تابعونا

الإنشقاق العظيم .. الصراع الأبدي بين الدين والسياسة .. الجزء الثالث.

زي ما أزمة قرطاجة كان أساسها هو خناقة حول تفسير النص وإزاي قضية دينية إختلفت فيها الأراء كانت السبب في شرخ فضل مكمل من أول حياة الإمبراطور (قسطنطين) لحد الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا فبرده حصل في الإسكندرية المرة دي خناقة بس أكبر سيكا .. خناقة حولين واحد من أهم المباديء اللي إتبنت عليها العقيدة المسيحية اللي هي الثالوث المقدس أو Holy Trinity وكان بطلها كاهن مسيحي عايش في الإسكندرية إسمه (أريوس Arias).

20 نوفمبر، 2023 612

قرطاجة .. أزمة الخارجين من الملة:

أول قضية حصل عليها إختلاف كبير بين المسيحيين هو معلش إحنا حنعمل إيه مع الناس اللي خرجت من الملة وقت الإضطهاد .. يعني إيه السؤال ده؟ .. دلوقتي حضرتك قررت تبقي مسيحي وتؤمن بتعاليم سيدنا (عيسي) عليه السلام بس لما صحيت الصبح لقيت الحكومة بتقولك يا المسيحية يا حياتك فإنت بكل أدب قلت فين أقرب معبد وثني أروح أتعبد فيه .. فيه ناس كانوا قساوسة كمان خافوا علي حياتهم وعلي حياة عائلاتهم وخرجوا من الملة مش لسبب غير إن مرحلة الإضهاد اللي عاشها المسيحيين كانت مرعبة .. فجأة الحياة بقت حلوة تحت حكم (قسطنطين) والمسيحيين مبقوش يستخبوا زي زمان .. فالسؤال دلوقتي .. الناس اللي خرجت من الملة دي ينفع تتوب؟ .. هل ينفع نعتبرهم مسيحيين تاني؟ .. لو ينفع طب الناس اللي ضحت بحياتها عشان خاطر الدين ده زي (إغناطيوس) نعمل معاهم إيه؟

السؤال ده بدأ يظهر ويتسأل والناس تتخانق عليه بعد ما تم إختيار واحد اسمه (سيسليان Caecilian) الكنيسة إختارته يبقي أسقف قرطاجة اللي هي في تونس دلوقتي .. المشكلة إن الأخ (سيسيليان) ده كان من الناس اللي أعلنت كفرها بالمسيحية تحت تهديد الإضهاد الروماني واللي بقي يتقال عليهم في البلد تجار الدين Traditor يعني الناس اللي لما الحكومة قالتلهم يا تكفر يا ندبحك فهو بكل سلام نفسي سلم الحكومة كل الكتب والورق اللي بتدعوا للمسيحية .. وده كان السبب إن ناس كتير شافت إن معلش يعني مينفعش حد زي (سيسيليان) ده يبقي أسقف والحقيقة إن يمكن الناس دي كان عندها حق في نقطة .. لو كنت نزلت الشارع في أي ولاية رومانية تعجبك سواء في فرنسا أو إسبانيا أو اليونان أو تركيا حتلاقي الناس العادية في الشارع مش ضد إنها ترحب بعودة الخارجين من الملة بس وجهة النظر دي بتبدأ تتغير لما تنزل تحت شوية لما تخش مصر وشمال أفريقيا .. الناس دي إتداس علي وشها جامد وقت إضطهاد الدولة الرومانية للمسيحيين في فترة حكم (دياكليشين) وبالتالي معندهمش أي استعداد لتقديم أي تنازلات .. الناس دي ضحت بحياتها عشان خاطر إيمانهم بالمسيحية فلما الدنيا تبقي حلوة فالناس اللي هربت مش حيبقي مسموح ليها إنها تمشي في الشارع كده عادي .. لازم يبقي فيه ثمن يتدفع .. فلما إنت تيجي وتعين عليهم أسقف من الهربانين دول فطبيعي إنك تلاقي الشارع بيغلي لدرجة إن الناس إختارت أسقف تاني خالص في قرطاجة اسمه (دوناتوس Donatus).

طبيعي إن ده يعمل مشاكل .. تخيل بس إن يتعين شيخ أزهر وتلاقي إن الناس نزلت الشارع تتظاهر ضده عشان مش بس مش عايزينه إنما هم أساساً إختاروا شيخ أزهر تاني خالص وشايفين إن اللي هم إختاروه ده أحق بالمنصب .. جوابات تروح وجوابات تيجي .. وفود تسافر ووفود ترجع .. لحد ما (دوناتوس) قرر إنه يجري حاجة لو هو بعت جواب للإمبراطور (قسطنطين) شخصياً يسأله إنه يتدخل لحل الأزمة؟ وهنا إنت محتاج يتشرحلك مبدأ من أهم مباديء الحياة .. مبدأ السابقة التاريخية .. يعني إيه البتاع ده .. إنت ممكن تكون شغال في شركة متاخد عنها سمعة في السوق إنها مش بتمشي حد .. هي السمعة دي جت من إن أصحاب الشركة ملقوش نفسهم مضطرين ياخدوا القرار ده ضد حد ومع مرور السنين الناس تخيلت إن ده جزء من سياسات الشركة بس ده مكنش حقيقي .. وفي نفس الوقت أصحاب الشركة بقوا علي علم بالسمعة المتاخدة عن شركتهم فمش عايزين يوسخوها .. لحد ما بيجي الموظف اللي أمه داعية عليه اللي يعمل القدر الكافي من المشاكل إنه يبقي مُبرر إنه يطلع ضده قرار الرفد .. دي بتبقي السابقة التاريخية .. اللي هو إحنا كنا بنقول زمان مش حيحصل وأديه حصل .. من ساعتها جوابات الرفد بقت بتطلع زي إيميلات التهنئة بعيد ميلاد الموظفين كده .. لما (دوناتوس) بعت الجواب ده للإمبراطور كان العُرف أو السمعة المتاخدة عن البلد إن فيه مايسمي فصل الدين عن الدولة .. الإمبراطور مش بيقول للناس تعبد ربنا إزاي وفي نفس الوقت الكنيسة مش بتقول للإمبراطور يحكم إزاي .. بمعني أخر كل واحد ماشي في حارته .. لحد ما الجواب بتاع (دوناتوس) ده بقي في إيد (قسطنطين) واللي قرر إنه يحط مناخيره في حاجة مكنش المفروض يتدخل فيها.

(قسطنطين) قرر إنه حيتعمل محاكمة ل(دوناتوس) بحيث القضاة بتوع المحاكمة دي حيكونوا أسقف مدينة روما ومعاه 3 أساقفة تانيين من  حته إسمها الغال اللي هي البلد اللي إنت عارفها دلوقتي باسم فرنسا والأساقفة الثلاثة (قسطنطين) هو اللي حيختارهم بنفسه عشان يضمن حيادهم خصوصاً إن زي ما قلتلك دي أزمة متعلقة بمنصب أسقف تونس فطبيعي إن أساقفة فرنسا ميكونوش عارفين هي تونس فين أصلاً علي الخريطة .. اللي (قسطنطين) مكانش يعرفه إن لما (دوناتوس) وصل روما إكتشف إن الأسقف بتاع روما من نفسه كده زود علي لجنة القضاة في المحاكمة 15 أسقف كمان من رجالته وطبعاً لك أن تتخيل الدنيا مشيت إزاي في الحكم .. مش بس قضية (دوناتوس) إترفضت ده كمان طلع قرار بإعتباره هو وأنصاره إنهم هراطقة اللي هو بمعني أخر كفرة .. (دوناتوس) يسكت .. لا طبعاً .. بعت جواب تاني للإمبراطور قاله فيها يا أسطي المحاكمة كان فيها 15 أسقف تاني إتعينوا من ورا ظهرك ودي مكانتش محاكمة عادلة زي ما إنت وعدتني .. (قسطنطين) شاف إن الرجل عنده حق وعمله محاكمة تانية القضاة بتوعها كانوا كوكتيل أساقفة من الإمبراطورية كلها وكلاكيت تاني مرة الحكم طلع برفض قضية (دوناتوس) وتقدر تقول إن القشة اللي قسمت ظهر البعير هي إصرار (دوناتوس) إن فيه خطايا مينفعش فيها التوبة مهما حصل وأهم خطيئة فيهم هي الكفر أو إنكار الملة عشان خاطر إنت كنت خايف علي حياتك .. المهم إن بعد المحاكمة التانية (دوناتوس) رجع تاني تونس ويقال إنه هو وأفكاره من بعده فضلوا عايشين ومكملين ويمكن بسبب إن الكنيسة المسيحية بتاعة أنصاره اللي كانوا شايفين إن العلاقة التوكسيك بين الدولة البيزنطية والكنيسة مينفعش تكمل كانوا هم السبب ورا الإنهيار السريع للوجود البيزنطي قدام الزحف الإسلامي لشمال أفريقيا.

الإسكندرية .. أزمة الثالوث المقدس:

زي ما أزمة قرطاجة كان أساسها هو خناقة حول تفسير النص وإزاي قضية دينية إختلفت فيها الأراء كانت السبب في شرخ فضل مكمل من أول حياة الإمبراطور (قسطنطين) لحد الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا فبرده حصل في الإسكندرية المرة دي خناقة بس أكبر سيكا .. خناقة حولين واحد من أهم المباديء اللي إتبنت عليها العقيدة المسيحية اللي هي الثالوث المقدس أو Holy Trinity وكان بطلها كاهن مسيحي عايش في الإسكندرية إسمه (أريوس Arias) .. دي خناقة إتكتب فيها مجلدات وبقالها فوق ال200 سنة عليها خلاف فبطيعي إني مديهاش حقها في مقالة بس عشان تتشرحلك في أبسط صورها فحاول تتخيل إن فكرة الثالوث المقدس هي الأتي .. ربنا بإعتباره الأب وسيدنا (عيسي) عليه السلام بإعتباره الإبن وسيدنا (جبريل) عليه السلام بإعتباره الروح القدس هم الثلاثة ميكس حاجة واحدة في بعض .. يعني إيه الكلام ده؟ .. يعني إن فيه حاجة ليها 3 نسخ .. النسخة الأولانية هي ربنا في صورة الأب وده قاعد في الجنة .. النسخة الثانية هي ربنا برده في صورة الروح القدس وده مكانه الأرض .. النسخة الثالثة هي ربنا برده بس في صورة الإبن اللي هو سيدنا (عيسي) .. ده معناه إن عندك حاجة واحدة ب3 نسخ أو 3 صور مختلفة ملهمش علاقة ببعض .. لو مش فاهم أوي مش مشكلة لإن أساساً فكرة الثالوث المقدس دي من أكتر الأفكار اللي عليها خناقة في العقيدة المسيحية كلها والهدف من إني شرحتلك الفكرة مش إنك تفهمها قد ما هو إنك تبقي فاهم هو إيه الفرق بين اللي قاله (أريوس) وبين الفكر اللي كان منتشر بين الناس وقتها.

اللي كان بيقوله (أريوس) هو معلش يعني عشان ربنا في صورة الأب ظهر زمنياً قبل ربنا في صورة الإبن وده طبيعي فده معناه إن مينفعش يتقال إن ربنا الإبن يبقي زيه زي ربنا الأب .. فيه كتير منكوا دلوقتي بيهرش في شعره وبيسأل نفسه معلش يعني هي فرقت إيه وده سؤال منطقي جداً وتقريباً ده نفس اللي فكر فيه أسقف الإسكندرية وقتها إنه تخيل إن اللي بيقوله (أريوس) ده مش كلام يستحق إنك تقف قدامه وتناقشه بس سبحان الله الفكرة بدأت تكبر وتكبر وتكبر وبقت تعمل مشاكل في الكنايس وده اللي خلي أسقف الإسكندرية يعمل ملتقي ديني يخرج بقرار بإعتبار الفكر الأريوسي ده إنه هرطقة .. طبعاً القرار ده فتح بكابورت تمردات وثورات ما يعلم بيها إلا ربنا لدرجة إن (قسطنطين) من قرفه من اللي بيحصل قالهم بااااااااس .. أنا سبتكوا تحاولوا تحلوا مشاكلكوا بينكوا وبين بعضيكوا علي أمل إنكوا تتصرفوا كناس كبيرة بس ده محصلش فمعلش بقي سيبوني أنا أفك الاشتباك ده .. الإمبراطور قرر إنه يعمل مجلس عالمي لكل الطوائف والمذاهب المسيحية عشان كل القضايا اللي عليها خلاف دي تتحل مرة واحدة وقولاً واحداً والمجلس ده كان مجلس نيقيا Council of Nicaea وبتتنطق نايسيا بالإنجليزي خلي بالك ومهم تبقي فاهم إن المبرر ورا المجلس ده كان إن (قسطنطين) يمكن لسذاجته ويمكن لإنه بحكم كونه قائد عسكري فهو مش متعود يوجع دماغه بقضايا فلسفية دينية معقدة فكان عايز يخلص .. هو كان متخيل إن لما مذاهب دينية بينها إختلافات في تفسير النص الديني تقعد مع بعضها كام يوم فهم بقدرة قادر حيقدروا يوصلوا لحل وسط يرضي جميع الأطراف .. هو حقيقي كان ساذج للدرجة دي .. تاني يمكن عشان إحنا في العصر اللي إحنا عايشين فيه عندنا قدرة أكتر شوية لفهم يعني إيه صراع ديني بس في الوقت ده معداش علي البشر موقف زي ده قبل كده .. موقف إن فيه دين كلنا بنؤمن بيه .. فيه نبي كلنا مصدقين الوحي اللي نزل عليه .. بس في نفس الوقت مختلفين في قضايا كتير داخل هذا الدين .. هذا ما لم نسمع به من قبل.

مجلس نيقيا كان المفروض يناقش كل القضايا الخلافية في العقيدة المسيحية .. من أول هو عيد الفصح إمتي لحنعمل إيه مع أتباع الدوسيتية لحد هو ياتري تقسيمة الكنيسة من جوه حتبقي عاملة إزاي .. إزاي نختار القساوسة .. بس كل ده حمادة .. كل القضايا دي كوم .. والإجابة عن سؤال حنعمل إيه في الفكر الأريوسي ده كوم تاني خالص .. دي القضية اللي إحنا مينفعش نخلص المجلس من غير ما نطلع حالينها .. دي القضية اللي عشانها 316 أسقف من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية جم تركيا عشان يتناقشوا فيها في ربيع 325 ميلادي .. الأيام بقت أسابيع .. الأسابيع بقت شهور .. أغلب القضايا الأساقفة وصلوا ليها لحل وسط ما عدا القضية المهمة اللي الناس في المجلس إتقسمت فيها نصين .. نصين مكانوش طايقين بعض:

  • النص الأولاني هم الناس اللي مقتنعة بالفكر الأريوسي وعلي رأسهم (أريوس السكندري) شخصياً.
  • النص الثاني بقيادة واحد اسمه (أثناسيوس Athanasius) .. ده كان بطرك الإسكندرية اللي ظهرت فيها الفكر الأريوسي وبناء عليه هو كان واخد الموضوع بشكل شخصي لإنه شايف إن إنتشار الفكر الأريوسي دي حاجة وحشة في حقه هو شخصياً لإن المجلس والصداع ده كله إتعمل عشان هو معرفش يسيطر علي فكر غريب ظهر في الديانة المسيحية وبالتالي هو حالف مية يمين إنه مش حيقدم أي تنازل ولو بجنيه حتي للأريوسيين.

التقسيمة دي حطت (قسطنطين) في موقف زي الزفت .. هو كل شوية يفكر الناس يا جماعة كلنا مسيحيين هنا .. يا جماعة اللي بينا حاجات كتير مشتركة مش حتيجي قضية واحدة مهما كانت هي إيه تكرهنا في بعض .. هو كان عامل زي الفنانة (يسرا) وهي بتغني حب روح للناس يا حب خلي الناس تحب .. ده قصاد إتنين مشخصنين الموضوع ومعتبرينه في وشهم .. وسط كل ده (أثناسيوس) شاط كورة بوش رجله الخارجي مقشرة في المقص .. وسط كلامه بدأ يستخدم مصطلح غريب جداً اسمه هومو-أوسيان Homoousian  ودي كلمة لاتيني معناها شبه بعض .. ليه الكلمة دي غريبة دي .. دي كانت بتستخدم كتير في الكتب بتاعة الأريوسيين عشان يتريقوا بيها علي الناس المؤمنين بالثالوث المقدس واللي شايفين إن ربنا الأب وربنا الإبن هم وجهين لعملة واحدة مفيش فرق بينهم .. صحيح هم نسختين غير بعض لنفس الشيء بس مفيش أفضلية لنسخة فيهم علي الثانية .. وبناء عليه (أريوس) ورجالته عمرهم ما حيوافقوا علي أي مقترح تتحط فيه كلمة Homoousian لإن دي كلمة هم كانوا بيستخدموا للتريقة علي فكر الناس اللي زي (أثناسيوس) .. فجأة الكلام مبقاش إن فيه إتنين منشفين دماغهم .. الكلام بقي إن فيه طرف قدم تنازل بس الطرف الثاني هو اللي منشف دماغة .. مجرد لعب بالألفاظ .. طريقة جديدة لصياغة فكرك بكلمة مختلفة خلت كفة (أثناسيوس) تميل في مجمع نيقيا .. كتير من الناس اللي كانت بتتحسب علي الفكر الأريوسي لما لقت كفة الميزان بتميل هربوا من الهزيمة زي الناس اللي كانت بتهرب من التيتانيك .. من 316 أسقف اللي حضروا مجلس نيقيا فيه 4 بس هم اللي رفضوا يمضوا علي ما يسمي قانون الإيمان أو العقيدة النيقية Nicaean Creed اللي هو الحاجات اللي الناس إتفقت عليها من كل القضايا الخلافية اللي إتعرضت في المجلس وهم كانوا (أريوس) نفسه وبطرك وإتنين أساقفة .. الكلام خلص علي إن الأريوسية دي هرقطة واللي يروج ليها أو ينشرها معرض إنه يتنفي خالص بره البلد .. فعلياً (قسطنطين) كان ناقص يقول لنفسه يا أرض إتهدي ما عليكي قدي .. أنا اللي جبت الخلاف المسيحي في شوال .. غلبان أوي (قسطنطين) ده.

جري الشريط كام شهر وجت لستة الناس اللي المفروض يطلع ضدهم قرار النفي لإنهم لسه مؤمنين بالفكر الأريوسي عشان الإمبراطور يمضي عليها .. الرجل بيبص في الأسامي لقي فيهم واحد اسمه (يوسيبياس Eusebius) .. معلومة رقم واحد إن (يوسيبياس) كان من قرايب الإمبراطور وكان واحد من مستشاريه يعني واحد من حاشيته .. معلومة رقم إتنين إنه كان الأنتيم بتاع أخت الإمبراطور .. حط المعلومتين دول جنب بعض حتلاقي نفسك قدام المثل اللي بيقول اللي له ظهر مبيضربش علي بطنه .. (قسطنطين) بالكوسة كده منفاش (يوسيبياس) اللي فضل يزن فوق دماغ (قسطنطين) إن ليه لا يسيب الأريوسيين يتعايشوا في سلام مع باقي الناس اللي مؤمنة بالثالوث المقدس .. (يوسيبياس) برده مكنش سالك .. هو كان عارف إن (قسطنطين) مش في دماغة الكلام بتاع مين ربنا ومين البني أدم ومين الروح القدس ولا فارق معاه أصلاً الكلام ده .. هو عايز يحكم بلد المجتمع بتاعها ميكونش بيحارب بعضه .. هو عايز يحكم ناس متكونش مش طايقة بعض .. هو عايز مجتمع فيه ناس عارفه تعيش مع بعض .. ده كان طموحه واللي هو عايزه وعشان كده (يوسيبياس) باعله فكرة إن ده مش حيحصل لو إنت قلت إن الأريوسيين يتنفوا و الثالوثيين يقعدوا .. لو عايز الناس تبقي سمن علي عسل مع بعض يبقي لازم الأريوسيين اللي إتنفوا يرجعوا .. بس في نفس الوقت (يوسيبياس) من تحت الطرابيزة كان بينخرب ورا (أثناسيوس) عشان يوديه ورا الشمس وده اللي حصل فعلاً إن (أثناسيوس) إتلفقتله تهمة وإتحبس و(أريوس) رجع من المنفي .. وعلي فكرة يُقال إن علي فراش الموت (قسطنطين) إتعمد علي إيد (يوسيبياس) .. بس كل ده مش مهم .. المهم هو اللي حصل بعد كده لإن (يوسيبياس) ده مش سالك لدرجة إنه كان السبب إن بعد وفاته بمئات السنين الإمبراطورية الرومانية تتقسم نصين .. اللي حصل إن (يوسيبياس) إختار واحد من القوط اسمه (أولفيلاس Ulfilas) عشان يسافر ينشر الفكر الأريوسي وسط القوط اللي كانوا عايشين في فرنسا وألمانيا وأسبانيا ودي كانت بداية الإنهيار.

القسطنطينية .. اللي فات سخن اللي جاي بيرطب:

خليني أقولك من دلوقتي إن التاريخ ما هو إلا نتاج العلاقة التوكسيك بين السياسة والدين ويمكن عشان إنت ممكن تضايق من الرأي ده فخليني أحطك قدام خريطة العالم سنة 440 ميلادي يعني بتتكلم عن تقريبا بعد 125 سنة من ختام مجلس نيقيا .. إنت قدام عن إمبراطورية خسرت بريطانيا .. خسرت فرنسا .. خسرت إسبانيا وحتي خسرت حتت كتير من شمال أفريقيا والمشكلة إن الإمبراطورية المسيحية مخسرتش الأراضي دي لحساب إمبراطورية تانية .. لا خالص .. هي خسرتها لحساب قبائل مسيحية برده بس مؤمنة بالمسيحية الأريوسية .. شوية وجم الهان جابوا عاليها واطيها .. كان فيه أمل عند الناس إن الإمبراطورية الشرقية تشد حيلها معانا شوية وتيجي تلحق الغرب .. يمكن ساعتها القسطنطينية نفتحها تاني علي روما وترجع تاني الإمبراطورية الرومانية لمجدها خصوصاً إن صحيح الضررالعسكري لغزو الهان كان كبير جداً في الغرب بس الإمبراطورية البيزنطية قدرت تتفادي أي خناقة مع الهان بإنها كانت بتدفعلهم فلوس .. فلوس كتير .. كتير أوي .. بس الفلوس تقدر تعوضها بالريع اللي بيجيلك من ولايات عندها خير كتير زي الشام ومصر .. لكن الأمل ده إن الإمبراطور (ثيوديسيوس الثاني) يكتب اسمه بحروف من نور في كتب التاريخ إتبخر مش لسبب عسكري ولا سياسي .. إنما سبب ديني .. بإختصار (ثيوديسيوس الثاني) كان بيحكم بلد شعبها مش طايق نفسه .. بلد مجتمعها بيكفر بعضه.

كان يا مكان كان فيه كاهن اسمه (نستور) أو (نستوريوس Nestorius) وهو كان من القريبين من الإمبراطور (ثيوديسيوس الثاني) وعشان كده الإمبراطور إختاره يبقي بطرك القسطنطينية ودي كانت اكبر ترقية ممكن أي حد ياخدها في الكهنوت المسيحي وقتها .. ده كان زي إنك تتعين شيخ الأزهر كده اللي هو خلاص إنت قفلت اللعبة .. المهم .. الأخ (نستوريوس) ده في يوم أسود دخل في خناقة ملهاش أي تلاتين لازمة وفي الخناقة دي هبد هبداية عابرة للقارات إن سيدنا (عيسي) عليه السلام له نسختين ملهمش علاقة ببعض واحدة فيهم أدمية والثانية روحانية وده الفكر اللي بعد كده بقي بيتقال عليه النسطورية Nestorianism .. الكلام ده مجاش سكة مع كذا حد الحقيقة:

  • ناس تانية شايفة إن لا هو صحيح سيدنا (عيسي) له نسختين بس مش منفصلين عن بعض .. بمعني أخر .. هو بني أدم كامل وفي نفس الوقت إله كامل متعايشين مع بعض في نفس الحيز والناس دي حتتسمي بعد كده المسيحية الخلقيدونية Chalcedonian Christianity وحنعرف ليه إتسموا كده كمان شوية.
  • ناس تالتة شايفة إن لا معلش سيدنا (عيسي) له طبيعة واحدة اللي هي إله وبشر ودي الناس اللي بقي بتقال عليها أتباع مونوفيزية Monophysitism.

وده حضرتك تبقي الخناقة بتاعة الإنشقاق العظيم .. إنت قصاد 3 أراء أو 3 وجهات نظر .. هل سيدنا (عيسي) عليه السلام له طبيعتين منفصلين عن بعض وده اللي بتقوله النسطورية Nestorianism .. هل له طبيعتين متوحدين مع بعض وده اللي بتقوله المسيحية الخلقيدونية Chalcedonian Christianity .. ولا له طبيعة واحدة ميكس بين الإتنين وده اللي بتقوله المسيحية المونوفيزية Monophysitism .. نيجي بقي نفهم إزاي ال3 أراء دول مسكوا في رقاب بعض.

أول قلم إتضرب في الخناقة ضربه واحد اسمه (كيرلس الأول Cyril of Alexandria) وده كان بطرك الأسكندرية طلع قال إن معلش يعني الكلام بتاع النسطورية ده هرطقة وكلام فارغ .. متنساش إن (نستوريوس) اللي بدأ النسطورية ده كان يبقي بطرك القسطنطينية فأتباعه معجبهمش إن واحد أسكندراني يطلع يقول علي البطرك بتاعهم كلام وحش .. (كيرلس الأول) بعت جواب لبابا الفاتيكان يسأله رأيك إيه في الكلام الماسخ اللي بيتقال ده فكان رد البابا إن معلش يعني إحنا عندنا مشاكل أكبر من كده بكتير .. الهان مطلعين أيماناتنا كلنا هنا .. بص أبعت جواب ل(نستوريوس) قوله إنك حتطلع ضده قرار الحرمان لو مرجعش عن كلامه خلال مدة 10 أيام .. قرار الحرمان ده أو Ex-Communication زي ما تقول كده إنه بيخلي الناس تعملك بلوك يعني لو إنت ماشي في الشارع وقلت السلام عليكم لحد فالمفروض إنه ميردش عليك السلام .. لو رحت تشتري حاجة فالمفروض البياع يشوفك وميبيعلكش حاجة .. طبعاً (نستوريوس) قرأ الجواب بتاع (كيرلس الأول) ومعجبوش الكلام قام باعت للإمبراطور (ثيوديسيوس الثاني) يقوله إحنا نعمل مجلس في القسطنطينية عشان نحل الأزمة دي بس طبعاً هو كان ناوي يحلها بطريقة تخلي الناس كلها تطلع تقول إن (كيرلس الأول) غلطان.

ثاني قلم إتضرب في الخناقة إن لما المجلس إتعمل فيه وفود كتير إتأخرت .. إنت عارف بقي زحمة السكة وكده .. ده عطي وقت ل(كيرلس الأول) إنه يلف علي الوفود اللي جت بدري يكسبها لصفه .. لما بقي معاه عدد كافي من التأييد (كيرلس الأول) طلع أعلن نفسه هو اللي حيدير المجلس وإن الكلمة كلمته والشورة شورته بحكم إن معاه أغلبية أصوات الحضور .. (نستوريوس) الكلام معجبوش علي أساس إن الوفد بتاع القسطنطينية وبتاع أنطاكية لسه مجاش ودي الناس اللي في ظهره .. الوفود اللي كانت وصلت ومؤيدة ل(نستوريوس) عملت مظاهرة عشان تقول فيها جواز عتريس من فؤادة باطل .. وسط التوتر اللي مالي المجلس فجه ممثل الإمبراطور حاول يهدي الناس وإتكلم مع (كيرلس الأول) إنه عشان خاطري أجل بس الإجتماع 4 أيام لحد ما الوفود بتاعة أنطاكية تيجي والمجلس يكمل .. (كيرلس الأول) يسكت؟ .. تيجي إزاي .. هو خلي ممثل الإمبراطور يقف قدام الناس ويقرالهم الجواب اللي كتبه الإمبراطور بخط إيده للمجلس قبل ما يبدأ واللي إتقال فيه نصاً إن ياريت الخناقة دي تخلص بسرعة عشان خاطر مصلحة الإمبراطورية واللي ملهاش ترجمة غير إن المجلس يبدأ من غير تأخير .. طبعاً الجملة الأخيرة دي خلت الناس كلها تحط جزمة في بقها وبما إن (كيرلس الأول) كان هو اللي بيدير المجلس فطلع قرار الحرمان ضد (نستوريوس) أسرع من لوية بوز مراتك لما بيطلع بعد ما تقولها مليش مزاج أخرج النهاردة .. شوية والوفود بتاعة أنطاكية وصلت واللي معجبهمش اللي حصل فهم عملوا بينهم وبين بعضهم مجلس تاني طلع قرار الحرمان ضد (كيرلس الأول).

وسط إنت محروم .. لا إنت اللي محروم .. كان فيه حد المفروض يبلغ الإمبراطور (ثيوديسيوس الثاني) بقرارات الحرمان اللي رايحة جايه دي واللي بمجرد ما جاله الخبر إتضايق جداً من اللي عمله (نستوريوس) وطلع ضده قرار الحرمان علي أساس إن كده الدنيا تتحيل .. طبعاً الدنيا متحلتش .. الإمبراطور قالك بااااااس أنا أعمل مجلس تاني أو تالت مش فاكر إحنا وصلنا لرقم كام عشان نحل الأزمة دي .. المشكلة إن المجلس ده إتعمل بسرعة جداً قبل ما أي وفد من بره القسطنطينية يلحق يوصل وتقريباً محدش حضر المجلس ده غير أتباع المونوفيزية اللي طلعوا قرار بإن رأيهم هو الصح وأي رأي تاني يعتبر هرطقة وعشان كده المجلس ده إتعرف في التاريخ باسم مجلس الحرامية ومش عايز أقولك إن الناس كانت بتغلي من اللي حصل .. اللي خلي الدنيا تبوظ خالص هو الموت المفاجيء للإمبراطور (ثيوديسيوس الثاني) اللي جه وراه إمبراطور اسمه (مارسيان Marcian) قرر إن يعمل شيفت ديليت لكل اللي فات ويعمل مجلس تالت أو رابع مش فاكر إتعمل في مدينة خلقيدون Chalcedon في تركيا واللي منها إتسمت المسيحية الخلقيدونية طلع قال إن المسيحية الخلقيدونية دي هي صح الصح وأي حاجة إتقالت في مجلس الحرامية أرموها في الزبالة.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!