موضوعنا النهاردة اللي حنتكلم عنه هو الإجابة عن سؤال يبان بسيط من بره بس معقد تعقيد التفاضل و التكامل من جوه وهو إيه اللي بيحصل في تركيا بالضبط؟ .. من بره يبان الموضوع سهل يتفهم و تقريباً مش محتاج شرح و هو إن تركيا بلد إتعملت فيها إنتخابات رئاسية و برلمانية كسبها (رجب طيب أردوغان) و حزبه اللي هو حزب العدالة و التنمية و اللي الأتراك بيسموه AKP .. بس لما تبدأ تقشر الطبقات اللي بره و تحاول تفهم هو إيه اللي بيحصل بالضبط حتلاقي نفسك عمال تغرق في تفاصيل لحد ما بتوصل لمرحلة إنك مش فاهم هو فيه إيه؟ و بقيت عامل زي (عوكل) بتضرب كف علي كف وبتسأل نفسك إيه اللي جاب القلعة جنب البحر؟ .. أول حاجة عايزك تفهمها و تحطها في دماغك فيما يتعلق باللي بيحصل في تركيا دلوقتي هي إن فعلياً فيه حاجة غلط في تركيا.
كلمة لازم تتقال .. أنا مش تركي .. ومش معايا باسبور تركي و ده معناه إني مش من حقي أقول علي (أردوغان) حلو أو وحش .. دي مش شغلتي ولا ده حقي .. الكلام اللي حنقوله دلوقتي هو مجرد شرح لوضع علي الأرض .. الإستنتاج اللي تخرج به من الكلام دي حاجة ترجعلك كقاريء و أنا مش جاي عشان أقنعك بحاجة معينة .. نقطة كمان .. إحنا مش عايشين في سويسرا .. أنا عارف كويس إحنا عايشين فين .. الكلام اللي حتقرأه دلوقتي مش معناه خالص إني بقول إحنا أحسن من الأتراك لا سمح الله .. دي بس مقدمة لازم تتقال في البداية كده.
في حالة إنك متعرفش فمن كام شهر إتعملت إنتخابات رئاسية و برلمانية في تركيا في ظل نظام حكم جديد اللي أنا بسميه شخصياً النظام الرئاسي الفشيخ .. ليه سميته كده؟ .. لإن فيه دول كتير ماشية بنظام رئاسي زي أميركا أو فرنسا بس اللي الأتراك عملوه أنا شخصياً مٌصر علي تسميته بإنه النظام الرئاسي الفشيخ .. معني إنه نظام رئاسي فشيخ إنه بيحط في إيد الرئيس صلاحيات بتخليه جامد تنين حاجة كده زي جودزيلا فاضله جناحات و يطير خصوصاً إن النظام ده بيلغي منصب رئيس الوزراء .. (أردوغان) كسب الإنتخابات الرئاسية و كمان حزبه العدالة و التنمية كسب الإنتخابات البرلمانية بإنه بقي في إيده 42% من إجمالي كراسي البرلمان .. إنت ممكن تكون شايف إن نسبة 42% دي قليلة بس خليني أقولك إن دي أكبر نسبة يحققها حزب العدالة و التنمية من ساعة ما (أردوغان) مسك الحزب و الكلام ده كان سنة 2002 خلي بالك يعني ده من أكتر من 16 سنة.
اللعب في الموضوع إن حزب العدالة و التنمية مدخلش الإنتخابات البرلمانية فرداني كده .. هم إتحالفوا مع حزب تاني إسمه حزب الحركة الوطنية و الأتراك بيسموه MHP و ده حزب مبيكرهش حاجة في حياته قد الأكراد لدرجة إنك تحس إنهم داخلين البرلمان بس عشان ينكدوا علي الأكراد و يسودوا عليهم عيشتهم و رغم إنه حزب إلي حد ما لسه جديد إلا إنه بقي في إيده 11% من إجمالي كراسي البرلمان .. ده معناه إن التحالف اللي في ظهر (أردوغان) بقي فعلياً تحت إيده 53% من كراسي البرلمان ودي تحققله الأغلبية اللي هو محتاجها عشان يمشي أي قانون هو عايزه إياكش حتي لو عمل قانون أجبر الأتراك كلهم إنهم يفطروا كل يوم الصبح شاورما .. بس رغم الجو اللي تحس إنه إتعمل مخصوص عشان ينكد علي الأكراد عيشتهم إلا إن الحزب السياسي اللي بيعبر عن الأكراد في تركيا اللي هو الحزب الديموقراطي الشعبي أو HDP زي ما الأتراك بيسموه بعد الإنتخابات اللي فاتت بقي تحت إيده 11.7% من إجمالي كراسي البرلمان وده لوحده أنا شايفه إنجاز يحسبلهم الحقيقة.
لحد دلوقتي ده الكلام اللي إنت حتشوفه في أي خبر علي أي موقع بيغطي الإنتخابات التركية بس اللي ورا الخبر هو إن السياسة في تركيا بقت عامله زي كرة القدم في مصر بالضبط اللي هو أنا بشجع نادي بتعصب ليه بشكل مرضي و بشتم أي نادي تاني و كل اللي أنا عايزه هو إن النادي بتاعي يكسب .. ده بيترجم زي ما إنت بتشوف في ماتشات الأهلي و الزمالك إن جماهير الفرقتين معندهاش أي مشكلة إنهم يشتموا اللاعيبه بالأم و يسبولهم الدين كمان لمجرد إن اللي بيلعب ده لابس تي-شيرت فرقة تانية غير فرقتي .. اللي هي ثقافة إن طالما إنت مش معايا فأنا من حقي أشتمك و أسبلك مية ملة و أشوه صورتك و مش حتفاهم معاك وعمري ما حتناقش معاك فما بالك إني إقتنع بإنك عندك حق و إن أنا غلطان في حاجة.
الثقافة دي إنت ممكن تقبلها لو فضلت محصوره جوه الإستاد بس المشكلة إن تركيا كلها بقت كده .. اللي مزود أوي من حدة جو الخناق ده و اللي السياسيين بيحبوا يسموه مناخ الإستقطاب السياسي هو إن فعلياً نظام الحكم الجديد اللي الأتراك وافقوا عليه في الإستفتاء الشعبي اللي إتعمل علي الدستور بيخلي منصب الرئيس التركي ده في إيده صلاحيات وكمان في إيده البرلمان و القضاء و الحكومة و الجيش و الشرطة اللي هو حاجة زي شخصية (ثانوس Thanos) كده في فيلم Avengers: Infinity War اللي هو في إيده الجوانتي اللي مخليه يتحكم في الInfinity Stones عشان بطرقعة من صوابعه هوبا دبل كيك نص اللي عايشين في الكون يموتوا .. فعلياً مجاش حد في تاريخ تركيا الحديث في إيده الصلاحيات و السلطات دي كلها غير (مصطفي كمال أتاتورك) الله يرحمه لما أسس الجمهورية التركية الحديثة و الكلام ده كان سنة 1923.
علي الناحية الثانية الرد حيكون يعني هو (أردوغان) سيطر علي الحكم بإنقلاب عسكري؟ ما هو عمل إنتخابات برلمانية و رئاسية و قبلها إتعمل إستفتاء شعبي علي الدستور و الشعب إختاره .. يبقي قبل ما تتهموه بإنه ديكتاتور و مفتري لوموا المعارضة التركية اللي مش عارفه تتوحد ورا بني أدم يقدر يقف ل(أردوغان) الند بالند في إنتخابات حرة و نزيهة .. الحقيقة إن وجهة النظر دي منطقية و مفهومة بس عشان نكون محايدين و ماسكين العصاية من النص الإنتخابات التركية اللي فاتت دي مكنتش شفافة ولا نزيهة ولا عادلة زي مثلاً الإنتخابات البرلمانية في بلجيكا ولا هولندا .. وقبل ما تتعصب وتتهمني إني بفتري علي (أردوغان) خلينا نقول الحقايق علي الأرض اللي محدش يقدر ينكرها:
- تركيا مش دولة فيها حرب أهلية زي سوريا ولا كل يوم بيحصل فيها تفجير إرهابي زي باكستان ولا هي دولة تحت إحتلال زي أفغانستان عشان الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية الأهم في تاريخ تركيا الحديث تتعمل تحت حالة الطواريء اللي لو البوليس شاف شوية ناس واقفين مع بعض في الشارع ممكن يقبض عليهم بتهمة التظاهر بدون ترخيص .. إزاي تعمل إنتخابات برلمانية وسط حالة طواريء؟ لا بجد والله .. فكك من مصر إحنا دلوقتي مش بنقارن تركيا بمصر خالص إحنا مثلاً بنقارن بين تركيا و دولة زي بريطانيا أو فرنسا لإن ده الLevel أو المستوي اللي ينفع تحط فيه تركيا .. فعلياً لو فكرت فيها أي مؤتمر جماهيري لأي مرشح معارض بسهولة أوي ممكن يتمنع و التهمة حتبقي موجودة و حاضرة و مثبتة و هي التظاهر بدون تصريح.
- أنا فاهم كويس إن الحكومة التركية شايفه إن الأكراد وحشين و لو سألت ناس كتير جوه تركيا من اللي بيؤيدوا مش بس حزب العدالة و التنمية إنما كمان مؤيدي العلمانية حتلاقيهم مقتنعين إن الأكراد دول شوية إرهابيين عايزين الحرق بجاز كلهم .. لكن .. إنت عامل إنتخابات برلمانية و داخل فيها أحزاب كردية و إنت مش مانعها من إنها تخش الإنتخابات بس فسرلي إزاي أقتنع إن دي إنتخابات نزيهة و رئيس الحزب الديموقراطي الشعبي الكردي اللي هو (صلاح الدين ديميرتاس Selahattin Demirtas) مسجون وحزبه دخل الإنتخابات وهو مسجون؟ .. أنتوا مجانين؟ .. بتيجي إزاي دي؟
- الإعلام الرسمي التركي كله مؤيد بشكل أعمي للحكومة التركية و الموضوع وصل لدرجة تضحك إن قبل 4 أيام من الإنتخابات وكالة أنباء الأناضول بالغلط نشرت النتايج الرسمية للإنتخابات و علي فكرة النتيجة اللي أعلنوها كانت إن (أردوغان) كسب الرئاسة ب53% من الأصوات و دي نتيجة مش بعيدة عن النتيجة اللي أُعلنت فعلاً بعد الإنتخابات .. يعني الإعلام التركي خلاص هيء الناس إن يا جماعة (أردوغان) كسبان كسبان .. طب يا سيدي (أردوغان) ده يبقي (هارون الرشيد) الجديد و الله أنا مش معترض .. بس إنت عامل إنتخابات رئاسية و برلمانية فمينفعش خالص مولد سيدي (أردوغان) اللي الإعلام عامله ده .. لو مش قادر تسيطر علي إعلامك اللي واقع في غرامك يا سيدي طلع أمر بإنه يا جماعة خلال فترة الإنتخابات ممنوع خالص تعملوا أي دعاية لأي مرشح .. أي منظر يعني.
- السنة اللي فاتت إتعمل الإستفتاء الشعبي علي الدستور الجديد اللي حول نظام الحكم لنظام رئاسي فشيخ بيخلي الرئيس عامل زي شخصية (ثانوس) زي ما قلنا .. الإستفتاء ده فيه مراقبين دوليين تابعوه و طلعوا تقارير قالت إن فيه تجاوزات كتير حصلت .. بس أهم جهة طلعت تقرير بيقول إن فيه حاجة غلط كانت الإتحاد الأوروبي اللي طلع تقرير ده إن فيه أكتر من 2.5 مليون صوت في الإستفتاء تم التلاعب فيهم .. أحب بس أقولك إن الأتراك وافقوا علي الدستور الجديد بفارق حزر فزر كام .. 1.5 مليون صوت يعني تقريباً نص عدد الأصوات اللي إتقال إنه تم التلاعب فيها .. مش كده وبس .. في مارس اللي فات يعني قبل ما الإنتخابات البرلمانية الأخيرة دي ما تتعمل البرلمان التركي اللي كان وقتها بيسيطر عليه برده حزب العدالة و التنمية عملوا قانون قال إن لو إنت ناخب رحت أبطلت صوتك فإنت صوتك حيتحسب .. إزاي بقي؟ دي بترجع للجنة اللي بتعد فرز الأصوات .. يعني أنا مثلاً رحت و عملت زي ما ناس كتير عملت في الإنتخابات الرئاسية المصرية اللي فاتت إنهم بدل ما ينتخبوا الرئيس (عبدالفتاح السيسي) أو (موسي مصطفي موسي) كتبوا إسم (محمد صلاح) فلو ده حصل في تركيا فلجنة فرز الأصوات حيبقي من حقها تقرر إنت كان قصدك إيه لما كتبت (محمد صلاح) و ممكن تعتبر صوتك ده تأييد للرئيس (السيسي) مثلاً.
أساساً ناس كتير جوه تركيا كانت مستغربة من توقيت الإنتخابات لإن الكلام كان إن السنة اللي فاتت إتعمل الإستفتاء علي الدستور و نتيجته كانت زي ما (أردوغان) كان عايز فكده النتيجة تقدر تقول إنها كانت 1-0 ضد المعارضة .. المفروض إن الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية كانت تتعمل السنة الجاية في 2019 بس زي ما تقول كده (أردوغان) حب يغفل المعارضة التركية و قرر إنه يعمل إنتخابات مبكرة بس تغفيل المعارضة مكنش هو السبب الوحيد .. (أردوغان) كان عارف إن تركيا عماله تغرق في مشاكل كتير و مع كل يوم هو بيستني لحد السنة الجاية وجهة نظر الشارع فيه بتقل لإن الشارع شايف المشاكل و هي عماله تتحدف زي الطوب و الحكومة مش ملاحقة فهو لو إستني لحد السنة الجاية و مكنش حل المشاكل دي كلها و هو عارف إن إحتمال كبير ده يحصل فساعتها خطته إنه يبقي (أتاتورك) الجديد ممكن تتنسف كلها.. بس الحق يتقال المعارضة التركية كانت مصحصحة ومتغلفتش.
لأول مرة من سنين حزب الشعب الجمهوري أو CHP اللي يعتبر أهم حزب للمعارضة عمل تحالف مع حزب تاني لسه متكون قريب إسمه Iyi Party و الحزبين مع بعض قدروا يقنعوا حزب ديني صغير إنه ينضم ليهم عشان يعني يغروا الأصوات المتدينة في تركيا إنها تسيب (أردوغان) و لأول مرة من سنين المعارضة كلها تتوحد ورا مرشح واحد في الإنتخابات الرئاسية اللي هو (محرم إينجه Muharrem Ince) و الحقيقة إنه كان رجل محترم و عليه القيمة و كان شغال مدرس فيزياء فكان تقدر تسميه تهديد حقيقي لطموح (أردوغان) .. علي الورق الخطة كانت متخرش المياه .. علي الورق كان مستحيل إن (أردوغان) ياخد أكتر من 50% .. علي الورق المعارضة التركية كان كلها أمل إنها تحول حلم (أردوغان) لكابوس .. كفاية إنك قدرت تقسم أصوات الإسلاميين ومبقوش كلهم By Default رايحين زي العمي يدوا صوتهم ل(أردوغان) لإن شوية منهم راحوا إختاروا (محرم إينجه) .. و الحقيقة إن هي دي مشكلة الأمل في السياسة .. مشكلة الأمل إنه سلاح ذو حدين .. الأمل هو الحاجة اللي بتخلي العملية الديموقراطية تنجح و في نفس الوقت لما بتلاقي نفسك كل شوية الحكومة بتكسر الأمل جواك في الأخر بتفقد ثقتك خالص في النظام و للأسف ده اللي وصله الأتراك.
ده حيودينا يمكن لسؤال صعب حد يجاوب عليه و هو إيه اللي حيحصل بعد كده؟ .. الحقيقة إن محدش يقدر يقول .. كان المفروض إن تركيا تبقي نموذج لإزاي انت تقدر تجيب الديموقراطية و الإسلام و العلمانية تضربهم في الخلاط يطلعلك دولة و مجتمع جديد لانج فاهم هو بيعمل إيه؟ و عارف إيه حقوقه؟ و إيه واجباته؟ .. بس إياك تتخيل للحظة إن سبب اللي بيحصل في تركيا دلوقتي هو الصراع الحتمي بين الإسلام و العلمانية و إن واحد فيهم بس لازم يبقي موجود و إن الإتنين مينفعوش يعيشوا مع بعض .. سبب مشكلة تركيا الأساسية إن فيه بني أدم عجبته السلطة و قرر إنه مش حينزل من علي الكرسي إلا لما ربنا ياخده بعد عمر طويل يعني و السلاح اللي في إيده عشان يفضل في السلطة هو حس القومية و الوطنية و جو تحيا تركيا 3 مرات اللي إحنا عارفينه كويس و حافظينه صم .. انت ممكن متكونش قادر تتخيل ده بس انا عايزك تفهم إن (أردوغان) و (السيسي) و (بوتين) وشلة البني أدمين اللي بيحكموا بلادهم زي ما هم عايزين دول بينهم حاجات مشتركة كتير أوي.
يبانلك من بره إن مثلاً (أردوغان) و (السيسي) مبيطيقوش بعض .. بس لما تبدأ تحلل شخصياتهم و طريقة حكمهم تلاقي نفسك قدام نسخة بالكربون من بعض .. صحيح واحد فيهم دموي بزيادة عن الثاني كفاية الطريقة اللي هو بقي بيها رئيس بس في المجمل الإتنين بيفكروا بنفس الطريقة .. انا الكل في الكل و انا حفضل أحكم لإني مش شايف حد تاني ينفع .. تاني .. (أردوغان) مكسبش الإنتخابات عشان هو إسلامي ولا إنه رافع شعار الإسلام هو الحل .. (أردوغان) كسب لإنه عمل تحالف سياسي فعلياً رافع شعار تحيا تركيا 3 مرات .. هو بني حملته الإنتخابية علي مبدأ إن العلمانيين عايزين يجيبوا الإستعمار الأجنبي ولو وصلوا للحكم مستعدين يقدموا كل التنازلات الممكنة عشان ينضموا للإتحاد الأوروبي حتي لو كان ده بيشمل التنازل عن سيادة تركيا .. وفي نفس الوقت بني حملته الإنتخابية علي إن الأكراد عايزين يموتونا و إحنا نايمين و انا الوحيد اللي أقدر أنقذ تركيا و من غيري الدولة كلها حتقع و انا اللي بعتت قوات للعراق و سوريا عشان أأمن حدودنا و أخليكوا تناموا متطمنين علي عيالكوا .. بص هم الإتنين نسخة من بعض في حاجات كتير ميغركش فرق الطول و إن واحد عنده شنب و التاني لا.
هل أصلاً النظام الرئاسي الفشيخ الجديد ده حيجيب نتيجة و حيشتغل؟ برده الله أعلم .. هل فكرة إن منصب رئيس الوزراء ده يتشال خالص و يبقي (أردوغان) سوري في الكلمة يعني بلبوص كده في وش المدفع دي صح؟ والله العظيم ما فيه حد في الكون يقدر يقولك اه أو لا .. حاول تتخيل إن منصب رئيس الوزراء ده عامل زي كبش فدا الحاكم بيضحي به قدام الشعب لو الدنيا باظت .. عندك مثلاً (حسني مبارك) ما هو كان ديكتاتور ومفيش حاجة كانت بتحصل إلا بأمره بس إحتفظ بمنصب رئيس الوزراء عشان لو الدنيا باظت فيه حد لازم يشيل الليلة و أهو كارت يتحرق قدام الناس عشان الغليان في الشارع يهدي .. عندك واحد تاني زي الملك (الحسين) بتاع الأردن الله يرحمه قعد يحكم 46 سنة عين خلالهم 56 رئيس وزارة بمعدل 1.2 رئيس حكومة في السنة .. فلو مثلاً مشاكل تركيا كترت و (أردوغان) معرفش يحلها فهو كده بيلبس نفسه في الحيط خصوصاً إن إقتصاد تركيا دلوقتي مش فلة شمعة منورة .. الإقتصاد التركي دلوقتي فيه شوية مشاكل جم في وقت واحد اللي هو فعلاً تحس إن المصايب بتتحدف علي (أردوغان) ورا بعض:
- لسبب ما محدش فاهمه البنوك التركية غلطت غلطة غبية و هي إنها إستلفت فلوس كتير بالدولار من بره يدوبك قبل ما العملة التركية اللي هي الليرة زي ما يكون جالها دور برد مفاجيء محدش عارف سببه إيه وقيمتها عماله تقع .. الليرة دلوقتي زي ما يكون جالها دور برد في وقت اللي مناعتها فيه ضعيفة و أدي الحكومة عماله تديها في مضادات حيوية علي أمل إنها تجيب نتيجة.
- مصيبة تانية محدش كان عامل حسابه عليها هو إن واحد من أكبر البنوك التركية اللي هو هالكبانك Halkbank و اللي الحكومة التركية بتملك حصة كبيرة منه إحتمال كبير يتعرض لعقوبات ممكن توصل بمليارات الدولارات بسبب إن البنك ده مول مشاريع جوه إيران .. ده كان عادي أيام ما الاتفاق النووي اللي إتعمل أيام (باراك أوباما) شغال بس دلوقتي (ترامب) لغاه و بالتالي الحكومة الأميريكية بقي من حقها تفرض غرامات علي البنك .. إفرض لو (أردوغان) إتكلم مع (ترامب) و قاله لو سمحت شيل العقوبات اللي انت حتفرضها علي البنك و (ترامب) نشف دماغه وقال لا .. ساعتها العلاقات التركية الأميريكية حتسوء و فاتورة ده علي الإقتصاد التركي حتزيد.
- زود علي كده إن الأتراك ليهم وجود عسكري دلوقتي في سوريا و العراق و مهم تعرف إن لما الأتراك يبعتوا دبابة واحدة حتي بره أرضهم و حتي لو الدبابة دي واقفه في مكانها مبتعملش حاجة فهي واقفه علي الميزانية العسكرية بفلوس مرتبات و صيانة و تسليح و الحسابة عماله تعد فلوس بتتصرف.
الحق لازم يتقال (أردوغان) رجل بيعرف يكسب إنتخابات و دي لعبته و هو أستاذ فيها .. المشكلة إن تركيا دلوقتي قدامها مشاكل كتير بس في نفس الوقت البلد مقسومة نصين و لو التاريخ علمنا حاجة هي إن مينفعش تحكم بلد ناوية تطلع لقدام من غير ثقة و من غير الحد الأدني من قبول الأخر .. علي الناحية الثانية تركيا بلد تاريخها مبني علي فكرة الحاكم الجامد فشخ اللي بيحكم البلد كلها بإشارة من إيده .. من أيام الدولة العثمانية مروراً ب(أتاتورك) و دلوقتي (أردوغان) .. خلينا نكون صرحا مع بعض و نقول إن تركيا مفيهاش ديموقراطية بالشكل اللي إحنا فاهمينه و بنقرأ عنه في الكتب .. ديموقراطية تركيا مش زي مثلاً ديموقراطية دولة زي لوكسمبورج .. حاول تفكر فيها بالشكل ده .. أغلبية المصريين أهلاوية وده مخلي الأهلاوية صوتهم عالي وكلمتهم مسموعه و رغبتهم بتمشي علي الطخين و اللاعيبه اللي عايزينهم بيشتروهم بالذوق بالعافية مش حتفرق .. نفس الكلام في تركيا .. اللي ورا (أردوغان) كتير وده مخلي صوتهم عالي بالتالي كلمته هي اللي بتمشي .. اللي في تركيا دلوقتي مش ديموقراطية ده حكم أغلبية.
عشان يبقي عندك ديموقراطية في بلد مش بس المطلوب منك إنك تعمل إنتخابات و نروح نحط صوتنا و خلاص .. انت محتاج يبقي عندك سلطة للقانون علي أطخن طخين في البلد و محتاج يبقي عندك فصل للسلطات إن مينفعش الرئيس يخلي القضاء يحكمله بالأحكام اللي علي مزاجه و محتاج يبقي عندك حرية إعلام و حقوق للمرأة و للأقليات .. إحنا في مصر معندناش ولا حاجة من دول فمش من حقنا نفتح بقنا أصلاً بس في تركيا اللي بقالها 16 سنة بتتحكم بنفس الرجل و بنفس الحزب أغلب الحاجات مبقتش موجودة بحيث إن مبقاش عندك غير الإنتخابات بس هي الحاجة الوحيدة اللي يعني بتقول إن تركيا بلد ديموقراطية وده مش صح.
مشكلة (أردوغان) إنه بني أدم كويس بس طول أوي علي الكرسي .. فيه مشهد في فيلم The Dark Knight لما (هارفي دينت Harvey Dent) بيقول ل(بروس واين Bruce Wayne) اللي هو باتمان You either die a hero or live long enough to see yourself become the villain لو ترجمت ده علي وضع تركيا و (أردوغان) فكان المفروض إن الرجل ده يمشي بعد بالكتير أوي 8 سنين في الحكم و يسلم الراية لواحد تاني بس هو للأسف تبت في الكرسي لحد ما مع الوقت تحول لنفس الديكتاتور اللي هو حارب طول حياته عشان يحرر تركيا منه .. (أردوغان) بقي هو هو (أتاتورك) .. (أردوغان) بقي خايف أوي علي المشروع الإسلامي اللي هو بدأه من 2002 لدرجة إنه يا عيني مش متخيل إن فيه حد مؤهل إنه يكمل وراه و دي في حد ذاتها مصيبة سودا .. انا عارف إن (أردوغان) له مريدين كتير و إحتمال يزعلوا من كلامي بس كان لازم (أردوغان) يمشي من بدري بس هو مكمل و إحساسي الشخصي إنه حيفضل مكمل لحد ما المعجزة اللي هو بدأها تتحول لقنبلة حتفرقع في وشه وفي وش الأتراك كلهم.
المصادر:
- تقرير إتعمل في جريدة The Washington Post الأميريكية عنوانه Turkey takes a big step toward nationalist fascism يعني تركيا خدت خطوة كبيرة بإتجاه الفاشية القومية وده لينك المقالة الأصلية:
http:// https://www.washingtonpost.com/news/theworldpost/wp/2018/06/25/erdogan/?utm_term=.289476efeb07 - مقالة نشرت في جريدة Financial Times الأميريكية عنوانها Even Strongmen such as Turkey’s Erdogan need scapegoats يعني حتي الديكتاتوريين زي (أردوغان) محتاجين كبش فداء وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.ft.com/content/d5c57e04-787a-11e8-8e67-1e1a0846c475 - حوار عملته جريدة The Washington Post مع الكاتبة التركية (إيليف شافاق Elif Shafak) اللي يمكن انت تعرفها من الكتاب المشهور أوي بتاعها قواعد العشق الأربعون و الحوار ده كان في مقالة بعنوان Authoritarianism is changing the very fabric of society يعني الحكم الديكتاتوري بيغير من أساس المجتمع وده لينك المقالة الأصلية:
https://www.washingtonpost.com/news/theworldpost/wp/2018/06/26/turkey-election/?utm_term=.3c5a6e15031f
الموضوع وقع منك
اكثرت في المط و التشبيه