تابعونا

التضخم .. لما الحكومات متبقاش عارفة تلعب بالبيضة و الحجر.

حل المشكلة في مصر هو حاجتين لازم يتعملوا مع بعض .. الأولاني هو بيع الأصول بس يكون بمعلمة اللي هو تنقي شركة أو أرض أو أي كيان عايز تبيعه بس تبيعه بالدولار مش بالجنيه المصري و بالغ في ثمنه لإنك أولي بكل دولار زيادة يدخلك .. الثاني هو جدولة سداد أقساط الديون بحيث تمطها شوية علي سنتين تلاتة حتي لو حتدفع فايدة أعلي.

30 أبريل، 2023 589

مفيش حد فينا من أكبرنا لأصغرنا و من أغنانا لأفقرنا مش بيشتكي من إن الدنيا غليت .. كل حاجة غليت ولا استثني أحداً .. و فيه شركات مغلتش الحاجة بس صغرت حجمها بنفس السعر يعني تلاقي كيس المسحوق أبو عشرة جنيه خلوه زي ما هو بعشرة جنيه بس خسفوا الكمية النص .. يعني إحنا طالعين من شهر رمضان الكريم و أظن إن الموضوع ده إتناقش كتير علي طرابيزات الفطار بين الناس هو يا تري الغلابة عايشين إزاي وسط الغلاء اللي إحنا فيه ده و ده اللي إحنا عايزين نتكلم عنه النهاردة .. الناس بتوع الإقتصاد بيسموه غلاء الأسعار ده تضخم أو Inflation و بيسموا فكرة إن الشركات تخسف من كمية البضاعة بتاعتها النص عشان يحافظوا علي السعر إنه Shrinkflation .. موضوع التضخم عشان يتناقش هو محتاج نضرب غطس في تفاصيل كتير و ححاول النهاردة إني مصدعكش أوي بتفاصيل تتوهك و عشان كده النهاردة حنحاول نجاوب علي سؤالين:

  • هو ليه بالصلاة علي النبي لما يتقال إن البنك المركزي الأميريكي رفع سعر الفايدة الناس عندنا في مصر هنا بتلطم؟
  • ليه الدنيا عندنا في مصر بايظة بالشكل ده؟ ليه التضخم عندنا محدش عارف يشكمه؟

إيه علاقة سعر الفراخ البانيه في مصر برفع سعر الفايدة في أميركا؟

خلينا الأول نتفق إن التضخم أو الغلاء في الأسعار اللي إنت شايفه في مصر ده بيحصل في كل حتة في العالم بدرجات متفاوتة .. يعني مثلاً .. خلال السنة دي بس سعر الأكل في أميركا زاد بنسبة 10% .. سعر فاتورة الكهرباء زاد بنسبة 13.7% .. سعر البنزين زاد بنسبة 60% .. و دي أول نقطة تتفهم هو إن الأمريكان زيك بالضبط محطوط عليهم جامد في الأزمة دي .. تاني نقطة إن سعر الدولار هو اللي كل حاجة مربوطة بيه .. كنا حكينا قبل كده في سلسلة تاريخ الفلوس إن كان زمان سعر أي عملة في الدنيا مربوط بهو البلد عندها إحتياطي من الذهب قد إيه و ده كان اسمه The Gold Standard .. لما الحرب العالمية الثانية قامت دول الحلفاء كلهم خصوصاً فرنسا و إنجلترا كانت بتستلف من أميركا بضاعة و سلاح و أكل و شرب و لما فلوس إنجلترا و فرنسا خلصت بقوا بيدفعوا ثمن الحاجة اللي بياخدوها من أميركا من الإحتياطي الأستراتيجي للذهب اللي عندهم .. الحرب العالمية الثانية بدأت سنة 1939 و خلصت سنة 1945 و لما خلصت لقينا إن تقريباً كل إحتياطي الذهب علي مستوي العالم بقي عندك أميركا .. ده معناه إن لو فضلنا ماشيين بطريقة Gold Standard فالعالم كله حيبات في الشارع و حنفضل طول حياتنا مديونين لأميركا .. طب و الحل؟ .. أربط كل العملات بقيمة الدولار و أربط الدولار بس بGold Standard .. عشان كده الدول اللي علي الله حكايتها زي مصر لما بتحب تسند عملتها مش بتخزن دهب إنما دولار .. عشان كده الدولارات اللي إحنا بنخزنها بقي اسمها الإحتياطي النقدي الأجنبي .. لو الدولار إتهز فبالتبعية سعر الجنيه عندك حيرقص.

رسم بياني بيوريك معدل التضخم الأميريكي و النطة الكبيرة اللي حصلت ليه من بعد فيروس كورونا و الرسم الباني ده بناء علي أرقام وزارة العمل الأميريكية.

ده معناه إن عشان تفهم هو ليه الغلاء ده بيحصل في مصر فإنت محتاج تقسم المشكلة دي لنصين .. نص إنك تفهم أصلاً هو ليه فيه تضخم في أميركا؟ .. و النص الثاني إنك تشوف هو إحنا بقي في مصر هببنا إيه غلط و خلي الأزمة تخرج عن السيطرة بالشكل اللي إحنا عايشينه ده .. لو جيت تشوف هو يا تري الأمريكان عملوا إيه غلط خلاهم محتاسين أوي كده فالحقيقة هم مش سبب واحد للأزمة دول أربعة .. التضخم من الحاجات اللي مبيكونش وراها سبب واحد .. حاول تفكر في التضخم إنه زي نكد مراتك أو خطيبتك كده أو البنت اللي إنت مرتبط بيها .. إنت ممكن تكون مثلاً نسيت تجيبلها هدية في عيد ميلادها فهي نكدت عليك فإنت يا عيني غلبان متخيل إن ده هو السبب الوحيد .. ما إنت غلبان بقي .. هي حضرتك محضرالك لستة أسباب من أول ديت Date بينكوا لما نسيت تفتحلها باب الكافية للمرة اللي هي عرفتك علي صاحباتها و لقت إنك عمال تبص لواحدة فيهم عشان عاجباك للمرة اللي لقيتك فيها بتاكل شيبسي بصوت عالي .. التضخم نفس الفكرة هو مبيكونش سببه حاجة واحدة إنما شلة أسباب بيجمعوا نفسهم علي جروب واتس عشان يتقابلوا سوا بس الفكرة العامة هو إن فيه شرطين لازم يتحققوا سوا عشان يحصل التضخم أو الغلاء في الأسعار .. لازم الناس يبقي معاها فلوس و ده بيخلق ما يسمي بالطلب أو Demand و في نفس الوقت البضاعة اللي في السوق تقل أو تشح زي ما بنقول و ده اللي بيخلق ما يسمي بالعرض أو Supply .. العلاقة بين العرض و الطلب أو Supply and Demand هي اللي بتخلق التضخم .. لما الناس يبقي معاها فلوس فبدل ما كانت أسرة بتاكل مثلاً في الغداء فرخة واحدة فالأم حتحب تروق علي عيالها و تجيب فرختين .. لو المية مليون مصري عملوا كده فإنت مُطالب إن الفرارجية كلهم يبقي عندهم ضعف كمية الفراخ اللي بتتباع عشان خاطر سعر الفراخ ميعلاش .. طب لو الفرارجية معرفوش يوفروا كم الفراخ الزيادة ده؟ .. بتلاقي سعر الفراخ في السوق زاد .. و ده حيودينا علي الأسباب الأربعة اللي بيتقال إنهم السبب ورا التضخم اللي دايس علي وش الأمريكان دلوقتي:

  • أول سبب هو إن الأمريكان علي عكسنا طبقوا الحظر وقت فيروس كورونا Covid-19 بما يرضي الله .. إحنا في مصر جربناه تقريباً شهر و رجال الأعمال صوتوا لو تفتكر و طلع (نجيب ساويرس) يلطم و يقولك أنا كده شركاتي حتقفل و الحكومة رضخت و قالت أمين نزل الناس تشتغل تاني و خليهم يعدوا بعض .. طبعاً دلوقتي إحنا بقينا عارفين إن فكرة مناعة القطيع كانت هي اللي صح مش فكرة الحظر الكلي بس فكك ده مش موضوعنا دلوقتي .. موضوعنا إن لما الحظر الكلي إتطبق في أميركا فسنة 2020 الرئيس (جو بايدن Joe Biden) طلع قرار رئاسي بضخ حوالي 6 ترليون دولار منحة للشعب .. حرجع تاني لفكرة الفراخ .. الناس بقي معاها فلوس و لإن فيه حظر فأكيد الفلوس دي مش حتتصرف علي الخروجات و الفسح و الهدوم و حتتصرف علي الأكل و الشرب .. ده خلي سعر الأكل و الشرب يضرب في السما لإن التجار مكنش عندهم كم بضاعة يكفي للفلوس اللي إتضخت في السوق و الحقيقة دي مشكلة تانية لإن أرقام البنك المركزي الأميريكي بتقول إن صحيح جدو (بايدن) نزل منحة ب6 ترليون دولار بس عشان زي ما قلنا كان فيه حظر و مكنش فيه فلوس بتتصرف غير علي الأكل و الشرب فبعد ما الحظر خلص لقينا إن الأمريكان كانوا محوشين فوق ال2.5 ترليون دولار .. ده معناه إن الطلب أو Demand فضل يعلي و يعلي و ده عطالك النص الأولاني من مقادير التضخم.
  • ثاني سبب هو إن برده بسبب فيروس كورونا فيه مصانع كتير وقفت لإن أرجع و أقولك إن أميركا و أوروبا و الصين اللي هم أكتر ناس بتنتج بضاعة في الدنيا طبقوا الحظر بما يرضي الله مش زيك هنا .. لما مصانع كتير قفلت فده خلق مشكلة في حاجة بيسموها Supply Chain أو خطوط الإنتاج .. بمعني .. إنت كل يوم بتشرب بيبسي فإنت عشان بتشربلك كنزاية بيبسي كل يوم يبقي لازم مصنع بيبسي ينتجلك كنزاية بيبسي كل يوم .. لو المصنع قفل أسبوع فإنت مش حتلاقي كنزاية البيبسي بتاعتك لمدة أسبوع .. المشكلة مش بس في كده .. عشان المنحة اللي عطاها جدو (بايدن) مكنتش سهلة لإن 6 ترليون دولار ده قد الفلوس اللي صرفتها أميركا في العراق لمدة 20 سنة فإنت بقي معاك فلوس تشتري كنزايتين كل يوم مش كنزاية واحدة فبدل ما سعر كنزاية البيبسي زاد الضعف ده زاد ضعفين .. كون إن الشركات معرفتش توفر البضاعة المطلوبة فده عطالك النص الثاني من المقادير .. كده المقادير بتاعة التضخم إكتملت.
  • تالت سبب هو جشع الشركات و رجال الاعمال .. خلينا نبقي منصفين إن لولا المنحة بتاعة جدو (بايدن) كان تقريباً الأمريكان كانوا كلهم بقوا بيشحتوا في الشارع لإن صحيح 6 ترليون دولار ده رقم خزعبلي و كان المفروض إن الموضوع يتم بشوية هداوة عشان زي ما بنقول كده السوق ميشرقش زي ما إنت تكون عطشان فتشرب بس تكب مياه في بقك و زورك ميلحقش يبلع كمية المياة اللي إنت عمال تشربها دي فتشرق و تكح .. بس برده المنحة دي كانت ضرورية و من غيرها كان الوضع حيبقي زي القطران لإن من غيرها وفق كلام البنك المركزي الأميريكي كان الإقتصاد الأميريكي و بناء عليه الإقتصاد العالمي كان حيدخل في مرحلة كساد في مارس 2021 .. وده حيوريك ليه التضخم مش بس الأمريكان اللي إتداس علي وشهم فيه إنما أوروبا كلها و الصين و اليابان لإن شركات كتير حققت أرباح خيالية بسبب التضخم ده.
  • رابع سبب و ده يمكن أجدد سبب و رغم كده ناس كتير بتحمله المسئولية كاملة هو الغزو الروسي لأوكرانيا .. زي ما أنا عمال أقول التضخم ده بدأ يظهر من وقت الحظر بتاع فيروس كورونا في 2020-2021  فالغزو الروسي لأوكرانيا بدأ في فبراير 2022 .. ده معناه إن الغزو الروسي لأوكرانيا و إن كان مش هو السبب الأساسي للأزمة إلا إنه كان القشة اللي قصمت ظهر البعير .. لما العالم قفل حنفية البترول الروسي ليهم فده خلي سعر البنزين يعلي و هو أساساً كان بيعلي .. قيس علي ده سعر القمح .. قيس علي ده سعر الغاز الطبيعي.

كده إحنا فهمنا هي المشكلة فين .. دلوقتي حيجي دور إننا نفهم إيه علاقة سعر الفايدة في أميركا باللي بيحصل؟ .. فيه حاجة اسمها البنك المركزي الأميريكي اللي هم بيسموها Federal Reserve أو The FED إختصاراً و دي ترجمتها الإحتياطي الفيدرالي و ده دوره إنه يراقب التضخم و ميخليهوش يعلي عن طريق إنه يتحكم في سعر الفايدة أو Interest Rate .. لما الناس دي بتشوف إن التضخم بيعلي ولإنهم عارفين إن التضخم ده سببه العلاقة المريبة بين العرض و الطلب فهو مبيقدرش يلعب غير في الطلب .. بمعني .. البنك المركزي ميقدرش يروح للشركات يقولها زودي إنتاجك أو قلليه .. هو كل اللي يقدر يعمله إنه يخلي الناس تبطل تصرف فلوس و يخليها تحوش بدل ما تبعزق .. ده بيتم عن طريق رفع سعر الفايدة إنه بيخليك كمواطن إنك تروح تاخد قرض من البنك أغلي بالنسبة ليك و بالتالي إنت بتقرر متصرفش فلوسك .. مهم تبقي فاهم إن في قلب الأزمة و في وسط ما هي ساحلانا محدش بيبقي عنده الأرقام و المعلومات الكافية اللي تخليك عارف تاخد قرار صح .. بمعني .. كتب الإقتصاد بتقولك لو حصل معدل تضخم مفاجيء فإنت كبنك مركزي مش مطلوب منك إنك ترقع بالصوت و تقول أحيه يا أبو سوسو أحيه .. مطلوب منك إنك تهدي و تسيب السوق يعالج نفسه .. مع الوقت الشركات حتفهم إن الناس بقي معاها فلوس تشتري فإحنا كمان لازم نزود شوية من إنتاجنا .. ده بيتم بشكل تلقائي و طبيعي من غير أي تدخل خارجي .. المشكلة إن الأزمة دي سببها وباء عالمي قعد الناس في بيوتها .. دي كارثة بتحصل في العمر مرة و بناء عليه مش حتلاقي كتب الإقتصاد بتقدملك حلول صح أوي .. إنت محتاج حل بره الصندوق .. كان المفروض إن مع قرار المنحة بتاعة جدو (بايدن) في مارس 2021 إن البنك المركزي الأميريكي يرفع سعر الفايدة معاها مش يستني لحد مارس 2023 عشان يبدأ يتدخل بعد سنتين .. طبعاً وقتها مكنش حد عارف ده بس أهو ده اللي حصل .. قدر الله و ماشاء فعل.

أخر مرة العالم شاف فيها حاجة شبه فيروس كورونا كان وقت الإنفلونزا الإسبانية أيام الحرب العالمية الأولي اللي هو أساساً يعني وقت ما كان بيحكم مصر الدولة العثمانية فطبيعي إن أي حلول إقتصادية مكتوبة في كتب متنفعش تتطبق دلوقتي .. زود علي كده نقطة أنا قلتها إن البنك المركزي مش بس الأميريكي إنما في أي دولة أخره يلعب في الطلب بس هو ملوش كلمة علي العرض .. إنت متقدرش تروح للرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) تبوس إيده عشان يوقف حربه في أوكرانيا أو إنك تروح للشركات الصيني تترجي صحابها يعينوا ناس و يزودوا خطوط الإنتاج بتاعتهم عشان يزودوا كمية البضاعة اللي في السوق .. زود علي كده نقطة إن لو التضخم محدش سيطر عليه فهو أرجع و أقولك عامل زي نكد مراتك مبيقفش .. لما سعر الحاجة في السوق تغلي فده معناه إن تكلفة حياتك اليومية بتغلي و ده الناس بتوع الإقتصاد بيسموها Cost of Living يعني إنت يومك واقف علي جيبك بكام .. عشان الدنيا بتغلي فطبيعي إن الشركات تقوم رافعة مرتبات الموظفين و ده شفناه هنا في مصر إن شركات كتير عملت تعديل علي المرتبات بس عشان الشركات تعوض الفلوس دي فهم بيضطروا يرفعوا سعر البضاعة و المنتجات و الخدمات اللي هم بيقدموها للسوق و هوبا تلاقي الدايرة قفلت .. ده يفسرلك ليه البنك المركزي الأميريكي كل شوية عمال يرفع سعر الفايدة .. هم بيحاولوا يعملوا اللي يقدروا عليه بإنهم يسيطروا علي النص الخاص بيهم من المقادير .. النص الثاني الخاص بالعرض متوقع إن Supply Chains تبدأ تضبط نفسها تاني خلال فترة ممكن توصل لسنة .. سنة دي مدة ممكن تبقي كابوس بالنسبة للطبقات الفقيرة اللي علي باب الله.

ليه التضخم عندنا في مصر قالب علي (دلال فتح الله) بتاعة مسلسل (جعفر العمدة) محدش عارف يسيطر عليها؟

كده إنت فهمت إزاي إحنا في مصر بيسّمع معانا أي رفع للفايدة يعمله البنك المركزي الأميريكي لإن سعر الجنيه مربوط بسعر الدولار و فهمت ليه أساساً الأمريكان بيرفعوا سعر الفايدة .. دلوقتي جه وقت تفهم ليه الأزمة في مصر وصلت للمستوي اللي إحنا عايشين فيه ده و اللي عشان تقدر تستوعبه مضطرين نشوف الأرقام بتاعة الجهاز المركزي للتعبئة و الإحصاء .. في فبراير معدل التضخم وصل 32.9% بعد ما كان في يناير 2023 التضخم في مصر وصل 26.5% بعد ما كان 21.9% في ديسمبر 2022 يعني في خلال 3 شهور بس التضخم زاد حوالي 11% .. لو جيت تشوف أسعار الأكل و الشرب خلال الفترة من فبراير 2022 لحد فبراير 2023 حتلاقي إنها زادت بنسبة 61.5% .. المشكلة بتبدأ تظهر معاك لما تشوف هو معدل التضخم كان كام في يناير 2022 يعني من سنة فاتت حتلاقيه كان 8% .. من أول هنا حتلاقي إن قصة حياة التضخم في مصر مختلفة كتير عن اللي حكيته عن أميركا .. التضخم في أميركا بدأ من قبل حتي الغزو الروسي لأوكرانيا لإن أرجع و أقولك إن الأمريكان طبقوا سياسة الحظر الكلي زي الكتاب ما بيقول و ده خلي الرئيس (جو بايدن) ينزل منحة الستة ترليون دولار و اللي نتج عنها التضخم اللي حكينا قصته .. في مصر إحنا معملناش كده .. إحنا لا طبقنا حظر ولا المصانع قفلت في وقت فيروس كورونا .. حتي لحد يناير 2022 قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بشهر كان معدل التضخم عندنا مقبول .. الدنيا باظت بعد فبراير 2022 .. التضخم في مصر اللي إنت عايشه دلوقتي لو حبيت تفهم هو جيه منين فهو وراه نفس العلاقة المريبة بين العرض و الطلب زي ما بتوع الإقتصاد بيدرسوا بس بطريقة متدارية شوية و ده اللي مخليك فعلياً مش قادر تفهم هي الأسعار بتعلي أوي كده ليه .. التضخم اللي إنت بتشوفه دلوقتي وراه أربع أسباب برده بس لما تبدأ توصل النقط ببعضها حتبدأ تفهم هي المشكلة فين:

سوق شعبي في الإسكندرية وسط إرتفاع قياسي في الأسعار و معدلات تضخم تضاعفت خلال سنة.
  • معلومة رقم واحد إن مصر هي من أكتر إن لم تكن هي أكتر بلد بتستورد قمح في العالم .. ولاجل الصدف يعني أكتر بلدين بنتسورد منهم قمح هم أوكرانيا و روسيا .. نرجع لفكرة العرض و الطلب .. دلوقتي الطلب موجود و الناس مبقاش في إيدها فلوس زيادة ولا حاجة بس في نفس الوقت العرض قل لإن إحنا مبقيناش عارفين نوفر كمية القمح المعتادة عشان الناس متموتش من الجوع خصوصاً لما تعرف إن 30% من المصريين عايشين تحت خط الفقر .. الحرب في أوكرانيا خلقت ليك عجز في العرض في أهم سلعة استراتيجية بالنسبة ليك اللي هي القمح و ده كان النص التاني الأولاني من المقادير بتاعة التضخم.
  • معلومة رقم إتنين .. في ديسمبر 2022 الحكومة المصرية وصلت لإتفاق مع صندوق النقد الدولي عشان يدينا قرض بقيمة 3 مليار دولار .. الشرط بتاع صندوق النقد الدولي إنه يدينا الفلوس إننا نعوم الجنيه تعويم كلي و لو ده حصل فهم ممكن يدونا مساعدات مالية ممكن توصل 14 مليار دولار و ده القرار اللي خسف بقيمة الجنيه 50% .. ده معناه الأتي .. إنت صحيح مزودتش الفلوس في إيد الناس يعني إنت مزودتش الطلب إنت سبته زي ما هو بس قيمة العملة بتاعتك قلت النص .. و هي دي المشكلة إنك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر و سواء كان بشكل مقصود أو لا لعبت في معدلات الطلب .. في أميركا الناس كان معاها فلوس فبدل ما تشتري فرخة تشتري إتنين و ده خلق مشكلة في الطلب .. في مصر الناس عايزة نفس الفرخة بس عشان سعر الجنيه وقع النص فثمنها زاد الضعف و الناس مبقتش عارفه تجيبها.
  • معلومة رقم ثلاثة إنت عندك مشكلة في الدولار .. المشكلة بمنتهي البساطة زي ما قلنا إن سعر الجنيه مربوط بسعر الدولار .. إنت محتاج يبقي عندك إحتياطي نقدي أجنبي كبير عشان يتقال علي عملتك إنها واقفة علي حيلها .. لأسباب كتير الحقيقة مش مجالها دلوقتي بس إنت تقريباً صرفت أغلب الإحتياطي النقدي بتاعك .. طب عشان نحل المشكلة عايزين إيه؟ .. إنت بقدرة قادر مطلوب منك يبقي معاك 25 مليار دولار كحد أدني يبقي في رصيد البنك المركزي و لو ده حصل سعر الجنيه حيثبت .. طب حتجيب الفلوس دي كلها منين؟ .. ده يفسرلك ليه الحكومة المصرية دايسة جامد في سكة بيع الأصول و الشركات و إنها عمال تنزل شهادات بفوايد مش منطقية أحياناً و هو ده مربط الفرس .. إنك تلاقي طريقة تجيب بيها دولارات و ده مش حيجي بالتعويم أو رفع البنزين .. كل الحلول اللي الحكومة بتاعتنا بتقولها مش حتجيب نتيجة من هنا للسنة الجاية.
  • معلومة رقم أربعة .. مصر برده بتستورد كميات مش قليلة من الأعلاف و اللحوم .. حلو .. حضرتك لما تيجي كمستورد تشتري شحنة علف بتدفع ثمنها بالدولار فحصلت أزمة كبيرة إن لما المستثمرين راحوا للبنوك المصرية ياخدوا دولارات عشان يدفعوا ثمن الشحنات اللي في الموانيء لإن البنوك قالت ليهم مش حقدر أديكوا الدولارات لإن يدوبك الموجود ساند الجنيه و مش مخلي قيمته تنهار .. ده خلق عندك أزمة في الدواجن و اللحوم و الأسماك كلها .. بمعني بدل ما كان عندك مصيبة في سلعة استراتيجية واحدة بقي عندك 4 مصايب في 4 سلعات استراتيجية .. أنا عارف إنك مستغرب إني حطيت الأسماك في الموضوع علي أساس إن مصر بلد فيها بحرين و نهر بس الحقيقة إن كم السمك اللي إحنا بناكله من البحر الأحمر و المتوسط و نهر النيل ميجيش 20% من كمية السمك اللي في السوق و الأغلبية بيجي من المزارع السمكية اللي عشان تربي سمك بتحتاج علف.
سعر البيض في مصر نط نطات مش منطقية لدرجة إن الناس بقت بتعتبره من الرفاهيات.

حل المشكلة في مصر هو حاجتين لازم يتعملوا مع بعض .. الأولاني هو بيع الأصول بس يكون بمعلمة اللي هو تنقي شركة أو أرض أو أي كيان عايز تبيعه بس تبيعه بالدولار مش بالجنيه المصري و بالغ في ثمنه لإنك أولي بكل دولار زيادة يدخلك .. الثاني هو جدولة سداد أقساط الديون بحيث تمطها شوية علي سنتين تلاتة حتي لو حتدفع فايدة أعلي .. لو خدت بالك في أميركا هم بيحاولوا يحلوا المشكلة بإن البنك المركزي يعمل اللي عليه بإنه يرفع سعر الفايدة عشان يسيطر علي بعزقة الأمريكان لفلوسهم اللي هو بمعني أخر يسيطر علي الطلب و في نفس الوقت الصبر لحد ما الشركات تقدر تزود من إنتاجها يعني تعلي العرض بتاعها لحد ما الدنيا ترجع تتضبط تاني .. في مصر الحل مش في إيد البنك المركزي أصلاً .. التضخم في مصر حله حل إقتصادي من الحكومة ولا دخل للسياسات النقدية بتاعة البنك المركزي فيه .. مهما عليت سعر الفايدة في البنوك المصرية مش حتعمل حاجة .. مهما عومت الجنيه ولا الهوا .. إرفع سعر البنزين إياكش حتي تخليه نفس سعر جرام اليورانيوم في السوق السوداء ..  التضخم اللي عندك في مصر كتفسير و كحلول ملوش علاقة من أول ولا من بعيد بالتضخم اللي بيحصل في أميركا و أوروبا .. نهائي .. قطعاً .. خالص .. تماماً.

جزء من اللوم اللي بيتوجه للحكومة المصرية إنها بعزقت الإحتياطي النقدي الأجنبي علي عدد من المشاريع القومية الضخمة جداً اللي إتعملت في وقت واحد زي العاصمة الإدارية الجديدة و مشروع الكيان العسكري.

المتوقع إن خلال الكام شهر الجايين حتلاحظ إن أسعار الحاجات بدأت تقل تاني شوية بس أنا بتكلم عن السلع اللي مش أستراتيجية و اللي بنستوردها من بره .. ليه؟ .. عشان فيه إختراع اسمه دورة الإستيراد .. لو إنت رحت مثلاً صانع السعادة تشتري نسكافيه دافيدوف المستورد ده عشان إنت رجل معاك فلوس و بتحب تروق علي نفسك بس العلبة اللي إنت بتشتريها دي المستورد دفع ثمنها من 3-4 شهور أيام ما كان فيه مشكلة في Supply Chains فاشتراها بالغالي و ده سمّع في ثمنها اللي علي الرف عندك .. كمان 3-4 شهور حتبدأ دورة إستيراد جديدة فحتلاقي سلع كتير سعرها بدأ يرجع لقواه العقلية تاني .. نقطة أخيرة إن يمكن جه الوقت إن الحكومة تبص لنفسها و تقول لازم القوات المسلحة ترفع إيدها شوية من سيطرتها علي الإقتصاد .. إنت في مصر عندنا مشكلة كبيرة في إدارة الأصول بتاعتنا .. يمكن جه الوقت إننا نسمع كلام الصنيين اللي من السبعينات بدأوا واحدة واحدة يطلعوا الجيش من البيزنس و يدخلوا مكانه رجال أعمال بتفهم عشان الإقتصاد الصيني ينط النطات الخزعبلية دي .. إن التضخم في مصر يبدأ يرجع تاني تحت السيطرة موضوع مش صعب و سهل يتعمل بس السؤال هل الحكومة بتاعتنا عندها استعداد تاخد حبوب الشجاعة و تقول إنها محتاجة تتغير .. أتمني بس الحقيقة أشك.

المصادر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!