لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/jddty2lqaybs
سبب إني فتحت سيرة الموضوع ده ببساطة شديدة هو الخناقة حول مسلسل ممالك النار .. علي بلاطة وبمنتهي الوضوح .. أنا مشفتش المسلسل ومش ناوي أشوفه .. المقالة دي معمولة عشان وإنت بتتفرج علي المسلسل تبقي عارف إيه الهبد وإيه الحقيقة؟ وححاول في المقالة دي إني أجاوب علي سؤالين ناس كتير بتسألهم خصوصاً بعد ما اتفرجوا علي مسلسل ممالك النار .. إزاي العثمانيين دخلوا مصر؟ وده اللي حنتكلم عنه في الجزء الأول .. وهل فعلاً السلاطين العثمانيين كانوا بيقتلوا إخواتهم؟ وده اللي حنتكلم عنه في الجزء الثاني .. دول السؤالين اللي أنا بس محتاجك تطلع بيهم من المقالة دي .. من غير ما أطول زيادة عن اللزوم خليني أخش في الموضوع علي طول وأجاوب علي السؤال الأولاني .. إزاي العثمانيين دخلوا مصر؟
كان يا مكان سنة 1514 الشرق الأوسط كان مقسوم بين 3 ممالك .. الدولة الصفوية الشيعية اللي إنت ممكن مجازاً تسميها إيران وبيحكمها الشاه (إسماعيل الأول) .. المماليك اللي إنت أكيد عارف إنهم في مصر ودول كان بيحكمهم (قنصوة الغوري) .. العثمانيين اللي هم الأتراك ووقتها بيحكمهم (سليم الأول) .. أقوي 3 دول مش بس في الشرق الأوسط يمكن في العالم وقتها والحقيقة إن العلاقة بين الدول الثلاثة كانت غريبة جداً ولازم تتفهم .. المماليك من ناحيتهم بيقولوا للعثمانيين يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز عسل منك .. العثمانيين بيقولوا للصفويين فككوا مني أنا أساساً عاجباني أوروبا ونسوان أوروبا ومش عايز أخش الشرق الأوسط أصلاً .. الصفويين مقلقين من العثمانيين وعايزين زي ما بنقول كده يتغدوا بيهم قبل ما العثمانيين يتعشوا بيهم.
علاقة غريبة جداً خلت في الأخر إن سنة 1514 تحصل معركة جالديران بين العثمانيين والصفويين واللي إنتهت بإنتصار العثمانيين وكانت مصيبة سودا فوق دماغ الصفويين لإن بعد المعركة دي (سليم الأول) دخل عاصمتهم تبريز .. ده لوحده كان كفيل إنه يحفر اسم (سليم الأول) بحروف من ذهب في تاريخ العثمانيين بس زي ما حتعرف في الإجابة عن السؤال الثاني العثمانيين نفسهم فيهم مشكلة لسه مكمله معاهم لحد دلوقتي .. لسبب ما الناس دي تسليتها في الحياة يعملوا إنقلابات علي بعض .. دي ناس لو لقوا نفسهم مش لاقيين حاجة يعملوها بيقولوا لنفسهم إيه الملل ده ما تيجي نعمل إنقلاب علي الحاكم .. (سليم الأول) كان عارف إن وجوده كتير بعيد عن العاصمة القسطنطينية أو أسطنبول ممكن يطمع الناس في إنهم يتمردوا عليه .. عشان كده هو قرر إنه ينسحب من تبريز ويرجع تاني جري للقسطنطينية .. صحيح هو خسر تبريز بس كسب شمال إيران وشرق هضبة الأناضول .. لسنين فضلت الدنيا هادية بعد معركة جالديران .. بس كان فيه مشكلة.
علي الحدود بين العثمانيين والمماليك كانت فيه إمارتين صغيرين كان ليهم حق الحكم الذاتي اللي هم إمارة بنو رمضان Ramazanids وإمارة ذلقادر Dulkadir .. تقدر تقول إن وجود الإمارتين دول كان مادة عازلة بين المماليك والعثمانيين .. حاجة كده زي طبقة الزيت اللي بتمنع إحتكاك أجزاء الموتور ببعض في العربيات .. دايماً إفتكر إن لحد المرحلة دي العلاقة بين الإتنين كانت يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز عسل منك .. في صيف 1515 (سليم الأول) قالك الكلام ده مينفعش والإمارتين دول تبعي .. ده كان معناه إن هضبة الأناضول كلها بقت بتاعته .. ومعناه كمان إن عاجلاً أم أجلاً الحرب بين المماليك والعثمانيين جايه .. السؤال كان مين اللي حيولع الشرارة اللي حتحرق الكل؟
(إسماعيل الأول) اللي بفكرك إنه شاه الدولة الصفوية حب يتحالف مع دول أوروبا ضد (سليم الأول) وفعلاً بعت رسله لأوروبا واللي عشان يوصلوا كان لازم يعدوا من أرض المماليك .. المماليك كانوا عارفين الرسل دول رايحين أوروبا ليه؟ ورغم كده سابوهم يعدوا .. لما العثمانيين عرفوا طلبوا من المماليك لو سمحتوا والرسل ده راجعين لبلدهم متخلهومش يعدوا .. المماليك ولا كأنهم سمعوا العثمانيين وسابوا الرسل بتوع الصفويين يرجعوا بلدهم تاني .. العثمانيين كانوا بيشدوا في شعرهم بس يمكن اللي خلي الموضوع يعدي علي خير إن أساساً حكام أوروبا مكانوش عايزين يخشوا في خناقة مع العثمانيين دلوقتي والرسل بتوع (إسماعيل الأول) رجعوا قفاهم يقمر عيش.
سنة 1516 (إسماعيل الأول) بعت جواب ل(قنصوة الغوري) بيعرض عليه إنهم يتحالفوا مع بعض ضد (سليم الأول) .. هنا كان المفروض إن (قنصوة الغوري) يفهم إن (إسماعيل الأول) ده بق وخلاص .. الدولة الصفوية وقتها كانت أضعف من إنها تقف قصاد العثمانيين .. دي نقطة والنقطة التانية إن إختيار التوقيت نفسه كان غلط .. وقتها (سليم الأول) تقريباً مكنتش بينه وبين دول أوروبا أي مشاكل عشان لما تحصل الحرب بين العثمانيين والمماليك واحدة من الدول الأوروبية تقول لنفسها إن دي الفرصة إنهم يضربوا العثمانيين وبالتالي العثمانيين يلاقوا نفسهم بيحاربوا علي 3 جبهات .. الحسابات دي كلها غلط فيها (قنصوه الغوري) وهو بيسحب جيشه وإتحرك بإتجاه سوريا وساب وزيره (طومان باي) في القاهرة.
في إبريل 1516 كان (قنصوة الغوري) وقواته وصلوا لإمارتي بنو رمضان وذلقادر .. ده في الوقت اللي (سليم الأول) سحب كل جيشه من القسطنطينية وجري بإتجاه الإمارتين وقدامه بعت وزيره (سنان باشا) علي طليعة الجيش بس إكتشف إن (قنصوه الغوري) خد قواته وعمل معسكره بين ممر جبلي ضيق مستني الأتراك اللي هي حاجة كده زي إستراتيجية سبارطة ضد الفرس في معركة ثيرموبلاي اللي إنت شفتها في فيلم 300 .. (سنان باشا) ملقاش حل غير إنه يستني (سليم الأول) .. حصل اللي أي حد بيفهم كان متوقعه .. (إسماعيل الأول) مبعتش حد وخاف علي نفسه وساب (قنصوة الغوري) لوحده وده خلي (قنصوة الغوري) يخاف إنه يتحاصر فقرر إنه ينسحب من مكانه ويرجع لمدينة حلب السورية .. (قنصوة الغوري) حاول يقول ل(سليم الأول) إحنا أسفين يا صلاح وبعتله رسول بإتفاق سلام بس كان خلاص الوقت عدي للكلام ده و(سليم الأول) أعدم الرسول.
في أغسطس 1516 حصلت معركة مرج دابق بين العثمانيين والمماليك .. مهم تكون فاهم إن المصادر التاريخية بينهم خناقة كبيرة علي تفاصيل الصراع ده كله وخصوصاً حول معركة مرج دابق دي بالذات .. يعني مثلاً مفيش إجماع علي عدد قوات الجيشين .. التقديرات بتقول إن المماليك كان عددهم ما بين 20,000-50,000 وإن العثمانيين كان تحت إيدهم ما بين 30,000-60,000 .. إنت متخيل نسبة Error عامله إزاي؟ .. بس اللي أقدر أقوله ليك و أنا مستريح إن العقلية العسكرية للعثمانيين و المماليك كانت مختلفة جداً عن بعض .. الحرب دي كانت زي ما تقول كده بين المستقبل و الماضي .. بين الأفكار العسكرية بتاعة القرون اللي فاتت و بين مستقبل المعارك .. العثمانيين العمود الفقري لجيشهم كان سلاح المدفعية لإن ده كان المستقبل .. المماليك علي الناحية الثانية كان عندهم سلاح خيالة جامد زحليقة .. ده سلاح الخيالة اللي هزم المغول في عين جالوت .. و في مرج دابق المستقبل كسب .. في بداية المعركة إشتبك سلاح الخيالة بتاع الجيشين و المماليك أجبروا العثمانيين علي الإنسحاب بس فجأة المماليك لقوا نفسهم قصاد المدفعية العثمانية و قوات الإنكشارية اللي هي كمان مسلحة ببنادق بارود .. خساير الخيالة بتاعة المماليك كانت كارثية لدرجة إن حاكم حلب شاف إن مفيش فايدة و إنسحب بقواته و خد معاه المشاة و ساب (قنصوة الغوري) لوحده في ميدان المعركة وأستشهد فيها .. خساير الجيشين كانت كارثة .. العثمانيين تقريباً مات ليهم 10,000 عسكري و ده رقم كبير مش قليل بس علي الناحية الثانية سلاح الخيالة المملوكي إنتهي.
الوضع كان كارثي للمماليك .. (سليم الأول) قرر إنه محتاج يضمن خطوط إمداده فإستني بقواته في سوريا عشان لسه الأسطول بتاعه حيتحمل بإمدادات و يفضل ماشي بمحاذاة ساحل البحر المتوسط .. بس عشان الأسطول يبحر و هو مطمن ف(سليم الأول) بعت وزيره (سنان باشا) عشان ياخد كل القلاع علي طول ساحل البحر المتوسط .. علي الناحية الثانية (طومان باي) بقي هو سلطان مصر و بدأ يشتغل علي إنه يعمل جيش تاني .. لسبب ما برده (طومان باي) كان مستعجل .. هو بعت طليعة جيشه بسرعة عشان تعطل العثمانيين شوية والجيشين الصغيرين إتقابلوا في خان يونس في فلسطين دلوقتي في أواخر أكتوبر 1516 .. فعلياً انت متقدرش تقول إن المماليك كانوا بيفهموا .. دلوقتي إنت خسرت سلاح الفرسان الجامد زحليقة بتاعك في مرج دابق .. سلاح الفرسان الجديد اللي إنت لسه بتحاول تعمله كله شباب صغير معندوش خبرة .. سلاح المدفعية العثماني يقدر يدمرك في أي ميدان مفتوح .. طب ليه يا بني أدم تبعت جيش عشان يعطل العثمانيين مع إنك عارف إن نسبة نجاحهم قليلة أو شبه معدومة؟ .. معركة خان يونس كانت هي بداية النهاية للمماليك و إنت فعلياً متقدرش تلوم غير (طومان باي) علي غباءه.
بعد معركة خان يونس (طومان باي) إقتنع إن بقاء حكمه مرتبط بدفاعه عن القاهرة .. علي الناحية الثانية الأسطول العثماني كان وصل و بدأ يمشي جنب ساحل البحر المتوسط عشان يفضل يمد جيش (سليم الأول) و اللي في يناير 1517 كان عدي شبه جزيرة سيناء و دخل مصر .. (طومان باي) إستناه في حتة اسمها الريدانية يوم 22 يناير اللي إنت دلوقتي عارفها باسم العباسية في القاهرة .. بس المعركة دي بالذات كانت مختلفة .. (طومان باي) كان إشتري 300 مدفع من دولة فينيسيا اللي هي مدينة البندقية في إيطاليا و وقتها كانت مملكة مستقلة بس كانت فيه مشكلة .. المدفعية سلاح محتاج تدريب كتير و محتاج خبرة و دي حاجة مكنتش في إيد المماليك .. هزيمة المماليك في الريدانية خلت طليعة العثمانيين تدخل القاهرة من غير أي مقاومة تقريباً يوم 26 يناير بس ده كان فخ .. (طومان باي) دخل القاهرة وراهم و دمر طليعة الجيش العثماني في معركة سريعة في شوارع القاهرة .. يوم 27 يناير (سليم الأول) أمر الإنكشارية إنهم يدخلوا القاهرة و كانت معركة من بيت لبيت مات فيها عشرات الالاف من أهل القاهرة .. لحد ما في 2 فبراير العثمانيين سيطروا علي القاهرة في معارك شوارع صدقني لو قلتلك إنها كانت أشبه بمعارك ستالينجراد في الحرب العالمية الثانية .. سكان القاهرة نزلوا يحاربوا العثمانيين بس القوات الإنكشارية كانت مدربة بشكل كويس و مسلحة بشكل عالي .. في مارس 1517 العثمانيين قبضوا علي (طومان باي) و أعدموه يوم 15 إبريل.
مش معني إن مصر بقت تحت حكم العثمانيين إن المماليك إنتهوا .. لا خالص علي فكرة .. كلمة مملوك إن حضرتك بتجيب عبد صغير غالباً مش مسلم من روسيا مثلاً تجيبه مصر تعلمه اللغة العربية و كام لغة تانية و تبدأ تدربه علي فنون القتال .. بإختصار إنت بتعمل جيش من (أدهم صبري) .. حتي بعد ما مصر بقت جزء من الدولة العثمانية فضل المماليك عايشين بيحكموا مصر تحت الحاكم العثماني لمصر و اللي كان تحت إيده حامية مسلحة عثمانية بس دخول العثمانيين لمصر كان له كذا نتيجة تانية ملهمش علاقه بينا أوي .. مبدأياً كده الحرب البحرية بين المماليك و البرتغال خلصت .. اه والله كان زمان فيه حرب بحرية بين المماليك و البرتغال علي مين يسيطر علي طرق التجارة من أول مضيق باب المندب لحد اليمن و شبه الجزيرة العربية و الهند كمان .. إن مصر بقت تحت حكم العثمانيين كان معناه إن الصراع ده خلص و إن اللي واقف قصاد البرتغاليين هم العثمانيين مش المماليك .. دخول مصر فتح الباب للعثمانيين إنهم يدخلوا أفريقيا وانا كنت إتكلمت قبل كده عن واحد اسمه (خير الدين بارباروسا) ده أسس إمارة الجزائر التابعة للعثمانيين .. بس يمكن أهم حاجة حصلت بعد سقوط مصر في إيد العثمانيين إن الخليفة العباسي (المتوكل الثالث) إتقبض عليه و راح قصاد السلطان العثماني (سليمان القانوني) و تنازل عن خلافة المسلمين له .. ده اليوم اللي من بعده الدولة العثمانية بقي اسمها الخلافة العثمانية.
فضل المماليك عايشين في مصر لحد ما إنتهوا خالص بدخول الحملة الفرنسية علي مصر و ده برده موضوع غطيناه هنا .. هزيمة المماليك قصاد العثمانيين لو حتبصلها عسكرياً فهي نتيجة لغباء المماليك و إنهم عاشوا في الماضي قصاد ناس جايه من المستقبل .. في الوقت اللي المماليك تمسكوا أوي بتقاليدهم و مشيوا بمبدأ هذا ما وجدنا عليه أباؤنا و أجدادنا كان العثمانيين جايين بدين جديد .. أنا بتكلم عسكرياً علي فكرة .. جيش فرسان قصاد جيش من اللي شايلين بنادق و معاهم مدفعية ثقيلة .. (قنصوة الغوري) حسبها غلط سياسياً و عسكرياً .. (طومان باي) مفرقش عنه أصل معلش الأهبل مش حيجيب (أينشتاين) يعينه وزير .. حيجيب أهبل زيه .. دخول العثمانيين للقاهرة كان بمذبحة و دي حقيقة مينفعش تنكرها بس اللي أقدر أقوله إن المماليك هم اللي زنوا علي خراب عشهم لما صدقوا إن الصفويين حييجوا يحاربوا معاهم ضد العثمانيين.
المصادر:
- برنامج وثائقي اسمه Ottoman-Mamluk War of 1516-1517 علي YouTube وده لينك الحلقة لو حابين تتفرجوا عليها:
https://www.youtube.com/watch?v=iXHCwmR24_s - مقالة بعنوان Who were the Mamluks نشرت في موقع History Today وده لينك المقالة الأصلية:
ps://www.historytoday.com/miscellanies/who-were-mamluks
كل مرة بتزداد المقالات روعة وإتقان وجمال .. تسلم ايدك 🌹
تسلم ايدك ويا رب تفضل متابع علي طول