تابعونا

الإنشقاق العظيم .. الصراع الأبدي بين الدين والسياسة .. الجزء الثاني.

الحقيقة إن القمع المدعوم من الدولة ضد المسيحيين عمل كذا مشكلة .. يمكن أهم مشكلة فيهم إن المسيحيين نفسهم تعاملوا مع القمع ده بطريقتين .. فيه ناس قالت الشهادة أحب إلينا من الحياة فالناس دي إتسيح دمها ضمن مرحلة إتسمت عصر الشهداء وكتير منهم بعد كده تحولوا لقديسين بأمر من الكنيسة .. بس كتير من المسيحيين قرروا إنهم حيمثلوا قدام الناس إنهم وثنيين بس بينهم وبين نفسهم استمروا مسيحيين .. وفيه ناس تانية خافت علي نفسها وخرجت من الملة أًصلاً خوفاً علي حياتهم ودي قضية حنتكلم عنها بالتفصيل كمان شوية.

12 نوفمبر، 2023 700

تقسيم الإمبراطورية الرومانية .. إنت تاخد حتة وأنا أخد حتة:

(دياكليشين) اللي المصادر التاريخية العربية بتسميه (دقلديانوس) كان فاهم كويس اللي فيها وهو كان عنده الحقيقة كذا إقتناع شخصي:

  • الإقتناع الأولاني إن الإمبراطورية أكبر من إن رجل واحد يحكمها عشان كده هو قرر يقسم الإمبراطورية نصين .. نص غربي مسئول عنه جنرال في الجيش إسمه (ماكسيميان Maximian) إترقي لرتبة إمبراطور صغنون وسمي الرتبة دي قيصر Caesar في حين إن (دياكليشين) حيبقي مسئول عن النص الشرقي من الإمبراطورية بصفته الإمبراطور الكبير وعطي لنفسه لقب أغسطس Augustus.
  • الإقتاع الثاني إن بما إن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الأهم في البلد فلازم البلد كلها تعيش وتنام وتقوم عشان تخدم المؤسسة العسكرية وده إترجم للمهام الأساسية اللي سواء هو أو (ماكسيميان) مكلفين بيها وهي إن الأولوية المطلقة لحماية حدود الإمبراطورية.
  • الإقتناع الثالث هو إن عشان الأولوية بقت لحماية حدود الإمبراطورية فالقوات المسلحة حتحتاج عساكر كتير عشان تقوم بالدور ده وعشان كده (دياكليشين) رجع تاني التجنيد الإجباري عشان يزود عدد القوات المسلحة للضعف تقريباً وكمان بدأ يعيد تسليح الجيش بحيث بقي الإعتماد أكتر علي سلاح الخيالة مش المشاة ومش ده التغيير الوحيد اللي هو عمله بخصوص القوات المسلحة .. فاكر الحرس الإمبراطوري اللي كان بيلعب الكراسي الموسيقية بأرواح الأباطرة؟ .. (دياكليشين) طلع قرار بتحويلهم كلهم لقوات الشرطة بحيث بقت شغلتهم تأمين الشوارع مش تأمين حياة الإمبراطور .. اللي هو بمعني أخر حول الحرس الجمهوري كلهم لوزارة الداخلية.
  • الإقتناع الرابع وده يمكن أهم واحد إن خلاص روما مبقتش هي قلب الإمبراطورية إنما مدن تانية في العالم قريبة من مراكز الثروة .. (دياكليشين) هو اللي أسس مدينة ميلان عشان تبقي قلب شمال إيطاليا النابض .. أسس مدينة تريير Trier في ألمانيا دلوقتي وكمان حط عينه علي مدينة أنطاكية في سوريا  
  • الإقتناع الخامس ويمكن أهم واحد إن كل اللي فات ده حيحتاج فلوس كتير عشان يحصل وده محتاج إنه يفرمط نظام الضرائب الحكومي كله ويعمله من أول وجديد والحقيقة إن نظام الضرائب بتاع (دياكليشين) كان فعال وشغال زي الفل لدرجة إنه فضل مكمل في الإمبراطورية البيزنطية لحد ما السلطان العثماني (محمد الفاتح) فتح القسطنطينية .. الفكرة بمنتهي البساطة إنك حتجيب ناس تبدأ تقيم سعر الأراضي المملوكة للباشاوات اللي معاهم فلوس كل خمس سنين بحيث التقييم الخمسي ده بيحط في إعتباره مساحة الأرض وعدد الناس اللي عايشة عليها وكم المحاصيل الزراعية اللي بيتم إنتاجها بحيث إن المبلغ اللي كل صاحب أرض المفروض يدفعه بيكون معروف للناس كلها .. بمعني .. لنفترض إن ولاية الإسكندرية مثلاً فيها 5 أعيان عندهم أرض .. بيجي المحصل الضريبي يقول لكل واحد فيهم عليك ضريبة قد إيه وكلهم بيكونوا عارفين قيمة ضرايب بعض .. طب لنفترض إن واحد مدفعش .. ساعتها العقوبة بتكون علي الكل يعني الخمسة حيدفعوا غرامة ومش بتكون قليلة .. صحيح إن النظام ده جاب فلوس حلوة للبلد بس كان له تأثير غير مباشر علي المسيحية .. ليه؟ .. دلوقتي الأديان الوثنية الرومانية كانت عايشة علي قفا التبرعات بتاعة الأعيان وأصحاب الأراضي اللي لما نظام الضرايب الجديد بقي يمص دمهم فهو بالتالي بطلوا يتبرعوا للمعابد الوثنية وده خلق حالة فراغ ملتها المسيحية.
تقسيمة الإمبراطورية الرومانية زي ما حطها (دياكليشين) .. البلد حتتقسم نصين: نص شرقي تحت قيادته بصفته الكبير أوي وده المنصب اللي هو سماه أغسطس ونص غربي تحت قيادة (ماكسيميان) بصفته الكبير بس مش أوي وده المنصب اللي (دياكليشين) سماه قيصر.

سنة 302 ورغم كل الإصلاحات والقرارات المبنية علي القناعات الشخصية ل(دياكليشين) بس فضلت فيه حاجة ناقصة .. (ماكسيميان) كان طالع عين أهله في حروبه المستمرة عشان يقضي علي الثورات والتمردات بتاعة القبائل الألمانية في الشمال وخصوصاً في بريطانيا .. رغم كل التقسيمات دي فبرده لسه الإمبراطورية أكبر من إن إتنين بس يحكموها وفي لحظة تجلي بتيجي مع سحب نفس طويل من سيجارة عنابي متلغمة (دياكليشين) طلع للناس بفكرة من زمن الهبد الجميل .. إحنا مش حنقسم الإمبراطورية نصين .. إحنا حنقسمها لأربعة في تقسيمة هو سماها تيتراركي Tetrarchy أو حكم الأربعة .. تطلع إيه البتاعة دي؟ .. فاكر لما (دياكليشين) قسم الإمبراطورية نصين: نص شرقي تحت قيادته وسمي نفسه أغسطس ونص غربي تحت قيادة (ماكسيميان) بصفته قيصر؟ .. لا الدنيا حتتعدل شوية وكلا من (دياكليشين) و(ماكسيميان) حيبقوا أغسطس وكل واحد فيهم حيختار صبي صغير يشتغل معاهم تحت لقب قيصر بحيث التقسيمة كانت كالأتي:

  • النص الغربي فضل تحت قيادة (ماكسيميان) اللي إختار جوز بنته (قسطنطينوس Constantius) بحيث (قسطنطينوس) حيبقي تحت إيده مملكة الغال ومعاها بريطانيا و(ماكسيميان) حيبقي تحت إيده إيطاليا وإسبانيا وشمال أفريقيا.
  • النص الشرقي حيفضل تحت قيادة (دياكليشين) باستثناء البلقان واليونان الي حيديهم لجوز بنته (جاليريوس Galerius) بصفته القيصر بتاع النص الشرقي.
تقسيمة حكم الأربعة أو Tetrarchy زي ما حطها (دياكليشين) .. البلد حيحكمها إتنين كبار كل واحد فيهم منصبه بيتقال عليه أغسطس اللي هم (دياكليشين) شخصياً وحيقعد في مدينة نيقوميديا في تركيا و(ماكسيميان) اللي حيبقي قاعد في مدينة ميلان في شمال إيطاليا .. كل واحد فيهم حيبقي له صبي أو قيصر بحيث (دياكليشين) الصبي بتاعه حيبقي جوز بنته (جاليريوس) اللي حيقعد في مدينة سالونيك في اليونان .. (ماكسيميان) إختار جوز بنته برده (قسطنطينوس) يبقي القيصر بتاعه وحيحكم من مدينة ترير الألمانية.

التقسيمة دي كان هدفها هو إن الشغل اللي مش عايز يخلص المتعلق بتأمين الإمبراطورية بدل ما كان شايله إتنين يشيله أربعة .. ده بالضبط زي لما تبقي شغال في شركة ويجيلكوا مشروع كبير والمدير يقرر يعين ناس Part Time عشان يسدوا مع ضغطة التسليمات .. الفكرة إن التقسيمة دي فعلاً كانت شغالة زي الفل في الأول .. (دياكليشين) باع نفسه للناس علي إنه الرجل بتاع الأمن والأمان .. الرجل اللي حيخلي الناس تنام بليل متطمنة وهو فعلاً إشتغل كتير أوي علي تأمين حدود الدولة الرومانية لحد ما بقي خلاص مبقاش فيه حد الجيوش الرومانية تحاربه .. الأجندة اللي (دياكليشين) جه عشانها إتحققت ولإنه مينفعش يعيش كده من غير تهديد واضح وصريح للأمن القومي يخلي عنده مبرر لبعزقة فلوس الدولة علي القوات المسلحة فهو ملقاش قدامه غير المسيحيين عشان يسيح دمهم والحقيقة إن العلاقة الغريبة بين الدولة الرومانية وبين الديانة المسيحية هي علاقة توكسيك لازم بشكل مبسط أحاول أشرحالك عشان هي فيها حاجة تحسسك إنها مش مفهومة .. شوف يا إبني .. الدولة الرومانية لما كانت بتغزو بلد زي مصر مثلاً فهم كان عندهم مبدأين بس في التعامل مع المصريين وغيرهم .. تدفع الضرائب اللي عليك .. ومتحاوش تثور علي حكمنا .. غير كده شكليات .. أعبد اللي تعبده .. ألبس اللي تلبسه .. كل اللي تاكله .. المهم تدفع اللي عليك ومتهوبش ناحية العساكر بتوعنا .. تحت القاعدتين دول كتير من الديانات عاشت تحت حماية الدولة الرومانية ومحدش سمعلها حس بما فيهم الديانة اليهودية .. بس المسيحية هي فضلت الديانة بنت البطة السودا وده لأسباب لما تفكر فيها تلاقيها منطقية فشخ.

  • بسم الله الرحمن الرحيم كده دي ديانة النبي بتاعها إتقتل بقرار من الحاكم الروماني لفلسطين اللي كان إسمه (بونتيوس بيلاتي Pontius Pilate) والمفروض إنه خد قرار إعدام سيدنا (عيسي) عليه السلام من غير ما يرجع للإمبراطور .. هو إعتبر ده مشكلة داخلية في ولايته وقرر يهبد مع نفسه فطبيعي إن المسيحيين كلهم عن بكرة أبيهم يبصوا لأي حد لابس الزي العسكري الروماني علي إنه اللي قتل النبي بتاعهم.
  • دي ديانة طبيعتها سرية يعني إجتماعات أعضاءها كانت بتتم في السر ودي كانت حاجة معصبة الرومان أوي ومش لوحدهم وحياتك .. أي حكومة قمعية أو ديكتاتورية مش بتحب فكرة إن المواطنين بتوعها يتجمعوا في السر إياكش حتي يكونوا بيعملوا دورة بلاي ستيشن.
  • النقطة الثالثة ودي المهمة إن الدولة الرومانية كان من ضمن تقاليدها عشان تعيش فيها كمواطن إنك لازم تروح قدام تمثال الإمبراطور في قلب المدينة وتتبرك منه وتقدم قربان عبارة عن كوباية خمرة أو شوية رز .. هو تقليد رمزي مش أكتر ولا أقل بإعتبار إن وفق الدستور الروماني فالإمبراطور هو الإله الأعظم .. هو الكبير أوي .. طبعاً دي حاجة مكنتش بتيجي سكة مع المسيحيين .. مش بس كده .. الناس دي لا كانت بتقدم قرابين للإمبراطور ولا للألهة الرومانية الكبيرة في السوق زي سول إنفيكتيس وجوبيتر.
  • نقطة برده مهمة إن الجيوش الرومانية عشان تلاقي عدد يكفي تأمين المساحات الفشيخة للدولة فإنت بتتكلم عن مؤسسة عسكرية بتحرق في عساكر .. دي قوات مسلحة عايزة قد تعداد سكان الإمبراطورية مرتين عشان تخدم في جيوشها المتوزعة في 3 قارات .. فلما يجي المسيحيين اللي عايشين في البلد يقولوا لا والله إنتوا حكومة كافرة بيرأسها شخص إحنا شايفينه ملحد وبالتالي إحنا ميشرفناش ننضم للجيش بتاعكوا فطبيعي إن الحكومة تبص للمسيحيين بصة لا بقي أنتوا جايين تعكروا السلم العام وبتخططوا لقلب نظام الحكم.

لحد ما (دياكليشين) قعد علي الكرسي كان كل من هب ودب يلطشله في المسيحيين شوية بس دي مكنتش سياسة الدولة .. يعني مثلاً .. مرة تهب في دماغ الوثنيين اللي عايشين في البلد يتهجموا علي المسيحيين .. مرة مثلاً الإمبراطور يعمل مصيبة فيقرر يلبسها للمسيحيين زي الإمبراطور (نيرو) اللي حرق العاصمة روما وعشان محدش يقوله سلامات يا أم أحمد طلع إتهم المسيحيين إنهم السبب .. لحد ما جه (دياكليشين) .. الرجل ده كان شايف إن مينفعش الإمبراطورية تعيش من غير عدو .. مينفعش تعيش من غير حد الناس تخاف منه .. فطبيعي إنه بعد ما أمن حدود الإمبراطورية وقبل ما حد يبدأ ينخور وراه فبدأ سياسة تطهير عرقي للمسيحيين من البلد:

  • لإن القوات المسلحة هي المؤسسة الأهم في البلد اللي (دياكليشين) معتمد عليها فهو بدأ بتطهيرها من المسيحيين إنه بدأ يجبر قادة المعسكرات بتاعته إنهم الصبح يوقفوا العساكر بتوعهم طابور وكل عسكري يقدم قربان للإمبراطور بإعتباره الإله الأول للبلد .. العسكري اللي يرفض يقدم القربان يبقي بالتبعية مسيحي وبالتالي حيتم تسريحه من الجيش.
  • الأول (دياكليشين) حب يجرب هو إيه اللي حيحصل لو بدأ يسيح دم المسيحيين .. أصله مينفعش يرميهم مرة واحدة كده في المحرقة .. لازم الموضوع يمشي واحدة واحدة .. هو إختار فئة من المسيحيية اسمها المانوية Manichean وهي ديانة تحسها واخدة شوية من المسيحية وشوية من الزرادشتية وبناء عليه لو الناس دي إتقتلت كلها بكره الصبح حتي المسيحيين نفسهم مش حيزعلوا عليهم وده اللي حصل فعلاً لما (دياكليشين) قبض عليهم كلهم ورماهم في المحرقة هم وكل الكتب بتاعتهم وفي يوم وليلة ديانة كاملة بكل أتباعها وكل ورقها راح.
  • لما محدش فتح بقه بدأ (دياكليشين) يتجرأ أكتر .. نقي أكبر كنيسة في مدينية نيقوميديا اللي تبقي العاصمة بتاعته ومكانها في تركيا دلوقتي وهدها وخلي العساكر يسرقوا كل محتوياتها .. محدش فتح بقه .. قام مطلع قانون بحظر المسيحية وحرق كل الكتب والمخطوطات بتاعتها .. أي حد شغال في الحكومة أو الجيش أو مجلس الشعب وتطلع عليه إشاعة بس إنه مسيحي حيتطرد من منصبه وحيتقبض عليه ويتاخد منه كل أملاكه .. كل مدينة في الإمبراطورية الحاكم بتاعها لازم كل أسبوع يجمع الناس ويشاركوا سوا في قداس تقديم قرابين للألهة وللإمبراطور والمواطن اللي ميجيش بتطير رقبته.

الحقيقة إن القمع المدعوم من الدولة ضد المسيحيين عمل كذا مشكلة .. يمكن أهم مشكلة فيهم إن المسيحيين نفسهم تعاملوا مع القمع ده بطريقتين .. فيه ناس قالت الشهادة أحب إلينا من الحياة فالناس دي إتسيح دمها ضمن مرحلة إتسمت عصر الشهداء وكتير منهم بعد كده تحولوا لقديسين بأمر من الكنيسة .. بس كتير من المسيحيين قرروا إنهم حيمثلوا قدام الناس إنهم وثنيين بس بينهم وبين نفسهم استمروا مسيحيين .. وفيه ناس تانية خافت علي نفسها وخرجت من الملة أًصلاً خوفاً علي حياتهم ودي قضية حنتكلم عنها بالتفصيل كمان شوية .. بس يمكن النقطة الثانية المهمة إنك متنساش إن الإمبراطورية الرومانية مكنش بيحكمها (دياكليشين) لوحده .. إنت بتتكلم عن بلد بيحكمها 4 .. إذا كان النص الشرقي اللي ماسكه (دياكليشين) و (جاليريوس) مطلعين عين المسيحيين ففي النص الغربي الدنيا مكنتش كده أوي .. في النص التاني من الإمبراطورية (ماكسيميان) و(قسطنطينوس) مكنش في دماغهم يجروا ورا المسيحيين زي ما إنت بتجري ورا الفار اللي بخش شقتك ويمكن الإختلاف ده في التعامل مع ما يسمي تهديد المسيحية للأمن القومي الروماني هو اللي قسم الإمبراطورية نصين .. التعامل مع التهديد المسيحي للدولة كانت هي القضية الحساسة اللي فاضلة فلما نصين الإمبراطورية يتعاملوا معاه بطريقتين مختلفتين تماماً فده كان الشرخ اللي قسم الإمبراطورية نصين .. صدمة الفشل إن التقسيمة اللي هو عملها كانت هي السبب ورا إنقسام الإمبراطورية خلت (دياكليشين) سنة 305 يقرر إنه يطلع معاش ويقضي اللي فاضل من عمره في فيلا كبيرة شوية في كرواتيا اللي هو إتولد فيها .. قبل ما يمشي هو عمل قعدة عرب كده مع التيتراركي بحيث اللي كان عايز يعمله هو الأتي:

  • (دياكليشين) و (ماكسيميان) حيطلعوا معاش من منصبهم كأغسطس واللي حيجي مكانهم هم النائبين بتوعهم يعني (جاليريوس) حيبقي أغسطس النص الشرقي من الإمبراطورية و(قسطنطينوس) حيبقي أغسطس النص الغربي من الإمبراطورية.
  • بعد كده (جاليروس) و(قسطنطينيوس) كل واحد فيهم حيختار النائب أو قيصر بتاعه .. كل واحد فيهم إختار ابنه الكبير يبقي القيصر بحيث (قسطنطينوس) إختار ابنه (قسطنطين الأول) و (جاليريوس) إختار ابنه (ماركوس أوريليوس) اللي فيه ناس بتسميه (ماكسينتيوس) عشان تفرقه عن الإمبراطور (ماركوس أوريليوس) اللي كان بيحكم روما وقت ميلاد سيدنا (عيسي) عليه السلام واللي إنت شفته في فيلم Gladiator.

الدنيا تهدي؟ .. لا طبعاً .. بمجرد ما (دياكليشين) و(ماكسيميان) طلعوا معاش قامت حرب أهلية بين (جاليريوس) و(قسطنطينوس) استمرت 3 سنين بعدها (دياكليشين) حاول يتدخل تاني لحل الأزمة بس محصلش نصيب وبعدها (دياكليشين) مات وساب وراه إمبراطورية ماسكة في خناق بعض .. إمبراطورية مش متوحدة زي ما هو كان عايز بالعكس إمبراطورية أهلها رافعين السلاح علي بعض وده خلاه يموت منتحر في فيلته وساب وراه البلد مخضرة سنة 306 .. ولما الأبهات ماتوا العيال مسكت في خناق بعض.

لما (جاليريوس) و(قسطنطينيوس) ماتوا بقي واضح للكل إن الخناقة بين عيالهم (ماركوس أوريليوس) و(قسطنطين) جايه جايه بس هو السؤال إمتي .. (قسطنطين) بحكم إنه الإبن الكبير ل(قسطنطينيوس) فهو إتعين قيصر وكان قاعد في بريطانيا مفخد مستفيد بإن بريطانيا جزيرة وبعيد عن الهري اللي بيحصل في روما فمحدش حيفكر يهوب ناحيته .. علي الناحية الثانية (ماركوس أوريليوس) الإبن الكبير ل(جاليريوس) كان قاعد في روما وفرحان بنفسه أوي إنه قاعد في العاصمة واللي قرر عشان يقنع الناس كلها إنه أحسن واحد قعد علي كرسي الحكم في تاريخ روما من أوله لأخره إنه بدأ يعمل مشاريع بناء في كل حتة .. كل ما يشوف حتة فاضية يبني فيها حاجة .. 6 سنين عمال يبعزق في فلوس الناس علي مباني من كل شكل ولون .. قصور رئاسية بني .. كباري بني .. طرق وماله .. ترميم كل متر في السور اللي بيحمي روما من عينيه الإتنين .. 6 سنين (قسطنطين) مفخد و(ماركوس أوريليوس) بيفرك لحد ما وصلنا لمرحلة إن الناس مبقتش طايقة اللي بيحصل .. هي أه مشاريع حلوة وكل حاجة بس فشخت جيوب الناس من الضرائب اللي بيدفعوها .. أي جاسوس يبعته (قسطنطين) لروما عشان يفهم هي ياتي الدنيا فيها إيه يرجعله بنفس الرد .. الناس جابت أخرها ودي فرصتك لو ناوي تزحف بجيشك علي روما وده اللي حصل سنة 312 لما بدأ يتحرك بجيش قوامه 40,000 مقاتل من بريطانيا لحد ما وصل شمال إيطاليا .. مع كل مدينة يخشها (قسطنطين) يقولهم إيه ده إيه ده لا حول ولا قوة إلا بالله كل دي ضرائب بتدفعوها .. لا ده أنا لما أبقي إمبراطور حخليكوا تدفعوا نصها بس .. مع كل متر جيش (قسطنطين) بيخشه جوه إيطاليا وسمعته وسط الناس بقت إن الرجل ده هو اللي حيحس بالغلابة لو قعد علي الكرسي.

(ماركوس أوريليوس) لإنه شخص مرعوب من فكرة المواجهة المفتوحة فهو فضل إنه يدمر كل الكباري اللي علي نهر التيبر اللي ممكن جيش (قسطنطين) يستخدمها عشان يعبر ويحاصر روما .. عايز شمال إيطاليا خدها بس إنت مش حتهوب ناحية عتبة باب روما لحد ما جت ليلة 27 أكتوبر 312 .. الليلة دي غريبة جداً لإن لو صدقت الحكايات بتاعتها فدي الليلة اللي الإتنين اللي بيتخانقوا علي كرسي روما كل واحد فيهم في منامه جاله حلم خلاه مقتنع بإن مصيره إنه يسيح دم التاني:

  • تاني أرجع وأقولك لو صدقت الحكايات فإنت حتلاقي (قسطنطين) صحي وهو بيقول إن في المنام جاله ربنا وقاله إنه خلي العساكر بتوعك يدهنوا الحرفين كاي Chi و رو Rho ودول يبقوا حرفين في الأبجدية الإغريقية وهم أول حرفين في النطق الإغريقي لكلمة المسيح علي الدروع بتاعتهمودي في حد ذاتها كانت حاجة غريبة لإن واحد (قسطنطين) أساساً كان وثني ومعروف عنه إيمانه بالإله سول إنفيكتيس .. إتنين إن صحيح باباه كان ضابط في الجيش وقت حكم (دياكليشين) بس برده كان معروف عنه معارضته لسياسة الإمبراطور بإعتبار المسيحيين تهديد واضح وصريح للأمن القومي بتاع البلد .. ثلاثة إن الجيش بتاع (قسطنطين) كان ميكس بين العساكر الوثنيين والمسيحيين.
  • في نفس الليلة (ماركوس أوريليوس) راح لمعبد الإله أبولو إله الشمس عند الإغريق في العاصمة روما عشان يطلب نبوءة الكهنة بتوع المعبد .. ياتري هل فيه أمل إنه ينتصر علي (قسطنطين)؟ .. تقريباً الكاهنة اللي في المعبد حبت تقوله الكلام اللي هو عايز يسمعه فقالتله إن النبوءة بتاعة أبولو إن بكره عدو روما حيموت .. (ماركوس) سمع الكلام ده وقرر إن تاني يوم حيزحف بجيشه عشان يواجه (قسطنطين).
حرفي كاي ورو اللي هم الحرفين الأولانيين من كلمة المسيح واللي حلم (قسطنطين) بإن ربنا جاله في المنام وقاله يكتبهم علي دروع العساكر بتوعه بكره في المعركة اللي حسمت مش بس مين يقعد علي الكرسي إنما مستقبل ومصير المسيحية في العالم وهي معركة كوبري ميلفيو.

 يوم 28 أكتوبر 312 بتحصل معركة كوبري ميلفيو Battle of Milvian Bridge .. الكوبري ده كان واحد من الكباري اللي (ماركوس أوريليوس) قرر يحرقها عشان يمنع (قسطنطين) إنه يكمل بقواته لجوه إيطاليا فهو جاب المهندسين بتوعه ورصوا شوية سفن بالطول بحيث السفن دي بقت عاملة زي الكوبري اللي الجيش بتاع (ماركوس أوريليوس) يقدر يعبر عليها .. المعركة دي كانت بين 20,000 مقاتل تحت قيادة (قسطنطين) قصاد 25,000 ورا (ماركوس أوريليوس) واللي عشان هو رص قواته قريب زيادة عن اللزوم من الكوبري فلما الخيالة بتاعة (قسطنطين) أجبرته علي الإنسحاب العشوائي فالخشب بتاع الكوبري مستحملش وزن الجيش كله وهو بيجري خوفاً علي حياته وإنهار ومات (ماركوس أوريليوس) غرقان تحت تأثير وزن الدروع بتاعته .. .. هوبا (قسطنطين) إنتصر .. هوبا كل القوانين اللي كانت دايسة علي وش المسيحيين إتشالت .. وهنا إنت مهم تفهم نقطة مهمة جداً إن ربنا لما بعت (قسطنطين) للمسيحيين فهو مش بس رحمهم من الإضطهاد إنما بسببه المسيحية عاشت أصلاً وكبرت وبقت الديانة الأكبر علي الأرض دلوقتي .. ليه أنا بقول كده؟ .. الأرقام حتفهمك:

دلوقتي في عز أزمة القرن الثالث وفي عز ما كان الرومان بيعتنقوا المسيحية بأعداد شبه الناس اللي شايفه إن (جود بيلينجهام) سبحان الله يعني بقي أحسن من (زين الدين زيدان) فبرده نسبة المسيحيين من إجمالي تعداد سكان الإمبراطورية الرومانية مكانوش يجيبوا فوق 10% .. خلال 40 سنة بس نسبة المسيحيين من سكان الإمبراطورية بقت النص تقريباً .. خطوات زي إعلان ميلان Edict of Milan سنة 313 ميلادي يدوبك بعد سنة واحدة بس من إنتصاره في معركة كوبري ميلفيو الإمبراطور (قسطنطين) بدأ يحط قدام الناس قدام واقع جديد وهو إن المسيحية بقت ديانة معترف بيها من الدولة .. بس مع ده بدأت تظهر المشكلة اللي إتكلمت عنها في البداية خالص .. الفقه .. الدين ما هو إلا نص أدبي يعني عبارة عن كلام ربنا باعته لينا .. حلو .. النص الأدبي ده بيجي عن طريق وحي بينزل علي نبي بحيث النبي ده بيكون هو الوصلة الرئيسية بين ربنا وبين البشر .. جميل .. لما البشر بيعطلوا في حتة أو بيختلفوا علي حاجة مفيش أسهل من إنك تروح للنبي تخبط علي باب بيته تسأله هي البتاعة دي بتتحل إزاي .. رائع .. المشكلة بتبدأ تظهر بعد وفاة النبي ده لإن ساعتها مش بيبقي فيه وصلة أو Link بين البشر وبين ربنا وبالتالي النص الأدبي بيبقي متاح لأي حد يفسره زي ما هو عايز ودي بتبقي البداية بتاعة ظهور المذاهب .. المذاهب ما هي إلا ناس ليهم نفس الديانة بس مختلفين علي تفسير حاجات في الدين والحقيقة إن (قسطنطين) يمكن كان ساذج أو معندوش الحكمة الكافية إنه يتوقع ده .. (قسطنطين) كان متخيل إنه حيبقي حاكم القوة العظمي الأولي في العالم وتحت إيده أقوي سلاح ممكن حد يتخيله .. الدين .. هو مبقاش محتاج يغزو بلد عسكرياً عشان يضمها ليه .. كفاية إنه يبعتلهم كام قسيس ينشروا المسيحية وخلال كام سنة البلد دي حتيجي طواعية تقوله تعالي أحكمنا .. (قسطنطين) كان متخيل إنه لما يعتبر المسيحية مش بس ديانة معترف بيها إنما الديانة المدعومة من الدولة فهو بكده بيدي مفتاح السيطرة علي العالم للكنيسة وكان عنده أمل إن الكنيسة تبقي بالوعي الكافي إنها تستخدم المفتاح ده بحكمة بس ده محصلش .. اللي حصل هو سلسلة ورا بعضها من الإنشقاقات اللي ملهاش غير تفسير واحد وهو إن كل واحد بدأ يفسر النص علي مزاجه.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!