لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي Sound Cloud:
https://soundcloud.com/user-112011687-312727988/edmnglrodyjg?utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing
أنا عارف إن فيه ناس منكوا دلوقتي بتهرش في شعرها بتحاول تفتكر اللي إتعلموه في منهج التاريخ و فيه منكوا بيعصر مخه عشان يفتكر هل هو سمع عن المعركة دي قبل كده ولا لا؟ .. أحب أطمنك إنك مسمعتش خالص عن المعركة دي لإنها معركة لسبب ما محدش فاهمه إتنست و أحداثها إتحطت في الدرج علي الرغم إن المعركة دي و اللي حصلت بين جيوش الدولة العباسية و جيش أسرة (تانج Tang) الصينية علي ضفة نهر طلاس Talas River اللي هو دلوقتي جوه دولة إسمها قيرغيستان هي السبب في إن الصين دلوقتي حدودها الجغرافية تبقي زي ما إنت شايفها.
معركة نهر طلاس نتايجها متختلفش كتير من حيث التأثير عن نتايج الحرب العالمية الأولي أو الثانية لإن أحداثها و اللي حصل بعدها هو اللي رسم خريطة أكبر إمبراطوريتين في العالم وقتها اللي هم الدولة العباسية و الإمبراطورية الصينية .. معركة نهر طلاس هي السبب إن إترسمت حدود فصلت بين الإسلام و بين الكونفوشيوسية و البوذية و في نفس الوقت هي السبب ورا إن إختراع الورق إتنقل من جوه الصين للعرب و المسلمين و منه للعالم كله .. عشان مطولش عليك خليني أخشلك في التفاصيل علي طول لإن الأطول من اللي حصل في المعركة هو إنك تفهم هي المعركة دي قامت ليه أصلاً:
صحيح معركة نهر طلاس قامت في سبتمبر 751 بس الحقيقة إن بداية قصتها لازم تتحكي بداية من سنة 618 يعني قبل ما المعركة دي تحصل ب133 سنة .. بداية من سنة 618 كان بيحكم الصين أسرة قوية أوي إسمها أسرة (تانج) زيهم زي أي إمبراطورية عندها طموح بدأوا ينشروا نفوذهم علي الدول اللي حوليهم .. إسلوب أسرة (تانج) كان هو أنا ليه أحاربك بدل ما أنا ممكن أشتري ولاءك .. السلاح اللي كان في إيدهم هو التجارة و من سنة 618 لحد سنة 640 و نفوذ أسرة (تانج) عمال يكبر و يكبر و هم معتمدين علي القوة الناعمة Soft Power اللي هي الفلوس و التجارة و الرشاوي لحد ما وصلوا لمرحلة إن مبقاش ينفع غير إستخدام قوة السلاح قدام أقوي عدوين قدامهم:
- أول عدو كان إمبراطورية التيبيت و دي دولة أسسها واحد إسمه (سونجستان جامبو Songstan Gampo) و أهم سبب للخناقة بين أسرة (تانج) و بين الأخ (جامبو) ده هو إن الصين و التيبيت كانوا بيتخانقوا علي السيطرة علي منطقة غرب الصين إسمها لونجيو Longyu و دلوقتي بقت معروفة بإسم جين جيانج Xinjiang و المنطقة دي فضلت تروح و تيجي بين التيبيت و الصين.
- ثاني عدو لأسرة (تانج) كانوا الإيجور الأتراك اللي كانوا عايشين في شمال غرب الصين دلوقتي و لسه عايشين فيها بس هم أقلية و أكيد بتسمع في الأخبار دلوقتي عن حجم المأسي اللي هم عايشين فيها تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني.
الخريطة بتوريك حدود أسرة تانج مع التيبيت و مع الإيجور.
في الوقت اللي أسرة (تانج) كانت طالع عنيها في الحروب اللي مش بتخلص بينهم و بين التيبيت و بين الإيجور الأتراك كان وقتها فيه ليلة كبيرة بتحصل في الشرق الأوسط .. سيدنا النبي (عليه الصلاة و السلام) توفي سنة 632 .. جري الشريط 30 سنة تلاقي حصلت الفتنة الأولي اللي هي أول حرب أهلية تحصل بين المسلمين و اللي إنتهت بإن سيدنا (معاوية بن أبي سفيان) رضي الله عنه أسس الدولة الأموية و الكلام ده كان سنة 661 يعني في عز ما كانت أسرة (تانج) في قوتها .. الدولة الأموية توسعت أسرع من إنتشار الجبنة السايحة في مطاعم الفاست فود في مصر .. متفهمش إزاي بس خلال وقت صغير أوي الأمويين سيطروا علي شمال أفريقيا كله و دخلوا الأندلس ده في الغرب .. في الشرق كانوا دخلوا واحة ميرف و دي في إقليم تركمانستان و دي كانت عاصمة الدولة الساسانية و أعدموا الملك (يزديجريد الثالث Yazdegred III) و ده حصل سنة 661 يعني تقريباً في نفس السنة اللي سيدنا (معاوية بن أبي سفيان) أعلن نفسه خليفة .. و بعدها فتحوا طشقند و سمرقند وبخارا في باكستان و كانوا دخلوا حتت كتير من أفغانستان لحد ما وصلوا للمنطقة اللي هي دلوقتي الحدود بين قيرغيستان و الصين.
اللون الموف ده بيوريك قد إيه الدولة الأموية توسعت من أول إسبانيا لحد سمرقند.
هنا الصين بدأت تاخد بالها من اللي بيحصل .. واحة ميرف اللي الأمويين دخلوها دي زمان أوي سنة 97 قبل الميلاد كانت تحت سيطرة أسرة (هان) الصينية و كانوا حاطين فيها جيش قوامه 70,000 مقاتل عشان بس يحمي طريق التجارة .. فطبيعي إنهم يبقوا حاطين عنيهم علي المنطقة و مراقبينها كويس .. سنة 651 الصينيين جاتلهم أزمة قلبية لما شافوا الأمويين و اللي بيعملوه في خلق الله .. الدولة الساسانية اللي الأمويين مسحوا بكرامتها الأرض كانوا حلفاء لأسرة (تانج) و كان بينهم شغل تجارة كتير .. لما ميرف وقعت إبن الملك (يزديجريد الثالث) و كان إسمه (فيروز) هرب لعاصمة الصين تحت حكم أسرة (تانج) اللي هي مدينة جيانجلينج Jiangling و دلوقتي بقت مدينة جيان Xian و الصينيين عينوه جنرال في جيشهم و إدوله يحكم حتة اللي هي دلوقتي مدينة زارانج في أفغانستان.
بعدها ب10 سنين حصل أول إشتباك بين الأمويين و الصينيين و ده كان سنة 715 في وادي فرغانة في أفغانستان .. اللي حصل إن الأمويين إتحالفوا مع إمبراطورية التيبيت عشان يشيلوا اللي كان بيحكم وادي فرغانة و كان إسمه (إخشيد) و ده متحالف مع أسرة (تانج) و عينوا مكانه واحد إسمه (الوتار) .. طبعاً (إخشيد) راح جري يعيط لأسياده و طلب منهم يساعدوه عشان يرجع تاني للحكم و فعلاً الصينيين بعتوا معاه جيش من 10,000 مقاتل .. بعدها بسنتين الأمويين و حلفاءهم بتوع التيبيت حاصروا مدينتين في منطقة جين جيانج اللي بس بفكرك إنها طول عمرها سبب الخناقة بين أسرة (تانج) و بين إمبراطورية التيبيت .. رد الصينيين إنهم بعتوا جيش من المرتزقة من منطقة إسمها قارلوق Qarluq و جيش المرتزقة ده قدر يهزم الأمويين و حلفاءهم من التيبيت .. بداية من 717 لحد سنة 750 و دي السنة اللي الدولة الأموية إنهارت فيها فضل الوضع علي ما هو عليه محدش لا من الأمويين و لا من الصينيين عارف ياخد من التاني لا حق ولا باطل.
سنة 750 و دي السنة اللي العباسيين بقوا فيه في السلطة الوضع علي الحدود الإسلامية الصينية كان كالأتي: المسلمين و حلفاءهم من التيبيت و الإيجور الأتراك كانوا تحت قيادة بني أدم بيفهم أوي إسمه (زياد بن صالح الحارثي) و جيوش أسرة (تانج) كانت تحت قيادة واحد إسمه (قاو تشيان تشي Kao Hsien-Chih) و ده رجل أصلاً كوري مش صيني بس ده كان عادي في الصين وقتها لإن الحياة العسكرية مكنتش أملة و كتير من أبناء الأسر الغنية في الصين مكنتش بتحب عيالها تتبهدل فكان عادي إنك تشوف شاب طموح من الأقليات اللي عايشة في الصين دخل الCareer العسكري لحد ما بقي جنرال .. المهم إن في السنة دي حصلت خناقة بين حاكم وادي فرغانة و بين حاكم مدينة تانية إسمها تشاش Chach و كأن مفيش حد بيتخانق في أفغانستان غير الزفت الحاكم بتاع وادي فرغانة.
اللي حصل إن حاكم وادي فرغانة بعت للصينيين يساعدوه إنه يعلم حاكم مدينة تشاش الأدب .. الأخ (قاو تشيان تشي) خد جيشه وراح حاصر مدينة تشاش و عرض علي حاكمها إنه حيسيبه يعيش لو سلم نفسه و مشي و ساب البلد و بكل سذاجة الحاكم وافق عشان (قاو تشيان تشي) يرجع في كلامه و يعدمه بعد ما سلم نفسه .. و كأن التاريخ بيعيد نفسه و نفس السيناريو اللي حصل لما الأمويين دخلوا ميرف .. إبن حاكم تشاش راح ل(أبومسلم الخراساني) والي خراسان اللي هي أفغانستان دلوقتي و حكاله اللي حصل .. هوبا (أبومسلم الخراساني) جاب رجالته و إتقابل مع رجاله (زياد بن صالح الحارثي) و كان عايز يعمل حاجتين: أولاً إنه يعلم (قاو تشيان تشي) الأدب لإنه أعدم رجل كان محسوب علي إنه حليف للدولة العباسية و مينفعش العباسيين يعدوا موضوع إعدامه كده .. ثانياً إنه يأمن حدود الدولة العباسية لإن لو كل قادة جيوش الصين بيخونوا العهد زي (قاو تشيان تشي) فهو محتاج يوريهم العين الحمرا عشان بعد كده لما يعمل معاهم إتفاق سلام محدش يفكر إنه يخون الإتفاق.
في يوليو 751 الجيشين قابلوا بعض عند نهر طلاس اللي هو دلوقتي علي الحدود بين قيرغيستان و كازاخستان .. لو بصيت علي السجلات بتاعة الصين فهم بيقولوا إن جيش (قاو تشيان تشي) كان حوالي 30,000 بس سجلات المسلمين بتقول إن الجيش الصيني كان 100,000 مقاتل .. الحقيقة محدش عارف بالضبط جيش التحالف بين المسلمين و الإيجور و التيبيت كانوا كام بس اللي إحنا متؤكدين منه إن الجيش ده كان أكبر بشوية صغيرين من الجيش الصيني .. لمدة 5 أيام كاملة محدش كان يعرف يحسم المعركة دي لصالحه .. فجأة كل ده إتغير لما جيش المرتزقة بتاع قارلوق ظهر .. فاكر إنت الجيش ده اللي الصينيين أجروه عشان يهزم الأمويين؟ .. المرة دي العباسيين أجروه عشان يحارب الصينيين .. المشكلة إن الصينيين كانوا فاكرين إن جيش المرتزقة بتاع قارلوق ده لما ظهر في ميدان المعركة إنه جه عشان يقف في صفهم هم بس إتصدموا يا عيني لما لاقوه بيهجم عليهم من مؤخرة الجيش.
عايزك تعرف إن لسنين و سنين الصينيين فضلوا شايلين الخيانة دي في زورهم مش عارفين يبلعوها بس ما علينا مش دي قضيتنا دلوقتي .. جيش (قاو تشيان تشي) إتكسر خالص و هو قدر يهرب مع الكام فارس اللي فضلوا عايشين .. (قاو تشيان تشي) فضل عايش خمس سنين كمان لحد ما الصينيين نفسهم أعدموه بتهم فساد .. باقي الأسري اللي وقعوا في إيد المسلمين ودوهم لمدينة سمرقند اللي هي دلوقتي في أوزباكستان.
نهر طلاس Talas اللي بيفصل بين دولتي كازاخستان و قيرغستان.
اللي حصل بعد المعركة دي تقدر تشبهه بالمثل الشعبي يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز عسل منك .. لا العباسيين كان في قدراتهم إن المعركة دي تبقي بداية فتح الصين لإن خلينا نكون صرحاء مع بعض الصين بعيدة فشخ عن بغداد و أساساً خطوط الإمداد لجيوش العباسيين في أفغانستان كانت علي أخرها و مش مستحملة حملة عسكرية تانية أبعد من كده خصوصاً إن العباسيين حيبقوا مضطريين يعدوا سلسلة جبال هندوكوش و بعد كده يعدوا صحراء غرب الصين كلها فهم قالوا لنفسهم و علينا بإيه بكل ده .. و علي الناحية الثانية الصينيين مفكروش بعد كده يقربوا من العباسيين لإن لو أداء العباسيين العسكري حيفضل كده فالصينيين إقتنعوا إنهم محتاجين جيوش بالهبل عشان يقدروا يوصلوا بس لبغداد.
الصينيين من ناحيتهم شايفين المعركة دي إنها بداية النهاية لأسرة (تانج) لإن بعد هزيمتهم ناس كتير إتجرأت عليهم .. عندك قبيلة خيتان اللي عايشة في إقليم منشوريا إتمردت .. ثورة تانية قامت في إقليم يونان لحد ما قامت الحرب الأهلية بداية من سنة 755 لحد 763 و في السنة دي إمبراطورية التيبيت قدرت تسيطر علي عاصمتهم جيان .. بالنسبة للمسلمين ولا كأن حاجة حصلت .. أول واحد جاب سيرة المعركة دي كان المؤرخ (الطبري) و كان سنة 850 يعني بعد المعركة ما حصلت بحوالي 100 سنة و ده في حد ذاته لغز أنا مش فاهمه .. هو الفكرة إن بعد ما المعركة خلصت العباسيين ملقوش حد إستجري إنه يرفع عليهم سيف بعد كده في المنطقة و ده خلاهم يركزوا أوي علي التجارة و التعليم ونشر الإسلام.
خلال 250 سنة أغلب القبائل اللي عايشة في المنطقة و اللي كانت زمان بتعتنق الكونفوشوسية و البوذية و الهندوسية و الزرادشتية و حتي المسيحيين منهم بدأوا يعتنقوا الإسلام .. بس يمكن أهم حاجة العباسيين إستفادوا بيها من بعد المعركة إن كان فيه واحد من ضمن الأسري اللي إترحلوا علي سمرقند كان إسمه (توا هوان Tou Houan) و ده كان فنان علّم العرب و المسلمين إزاي يعملوا الورق .. بسرعة مصانع الورق بدأت تنتشر من سمرقند لبغداد و دمشق و القاهرة و لحد سنة 1120 إتعمل أول مصنع للورق في مدينة فالنسيا الإسبانية دلوقتي و منه صناعة الورق راحت لإيطاليا و ألمانيا وباقي أوروبا .. يعني عصر النهضة الأوروبي اللي هم فرحانين بيه أوي عمره ما كان حيحصل لولا معركة منسية محدش بيجيب سيرتها إسمها معركة نهر طلاس.
المصدر:
مقالة نشرت علي Website إسمه Thought Co.com إسمها معركة نهر طلاس Battle of Talas River و ده لينك المقالة الأصلية:
سمرقند دلوقتي في اوزبكستان مش بكستان.
تحياتي و يا ريت المزيد من التاريخ الاسلامي
ان شاء الله حزود كم المقالات اللي بتتكلم عن التاريخ الاسلامي
يا ريت مقالة عن الفتنة الكبرى و فرق الشيعة
ان شاء الله حاضر
شكرا جزيلا على الشرح الوافى