهم فلسطين .. حتي لما بريطانيا فرضت حظر الهجرة علي اليهود فالرجل ده صرف فلوس كتير برده عشان عمليات تهريب اليهود لفلسطين .. لما حرب فلسطين خلصت (فاينبيرج) هو اللي أقنع الرئيس الأميريكي (هاري ترومان Harry Truman) إن أميركا تعترف بدولة إسرائيل في مقابل إنه حيتكفل بمصاريف الحملة الإنتخابية بتاعة (ترومان) عشان يرشح نفسه لفترة رئاسة تانية .. المهم إن في أكتوبر 1958 (بن جوريون) رفع سماعة التليفون يستقصد (فاينبيرج) في قرشين عشان خاطر البرنامج النووي الإسرائيلي .. (فاينبرج) بنفسه لف علي 17 مليونير يهودي أميريكي عشان يجمع منهم فلوس و فعلا قدر يدي (بن جوريون) 40 مليون دولار و دول تقريباً كانوا نص تكلفة المشروع.
في أواخر 1957 فرنسا بدأت تبني مفاعل ديمونة و اللي كان وقتها طاقته 24 ميجاوات .. عشان إسرائيل معندهاش تكنولوجيا تصنيع الماء الثقيل فهي إشترت 20 طن منه من النرويج .. لحد ما المشروع ده إتبني كان فيه 2500 مهندس و فني فرنساوي عايشين في الموقع وعشان الحفاظ علي سرية المشروع فكان المهندسين و الفنيين دول عشان يبعتوا أي جوابات لأهاليهم كان الجواب الأول يتبعت لدول في أميركا اللاتينية علي أساس يعني إنهم شغالين هناك و بعد كده الجواب يطلع علي فرنسا.
سنة 1958 أميركا شمت خبر لما واحد من أقمارها الصناعية عدي فوق صحراء النقب و شاف مفاعل ديمونة وهو بيتبني .. سنة 1960 وكالة المخابرات المركزية الأميريكية CIA كتبت تقرير طويل عريض قالت فيه إن بناء علي الصور اللي الأقمار الصناعية صورتها فواضح كده إن إسرائيل بتسعي يبقي عندها برنامج نووي عسكري و الفرنساويين معندهمش مشكلة يحطوا إسرائيل علي أول السلم .. الأمريكان رفعوا سماعة التليفون سألوا الفرنساويين هو أنتوا إيه اللي بتهببوه ده يا بتوع الكرواسون أنتوا فكان رد الفرنساويين عليا الطلاق ملناش دعوة إحنا ملناش وجود في ديمونة أصلاً .. سنة 1961 وصل للبيت الأبيض رئيس جديد اللي هو (جون إف كينيدي John F. Kennedy) و الرجل ده كان ضد فكرة إن إسرائيل يبقي عندها برنامج نووي عسكري لسبب بسيط جداً .. دلوقتي لو مصر مثلاً شمت خبر طب ما أسهل حاجة في الدنيا إنهم يجروا للسوفييت يقولولهم إبنولونا مفاعل نووي زي ديمونة و ساعتها السوفييت حيبقي علي قلبهم زي العسل يحملوا المصريين و العرب عموماً جميلة زي دي و المصيبة إن ساعتها أميركا مش حتعرف تقول للسوفييت سلامات يا أم أحمد .. فعلاً الموضوع كان حيقلب علي خناقة ما يعلم بيها إلا ربنا بين الأمريكان و الإسرائيليين لحد ما تالت مرة الحظ بيتدخل لما (فاينبيرج) تدخل لتاني مرة.
(فاينبيرج) إتوسط بين (بن جوريون) و (كينيدي) و قعدهم مع بعض في مايو 1961 و في الإجتماع ده (بن جوريون) صراحة كده كدب علي (كينيدي) و قاله إن إسرائيل مش بتفكر في الوقت الحالي يبقي عندها برنامج نووي عسكري و إن ديمونة ده مفاعل نووي سلمي .. مش بس كده .. (فاينبيرج) أقنع (بن جوريون) إنه يقبل إن وفد من لجنة الطاقة النووية Atomic Energy Commission أو AEC يروح ديمونة يزور بنفسه المفاعل عشان يتطمنوا إنه مش مؤهل يعمل قنبلة نووية .. وفعلاً إتعملت زيارتين واحدة في مايو 1961 و الثانية في سبتمبر 1962 و إتكتب تقرير إتقال فيه إن البرنامج النووي الإسرائيلي ده سلمي و مفاعل ديمونة مش جاهز يعمل قنبلة نووية.
بداية من 1958 و الدنيا بين إسرائيل و فرنسا مبقتش زبادي خلاط زي زمان لإن في الوقت ده اللي مسك فرنسا كان (شارل دي جول Charles de Gaulle) و الرجل ده كانت وجهة نظرة إن إحنا معلش يعني إستحملنا الإسرائيليين بما فيه الكفاية وده خلاه فعلياً ينهي التعاون النووي الفرنسي الإسرائيلي .. سنة 1963 إسرائيل عرفت تعمل إتفاق سري مع الأرجنتين عشان تشتري منها 100 طن يورانيوم خام أو اللي بتوع الطاقة النووية بيسموه الكيكة الصفراء Yellowcake و طبعاً حتسألني انت عرفت إزاي ما أنت قايل إن الإتفاق كان سري .. حقولك إن سنة 1964 المخابرات الكندية هي اللي شمت خبر بالصفقة دي و بلغت الأمريكان اللي لما راحوا سألوا الإسرائيليين قالولهم يعني أنتوا بالذمة مصدقين كلام المخابرات الكندية ؟ هم الكنديين دول فالحين في حاجة غير لعب هوكي الجليد؟ .. الأمريكان بصولهم و قالولهم اه فعلاً دي ناس غريبة جداً كل ما حد يغلط فيهم هم اللي تلاقيهم بيقولوا سوري متفهمش ليه.
لو فتحت التقارير اللي كتبتها المخابرات الأميريكية عن البرنامج النووي الإسرائيلي حتلاقيهم سنة 1969 بيقولوا إن الإسرائيليين بقوا عاملين زي مراتك اللي قبل ما تتجوزك عمرها ما دخلت المطبخ بس انت قلتلها عايز تاكل مكرونة بشاميل فهي كل اللي عملته إنها دخلت علي النت جابت المقادير و نزلت السوبرماركت جابتها و رصتها قدامها و لقت نفسها محتاسة حوسة البلجيك .. البلوتونيوم موجود .. الماء الثقيل موجود .. المفاعل موجود .. نعمل إيه بقي؟ .. مش دي المشكلة الوحيدة .. سنة 1969 الأمريكان كانوا بيسعوا إن إتفاقية الحد من إنتشار الأسلحة النووية اللي هي Nuclear Non-Proliferation Treaty أو NPT إختصاراً تتمضي .. دلوقتي مش من مصلحة إسرائيل إنها تمضي الإتفاقية دي لسببين: السبب الأول إنها كانت قايلة لأميركا إن المشروع النووي بتاعنا سلمي بس إحنا مخبيين عليهم إننا عايزين نعمل قنبلة نووية بس مش عارفين بتتعمل إزاي فده حيخلي منظرنا وحش قدام الأمريكان .. السبب الثاني إن لو إتعرف إننا عندنا برنامج نووي عسكري فكده العرب حيجروا يروحوا للسوفييت يقولولهم انا عايزه من ده يا حزمبل زي ما (كينيدي) كان خايف .. طب و الحل؟ .. لرابع مرة الحظ بيتدخل لصالح البرنامج الإسرائيلي في صورة (هينري كيسينجر Henry Kissinger).
(كيسينجر) كان وزير خارجية أميركا وقت ما كان بيحكمها (ريتشارد نيكسون Richard Nixon) .. (كيسينجر) كان يهودي بس غير كده هو كان زيه زي (ديفيد بن جوريون) شخصية بنت وسخة .. الرجل ده يوم 26 سبتمبر 1969 نظام قعدة في المكتب البيضاوي جوه البيت الأبيض بين (نيكسون) و بين (جولدا مائير) رئيسة وزراء إسرائيل عشان يتكلموا في مشكلة البرنامج النووي الإسرائيلي .. (كيسينجر) هو اللي مسح كل التسجيلات و كل الوثائق الخاصة بالإجتماع ده عشان محدش بعد كده يعرف اللي حصل من الأرشيف لإن اللي حصل في الإجتماع ده في منتهي قلة الأدب .. اللي حقوله دلوقتي مش هبد قد ما هو أقرب حاجة للي حصل فعلاً وهو إن (نيكسون) قال ل(جولدا مائير) إنه عارف إن الإسرائيليين بيحاولوا يعملوا قنبلة نووية بس مش عارفين و هم مش عايزين يمضوا علي إتفاقية NPT وعشان هو بيحب إسرائيل و خايف علي مصلحتها فاللي حيحصل هو الأتي .. إنتي يا إسرائيل عايزة يبقي ليكي برنامج نووي عسكري ماشي بس سكتم بكتم .. مسمعش إنكوا عملتوا تجربة تفجير لقنبلة نووية .. مسمعش في الأخبار إن حد في الحكومة الإسرائيلية يطلع يلمح حتي إن عندكوا سلاح نووي .. في مقابل ده فأميركا مش حتجبر إسرائيل إنها تمضي علي إتفاقية NPT .
فضلنا علي الحال ده مفيش لا حس ولا خبر عن البرنامج النووي الإسرائيلي يمكن بإستثناء شوية إشاعات من ضمنها إنهم وقت حرب أكتوبر إتعمل إجتماع يوم 7 أكتوبر 1973 حضره وزير الدفاع (موشيه دايان) و رئيسة الوزراء (جولدا مائير) و (دايان) إقترح ضرب القاهرة بالقنبلة النووية بس (جولدا مائير) رفضت و عدت الحرب لحد ما جت سنة 1979 لما حصلت حادثة إتسمت حادثة فيلا Vela Incident لما قمر صناعي أميريكي لقط تجربة تفجير نووية في المحيط الهندي إتعرف بعدها إنها كانت تجربة مشتركة بين إسرائيل و جنوب أفريقيا و جدير بالذكر إن اللي كان بيحكم جنوب أفريقيا وقتها نظام التفرقة العنصرية وده يوريك إن الإسرائيليين دول ولاد وسخة بس ده مش جديد عليهم يعني .. فين و فين سنة 1986 العالم صحي علي الخبر اللي خلانا نقول أووووه ماااااي جااااااد ما إحنا كنا عارفين من زمان لما واحد إسمه (موردخاي فانونو Mordechai Vanunu) سرب للصحافة الإنجليزية بالصور و المستندات تفاصيل المشروع النووي الإسرائيلي و الرجل إتحكم عليه بالسجن 18 سنة بتهمة الخيانة العظمي.
الناس اللي بتفهم .. ميكس الشطارة في الشغل و الإدارة اللي بتعرف تمشي الشغل:
المشاريع اللي زي دي بتحتاج يمسكها ناس فاهمه هي بتعمل إيه يعني يكون عالم أو مهندس .. في حالة المشروع النووي الإسرائيلي فالشخص ده كان (إيرنست ديفيد بيرجمان Ernst David Bergmann) وده كان كميائي إتولد في ألمانيا و إتخرج من جامعة برلين و سنة 1934 هاجر لفلسطين .. سنة 1952 إتعين مدير اللجنة النووية الإسرائيلية اللي هي IAEC .. سنة 1958 إتعين رئيس الهيئة الهندسية في القوات المسلحة الإسرائيلية و اللي كان إسمها قبل ما يمسكها وحدة الأبحاث و البنية التحتية و إختصارا بالعبري كانت بتتسمي إيميت EMET بس هو أعاد هيكلتتها عشان تبقي هيئة تطوير الأسلحة و غير إسمها لرافاييل RAFAEL و دلوقتي RAFAEL واحدة من أكبر شركات السلاح مش بس في إسرائيل إنما في العالم لكن تحت قيادة (بيرجمان) RAFAEL كانت هي المسئولة عن البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي بس هي فيه مشكلة صغيرة قابلت (بن جوريون) بخصوص (بيرجمان).
(بيرجمان) كان مهندس شاطر بس زيه زي مهندسين كتير مبيعرفش يتعامل مع بني أدمين .. دلوقتي (بن جوريون) عمال يضغط علي (بيرجمان) عشان يخلص شغله و كل شوية يتخانقوا مع بعض فكان واضح إن البرنامج النووي الإسرائيلي محتاج حد بيعرف يدير عشان يمسكه و الشخص ده كان (شيمون بيريز Shimon Peres) اللي بعد كده مسك منصب رئيس وزراء إسرائيل بحيث سنة 1955 (بيريز) بقي هو اللي قدام الناس كلها ماسك البرنامج و تحت منه (بيرجمان)
انا بس حابب أختم بإني أقولك إن إسرائيل بإعتبارها بلد بنت وسخة فهي بانية إستراتيجيتها النووية علي حاجتين:
- أول حاجة هي فكرة العتامة Opacity وهي إن محدش هناك تلاقيه عايز يتكلم في الموضوع أو يفتحه مش لسبب غير إن لو الموضوع بقي علي كل لسان فطبيعي إن دول عربية تانية تفكر في نفس الفكرة اللي جت في دماغ (بن جوريون): ليه لا يبقي عندنا سلاح نووي؟ .. حتي بعد ما (موردخاي فانونو) فضحهم .. يحكي أن رئيس الكنيست السابق (إفرام بورج Avraham Burg) مرة إتسحب من لسانه و إعترف بإن بلده عندها سلاح نووي فتاني يوم طلعت مطالبات مش بس بعزله من منصبه إنما بتوجيه تهمة الخيانة العظمي ليه .. إنت متخيل يا مان؟
- تانية حاجة هي عقيدة البدء Begin Doctrine وهي إن من حقنا نضرب أي حد يفكر يبقي عنده سلاح نووي زينا .. عملوها ضد العراقيين لما ضربوا المفاعل النووي العراقي سنة 1981 .. عملوها ضد السوريين في 2007 .. عملوها في 2008-2009 لما ضربوا البرنامج النووي الإيراني بفيروس كومبيوتر إسمه ستوكس-نيت Stuxnet عملته مخصوص وكالة الأمن القومي الأميريكية NSA.
المشروع النووي الإسرائيلي من الحاجات اللي إنت مش بتبقي عارف تبصلها إزاي أو تحس ناحيتها بإيه .. من ناحية إنت بتقول يا ولاد الكلب ده أنتوا الحظ مشي معاكوا زي السكينة في الجاتوه .. من ناحية برده الإسرائيليين الحق يتقال شاطرين و بيعرفوا يوصلوا للي هم عايزينه .. من ناحية ثالثة لولا جشع الغرب عشان ياخدوا فلوس من اللوبي اليهودي مكنش المشروع ده إتعمل بس برده أرجع و أقولك ده مش عيب من الغرب قد ما هو شطارة من اليهود .. يمكن السؤال اللي انا عايز أختم بيه هو هل حيجي اليوم اللي الدول العربية يبقي عندها سلاح نووي؟ .. ممكن في مقالة تانية نبقي نتكلم هو يعني إيه بلد يبقي عندها سلاح نووي عشان الموضوع مش سهل أوي كده.
المصادر:
مقالة بعنوان The Story of How American Jews and France Built Israel’s Nuclear Weapons نشرت في مجلة The National Interest وده لينك المقالة الأصلية:
https://nationalinterest.org/blog/reboot/story-how-american-jews-and-france-built-israel%E2%80%99s-nuclear-weapons-179399
مقالة بعنوان Israeli Nuclear Porgram نشرت علي موقع Atomic Heritage Foundation وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.atomicheritage.org/history/israeli-nuclear-program
مقالة بعنوان The Truth About Israel’s Secret Nuclear Arsenal نشرت في جريدة The Guardian وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.theguardian.com/world/2014/jan/15/truth-israels-secret-nuclear-arsenal