تابعونا

قصة سقوط أفغانستان .. إبحث عن الفساد.

مهم برده بالنسبة لي إنك تبقي فاهم المنطق بتاع (جون كيري) و (باراك أوباما) و أي مسئول أميريكي يقولك إحنا محتاجين الحرامية أكتر ما هم محتاجين لينا و المنطق ده هو الأتي إنك عشان تنقل بضاعة من كابول لقندهار مش زي إنك تروح بعربيتك من أكتوبر للتجمع .. الطرق في أفغانستان بيسيطر عليها أمراء حرب و بلطجية و زعماء قبائل و الناس دي عشان تعدي من أرضهم سالم أمن غانم لازم تدفع.

30 يناير، 2022 1.1 ألف

لينك التسجيل الصوتي للمقالة علي ساوند كلاود:
https://on.soundcloud.com/yKLRU

لو كان للشيطان إبن لكان الإبن ده هو الفساد .. أنا عندي إقتناع شخصي إن لو دورت كويس ورا كل مصيبة حصلت في تاريخ البني أدمين حتلاقي بنسبة كبيرة السبب ورا المصيبة دي هو الفساد .. أنا فاكر كويس ليلة إنسحاب القوات الأميريكية من أفغانستان و إزاي السوشيال ميديا عندنا كانت مقسومة بين ناس بتتحسر و ناس شمتانة و قصة حزينة كده بس محدش فكر يستهدي بالله في نفسه و يسأل هو إزاي ده حصل؟ .. فكك من الإسطوانة المشروخة بتاعة إن أفغانستان هي مقبرة الغزاة و الكلام الفاضي ده .. إنت بتتكلم عن بلد عندها أقوي قوات مسلحة يمكن في تاريخ البشر راحت تحتل بلد سنة 2001 .. سنة 2004 يعني بعد الإحتلال ب3 سنين إستطلاعات الرأي كانت بتقول إن 80% من الأفغان عاجبهم الوجود الأميريكي علي أرضهم .. بتتكلم عن قوة إحتلال مدعومة بشكل دولي علي الأقل كنوع من الطبطبة بعد هجمات 11 سبتمبر .. عمر ما الأمريكان جربوا الإحساس ده لا في فيتنام ولا في كوريا .. و شوف يا أخي رغم كل ده بوظوا الدنيا و خربوها .. ده السؤال اللي المفروض تسأله .. إزاي؟

قصة سقوط أفغانستان عشان إنت تفهمها فأنا النهاردة حجرب معاك طريقة جديدة .. أنا مش حعمل زي مدرس التاريخ و الجغرافيا و أفضل أشرحلك الحكاية من أولها .. لا أنا مش حعمل كده .. النهاردة ححكيلك القصة علي شكل لحظات أو قصص سريعة أو مواقف حصلت في حياة ناس صادف إنها رسمت ملامح حاضر و مستقبل أفغانسان .. الحكايات دي أنا بقولك من دلوقتي إن البطل بتاعها كلها هو الفساد و اللي من غير ما أطول عليك أكتر من كده خلينا نبدأ علي طول.

سبتمبر 1996 .. طالبان بتسيطر علي أفغانستان بشعار جايين نقضي علي الفساد:

في يوم من أيام الشهر ده كان فيه صحفي أمريكاني إسمه (سباستيان يونجر Sebastian Junger) بيغطي الحرب الأهلية في أفغانستان بين حركة طالبان علي إيدك اليمين ضد الحكومة الأفغانية علي إيدك الشمال .. في الوقت ده كان تنظيم القاعدة و زعيمه (أسامة بن لادن) الله يرحمه فعلياً تحت حماية طالبان و الكلام ده كان قبل داعش و إرهابيين السوشيال ميديا بتوع اليومين دول .. المهم (سباستيان) كان راكب عربية مع سواق أفغاني لما فجاة شافوا كمين عامله مسلحين من طالبان و لسبب ما لا يعلمه إلا الله واحد من المسلحين دول أول ما شاف بني أدم ملامحه أجنبية راكب عربية ملاكي قرر يضرب عليه نار .. السواق عرف يدوس فرامل و عمل U-Turn عنيف أوي عشان يهرب من الرصاصات اللي بتتضرب عليه و جري في شارع جانبي .. لما هدي شوية و خد نفسه بص ل(سباستيان) و قاله إحنا بنكره الناس دي .. هو قصده علي طالبان خلي بالك .. هو قاله إن إحنا واقفين معاهم مش لسبب غير إنهم وعدونا إنهم يخلصوا علي الفساد.

بعدها بإسبوع كانت حركة طالبان سيطرت علي العاصمة كابول و أعدمت الرئيس (نجيب الله) بعد ما شنقوه من علي عمود نور بتهم فساد .. بس شوف يا أخي رغم إن أفغانستان مخدتش في إيد طالبان غير يدوبك 3 سنين بس عشان يسيطروا عليها إلا إن فضلت الحتة الوحيدة اللي صعبة عليهم هي الركن الشمالي الشرقي اللي عايش فيه الطاجيك اللي أصلهم من طاجاكستان و كانوا وقتها تحت قيادة بني أدم جاحد إسمه (أحمد شاه مسعود) يستحق إنك تعمل Search عليه و لسه حنجيب سيرته تاني دلوقتي.

مايو 2000 .. الأمريكان بيتقالهم خلوا بالكوا فيه مصيبة جيالكوا:

في الوقت ده كان عدي 4 سنين من عمر أفغانستان و هي تحت سيطرة طالبان .. في الأربع سنين دول طالبان و (أحمد شاه مسعود) كانوا بيلعبوا مع بعض لعبة القط و الفار .. هو مش طايقهم و هم بيكفروه .. في الوقت ده عناصر من المخابرات المركزية الأميريكية CIA جاتلها معلومات من (أحمد شاه مسعود) إن المخابرات الباكستانية اللي المفروض يعني إنها حليفة لأميركا هي اللي في السر واقفة في ظهر طالبان .. مش كده و بس .. (أحمد شاه مسعود) بلغ ضباط مخابرات أمريكان إن عناصر طالبان بتخطط تنفذ هجوم إرهابي كبير ضد أميركا خلال السنة الجاية .. في إبريل 2001 (أحمد شاه مسعود) زار العاصمة الفرنسية باريس و وقف قصاد البرلمان الفرنساوي و كرر نفس التحذيرات دي و محدش خد كلامه جد .. يوم 9 سبتمبر 2001 إنتحاري تابع لتنظيم القاعدة فجر نفسه عشان يغتال (أحمد شاه مسعود) .. بعدها بيومين بتحصل هجمات 11 سبتمبر اللي بيموت فيها 2,977 بني أدم .. أكتوبر 2001 بيبدأ الغزو الأميريكي لأفغانستان.

عناصر من الوحدة 101 مظلات بيتم إنزالهم بطيارة تشينوك Chinook 47 يوم 5 مارس 2002 عشان ينفذوا مهمة قتالية شرق أفغانستان.

مارس 2003 .. غلطة الغزو الأميريكي للعراق:

لسه الأفغان بيقولوا هييييييه طالبان راحت في داهية صحيوا الصبح علي خبر إن أفغانستان خلاص بقت الإيكس بتاع أميركا اللي بقت بتجري ورا بوي فريند جديد .. العراق .. في الوقت اللي بعد إنهيار طالبان كان لازم الأمريكان يبعتوا قوات برية زيادة و يضخوا فلوس كتير كمساعدات عاجلة لإعادة إعمار أفغانستان فالناس إكتشفت إن الأمريكان يدوبك سابوا 10,000 مقاتل في البلد كلها .. عارف دول قد إيه؟ .. دول ربع تعداد عناصر الشرطة في مدينة زي نيويورك اللي هي واحدة من المدن الأميريكية .. وزارة الخارجية الأميريكية مبقاش ليها ناس في البلد .. كله بقي بيجري ورا السبوبة الجديدة و نسيوا الخازوق .. وسط الفراغ ده الأمريكان ملاقوش غير حل واحد و هو إنهم يعتمدوا علي شوية حرامية يمسكولهم البلد.

خد عندك مثلاً أخو الرئيس الأفغاني (حامد قرزاي) .. الواد ده لسبب ما لا يعلمه إلا الله خد قرض ب23 مليون دولار من البنك المركزي الأفغاني و الحقيقة معرفش هم إزاي أصلاً سمحوله ياخد قرض زي ده و خليني أقولك إن لحد دلوقتي هو مسددش الفلوس دي .. إبن رئيس البرلمان (رحمن رحماني) الأمريكان من غير أي مبرر إدوله عقد توريد البنزين و الأكل للقوات الأميريكية في البلد من غير ما يكون ليه أي خبرة ولا عنده أي مؤهلات إنه ياخد مشروع ضخم زي ده .. شوية و الفساد بقي في كل حتة زي الهواء اللي بتتنفسه .. عشان تخلص ورق لازم تدفع .. عشان تعدي كمين لازم تدفع .. عشان تلبس الزي العسكري لازم تدفع .. تخيل تبقي عسكري في القوات المسلحة و يجيلك الضابط المسئول عنك ياخد جزء من مرتبك كإتاوة .. هل تفتكر حيبقي عندك بنص جنيه ولاء للعلم ولا للبدلة الميري اللي إنت لابسها؟

إبريل 2005 .. لتاني مرة ناس تحذر إن فيه مصيبة جاية و محدش يهتم يسمع:

سنة 2001 يدوبك بعد الغزو الأميريكي لأفغانستان علي طول كان فيه بنت أمريكانية إسمها (سارة تشايس Sarah Chayes) سابت حياتها المريحة في بلدها و سافرت أفغانستان عشان تبني بيوت للمواطنين الأفغان اللي بقوا بيباتوا في الشارع بعد ما الغارات الجوية الأميريكية دمرت بيوتهم .. اللي جيش بلدها يبوظه هي بتصلحه .. الست دي من جيبها أجرت بيت في ولاية قندهار و أجرت عربية نقل و كانت بتحمي نفسها ببندقية كلاشينكوف مخبياها في صندوق العربية بتاعتها .. دي ست المفروض يتعملها تمثال بس اللي حصل معاها يوريك إن الفساد لا دين له .. إنت عشان تبني بيوت بتحتاج طوب .. قعدت الست تدور في السوق علي مين بيبيع طوب إكتشفت إن مفيش حد في الولاية كلها عنده مصنع طوب غير حاكم الولاية (غول أغا شيرازي Gul Agha Sherazi) اللي الأمريكان هم اللي معينيينه .. جميل .. الست راحت تكلمه تشتري منه حجر عشان تبني البيوت للناس اللي هو المفروض متعين عشان يشوف مصالحهم إكتشفت إنه بيبيع الحجر للقوات الأميريكية بسعر خزعبلي .. الست قالتله أنا معييش أدفع الفلوس دي كلها فقالها بسيطة إبني البيوت بتاعتك بالأسمنت .. حلو .. إذ تكتشف إن مفيش مصنع أسمنت في الولاية كلها غير مصنع واحد و حزر فزر مملوك لمين؟ .. شطور (غول أغا شيرازي).

عناصر من الوحدة 82 مظلات شايلين كياس فيها مئات الألاف من الدولارات كانت مستخبية في بيت خلال غارة إتنفذت يوم 1 أكتوبر 2002 في مكان سري جنوب شرق أفغانستان.

(سارة) فضلت في أفغانستان أكتر من 10 سنين لحد ما حفظت البلد .. البنت دي كانت كنز من المعلومات و اللي فين و فين لما القوات الأميريكية خدت بالها منها و عينتها مستشارة شخصية لقائد القوات الأميريكية في أفغانستان و عينوها مستشارة لوزير الدفاع و بقت الدراع اليمين للجنرال (مايك مولين Mike Mullen) رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة .. الست دي فضلت تزن عشان أميركا تاخد موقف صارم من الفساد لحد ما في 2011 قعدت مع الرئيس (باراك أوباما Barack Obama) شخصياً و اللي بعظمة لسانه قالها إن اللي إنتي بتقوليه ده مينفعش .. إحنا وجودنا في أفغانستان معتمد علي دعمنا لشوية الحرامية اللي ماسكين البلد و منقدرش نبيعهم.

هنا مهم تبقي فاهم الفكرة كويس .. أي قوات مسلحة في الدنيا عشان تشتغل بتحتاج شوية مقادير .. أكل .. شرب .. تسليح .. بنزين .. أسمنت .. زيت مواتير .. زفت و قطران و رمل و زلط عشان سفلتة الشوارع .. في مصر إنت عندك شركات تبع الجيش هي اللي بتورد الكلام ده كله بس إنت محتاج تسأل نفسك لو مثلاً القوات المسلحة المصرية إحتاجت تبعت قوات لليبيا فإزاي حتوفر لقواتك هناك الكلام ده كله؟ .. بالنسبة للأمريكان في أفغانستان فالمبدأ اللي هم مشيوا عليه إن جزء من إعادة إعمار أفغانستان إن رجال أعمال أفغان هم اللي يوردلولنا اللي إحنا محتاجينه .. هي الفكرة في حد ذاتها حلوة بس المشكلة في التنفيذ .. الفكرة دي وافق عليها الكونجرس الأميريكي سنة 2008 تحت مسمي قانون المنتج الأفغاني أولاً Afghan First .. أرجع تاني و أقولك إن الفكرة حلوة .. المشكلة إن تنفيذها كان غلط.

ليه كان تنفيذها غلط؟ عشان في البيزنس الناس بتجيب شغل عن طريق العلاقات مش عن طريق الكفاءة .. اللي بيحصل إن الأمريكان مثلاً محتاجين شحنة رمل و زلط فاللي بيحصل حاجة من إتنين .. يا إما بيروحوا لحد من كبارات البلد اللي هو أساساً فاسد و يقولوله عايزين الطلبات دي و قولنا عايز في الشغلانة دي كام و طبعاً بيطلب رقم ضارب في السما.. أو إن اللي بيحصل إن المترجمين الأفغان اللي كانوا بينضموا للوحدات القتالية الأميريكية هم اللي يجيلهم خبر إن الجيش عايز شحنة مثلاً رمل و زلط فمن يوم و ليلة بتلاقي مترجم علي الله حكايته إتحول لرجل أعمال معاه عقد توريد بضاعة للقوات الأميريكية بملايين الدولارات .. من ضمن الناس دي كان واحد إسمه (فهيم هاشمي) .. الرجل ده كان مدرس إنجليزي في العاصمة كابول  .. هوبا الأمريكان دخلوا البلد .. هوبا ملاقاش شغل فقرر يشتغل مترجم للقوات الأميريكية .. هوبا جاله عقد توريد بضاعة .. جري الشريط كام سنة و (فهيم هاشمي) بقي من أغني أغنياء البلد و بقي عنده قناة فضائية و شركة مقاولات و شركة تطوير عقاري و شركة طيران و شوية مصانع.

لو بتقولي طب يا سيدي متبصش للناس في رزقها حقولك ماشي بس خد المثال ده كمان .. (حكمة الله شدمان) زيه زي (فهيم هاشمي) كان من أوائل الناس اللي إشتغلت في كارير الترجمة للقوات الأميريكية في أفغانستان .. خمس سنين في الشغلانة دي لحد ما في سنة 2007 إشتري عربية نقل و بقي بينقل بضاعة و بنزين للقوات الأميريكية .. شوية و الدنيا فتحت معاه و بقي عنده شركة نقل كبيرة ما شاء الله يعني .. سنة 2009 فاتورة شركته عند وزارة الدفاع الأميريكية وصلت 45 مليون دولار و هي دي المشكلة .. إيه في الدنيا اللي تكلفة نقله في سنة توصل 45 مليون دولار .. خلال الفترة من 2007 لحد 2012 أرباح شركة (حكمة الله شدمان) وصلت 167 مليون دولار .. الرجل ده الحكومة الأميريكية رفعت عليه قضية سنة 2012 إنتهت سنة 2019 بحكم نهائي إنه يدفع للحكومة الأميريكية 25 مليون دولار تعويض.

و مش بس الأفغان اللي كانوا بياكلوا مال حرام .. أهم شركة كانت بتجيب أكل للعساكر الأمريكان في أفغانستان كانت شركة هولندي إسمها Supreme Group BV و اللي أسسها كان رجل أمريكاني إسمه (ألفريد أورينستاين Alfred Orenstein) خلال أول عشر سنين من إحتلال أميركا لأفغانستان ارباح الشركة دي نطت 50 ضعف و دي مش غلطة مطبعية هم فعلاً 50 ضعف مش 5 أضعاف .. سنة 2009 حصلت حاجة كان المفروض تخلي الأمريكان يهرشوا في شعرهم .. المفروض إن الجهة الحكومية اللي بتقول مين الشركة اللي تجيب البضاعة الفلانية للقوات المسلحة الأميريكية في أفغانستان إسمها وكالة الخدمات اللوجيستية الدفاعية Defense Logistics Agency اللي إنت تقدر تقولها إدارة التعبئة عندنا في وزارة الدفاع .. اللي حصل إن اللواء اللي كان ماسك الإدارة طلع معاش و قامت الشركة الهولندية معيناه مدير مكتب الشركة في أميركا .. سنة 2010 الشركة بيجيلها عقد بكذا مليار دولار بأمر إسناد مباشر اللي هو ريحة الفساد بقت فايحة بشكل مستفز يعني .. سنة 2014 الشركة بيترفع عليها قضية و بيتحكم عليها تدفع تعويضات 389 مليون دولار .. اللي هو عايز تقولهم طب لو دي العقوبة أومال أنتوا سرقتوا كام .. و الاهم إنك تعرف إن اللي حصل مع شركة Supreme Group BV و مع (حكمة الله شدمان) مش ده القاعدة .. ده الإستثناء بتاع القاعدة .. ده بس هدفه إن يبقي عندك تصور لكم الفساد اللي كان في كل حتة في أفغانستان.

اللي علي اليمين ده يبقي الرئيس الأفغاني الأسبق (حامد كرزاي) وهو بيستلم مفتاح المفروض يعني إنه رمز لمفتاح العربيات المدرعة اللي أميركا تبرعت بيها للقوات المسلحة الأفغانية و اللي بيديله المفتاح علي الشمال يبقي الجنرال (روبيرت دوربين Robert E. Durbin) قائد القوات الأميريكية في أفغانستان وقتها و الكلام ده كان يوم 1 فبراير 2007.

ديسمبر 2010 .. حتي البرلمان الأمريكاني مكنش فارق معاه الفساد اللي بقي فوق الركب بشوية في أفغانستان:

فاكر الصحفي اللي إسمه (سباستيان يونجر) اللي حكيتلك عنه في الأول؟ .. في الوقت ده كان بيغطي اللي بيحصل في أفغانستان لما السيناتور (جون كيري John Kerry) و كان وقتها رئيس لجنة العلاقات الدولية في الكونجرس الأميريكي راح يزور أفغانستان و من ضمن اللي قعد معاهم كان (سباستيان) بإعتبار إنه من أكتر الصحفيين اللي عارفين أفغانستان حتة حتة .. في القعدة دي (سباستيان) كان ناقص يحلف علي الإنجيل ل(جون كيري) إن حرب أفغانستان مش حتخلص علي خير إلا إذا أميركا بدأت تبص لملف الفساد و تواجهه بجد .. (جون كيري) ساب (سباستيان) يطلع كل اللي عنده و بعد كده رد عليه و قاله سوري و الله مش حينفع نساعدك .. و زي ما يكون حافظ نفس الكوبليه .. وجودنا في أفغانستان مرتبط بدعمنا لشوية الحرامية اللي ماسكين البلد.

تاني .. مهم برده بالنسبة لي إنك تبقي فاهم المنطق بتاع (جون كيري) و (باراك أوباما) و أي مسئول أميريكي يقولك إحنا محتاجين الحرامية أكتر ما هم محتاجين لينا و المنطق ده هو الأتي إنك عشان تنقل بضاعة من كابول لقندهار مش زي إنك تروح بعربيتك من أكتوبر للتجمع .. الطرق في أفغانستان بيسيطر عليها أمراء حرب و بلطجية و زعماء قبائل و الناس دي عشان تعدي من أرضهم سالم أمن غانم لازم تدفع .. بمعني أخر .. أفغانستان كلها ماشية بمبدأ شخلل عشان تعدي حتي لو ده معناه إنك تدفع فلوس لعناصر طالبان اللي إنت دخلت البلد اساساً عشان تخلص منهم .. سواء كنت بتتكلم عن الجيش أو عن شركات القطاع الخاص فالناس دي بتدفع و بتحط في بقها جزمة قديمة عشان محدش عايز مشاكل .. النقطة شرحها حلو أوي واحد إسمه (ريتشارد بوتشر Richard Boucher) وده كان مساعد وزير الخارجية الأميريكية لشئون وسط أسيا في أكتوبر 2001 وقت غزو أفغانستان و اللي بيقول إن الفساد نوعين .. فيه الفساد الطيب اللي بيكون السبب إن الأرامل و الأيتام ينولهم من الحب جانب و فيه الفساد اللي مش طيب اللي بيكون السبب إن واحد زيي موظف في وزارة الخارجية يتحطله في حسابه في البنك فلوس عمولة صفقة توريد علب تونة للكانتين بتاع القوات الأميريكية في أفغانستان اللي يخليك تسأل إيه علاقة ده بده و بمجرد ما إنت سألت السؤال ده يبقي الصفقة فيها شبهة فساد .. المشكلة إن أفغانستان إنتشر فيها الفساد اللي مش طيب بشكل خرج عن السيطرة.

أكتوبر 2016 .. السفير الأميريكي في أفغانستان بدأ يقول يا ناس يا هو فيه كارثة بتحصل هنا:

لما بلدك تكون محتلية بلد تانية و يجي سفيرك اللي إنت معينه في البلد اللي إنت إحتليتها يطلع يقول إن الحاجة اللي حتكون السبب ورا هزيمة قواتك مش المقاومة المسلحة بتاعة أهل البلد اللي إنت إحتليتها إنما الفساد اللي إنت كنت السبب فيه يبقي إنت المفروض تسيب اللي في إيدك و تبدأ  تبص للمصيبة دي بس ده محصلش .. (رايان كروكر Ryan Crocker) اللي إتعين سفير أميركا في أفغانستان مرتين طلع قال الكلام ده في 2016 و محدش عبره ولا إداله إهتمام .. منطق الرجل بسيط جداً علي فكرة .. المال السايب يعلم السرقة .. هو مثل شعبي كلنا سمعناه و إحنا صغيرين كانت بتقوله لينا أمهاتنا بس إتضح إن أمهاتنا طلعوا عارفين السبب اللي عشانه أميركا لقت نفسها لازم تمشي بره أفغانستان و المسئولين الأمريكان نفسهم كانوا نايمين في العسل.

الرئيس الأميريكي (جو بايدن) خلال دقيقة صمت علي ضحايا الحرب الأميريكية في أفغانستان خلال الكلمة اللي أعلن فيها إنسحاب القوات الأميريكية من البلد يوم 26 أغسطس 2021.

في العشرين سنة اللي أميركا قعدتها في أفغانستان ياما حتقرأ عن حوادث فساد تخليك تضرب كف علي كف ..أكثر من 2 ترليون دولار كانت فاتورة الفساد و يمكن ده السبب ورا إن سقوط أفغانستان في إيد طالبان كان كلاكيت تاني مرة اللي هو حملة عسكرية مخدتش وقت و بأقل خساير ممكنة .. ليه؟ .. عشان زي ما حكومة أفغانستان اللي وقعت سنة 1996 كان الفساد سوس في كل حتة فيها فكمان حكومة أفغانستان المدعومة من أميركا كانت إتهرت من الفساد .. حتي أفراد القوات المسلحة الأفغانية لا كان بيجيلهم أكل ولا شرب ولا تسليح .. الفلوس اللي كانت المفروض تتصرف عليهم كانت بتروح في جيوب لواءات و سياسيين و رجال أعمال و حاجة في منتهي النكد .. يكفي إنك تعرف إن قبل ساعات من سقوط العاصمة كابول في إيد عناصر طالبان كان الرئيس الأفغاني (أشرف غاني) خد طيارة هليكوبتر خاصة و معاه شنط فيها 169 مليون دولار و هرب علي دبي .. هو صحيح طلع من الإمارات نفي إنه خد فلوس وهو بيهرب و دي نقطة لازم تتقال.

أنا بس عايز أختم بإني أترجاك تفكر شوية في الجملة اللي جاية دي .. خلال العشرين سنة اللي قعدتها أميركا في أفغانستان مات 2,500 عسكري أميريكي و 70,000 عسكري أفغاني عشان ولا حاجة .. دمهم حرفياً و حقاً و صدقاً راح هدر .. زود عليهم 50,000 مواطن مدني أفغاني و دول اللي أنا فعلاً زعلان عليهم  .. عشرين سنة إتصرف فيهم 290 مليون دولار يومياً لمدة 7,300 يوم .. الغلابة دول كانوا ضحايا حرب قامت و إنتهت بسبب الفساد .. الفساد سبب إنهيار الإمبراطوريات و اللي بسببه ناس كتير حتترمي في جهنم و بئس المصير.

المصدر:

مهندس ميكانيكا بحب الصحافه و الكتابه .. مؤمن بان من حق كل بني ادم انه يعرف الحقيقه ورا الخبر .. رسالتي انك تفهم حقيقه اللي بيحصل عشان لما تقرر رايك تكون فاهم انت بتقرر علي اي اساس

اترك تعليق

بريدك الالكتروني لن ينشر. يجب ملئ الخانات بعلامة *

من فضلك ادخل التعليق!

من فضلك ادخل الأسم!

من فضلك ادخل البريد الالكتروني!من فضلك ادخل بريد الكتروني صحيح!